إن ما نراه اليوم من تفجير الناس بالعبوات الناسفة ليس قتالاً مشروعاً بل هو قتلاً ما أنزل الله به من سلطان ثمَّ إن الناظر المتأمل لآيات القتال في القران لا يمكن بحالٍ من الأحوال أن يشتبه عليه الفهم بين ما هو مشروع وما هو محرم وإذا نظر الشاب المسلم الحصيف في ما هو مشروع من القتال لوجد أن الشرع الحكيم قد قيِّدَ القتال بشروط منها ما بيّنه القران ومنها ما بيّنته السنة ، والعمدة في ذلك كله أن المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه وأما العمدة الاساسية العامة فهي ان محمداً صلى الله عليه وسلم لم يرسله ربّٰه إلا رحمة للعالمين : ( وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين ) في هذه الآية أسلوب حصرٍ وقصر وذلك معناه أن دعوة محمد مقصورة على الرحمة ومحصورة فيها لا تتعداها وكل ما جاء في الدين من عبادات أو أخلاق أو معاملات فهي جميعا تؤدي الى هذه الرحمة وتشيرُ اليها فالدين رحمة والشريعة رحمة والتعامل مع اهل الدين ومع المخالفين في الدين رحمة وان محمد لم يأتي لقتل الناس بل لأحيائهم : ( يأيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم...). بل أنه جاء رحمة حتى للحيوان : ( دخلت امرأة النار في هرة حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ) ولم يقتل محمد أحداً ولم يعتدي على أحدٍ ليؤمن به ولم يقتل أحداً من أصحابه المسلمين الا في حدٍّ من حدود الله او قصاصاً وحتى المنافقين الذين تكلموا في عرضه صلى الله عليه وسلم وذكروا عائشة الطاهرة بالسوء صبر عليه السلام على أذاهم أكثر من شهر حتى نزلت براءة عائشة من السماء ، ولم يطلب السلطة ولا المال وقد عرضت عليه قريش السلطة والمال والجاه والسلطان وأجمل النساء فرفض كل ذلك وقال قوله المشهور وآله يا عمُّ لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على ان اترك هذا الامر ما تركته حتى يطهره الله او أهلك دونه ، ثم أن الخروج على الحاكم المسلم لا يجوز مطلقاً الا ان نرى من الحاكم كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان وعبد ربه منصور هادي رئيساً مسلماً ابن مسلمٍ لا يجوز الخروج عليه بل ان طاعته واجبة شرعاً والدليل على ذلك الاية 58 من سورة النساء وأحاديث كثيرة منها حديث عبادة بن الصامت ، وقد أكد القران أيضاً على حرية الأديان : ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) وقال لأهل الكتاب من اليهود والنصارى ( قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون ) وليعلم الناس ان ديننا حرم قتل الإنسان بغض النظر عن جنسه ودينه ، وأول آية نزل فيها أمرٌ من الله بالقتال قوله تعالى: ( أُذِنَ للذين يُقَاتَلُونَ بأنهم ظُلمُوا وأن اللَّهَ على نصرِهم لقديرٌ ) والفعل يقاتلون كما ترون فعل مبني للمجهول وذلك معناه أن الكفار كانوا قد قتلوا المسلمين من قَبْلُ وقاتلوهم لاكثر من ثلاثة عشر سنةً وأن المسلمين ظُلِمُوا وصبروا :( صبراً ال ياسر فإن موعدكم الجنة ) ولهذا أوجب الله عليهم القتال وكتبه عليهم وأما القتل لمحرم في كل الشرائع السماوية ، فلماذا كل هذا القتل وما ذنب الشباب المسلم الذي لم يجد شيئاً من حطام الدنيا سوى هذا الراتب الذي ذهب ليستلمه لعله يريد الزواج ليحصن نفسه أو يريد مساعدة والدة المسن ثم وبدلاً من تحقيق هذه الأمنيات البسيطة التي لم تتحقق بعد يعود إلى والديه وإخوته مقتولاً ومحمولاً على الأعناق أي دينٍ هذا ؟ والله الذي لا إله غيره أن هذا ليس دين محمد الذي ارسله ربه رحمة للعالمين !! وإن قال به بعض علماء الأمة الذين باعوا دينهم بمتاع من الدنيا قليل أو باعوا انفسهم لأعداء الأمة من الصهاينة والأمريكان او ابناء المجوس ، وإذا تتبعت آيات القتال وتأملتها لم تجد فيها آية واحدة تدعو الى القتال ابتداءاً إلا أن يبدأ الكفار بالاعتداء على المسلمين ، انظر معي الى قوله تعالى : ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحبُّ المعتدين ) فالقتال في الاسلام لا يكون الا بعد ان يقاتلونا الكفار فهو دفاع عن الأمة وليس قتلاً لشباب الامة بلا ذنب ولا جريرة ، فالمسلم لا يقتل اخاه المسلم والمؤمن لا يقتل اخاه المؤمن :( وما كان لمؤمن ان يقتل مؤمناً الا خطأً ) وحتى الكافر المسالم لا يحوز قتله :( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلونكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين * انما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم....) لماذا لا يذهب هولاء الى اسرائيل ويقتلون أعداء الامة ممن ينجسون المسجد الأقصى ويقتلوا اخواننا واخواتنا من الفلسطينيين وينتهكوا أعراض المسلمين من أحفاد القردة والخنازير ؟ وسورة التوبة نزلت في العام التاسع من الهجرة وفيها آخر مانزل من آيات القتال وأرسل النبي علي بن ابي طالب بها الى ابي بكر الصديق وهو امير الحج وفي هذه السورة أمرٌ بإخراج المشركين من جزيرة العرب ومع ذلك اعطاهم الله مهلة أربعة إشهر ليخرجوا وليسيحوا في الأرض ولم يقتل محمد أحداً منهم والأكثر من هذا انه اذا جاء أحد من المشركين يستجير بالمسلمين فأنهم يجيرونه فقد أمرهم الله في هذة السورة أن يجيروه ثم يعرضوا عليه الاسلام ويقرأوا عليه القران فإن تولى ورفض وبقي على شركه وكفره أمرهم مع كل ذلك العناد والمكابرة واختيار الكفر على الاسلام أن يأخذوه حتى يخرجوه من جزيرة العرب ويوصلوه الى مأمنه وأهله قال تعالى : ( وان أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ......) فبالله من اين جاءت مشروعية القتل هذه التي لم ولن تجد لها في شريعتنا دليل واحد وانظروا معي الى الخطأ الذي ارتكبه اسامة بن زيد : ( وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة فصبحنا القوم على مياههم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم فلما غشيناه قال لا إله إلا الله فكف عنه الأنصاري وطعنته برمحي حتى قتلته فلما قدمنا المدينة بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله قلت يا رسول الله إنما قالها خوفاً من السلاح قال أشققت عن قلبه فقال أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم ) متفق عليه وهذا احد أصحاب رسول الله وهو يجاهد في سبيل الله ، ثم انه هو وابوه زيد بن حارثة كانا أحبَّ الناس الى رسول الله حتى أن عمر بن الخطاب لما زاد في أعطيات الناس اي مرتباتهم فرض لأبناء الصحابة ثلاثة آلاف دينار في السنة الا الحسن والحسين واسامة بن زيد فقد زاد لكلٍّ منهم ألفاً فأصبح لكلٍّ منهم أربعة إلاف فقال عبدالله بن عمر بن الخطاب لماذا يا امير المؤمنين فرضت لاسامة اكثر منا وهو منا ؟ قال لا يا عبدالله فقد كان ابوه زيدٌ أحبَّ الى النبي من ابيك وهو احبُّ اليه منك . ومع ذلك أنكر عليه قتل رجل كان كافراً يعادي الله ورسوله ويقاتلهم بسيفه ورمحه وقال له اين ستذهب يا أسامة من لا اله الا الله يوم القيامة ؟ يقول أريك هوفر وهو فيلسوف وكاتب امريكي ولد في نيويورك عام 1898م ومات في سان فرانسيسكو عام1983م : (إذا لم تحول عدوك المنهزم في الحرب إلى صديق فأعلم أنك ما انتصرتَ في الحرب ) علماً بأن هذا الفيلسوف عاش ومات ملحداً وكان يكره كلاً من جوزيف أستالين وأدولف هتلر لما سفكاه من دماء . اللهم ردنا اليك رداً جميلاً واهدي شباب امة محمد صلى الله عليه وسلم لما تحبُّهُ وترضاه وكل عام وأنتم بخير .