يعتقد البعض ان قرار اقالة عيدروس من منصبه كمحافظ قد اثمر نتائج إيجابية و ذلك لأنه ساعد في تهئية الظروف و الدفع بركود قضية الجنوب الى خطوة متقدمة تمخضت عنها إنشاء المجلس السياسي الجنوبي. صحيح ان وحود هذا المكون الممثل و الناطق بلسان ابناء الجنوب جميعا كان مطلوب منذ فترة طويلة، و لكن إشهاره في لحظة الإقالة أظهره و كانه فعلاً نتج عن ردة فعل غاضبة جاءت لمجرد فقدان منصب المحافظ و هذا ما سعت إلى إستغلاله و الترويج له أقلام طرف الشرعية العفاشي و حاولت و لازالت تحاول تشويهه و إفراغه من قيمته، بتلفيق و إلصاق تهم كيدية عديدة ضده و حتى تلك التي لا يصدقها عاقل مثل إتهام أبطال الجنوب بانهم عملاء لإيران، متناسيين ان الجنوب هو الفاعل الوحيد فوق الأرض، الذي كان و مايزال بكل اطياف شعبه يشكل شوكة في حلق التمدد الفارسي و هو الذي كان له الدور البارز في قطع دابر المد الإيراني و الحول دون تحقيق مشروعه الخبيث، ليس في مناطق الجنوب فحسب بل و ملاحقة ذيوله إلى المخاء بإسناد من التحالف.. تلك الاطراف تعمل و بتنسيق و إنسجام تام مع عفاش حتى ان ركود جبهاتها و عدم الجدية في خوض الحرب كشف ان هذا الجناح ماهو إلا رديف لعفاش و جسم غرسه عفاش تفسه في خاصرة الشرعية لضربها من داخلها ، هذه القوى التي تقف بتحالف غير معلن مع عفاش هي التي ساعدت في إعاقة التحالف، وجدوا لإستنزاف التحالف و إضعافه، و اضعاف عبدربه منصور هادي بتقليم المخالب التي كانت مصدر قوته، و تعمل كل ما بوسعها للحول دون تحقيق حلم الجنوبيين في إستعادة وطنهم السليب، و لو انها وقفت بوضوح في صف عفاش حيث تنتمي لتمكن التحالف من تحقيق النصر منذ فترة طويلة.. أعتقد من وجهة نظري الخاصة ان إشهار المجلس قد جاء متأخراً و رغم ان توقيته لم يكن موفقا كما لم يكن موفقا قرار هادي في إقالة ابناء الجنوب الشريك المهم و النشط و الفعال للتحالف من مناصب هم الأحق بها، فقد كان بالإمكان حفاظا على وحدة الصف ان يتم التنسيق بين الجميع في اطار التحالف عند كل خطوة يفكر احد الأطراف ان يقدم عليها، و لكن البعض يتخوف من امكانية رفض قراراته و إجهاضها قبل ولادتها في حالة التشاور المسبق و لذلك يقوم ب إتخاذ خطوة الأمر الواقع.. و كنتيجة حتمية للتخبط و التمزق و عدم التنسيق بين اطراف الحلف الواحد فإن تداعيات قرار الإقالة و ما اتبعه من تكوين المجلس الجنوبي افرز العديد من النتائج السلبية التي اضحت واضحة في إستمرار تدهور سعر الصرف و عودة الإختلالات الأمنية و الإغتيالات في عدن إلى الواجهة مرة أخرى ، كما ان معانأة الناس الشديدة تزداد سوء يوما بعد الأخر، فعادت الأزمات من جديد غاز، بترول، كهرباء و انتشر الغلاء الفاحش و التلاعب بالأسعار من قبل تجار فقدوا بشريتهم، و انتشرت الأمراض الوبائية، كل ذلك و اسوء في ظل غياب كامل للسلطة المحلية.. و لنكن على ثقة انه لولا ضعف طرف العدو الحوثوعفاشي الذي بدوره يعاني من التفكك بين حليفي الإنقلاب أكثر منا، لاستغل هذا التنافر في تحقيق إنتصارات و إستعادة كل المواقع التي خسرها، و نحمد الله انه كذلك، ان خلافاته قد تعمقت و اصبحت مزمنة لن تنفع معها بعض الاصوات التي تدعوا المتناحرين الى إستغلال الفرصة، فقد اصبح خصامهم عداء صارخ، و تبدو انها قريبا ستترجم مع محاولات الهيمنة و السيطرة كل على الآخر، و ستاخذ منعطف عنيف و دموي بين عناصره و قادته.. ذلك شأن اخر... و عودة الى موضوعنا حيث نناقش التداعيات من وجهة نظر جنوبية 1)فبعد ان صار قرار الإقالة واقع، فإن القبول بالتراجع عته يعد ضرب من الجنون، لانه سيفقد ثقة الشارع بقيادته، فالعدو لن يمررها إن تمت مرور الكرام بل سيجيش لها الاقلام، التي بالفعل بدأت في نشر إشاعاتها بان هذا السيناريو هو المطروح لعيدروس الأن و انه على وشك القبول محاولا تصوير المسألة و كانه بيع و شراء و ذلك كله لتعميق خلافات الصف الجنوبي.. 2) إستمرار الصدام مع الرئيس عبد ربه منصور هو أيضاً ليس في صالحه و ليس في صالح الجنوب و ليس في صالح التحالف، بل انه سيزيد الامور تعقيدا و هو مالقى بظلاله على الارض و إحباط خطة تحقيق تحرير الحديدة، و مايهمنا نحن انه في ظل هذه التجاذبات تنمو فراغات امنية كبيرة، و يظهر العجز واضحاً في تقديم الوسائل الخدماتية ما يعني اجمالا ان معاناة الناس ستطول.. 3) اما الحل الذي يمكنه ان يرضي جميع الباحثين عن الامن و الإستقرار و وطن العدل و المساواة ان يتم اعتبار المجلس الجنوبي حليف مستقلا ثالثا للتحالف و لجناح عبد ربه منصور، و ان يتم التنسيق بين هذه الاطراف و بعيداً عن انوف الطرف الشرعفاشي، و العمل في اتجاهين التعجيل بتحرير باقي اراضي الشمال بالتوافق مع العمل الجاد لتطبيع الحياة في المناطق المحررة و توفير كل الخدمات الأساسية و الضرورية.. ان إستقرار اوضاع المناطق المحررة سيجعل شعوب تلك المناطق و الجنوب خاصة تستعيد ثقتها بهادي و التحالف و بقيادته الجنوبية..كما انه سيعمل على إثارة المواطنين الشمالين و دفعهم الى التمرد ضد هيمنة مليشيات الحشد الحوثوعفاشي التي تسيطر على كل مفاصل حياتهم، و ذلك حين يقارنون سوء اوضاعهم و إنتشار الأوبئة بينما هي غير ذاك في المتاطق المحررة، اما وضعنا المتساوي في السوء مع وضعهم اليوم سلب منهم الإرادة و افقدهم الأمل في بديل أفضل، الامر الذي جعل شعوب تلك المناطق خاملة و تبدو و كأنها قابلة لحكم الانقلابين، او إنها تنتظر اي حل و كيفما جاء فلن يفرق معها في شئ! و تبدو ان هناك سحابة صيفية واعدة بعاصفة ممطرة، مع تمترس كل طرف خلف معتقداته و تخوين الاخرين، و لكنها لابد و ان تتبدد.. فمن من هولاء سيبادر ليكتب اسمه للتاريخ بحروف من ذهب حين يساعد على رأب الصدع و اعادة العمل بسمفونية منسجمة تعانق النجاح و تخدم مصالح جميع قوى التحالف؟!