هل تتذكرون الأيام الأولى لتحرير عدن؟ إنها تلك الأيام التي خاض فيها أولئك الأبطال معركة التحرير من أعتى قوة عسكرية زُرِعت في عدن، إنهم الأبطال الذين لم يتأخروا عن داعي تحرير الحبيبة عدن، فتقدم أولئك الأبطال الصفوف، وهكذا هم القادة الذين لا يخشون الموت، ويرون في تقدمهم الصفوف مكرمة لهم، فخاضوا معركة تحرير عدن الأولى، وزرعوا الثقة في قلوب من حولهم، بل لقد زرعوا الثقة في قلوبنا جميعاً، لم يتستروا خلف قصورهم، ولم يتستروا خلف جنودهم، بل كانوا هم الصدر للدفاع عن عدن . بعد أن خاض أولئك الأبطال القادة معركة التحرير وقعوا في الأسر، وعلم العدو أنه قد فاز بمغنم كبير خاصة والأسرى وزير الدفاع اللواء الصبيحي ، واللواء ناصر منصور وكيل جهاز الأمن السياسي بالمحافظات الثلاث، واللواء فيصل رجب . بعد أن وقع هؤلاء الكبار الكبار في الأسر ظن العدو أن الجبهات ستختل، ولكن أسرهم زاد رفاقهم ثباتاً في ميدان المعركة، لأنهم قد تعلموا من قيادتهم معنى التضحية من أجل الوطن، لقد ثبت الأبطال من أبناء الجنوب دفاعاً عن وطنهم من عصابات التخلف التي جاءت لتعيث في الأرض الفساد . لقد تعلمنا على يد هؤلاء الأبطال معنى التضحية من أجل الوطن، فالصبيحي ومنصور ورجب لم يخلدوا في مكاتبهم، بل خرجوا كالأسود للدفاع عن عرينهم الجنوب الغالي، فلم يبخلوا بأنفسهم ذوداً عن وطنهم، ودفاعاً عنه، ولم يتخلوا عن جنودهم بل كانوا يدفعون عن جنودهم خطر العدو، فلقد تعلمنا درساً في الفروسية والشجاعة والإقدام والتضحية من الصبيحي ورفاقه العم ناصر ورجب، ومن غيرهم من الأبطال الذين قدموا أرواحهم دفاعاً عن هذا الوطن . نعم اللواء محمود الصبيحي واللواء ناصر منصور واللواء فيصل رجب هم شرارة الدفاع عن عدن والجنوب كافة، لا يعني كلامي هذا أنه لم يكن هناك غيرهم، بل لقد كان هناك الكثير والكثير من الأبطال، ولكنني خصيت بمقالي هذا القادة منهم، وعنيت منهم القادة الذين وقعوا في الأسر ومازالوا . لقد كان بإمكان هذه القيادات البقاء خلف الجيوش حتى لا يقعوا في الأسر، وماذا عسانا نقول لهم وقد تعودوا تقدم الصفوف، فشعارهم : لنا الصدر دون العالمين أو القبر، فهنيئاً لنا أمثال هؤلاء الرجال الرجال، ونقول لهم: إنه سيأتي يوم الخلاص، وإني بيوم الخلاص والحرية يلوح في سماء صنعاء، ولا نملك إلا أن نقول : الحرية لجميع الأسرى في سجون صنعاء، والرحمة لكل الشهداء، والصحة لجميع الجرحى ...