تحليل سياسي / تقرير عدنان القيناشي - كيف تم التآمر على مستقبل الجنوب : بعد اتفاقية الوحدة المشؤومة فقد الجنوبيون كل تلك الأنظمة القانونية والحقوق التي تربى عليها أبناء الشعب الجنوبي من خلال دولته السابقة وسارعت قيادة الطرف الجنوبي إلى الرجوع عن الوحدة التي تمت بين الطرفين لأن الشعبين لن يكونا بينهما أي رابط وحدوي بسبب اختلاف النظامين من حيث الحكم والأنظمة القانونية والثقافة الشعبية التي عاش تحت ظلها الشعبان .. نظام رأس ماليبصنعاء ونظام اشتراكي بعدن .. فلذلك لن يندمج الشعبان لاختلاف الأنظمة والقوانين والدساتير التي تحكم الشطرين فسارعت قيادة الجنوب في تلك الفترة إلى الرجوع عن الوحدة وقيام دولة الجنوب وعودتها إلى وضعها السابق ولكن الشريك من صنعاء كان ينوي نوايا غير صادقة لقيادة الجنوب وشعبه واستخدم أساليب المكر والتآمر وإعلان الحرب لاجتياح الجنوب وبقائه تحت السيطرة والوصايا كفريسة سهلة يلتهمها بعد الانتصار في تلك الحرب الظالمة التي شنت على الشعب الجنوبي .
على مدى أعوام يطمح الجنوبيون لبناء مستقبل وطنهم ودولة جنوبية . التي كانت موجودة لدى أهلهم وأجدادهم بعد أن تم التآمر على وطنهم وسلب كل ما لديهم من بلدهم في العام 1994 م من قبل نظام صنعاء الذي خل بكل الاتفاقيات والوثائق بين طرفي الدولتين اللتين اتفقتا على الوحدة في العام 1990 م .
إلا أن الطرف أو الشريك بالوحدة من صنعاء تمرد على كل اتفاقيات الوحدة ، وشن الحرب الظالمة في صيف 1994م واجتاح دولة الجنوب بمسمى اتفاقية الوحدة الوطنية اليمنية وفتاوى دينية تبرر له شن الهجوم وأنهى الاشتراكية الكافرة على حد فتواهم الظالمة وبتحالف عدة احزاب سياسية ودينية ، وتم الاحتلال والاجتياح والهيمنة على شعب الجنوب بتاريخ ( 7 / 7 / 1994 م ) . ظل شعب الجنوب تحت الوصاية المركزية والظلم والطغيان والتهميش في جميع المرافق الحكومية والتحكم بكل ثرواته بعد الاجتياح والاحتلال ، وحرم كل أبناء الجنوب خلال تلك الفترة الماضية .
لم يكن هناك صبر أو تحمل لدى الجنوبيين مما كان يحصل بالمحافظات الجنوبية من ظلم وفساد وقهر وفقر وسط تجاهل وصمت دولي وعربي ، مما اضطر أبناء المحافظات الجنوبية للخروج في العام 2007 م بثورة عارمة سلمية وعدت مليونيات متكررة بساحات النظال السلمي وقدموا خلال تلك المظاهرات السلمية الآلاف من الشهداء والجرحى والاسرى من أجل الوصول لهدفهم المنشود وهي استعادة حقوقهم المنهوبة واستعادة دولتهم المسلوبة منذ التسعينيات الذي كان يعرفها القاصي والداني من العرب والمسلمين والعالم من خلال جيشها وأمنها ونظامها ومقعديها بمجلس الأمن والجامعة العربية ولكن يتم تجاهل فاضح وواضح من قبل كل الشعوب العربية والاسلامية والعالمية لدولة الجنوب العربي سابقاً أو اليمن الجنوبي بعد الاستقلال من بريطانيا في عام 1967 م بعد انطلاق ثورة الثوار المباركة من قمم جبال ردفان الشماء في 14 / اكتوبر / 1963 م التي صدرت أروع الملاحم البطولية للثوار الجنوبيين آنذاك والذي سقت دماؤهم الزكية تربة الوطن الغالي حتى تم التحرير لكافة محافظات الجنوب و أعلن استقلاله الناجز والاتجاه نحو البناء والمستقبل لدولة الجنوبيين في تلك الفترة والتي سادها النظام والقانون والتساوي في جميع المجالات المختلفة .. هكذا عرف أبناء الجنوب دولتهم بعد الاستقلال من بريطانيا أمن وأمان وعدل ومساواة وبناء وتنمية واقتصاد قوي ونظام وقانون على جميع أبناء الشعب دون تمييز .
- الغدر من الخارج أو الخيانة من الداخل : وبعد استمرار النظال السلمي والمطالبة باستعادة الدولة أثناء نظام المخلوع لليمن واجه ثوار الجنوب شتى الممارسات القمعية من قبل القوات العسكرية التابعة له باستخدام كافة الأساليب الغذرة واللئيمة والقاسية ولكن شعبنا لن ينكسر أمام كل الممارسات والمؤامرات التي واجهته واستمر بنضاله السلمي حتى تم سقوط المخلوع من النظام وأتى بعد ذلك رئيس انتقالي لليمن محسوب على الشطر الجنوبي وأتت معه مبادرة خليجية ساقتها وباركتها المملكة العربية السعودية لحلحلة قضايا اليمن في الشمال والجنوب بطريقة الحوار اليمني وحل كافة القضايا اليمنية المعقدة ولكن قضية الجنوب كانت في الحوار اليمني مطروحة مثلما قضية محافظة صعدة الشمالية لم يتم معالجة القضية الجنوبية جذرياً كدولة جنوبية دخلت بشراكة دولة الشمال أثناء الوحدة في ظن الكثير من أبناء الشعب الجنوبي أن المبادرة الخليجية لم تكن منصفة للجنوب لكونه دولة شريكة بالوحدة وتم مقارنة قضيتة بمحافظة صعدة الشمالية لم يؤيد أغلبية الشعب الجنوبي مجلس الحوار واستمروا بالثورة السلمية عبر المظاهرات والمليونيات السلمية حتى يتم الحوار بين دولتين يمنيتين إلا القلة القليلة من أبناء المحافظات الجنوبية المحسوبين على الأحزاب السياسية الشمالية . ذهبوا إلى صنعاء للدخول في مجلس الحوار باسم القضية الجنوبية والذين لم يكونوا مفوضين من قبل شعب الجنوب ولكن من أجل التسلق عبر القضية الجنوبية وحلها بحل ترقيعي لا جذري من أجل بقاء أحزابهم وهيمنتها على الجنوبيين بطريقة اليمن الاتحادي الجديد وتناسوا التضحيات التي قدمها الجنوبيون خلال انطلاق ثورتهم التحررية من شهداء وجرحى وأسرى إلا أن الحوار الوطني استمر على مدى سنة تقريباً دون الوصول لحل نهائي للبلاد وتم الاتفاق على ستة أقاليم اتحادية ، إقليمين في الجنوب وأربعة أقاليم في الشمال ويرى البعض بأنها مخرج كحل لقضية الجنوب وبعد ذلك قد يقرر مصيره نحو الاستقلال والبعض يرى بأنها استهداف لقضية الجنوب وفصل حضرموت عن عدن بتلك الأقاليم ، ولكن لم تنجح الأقاليم بعد الاتفاق بسبب الخيانة التي كان يعدها الرئيس المخلوع مع الحوثيين وقادة الألوية التابعة للحرس الجمهوري التي بناها أثناء حكمه للبلاد ولا تزال موالية له إلى اليوم ، وقد قام بالانقلاب على حكومة هادي ودفن مخرجات الحوار التي ستقسم اليمن إلى أقاليم حسب ظنه ومفهومه السياسي بأنها ستقسم اليمن إلى دويلات وفصل الجنوب عن الشمال فيما بعد تم الانقلاب على الحكومة الشرعية والاستيلاء على محافظات الشمال والجنوب بالقوات التي تتبعه بالتحالف مع مليشيات الحوثيين وهروب الحكومة المعترف بها دوليا إلى دول الخليج العربي وتنفيذ عاصفة الحزم في اليمن وتدمير القوات الجوية والبحرية والبرية الموالية للمخلوع والحوثيين ودعم المحافظات الجنوبية بكافة الاسلحة المتوسطة لمواجهة تلك المليشيات الانقلابية بقيادة المخلوع وقطع أذرع إيران من اليمن .
خاض أبناء الجنوب في عام 2015 م معارك عنيفة مع تلك العصابات الخائنة من داخل البلد وقدم شعبنا الجنوبي الآلاف من الشهداء والجرحى والاسرى بعد الانقلاب على حكومة هادي . وقف أبناء الجنوب وقفة دينية ووطنية وإلى جانب أشقائنا الخليجيين وقدموا كل التضحيات البطولية دفاعاً عن الدين والوطن ومنع التمدد الفارسي ألى الجزيرة العربية . فهل نرى موقف شجاع من الإخوة بالخليج العربي ودعم قضية الجنوب نحو الاستقلال عن الشمال هل سيكون الوفاء بالوفاء أم أنه سيكون هناك غدر للقضية الجنوبية من قبلهم وعودة التحالف مع عفاش من جديد ودعم الوحدة اليمنية من أجل مساعدة المخلوع لاستئصال الحوثيين من اليمن فالمخلوع لا عهد له ولا ذمة ، عنده اسلوب الدهاء في المكر بحلفائه السياسيين والتحالف مع آخرين من أجل البقاء على كرسي السلطة هو أو وريثه ابنه أحمد .
حيث لا يزال الجنوبيون من المهرة شرقاً إلى باب المندب غرباً يبحثون عن دولتهم الجنوبية التي عرفوها بعد الاستقلال من بريطانيا من خلال المظاهرات السلمية وإسماع العالم صوتهم حتى يتم الاستجابة لهم والإعتراف بمشروعهم التحرري واستعادة الدولة التي سلبت منهم بالتآمر والمكر والخداع السياسي في عام 1994 م هل سيرى الجنوبيون إنصاف عادل لقضية وطنهم أم سيكون الغدر من الخارج أو الخيانة من الداخل لوطنهم الجنوبي ومستقبله ... ؟