1. مدخل عام : يتفق الجميع معنا أن المشهد اليمني عامة والجنوب خاصة لا يسر لا صديق ولا عدو.. عمت اليمن فوضى عارمة منذ عام 2011 واشتدت في عام 2014 عند الاقامة الجبرية لرئيس الدولة بل وأشتد سعيرها في مارس 2015 عند هجوم الحوثيين وصالح على الجنوب ولولا لطف الله ودعم التحالف ممثلا بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات لامتدت الحرب وسعيرها الى دول الجوار ومن ضمنهم المملكة لما لإيران و روافضها من يد طولى في هذه الحرب المستعرة . لسنا بصدد الحديث عن حيثيات الحرب ولكن كثرة المستجدات المتسارعة تدعوني للحديث عن اوضاعنا الحالية والى اين نسير فيها وسط الخلافات السياسية في اليمن وخاصة بعد ابعاد صالح عن المشهد اليمني ... لاشك اننا نسير في مسار ضبابي ان لم يكن مسارا غامضا تتقارع اجندة اللاعبين والسياسيين وأهدافهم المتصارعة فيه وانعكاس كل ذلك على دور العوامل الخارجية كالتحالف والمجتمع الدولي وعلى رأسهم الدول الخمس –دائمة العضوية في الاممالمتحدة ...وعلى الاقتصاد اليمني المتدهور كارثياً وخاصة في عملته الريال . 2. الخلافات السياسية : منذ بزوغ الوحدة المشئومة عام 1990 شاهدنا بزوغ العديد من الأحزاب السياسية والاجتماعية وكذلك العديد من المكونات القبلية التي كان ضوئها خافتاً في المناطق الشمالية وتلك التي ليس لها حضور عملي في المناطق الجنوبية .. فامتلأت الساحات شمالاً وجنوباً بظهور القبائل والعشائر وظهرت الثارات القبلية بها ودعمها صالح بمؤسسة رسمية ( مصلحة المشايخ والقبائل ) وأعطى لهم حضوراً سياسياً في حزبه ( المؤتمر الشعبي العام ) وعمل على شق صفوفهم وهو ماسك العصا من النص لهم .. واشتدت الخلافات السياسية بين الأحزاب وخلافات المكونات القبلية وخاصة تلك المؤطرة في الأطر الحزبية .. الاصلاح والمؤتمر والاشتراكي والناصري والوحدوي ووو... كل هؤلاء يملكون ويدعمون قبائل يمنية تناصرهم وتنطوي تحت الويتهم .. وبعض القبائل نراهم مواليين لأكثر من حزب في وقت واحد .. وهذا يجوز في الحزبية الشمالية .. إّ نجد بعض الأفراد في المؤتمر الشعبي العام وأيضاً في الاصلاح أو حزب الحق أو غيره . كانت الخلافات السياسية في أحزاب الشمال غالبيتها تدور حول مدى المحاباة والولاءات بين القادة فيها وما بينها .. وتبلغ قمتها في الجانب الطائفي بين الزيدية والشافعية .. ولكن حتى مجيء حزب " أنصار الله " كانت الطائفية لا تذهب حدّها حدّ الحروب المسلحة .. أما أنصار الله فخلافها السياسي طامة كبرى.. إذ أنها تبغي تحويل الكيان / النظام السياسي في اليمن من نظام جمهوري إلى نظام ملكي / إمامي .. وبدعم إيراني مطلق لها .. خاض الحوثيين حروباً ضارية وخلافات واسعة مع صالح أيام حكمه ولكن دعم إيران لهم بالسلاح الثقيل وتدربيهم أمنياً وعسكرياً وتقنياً جعلهم أقوياء رغم قلة عددهم .. استطاعوا خوض 6 حروب في المناطق الشمالية وحاولوا السيطرة على الجنوب .. لولا عاصفة الحزم وإعادة الأمل وسواعد المقاومة الجنوبية لما تحررت المناطق الجنوبية .. منهم ومن صالح ( ولنا في ذلك مقال آخر ) ومازالوا قادرين على الاحتفاظ بصنعاء ومعظم مناطق الشمال وإرسال تهديدات إلى المملكة بصواريخ باليستية إيرانية من حين لاخر... واشتدت مؤخراً خلافاتهم السياسية مع حليفهم صالح الذي عمل على فك الارتباط منهم في 2 ديسمبر 2017 , إلاّ أن الحوثيين لم يقبلوا بذلك فقتلوه هو والعديد من قادة حزبه .. واعتقال أعضائه بل وتفتيت كيانه في قعر داره شكلا ومضمونا .. أننا اليوم والآن تحديداً أمام مفترق طرق عديدة أهمها : 1) طريق الشرعية وزعامتها اللتي تعيش طوال الوقت باغتراب في الخارج . 2) طريق الجنوب .. لانفصال الجنوب من الوحدة .. وفيه عدد من المكونات أهمها : الحراك الثوري والمقاومة الجنوبية والانتقالي . 3) طريق اليمن الاتحادي - بقيادة الشرعية مع كافة الأحزاب الشمالية ( الاصلاح / المؤتمر / الناصري / الاشتراكي وغيرهم ) مدعما بالتحالف ... إن مفترق الطرق هذا يواجه ساحات اليمن المدمرة سياسياً وأمنياً وعسكرياً واقتصادياً واجتماعياً وبكل ما تعني كلمة تدمير حقا.. دعونا نختصر مقالنا هذا على الأوضاع الجنوبية فقط مؤقتاً ... حيث تعيش العاصمة المؤقتة عدن في أسوأ أوضاعها وكذا بقية المحافظات الجنوبية وذلك للأسباب التالية: 1. طريق الشرعية : يمن اتحادي الاغلبية من العقلاء الجنوبيين مواليين للشرعية ليس عن اقتناع باستراتيجيتها لتردنا الى باب اليمن مرة اخرى بل لإعطاء فرصه للسلام و الاستقرار و مؤملين أن تحكم قبضتها على يمن اتحادي متين ولكن للأسف نقاط ضعفها تعددت بل واستقوت نتيجة العوامل التالية : أ-حددت مرجعية لمهامها – هي الحوار الوطني , ومبادرة الخليج وقرارات الأممالمتحدة .. وللأسف هذه المرجعيات لم تعد صالحة ليومنا هذا لما أصبحنا عليه اليوم وأمس من مستجدات حديثة ومتسارعة لا تقوى هذه المرجعيات على حلول الأوضاع المستجدة على الاطلاق .. ب-عدم استطاعة الشرعية بزعيمها الحالي عبدربه منصور هادي من التخلص من الدوائر السوداء والمتزمتة المحيطة به والتي لم تتغير وفق الأوضاع الجديدة الداعية للسلم والتصالح وتكون ايجابية باتجاهاتها نحو الجنوب فالأحزاب الشمالية وقياداتها مازالت تنظر إلى الجنوب نظرة استخفاف رغم شدة اللاعبين السياسيين الجنوبيين فيه لحمايته .. ج-الاستخدام السيئ للأموال العامة وبقاء معظم الوزراء والوكلاء وقيادة الدولة في الخارج ( تركيا / الأردن / الرياض ومصر) وعدم روح المسؤولية بالصرف بالعملة الصعبة – الأمر الذي أدى إلى الكارثة النقدية ليومنا هذا .. د-عدم المسؤولية تجاه المواطن العادي الذي ينتظر راتبه الضائع شهور والبعض منذ سنين ( مثل صاحبة المقال ) .. أما البنية التحتية فالبلاد كلها " حدث ولا حرج " لا ماء لا كهرباء لا راتب ولحسن الحظ أن الأوكسجين من عند الله سبحانه وتعالى مجاناً .. بينما قيادة الدولة وزعاماتها ما شاء الله عليهم في نعيم ورخاء .. ه-لم تستفد الشرعية من نتائج و تبعات صالح بالفساد فشاعت فسادا اكثر منه في التعيينات للاقرباء والولاءات والصرفيات وووو وما خفي كان اعظم. اما طريق الجنوب والتأهب لانفصاله فقد تحمس لدلك كل من الحراك الجنوبي منذ 2007 و شددت عليه المقاومة الجنوبية منذ 2015 و اخيرا المجلس الانتقالي.