احمد نبيل في منتصف ليل الأحد الماضي , اُختطفت واعتقلت الناشطة و الصحفية المناضلة / توكل كرمان , بطريقة تشبه قطاع الطرق ,وبتهمة لانستطيع ان نفسرها الا بأنها قول الحق والتنظيم لإعتصامات ضد الظلم والتعسف والفساد المتفشي في البلاد .فقد أصبحت اليمن في هذه الأيام تعيش على صفيح ساخن جراء الأحداث التعسفية والقهرية والقمعية ضد المواطنين والصحفيين, والسياسة العابثة بموارد البلد وثرواته وانتشار الفساد في كل الدوائر والمرافق الحكومية .
فمن منجزات النظام الحاكم , فساد في كل شيء, شعب مشرد على الأرض وتحته , جثث منتشرة في ثلاجات المستشفيات لجرحى وقتلى المعارك الدامية في أبين والحبيلين والضالع وأيضا صعده , فقر ,جوع , بطالة , جهل ,أمية ,انتشار الجريمة , أمراض وأوبئة قاتلة ,تدهور التعليم إلى أدنى المستويات , وضعف الإقتصاد , إنتشار الفوضى وإنعدام الأمن والإستقرار , قمع , واختطافات ,وانتهاكات لحقوق الإنسان , ومع ذلك يريد هذا النظام ان يحكمنا مرة أخرى ,ومدى الحياة لكي يحقق الموت المؤكد والحتمي لجميع الأجيال . فيكفي تحقيقهم لمثل هذه المنجزات التي تقتلنا وتقتل كل مواطن كل يوم ,وجعلت من اليمن عنوان للفقر والتخلف والتعاسة المرسومة ملامحهم على وجهة كل مواطن داخل البلد و خارجة .
من العار ان تكون سياسة سلطة تدعي الحريات والعدل تقوم بالإعتقالات التعسفية من دون أي ذنب أو تهمة سواء ( القلم ) و قول الحق والدفاع عنه بطرق سلمية - شرعية و مشروعة في كل العالم .ولكن هناك أعداء للحق والقلم , فكما قال الشاعر / احمد مطر . جس الطبيب خافقي وقال لي : هل هاهنا الألم ؟ قلت له : نعم فشق بالمشرط جيب معطفي وأخرج القلم ! هز الطبيب رأسه .. ومال وابتسم وقال لي : ليس سوى قلم فقلت : لا ياسيدي *** هذا يد .. وفم رصاصه .. ودم وتهمة سافرة .. تمشي بلا قدم )! ( فهل أصبحت توكل كرمان مصدر قلق يهز عرش الرئاسة ومصدر هلع لهؤلاء الفاسدين إلى هذه الدرجة بسبب قلمها ( التهمة السافرة ) من وجهة نظرهم أو بسبب نشاطاتها الحقوقية ضد الظلم والتعسف ؟ فللفاسدين حساسية مرضية شديدة تجاه كلمات ومظاهرات الحق وشعارات العدل والحرية. أرادوا ان يحرموها من شرف إعتقالها في كل المظاهرات التي قادتها فأتوها غدراً ليلاً ظناً منهم بغباء أن هذا سيوقف صرختها التي رسمت على كل شارع مرت به وعلى كل فاه حر ردد معها معاني وكلمات الحرية . إن صوت بنت كرمان سيظل يتردد في كل أركان صنعاء واليمن لأنه صوت حر ,غيور , محب لوطنه رافض للظلم والفساد.( كلنا توكل كرمان ..كلنا فداء للحرية ) . الكثير من المواطنين والسياسيين عبروا عن حادثة اعتقال / توكل كرمان بأنة خروج عن القانون والأعراف اليمنية وإفلاس أخلاقي ، والفعاليات اعتبرت اعتقال النساء عار يستوجب النكف من أجله .فأي نظام هذا الذي يقود الرجال والنساء الأحرار في أنصاف الليالي إلى المعتقل .أنها سلطة لا تعيش إلا على العار والخزي. فياحسرتاه على هذا الخزي!! لو كنت يا بنت كرمان بأرض غير هذه الأرض ,هل كان لك سامعوك؟.فالله سوف يكون في عونك وعون كل يمني حر و شريف . كانت بالأمس تتقدم الصفوف بشجاعة معرضة نفسها للبطش والتنكيل وهاهم بغفلة ليل يعتقلونها فأين نحن من هذا ! الآن عرف الناس سر تواجد قوات الأمن في الشوارع في صنعاء وفي جميع المدن وإنتشارهم هنا وهناك ! يالهم من جبناء..وسنكون جبناء أيضاً إن سكتنا عن الحق .. هذه يجب ان تكون الشرارة الأولى ... أيها اليمني الشريف والحر لا تنتظر للغد . فرص الحرية لا تُسنح كثيراً .فوالله لن نخسر إن ثُرنا إلا فقرنا وذلنا والهوان الذي صرنا نتجرعه . لم تحتمل هذه المرأة التي شهدت أصناف الظلم الذي يعيشه أبناء اليمن ..فإذا بها تصرخ أمام الناس و تغضب غيرةً على اليمن , إذا أراد أحد تخريب الوطن دون عقل .. لله درها هذه المرأة الأصيلة ,فقد رفضت قرار الإفراج عنها من المعتقل مالم يتم الإفراج عن باقي المعتقلين الذين تم احتجازهم معها خلال المظاهرات. أنها أشرف من رجال يعملوا لصالح أعداء اليمن , باسم اليمن ويدنسوا حاضرنا ومستقبلنا . فكما قال الشاعر : فلو كان النساء كمن ذكَرْنا *** لفضِّلت النساء على الرجال وما التأنيث لإسم الشمس عيب *** ولا التذكير فخر للهلال إن الأوضاع في اغلب الدول العربية غير مستقرة وتنبئ بإنفجارات عما قريب . فقد أعلن الناشطون الحقوقيون والمعارضون لأغلب الحكومات العربية من الشرفاء على تنظيم المظاهرات الحاشدة , وفي مصر أطلقوا عليها "يوم الغضب". فالشعوب العربية ترفض هذه الأيام وبقوة الحياة بلا كرامة و بلا حرية ، وكرامة الأمم تكون بحياة تتوافر فيها الاحتياجات الأساسية كالمسكن والملبس والمأكل والصحة المثالية والتعليم الرفيع والعمل المناسب والتعبير عن الرأي تحت مظلة الحرية و ( بدون قيود ) , وعلى رأس كل هذا ، الحاجة للقمة العيش . فأمام الجوع والفقر والاحتياج المادي , تصغر كل الاحتياجات الأخرى وتضعف أقوى الإرادات ويتم التنازل عن كل المبادئ . إذن هل سيصحو الشارع اليمني ويستفيق , الذي يعتبر من أكثر الدول في العالم العربي والعالم احتياجا للقمة العيش وتعطشاً للحرية ,خصوصاً انه يعاني من نسبة فقر مخيفة بين سكانه تقدر بأكثر من 45% ؟
وكم أصبحنا نحن اليمنيون نتمنى حاكماً يكتب في خواطره اليومية : "هكذا أحب وطني وأحب فيه كل مواطن .. وكل مواطن هو أخي وحبيبي . وسعادتي أن أراه حراً سعيداً . إنساناً منتجا قادراً وليس عالة على احد . لا يطلب الاستجداء من احد . يجب ان نعتمد على أنفسنا . ونبحث عن كوامن القدرة في أعماقنا .. وسنجدها لأننا شعب كريم عظيم ". ( إبراهيم الحمدي ) وهل سوف يظهر في الشارع اليمني شرفاء جدد إلى جانب توكل كرمان وغيرها من شرفاء وأحرار البلد ؟ يرفعون رايات الحرية ويناهضون الفساد والظلم والتعسف و القمع و سياسة تكميم الأفواه . وهل ستكون توكل كرمان بوعزيزي اليمن , الذي يهز عرش الرئاسة ؟ وعن أي مستقبل يتحدث النظام وهو يدمي جراح الحرية ؟ وهل كل من عبر عن غضبه وجوعه وشدة فقرة , وما أكثرهم ,أصبح يُتهم بأنه شخص أو أشخاص يعملون على التخريب وتدمير المنشآت الرسمية والخاصة واختراق القانون , فيُباح قتلهم أو اعتقالهم,مثلما يحصل وحصل في مظاهرات 2005 ؟ وإن كانت الديمقراطية ستعني التكميم , فما الذي أبقينا للدكتاتوريات؟ وعلامَ قامت ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر , إن كانت لا تلد إلا الدكتاتوريات؟ وهل اعتقال توكل كرمان سيحل مشاكل اليمن المتفاقمة ؟ لا حول ولا قوة إلا بالله .. ضاقت اليمن من كل شيء حتى من نخوة الرجال!! ولكن هناك بريق أمل بأن الأحرار كُثر وقادمون ولسان حالهم يقول كما قال الشاعر /عبدالعزيز المقالح . ..... الصمت عار . الخوف عار . سنظل نحفر في الجدار . أما فتحنا ثغرة للنور . أو متنا على وجه الجدار . لا يأس تدركه معاولنا . ولا ملل انكسار . وغدا يكون الانتصار . وغدا يكون الانتصار .