سأتوقف مع فترة من زمن عدن الجميل .. عدنالمدينة وليست القرية والتخلف الذي نشاهده اليوم بكل صورة ..!! ففي نهاية 1977 وبداية العام 1978 كنت طالبا في السنة الأولى إعدادي.ولأول مرة أشاهد مدينة عدن قادما من قرية نائية في جبل علم ظبية..المديرية الغربية أبين..حاليا يافع القارة رصد. دخلت مدرسة الزحف الاحمر بدار سعد..وأحسست وأنا في عدن كأنني ادخل أفضل مدينة في العالم..ليس لأنني اتيت من الريف بل لأن عدن كانت بالفعل تختلف عن وضعها الحالي..ولو سألتم الآن بعض من يزورون عدن لأول مرة وهم يعيشون في الأرياف لما وجدتم عندهم نفس ذلكم الشعور ..! شاهدنا مديريها وهو يمشي بخطوات القائد الملتزم بالنظام والحريص على توفير مايحتاجة الطلاب من وسائل الراحة من غذاء ودواء وسكن..كل ذلك كان قبيل أحداث 26 يونيو 78 واغتيال الرئيس الراحل سالم ربيع علي(سالمين) الله يرحمه. على الرغم من الأحداث وبعد عودتي مرة أخرى إلى عدن في بداية 1981 واستقراري فيها. لم أجد فوارق أو انهيار في النظام...وصلت إلى لحج العاصمة المتواضعة والبسيطة..وغصون الأشجار تتدلى في الطريق وبستان الحسيني يظل جوانب الطريق فالأشجار تحيط بك من كل جانب وروائح الفل والبخور اللحجي تفوح من بيوتها..! صعدت باص النقل بعد أن اغتسلت من أثر السفر والتراب في حمامات عامة بالحوطة..حتى نصعد الباص الذي نقلنا إلى عدن ونحن في تمام النظافة.لم تعترضنا نقاطا عسكرية كما هو اليوم..أو يسألنا أحدا من اين انتم وإلى أين..؟ وصلنا الشيخ عثمان ثم دخلنا سوق الذهب (شارع الحب حاليا والحب الشرعي والتعاون معدوم بين الناس) شاهدنا محلات مفتوحة الحراسة عليها .!! اتجهت الى منزل الراحل العقيد المناضل محمد سعيد شنظور أول محافظ لمحافظة لحج وكذلك حضرموت بعد الاستقلال الله يرحمه..وفي المنصورةبعدن تجولت مع بعض اولاد العم ليعرفونني عليها.وكأنني أمشي في شوارع القاهرة أو عاصمة متطورة ..!! التحقت في الجيش واستقربي المقام في معسكر الفقيد احمد جودة بصحبة العم علي سيف (حاليا معسكر الأشغال العسكرية في المنصورة) وافقوا على تسجيلي وانطلقت بعد ان حلقت رأسي صفر (اصلع)لبست بدلتي العسكرية للتدريب وانهيت فترة الاستعداد في تدريب عسكري طوال النهار حتى تم توزيعي على وحدتي العسكرية في نفس المعسكر..بعد ان تعلمت النظام العسكري والانضباط.وليس كما هو حال بعض عسكر اليوم .. تجد بعضهم حالق رأسه آخر موضة ولابس بنطلون عسكري وقميص مدني ويمشي حافي ويتمخطر بالسلاح بشكل يثير الغثيان..! اتجهت إلى شوارع كريتر الجميلة ثم المعلا المرتبة ِوشاهدت افضل شارع في البناء والجمال (المعلا) الذي كان قمة في الروعة والجمال لولا عبث من يعبثون به وعدم اهتمام الجهات المختصة بصيانته وصيانة عماراته! في عدن ذهبنا لنشاهد أندية التلال عميد الأندية العربية بعد النادي الأهلي المصري..وفريق الجيش المثالي الذي اختفى بعد الوحدة..وفريق الوحدة العملاق بيارق الشيخ عثمان..وشمسان القلعة .. والميناء..والشعلة وحسان..والشرطة والطليعة والشرارة من لحج .. ومن ثم بعد ذلك التحق بهم نادي المكلا الخ..من النجوم. اندية كان لاعبوها قمة في العطاء وأندية تلعب للكرة وإمتاع الجمهور وجهات مسؤولة حاضرة في الملعب..وجماهير تملئ مدرجات ملعب الحبيشي بحضورها وتشجيعها..وعلى اصوات التعليق الرياضي للمبدع الراحل سالم بن شعيب الله يرحمه وفيصل باعباد ..والمبدع محمد سعيد سالم الله يعطيه الصحة..كنا نستمتع بتلك المباريات الجميلة والانجازات الكبيرة للكرة العدنية ..! في زنجبارأبين شاهدنا ملعب ساحة الشهداء الجديد الذي افتتح في زمن الرئيس السابق علي ناصر محمد والمحافظ القوي والجاد محمد علي احمد..تلك الساحة وذلكم المعلب الذي تحول بعد 30 عام الى ساحة ترابية ومرتع لرعي الحمير ..!! في عام 82 التحقت بالمدرسة العلياء للكوادر الشبابية في التواهي تلك المدرسة التي تم بنائها على النمط المعماري البريطاني وتخرج منها مئات القادة..بجانب بوابة مينا التواهي..مدرسة جديرة بالاهتمام حولوها الى مساكن شخصية ولو كان لي سلطة لنقلت من فيها لمساكن جديدة وحافظت عليها وعلى كل المواقع الأثرية والمرافق التاريخية لتظل نموذجا لعدن وتأريخها ولتعليم وتأهيل الشباب القادة.! هل يعود ذلك الزمن الجميل وهل نتعلم من دروسه ونظامه وبساطته بعد تجاوز سلبياته وتعود عدن..فما نراه اليوم ليس له علاقة بعدن..!!