اذا امعنا جيدا سنجد ان القضية اليمنية وهي الاهم في خضم هذا الصراع والإحداث وما تبقى من فروع ما هي إلا مكونات صراع ذاتي مرتبط بالمصالح الشخصية وليس لها اي ارتباط بقضية الجنوب والشمال وطالما هناك اتفاقات وحدوية تمت بين الطرفين مسجلة وموثقة في الاممالمتحدة ومجلس الامن والجامعة وكل دول العالم والمنظمات الدولية الرسمية والجماهيرية وتم دمج نظام الدولتين الجنوب والشمال في اطار واحد وعلم واحد دون ان يوجد صيغة بند جزائي يلدزم اي طرف من الاطراف بعدم الاخلال بهذا الاتفاق او الخروج عما احتواه وحتى الدستور اليمني تغير ثلاث مرات وتوسع عشرين مرة ولم يحتجوا اعترضوا الجنوبيون على ذلك او على الاقل وضعوا العالم والجامعة العالم امام خروقات للاتفاق من قبل النظام في العاصمة السياسية صنعاء لكن لم يحدث هذا. لكن وطالما هناك مظالم وتجاوزات واستهتار بحقوق الشعب الجنوبي وعدم الاعتراف بالقانون ولا بالنظام من قبل سلطات الشمال اليمني ممكن ان يتدخل العالم وينظر الى الحالة بأسلوب اخر سياسي محض يضع كل القضايا على طاولة المفاوضات والعودة بالوضع الى ما كان عليه قبل عام 1990 ولكن ايضا وضع اعتبار لكل الاصول والثوابت للاتفاقات والالتزامات في العلاقات الدولية التي اصبحت تتعامل مع اليمن بعلم واحد ونظام سياسي واحد ودولة واحدة حيث كان بالإمكان التفاهم هنا وفي هذا الصدد ولو تركوا الجنوبيون غرة صغيرة تعطي العالم حق التدخل المباشر وبالطرق والوسائل المتعارف عليها برغم ان الحل لايمكن ان يمر إلا عبر الشمال ولن يأتي الحل إلا بتوافق مع الشمال وشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس اليمن كله والمعترف به دوليا وامميا والمدعوم من دول التحالف باستعادة شرعيته الى صنعاء. ومن الطبيعي جدا ان تكون البوابة الوحيدة والرئيسة هي بوابة صنعاء بعد عودة حكومة الشرعية التي سوف يتم من خلالها الوصول الى حلول اوحلحلة لكل القضايا العالقة في المنطقة وهي القضية اليمنية الام .. وبينما الجنوبيون هنا هم من رحل بنظامهم وخمائل حلهم الى صنعاء وأصروا ان تكون الوحدة الاندماجية الكاملة الفورية وهنا هم من يتخملون مسئولية غلطهم .. ولماذا هنا ان نتكر للحقائق ولا نكون اكثر واقعية وصدق وأمانة مع شعبينا في الشمال وفي الجنوب ونرضخ لعين العقل والمنطق وللأمر الواقع ان كنا في الجنوب او كنا في الشمال على قاعدة كلا يكمل بعض وان نعترف بان الشطرين كانت دولتين وعلى روابط اتصال من ذو عقود وقرون مضت وهم يتعايشون مع بعض في سلام وأمان ومحبة ومخوة جميعا شرائح المجتمع اليمني ولا هناك كانت قيود كان يفرضها الشمالي على الجنوبي في تنقلاته او القيام بزيارة الشمال من اقصاه الى اقصاه وبدون بطائق او تصاريح والعكس وحتى ايام الحكم الامامي العفن للأسف الذي لم يمنع او يقفل ابواب الحدود اليمنية الشمالية مع الحدود الجنوبية وهناك تزاوج وصهورية بين الشماليون والجنوبيون وتعايش وتجارة وتوافق على كثير من القضايا المصيرية الضرورية وامور التواصل المستمر والمثمر بين نظام الاتحاد وعصبة السلاطين في الجنوب وبين الشماليون في الشمال بريديا الذي ينقل الرسائل ذهابا وإيابا وتجاريا والذي ينكر ذلك انسانا يعد ناكرا لجمبل تلك المراحل البيضاء والتي استفادوا منها الجميع كانوا في الجنوب او كانوا في الشمال هناك شواهد كثيرة تثبت هذا الكلام واهمها كيف كانت تسري ليلا قوافل السيارات النقل الكبيرة المحملة بالضائع المختلفة الخارجة من ميناء عدن متوجهة الى كل مدن الشمال ومن قبل الاستقلال في الجنوب برغم وعرة الطرقات وصعوبة المواصلات والاتصالات ومن ينكر تواصل العكس مع الجنوب والسيارات المحلة بالبضائع القادمة من الشمال الى الجنوب وهي تحمل العنب العاصمي والرازقي وكل اصناف الفواكه اليمنية الشمالية واللوز الصنعاني الخوخ والفرسك والمشمش والقعقع والرمان والزبيب والخضروات المر والقماش وكل ما كان يحتاجه الجنوب من كماليات ضىرورية وغير ها والشمال ايضا كان يستفيد كثيرا من الجنوب ومن خدمات ميناء عدن الحر وهناك كانوا تجار كبار شماليون معروفون بعلاماتهم التجارية من تعز وغيرها من المدن اليمنية الشمالية لم يكون في اي يوم من الايام قد تم معاقبة اي مواطن شمالي خارج النظام والقانون الذي كان يحكم الجميع دون تميز او وسطات او تدخلات من اي جهة مهما كانت اهميتها في سلك السلطة او قهر او نهب او سلب حقوقهم وحتى عندما غادروا الجنوب الى الشمال اثناء فترة اشتداد الموجهات غادروه معززين مكرمين وكانوا اغلب الجنوبيون اكثر حبا وتقديرا للشمال وشعبه والروابط كانت اقوى وامتن مما هو موجود الان برغم الحكم الامامي العفن الذي كان في الشمال والحكم الاستعماري السلاطين المتزمت والمقيت في الجنوب وهذا الوصف ليس صحيحا وليس له اي تواجد في تلك الحقبة الرائدة والجميلة والتي لم يشهد مثلها الوطن الشطرين اليمني على الاطلاق . وإذا عدنا الى ناصية التاريخ وحورنا القضايا بحيادية مطلقة وشفافية سليمة في محور التنشيف والتجفيف ووضعنا امامنا المعادلة الحقيقية السياسية والعسكري لكل المتغيرات والإحداث التي سادت المنطقة والتصدعات التي اصابت اركان هذه العلاقات الاخوية الشفافة التي كانت قائمة بين الشعبين وعلى ارض واحدة والنظامين في الشمال والجنوب سنجد ان هناك مؤامرة كبيرة ادارتها اجزه استخاراتية دولية ومحلية دفعت بخلط الاوراق خاصة بعد قيام ثورة مصر والعراق وسوريا والسودان وإعلان الاستعمار البريطاني في الجنوب منح الاستقلال لشعب الجنوب ومع التدخل المصري في اليمن وإعلان عن تصدير اهداف الثورة الى الجزيرة العربية والى الجنوب واستحداث مسميات جديدة تتناسب مع المرحلة والمتغيرات فكان موقف الشقيقة الكبرى السعودية واضح ومعلن ضد تدخل المصريون في اليمن حيث كانت السعودية تقود حلفا معاديا للثورة في الشمال ومعرقلة امتداداها الى الخليج والجنوب معا . وهنا كان تتراكم اسباب الازمة والمشكلة وتدخلت ايادي الغدر والخيانة والارتزاق وتكدست الاخطاء وتوسعت شقة التجاوزات بعد وصول الثوار المتطفلين القاصرون في العلم والعقول والوطنية والقومية الى كراسي الحكم في الشمال وفي الجنوب وتفرخت احزاب وطوائف دينية اسلامية وشيعية ومثقفين وأباطرة البلطحة من عسكريين لبط وسياسيين همج وضباط احرار. وناصريون وبعثيون واشتراكيون شيوعيون واختلط الحابل بالنابل وضاعت على الربان ارقام الدير وانقسم الوطن الواحد الى قسمين واتجهان وسياستين نظريتين وكان الشمال يتجه غربا مع الرأسمالية وأصبح الجنوب ينحني تحت وطئة الاشتراكية العلمية وبعد كل الانفلابات والدورات الدموية التي شهدها وكان سقوطه الاخير في براثن وحبال الوحدة المشئومة التي قضت على كل شي جميل في الجنوب حتى وصلت الحالة الى وضعها الحالي الجنوب مرتاح ولا شمال سالي او مطمئن وتاهت السفينة في الاعناق وتلاطمت بها الامواج وغرق ال كل طاقمها والشعبين الجنوبي والشمالي في بحر من الدماء وكومات من الخلافات والمماحكة السياسية التي ادت بالجنوب والشمال الى الهاوية . اليوم الكل يبحث عن محرج ولم يجد من يخلصهم او ينقذهم من الورطة والحفرة التي حفروها قيادات الشطرين ليلا ووقعوا فيها نهارا وهم الان ينتظروا الفرج من عند الله بعد خراب مالطا. مرة اخرى لن تاتي حلول الى اليمن ان لم يضع في الاعتبار وضع القضية اليمنية الام وان يمسكوا ام الصبان من قرونها هنا يمنكن الوصول الى حل نهائي يفصل الشطرين والشعبين ويظل اواصر التعاون واللخاء ممدودة بعيدة عن الوطنية الزائفة والماذبة والتي اثبتت الاحداث والصراعات فشلها وخقنا للدماء الغالية الشمالية والجنوبية نبظا فتح فصحة جديدة في كل العلاقات والله من خلف القصد.