في ظل إنتاج واستنساخ المعارض الجنوبي غير الصادق الذي تكتنف أطماعه مصلحة شخصية بهدف مال أو سلطة أو عنصرية على خلفية 86. كل هذه المواقف والكتابات تقوض مسار الثورة الطبيعي, وتتجه بها لمسار خاطئ يدور في فلك طوباوي أي استهلاك سياسي دون وقوعها حقيقة متمثلة ذات سيادة, ودولة, وعلم. صنعت الشرعية معضلة عظيمة أمام طموح الثورة الجنوبية, وفتحت أبوابها أمام كل أعداء الجنوب على مختلف مشاربهم, والأسوأ من ذلك جعلت أبناء الثورة أكثر من يحاربها حتى وصل الأمر إلى رجالات نضال ومقاومة كانت لهم فترات سابقة هم من ضمن حملة مشاعل هذه الثورة والمدافعين عنها, ولكن الشرعية من خلال المال القطري المدعوم برغبات ومشاريع إصلاحية أخونجية أغدقت المال الهائل على هؤلاء فأصبحوا أعداء بل أشد أعدائها , ولجؤوا إلى تبرير مواقفهم بشتى الأعذار والأكاذيب المراوغة بعد أن انسلت أيديهم في التخلي عن الثورة, وتحويلها إلى مصدر تجارة وربح على حساب ضياع طموح وتأمين مستقبل أجيال الشعب الجنوبي. والحال كذلك إعلامياً حيث هناك العديد من الصحف الجنوبية لا تقوم بواجبها تجاه نصرة القضية الجنوبية بالشكل المطلوب, ورحم الله فقيد الوطن الأستاذ هشام باشراحيل ( صحيفة الأيام) الذي جعل من صحيفة الأيام تأسس وترسخ وتوضح ملامح الثورة الجنوبية في وقت كان الحال أصعب بكثير كوضع سياسي جنوبي مسلوب تماماً في تلك المرحلة العفاشية, ونأمل للأيام أن تظل على نهج الفقيد الراحل هشام باشراحيل الذي انتهج في الأساس مواصلة المشوار الوطني لصحيفة الأيام على يد المؤسس( محمد باشراحيل). يجب أن تظل نصرة القضية الجنوبية في أجندة الصحف ضرورة وطنية ويجدر ببعضها التعديل في سياستها حيال ذلك, فمن الصحف الجنوبية من تهتم بعرض مواقف وكتابات المناهضة للثورة الجنوبية أكثر من اهتمامها بعرض مواقف وكتابات المناصرة للثورة . إن قضية شعبنا المظلوم الذي تعمل الأحداث السياسية في كثير من الأحيان إلى عودته إلى باب اليمن يعتبر من مسؤوليات الصحف الجنوبية والتاريخ لاشك سيحكي مواقف هذه الصحف تجاه قضيتنا الوطنية التي يجب والمفترض أن تكون خط أحمر وعدم السماح لتمييعها وخلخلتها وجعلها مصدر ارتزاق الضعفاء. نلاحظ مواقف وكتابات متسارعة ومتكررة في مهاجمة المجلس الانتقالي, وهذا لا يأتي من فراغ لأن المجلس الانتقالي من ناحية الواقع الشعبي والأدوات استحق أن يكون هو الحاضن السياسي للقضية الجنوبية وبقية المكونات فارغة شعبياً وأداة, فهناك مكونات لايتجاوز محيطها مجموعة أشخاص, العدو المتربص بالجنوب يجد أن الانتقالي مصدر الخطر والإزعاج, وهذا يعطي الأفضلية لهذا المكون كحقيقة ماثلة في تبني قضيته بشكل حقيقي وملموس ولا شيء يخلو من العيوب. مهاجمي الانتقالي يتهموه تارة بضعف التكوين والتمثيل وأخرى بعدم شموليته, وتارة أخرى تابع للأمارات .. إلخ . في واقع الأمر الانتقالي في مشروعه السياسي يبني على أفكار احتسبت الواقع الثوري, والواقع الإقليمي, والواقع الدولي, وكذا احتسب طموح الشعب الجنوبي في استعادة دولته الضائعة ووطنه المسلوب. والمشاريع السياسية هي نسبية في شمولها للواقع في كل حالات وأوضاع الثورات والنضالات حسب العرض التاريخي لها. ولكن الإشكالية في ضعف الانتقالي أن وجد لا تكمن في تلك المهاترات الفارغة التي لا تأخذ الإشكالية في شموليتها. حيث أن انتصار ونجاح المكون السياسي للثورة يأتي من طبيعة المناصرين, ففي حالات قد يكون فيها البرنامج السياسي ليس بالمستوى المطلوب إلا أن المناصرين لهذه الثورة أو تلك هو سبب انتصارها أو فشلها, ولا تخلو أي ثورة عبر التاريخ من أي عيوب على مستوى البرنامج السياسي, ولكن النجاح للثورات كما تأكده الأحداث التاريخية يأتي من وحدة القيادة وتماسكها, وقوة وعظمة مناصريها.
وعلى ما يبدو أن الثورة الجنوبية في الآونة الأخيرة تعاني من ضعف تعاضد القيادة ومن ثم تعاني من خلخلة المناصرين الذين هم وقود ونار الثورات. ولهذا ما يعانيه الانتقالي كممثل للثورة الجنوبية هو في الأساس عائد لمتغيرات عديدة, وليس في ضعف البرنامج السياسي وأهدافه ومن هذه المتغيرات : متغير السكان – متغير السيادة – متغير القيادات – متغير الصراع – متغير الحاضن الدولي.. إلخ . حيث إذا أدركنا طبيعة المتغيرات المتعلقة بالثورة الجنوبية التي هي مصدر ضعفها وحولناها إلى مصدر قوة في هذه الحالة ممكن تتحول القضية الجنوبية بأهدافها الأساسية إلى واقع محقق ومعايش وغير ذلك عبث. إذا أخذنا متغير الحاضن الدولي على سبيل المثال : حيث نجد أن الحوثي كشمالي متربص بأطماعه في الجنوب حاضنة قوى وراسخ ( إيران وما وراءها) , وكذلك الإصلاح كشمالي متربص بالجنوب على نفس الهدف حاضنة قوى وراسخ ( قطر وما وراءها). ولكن نحن في الجنوب لم نجد إلا حاضن هزيل ( الإمارات) ليست بمستوى الحواضن الشمالية ذات الرسوخ والقوة والإيمان بقضايا ومشاريع مدعوميها . كذلك مستوى القضية الجنوبية أقوى من أن يحتويها ويستوعبها بعمق أهدافها وصعوبتها حاضن مثل الإمارات بشكل قوي وكلي بحكم المعوقات التي يضعها أمامها الرافضين لحق الجنوب في حريته على مستوى الأشخاص والدول , والذي قد يكون من ضمن ذلك دول لها ثقلها واستصعابها أمام الإمارات نفسها, ولكن الإمارات وعلى الرغم من كل تلك المساوئ إلا أنها أفضل الموجود والمتوفر , في أقل الأحوال الاستفادة من طبيعة الصراع ( الإماراتي – القطري) . وهذا جانب يعطي ويلتمس العذر كثيراً لممثلي الانتقالي حول نضال قضيتهم حيث إذا كانت قوة الحاضن الداعم لدى الجنوب بمستوى قوة الحواضن الشمالية لاختلف وضع الانتقالي كأداة ثورة على الواقع أصلاً . فهم أبعاد العديد من تلك المتغيرات يزيد من فهم جوانب الضعف عند الانتقالي الخارجة عن إرادته . ومن ثم يتحسن عامل المناصرة الذي يعتبر من أقوى عوامل النجاح للثورات, والذي زعزع في محيط الثورة الجنوبية في الوقت الحالي بوجود وتأثير الشرعية التي عرقلت وبعثرت أوراق الثورة الجنوبية, وانشغلت بمحاربة الحاضن السياسي ( الانتقالي) من جهة , ومن جهة أخرى عدم عرض وتقديم استحقاق القضية الجنوبية وعدالتها أمام الكيانات الإقليمية والدولية , بل لم تتبناها على الاطلاق , وعملت على دفنها ووأدها بشتى الوسائل , وظلت المناصب الجنوبية على اختلاف درجاتها في حكومة الشرعية محتفظة بالوصم العفاشي في عدم فاعليتها وندّيتها مع الآخر الشمالي الذي يصل نفوذه كأشخاص تلتصق وترتبط بمصالح دولية , ومن ثم التأثير في قراراتها ومواقفها بينما أشخاص القيادات الجنوبية في فناء الصراع الداخلي دون مناصرة فاعلة مع قضية واضحة المعالم لكل العالم . عدن /أغسطس/ 2018