محمد عبداللة الموس الحكاية في الأصل هي (إدارة عموم الزير) واصلها أن ملكا مر قرب نبع في أطراف عاصمته ورأى الناس يشربون من النبع باستخدام اكفهم، فأمر بوضع زير وكوز ليستخدمه الناس للشرب.
رأت بطانة الملك أن الزير بحاجة إلى عدد من الأشخاص يتناوبون القيام بواجبه ثم مسئولا يقودهم ثم مكتب وسكرتارية فشؤون مالية ثم شؤون عاملين وإدارة خدمات ثم بناء بمكاتب كافية لهذا العدد من العاملين.
حين مر الملك بعد سنوات، حيث كان النبع، رأى بناء فخما، ولدى سؤاله عن هذا البناء، قيل له إنها (إدارة عموم الزير)، فمر لتفقدها، هذا مكتب المدير، وهذه إدارة المالية، وتلك إدارة العاملين، ثم إدارة الخدمات...الخ.
بعد تلك الجولة طلب الملك أن يرى (الزير) فأسقط في يدي قيادة إدارة عموم الزير، ومع ذلك أخذوه إلى مساحة مهجورة خلف البناء حيث جف النبع وليس هناك سوى بقايا حطام (زير).
إدارة عموم الزير تحاكي إلى حد بعيد وزارة الثروة السمكية، فمن وزارة تملك أسطول سفن ضخم ومئات الكوادر المتخصصة في مجالات الاصطياد والتحضير والهندسة (ميكانيكا، كهرباء، تثليج) وعدد كبير من العمال المهرة، وورش صيانة ومراكز تربية وأبحاث ورقابة وموانئ صيد خاصة وعدد كبير من الثلاجات ومراكز التسويق، من كل ذلك إلى مجرد بناء في احد أحياء صنعاء لا يوجد فيه فرد واحد متخصص في أي مجال من مجالات النشاط السمكي، وقد يجزم احدنا أن نصف موظفي وزارة الأسماك لا يعرفون عن البحر سوى انه (مسبح) بمن في ذلك مدراء إدارات.
ذهب أسطول الصيد الكبير (وطفشت) كل الشركات التي كان للدولة حصص فيها ونهبت أملاك بعضها، وأحيل الكادر السمكي إلى (خليك في البيت) ثم الإقعاد المبكر وبقيت بعض من (كراكيب آدمية) تطلب الله على بطونها.
تحول الاستثمار إلى (استثمار سفري) بدون أدارت أو عمالة أو وسائل إنتاج، بجملة أخرى لا تحدث تراكما في المجال السمكي، إدارتها في (حقيبة يد أو كيس علاقي) وقد تجد نفسك مستثمرا سمكيا حتى وان لم يسبق لك أدارت مفرش بيع سمك ناهيك عن كونك صياد.
أصبحت كل هياكل الوزارة ومكاتبها (المتلتلة) قائمة على نسبة منهوبة من فقراء الصيادين مقدارها 3% ولو تم إسقاط هذه النسبة لسقط مبرر وجود وزارة من أساسه.
حتى مشروع الأسماك الخامس ذهبت أمواله دون أي فائدة مادية تذكر كما كان الحال بالنسبة للمشاريع السمكية السابقة حيث منشأتها قائمة حتى اليوم،فهذا المشروع عبارة عن قروض تثقل كاهل أجيالنا القادمة، وقد تمخض جبل هذا المشروع الخامس وولد فأر (الحراج بالانترنت) وفكرة إنشاء (هيئات) جديدة بأعباء إدارية تزيد تضخم (إدارة عموم الزير) نظرا لعدم وجود نشاط سمكي آخر سوى (الحراجات) التي يحصل منها القطاع الخاص على إيراد يفوق ما تحصل عليه الدولة، فما هي الإضافة التي تتحقق من هذا الابتكار المسمى (هيئات)!؟ هذا علاوة على أن هذه الهيئات قسمت سواحل الجمهورية بطريقة لم تراع أن مناطق الاصطياد في الشرق (حضرموت والمهرة وبعض من سواحل شبوة) فيما المنشآت السمكية في عدن.
نتمنى على الأخ وزير الثروة السمكية إعادة مراجعة هذه الملهاة المسماة (هيئات) القادمة من ماض الفساد وزمن ذر الرماد في العيون (حتى وان كان قد صدر قرار إنشاءها) فهي ليست سوى أعباء مالية ينشد دعاتها الحصول على مزايا كيفما اتفق ويمكنكم إسناد أمر مراجعتها إلى ذوي اختصاص فالحكمة تكمن في فاعلية الإدارة لا ضخامتها فما نحتاجه بالوضع الحالي هو (إدارة عموم الحراج السمكي) لا أكثر. عدن 26/8/2012م