اليوم تهل علينا الذكرى ال 49لثورة 14 أكتوبر63م المجيدة التي غيرت مجرى التاريخ الجنوبي ووضعته على اعتاب مرحلة جديدة من النضال الوطني التحرري ضد الوجود البريطاني الذي دام زهاء قرن ونيف من الزمان عانى شعبنا الجنوبي صنوفاً شتى من القهر والظلم والاستلاب. ويحق لنا اليوم أن نتسأل ، ماذا صنعت الثورة، وهل ما تحقق في عهدها يجسد أحلام وطموحات الشعب الجنوبي ويلبي أهدافها النبيلة التي قامت من أجلها ومن ثم يليق بحجم المعاناة وجسامة التضحيات التي كانت ثمناً غالياً لانتصارها؟!..لاشك ان الثورة اشهدت انتصارات وحققت في مراحلها الأولى مكاسب وانجازات لا يستطيع أحد أن ينكرها . وبقدر ما حققته من انتصارات ، فقد شهدت الثورة اخفاقات وانكسارات، واعترت مسيرتها اخطأ ونواقص كغيرها من الثورات، مثلما واجهتها العديد من الصعوبات والمشكلات والمؤامرات التي اعاقتها عن السير الى الأمام ومنعتها من الوصول الى كل غاياتها واهدافها المنشودة.
وعلى مدار ما يزيد عن الأربعة العقود والنصف الماضية شهدت الحياة تبدلات كثيرة واحداثاً هامة بعضها جاء لصالح الثورة، وجاء البعض ضدها بينما جاء البعض الآخر لينسف ما حققته الثورة من مكاسب وانجازات خلال السنوات المنصرمة من عمرها.. وفي ظل هذه التبدلات والتحولات ، التي اتاحت المجال لحريات التعبير أن تمارس على نحو لم نعهده من قبل ، فقد كان لابد من ظهور انتقادات حادة للثورة ، وأن يؤدي ذلك الى ظهور آراء ومواقف عديدة ومتباينة تجاه عملية التقييم لمسار الثورة وما رافقها من سلبيات وايجابيات ، وكان لابد أيضا أن يظهر اتجاه سياسي معادٍ للثورة في الوقت الحاضر مثلما ظهر بالأمس أعداء ناصبوا الثورة العداء ورفضوا قيامها بالأساس.. وهو امر بقدر ما يبدو بديهياً وطبيعياً فأنه أمر لا يعيب على الثورة ولا يقلل من أهميتها بل على العكس من ذلك فهو فهو يعكس أهميتها ويكسبها شيئاً من الحيوية والتجدد طالما أن الثورة هي فعل متجدد وعمل تغييري مستمر، وطالما أن للثورة أية ثورة أعداء واصدقاء وأن لها من الأخطاء والنواقص ما يجعلها كغيرها من الثورات لا تتميز بالعصمة والكمال.
غير أن أسوأ ما تواجهه الثورة اليوم هو محاولات الطمس والتشوية والتجيير لأغراض سياسية ونوازع شخصية مقيتة ونوايا شريرة وخبيثة ، وظهور أدعياء واوصياء جدد على الثورة لا تربطهم بها أية صلة الا من قبيل الانتقام وتصفية الحسابات مع الثورة ورموزها يأتي نظام صنعاء ورموزه في مقدمة أولئك .. وهذه المحاولات التي تتعسف التاريخ وتحاول عبثاً لي عنق الحقيقة هي محاولات لا نجد لها تفسيرا أو معنى سوى أنها تستهدف تسويد الصفحات الناصعة في جبين تاريخنا الجنوبي المجيد الذي تعتبر فيه ثورة 14 أكتوبر وجهاً مضيئاً في سفر هذا التاريخ الخالد ، مثلما أنها محاولات تستهدف النيل من انتصارات وبطولات الشعب الجنوبي وتقلل من أهمية كفاحه ونضاله المستمرين في سبيل الحرية ورفض الظلم والاستلاب وتقرير المصير والتحرير ولاستقلال كما يجري اليوم للثورة الجنوبية الثانية التي انطلقت العام 2007م وحراكه السلمي الرائع والرائد بل وطمس هويته وهي المحاولة المستميتة والغاية الكبرى التي سعى ومازال نظام صنعاء يسعى الى تحقيقها بكل الوسائل والاساليب القذرة والشيطانية الملعونة.
ولئن كانت شعوب العالم الأخرى تسعى الى حماية تاريخها من محاولات الغزاة والحاقدين والعابثين والمتطفلين وتقوم بابراز الوجه المشرق فيه، فقد حان الوقت بالنسبة لنا نحن الجنوبيين لإنقاذ تاريخ الثورة الأكتوبرية ..تاريخنا المشرق وتحديداً كل مكونات وقيادات وكوادر وصحفيي ومثقفي وخطباء الحراك الجنوبي من هؤلاء والمحافظة عل نقائه وصفاء ذاكرته في عقول ووجدان الاجيال القادمة من أبناء الجنوب ..فهلا نحن فاعلاون ؟؟