كلمة حق لابد من قولها ، لم يكن الاصطلاحيون وحدهم من تفاجأ يوم أمس الأول الجمعة 30 نوفمبر 2012م بسبب الأعداد الضخمة لحشود ثورة الحراك الجنوبي في مدينتي المعلا والمنصورة ،، فمع فارق أن تأثير الصدمة على الإصلاحيين أخرجهم عن وعيهم وافقدهم السيطرة على مشاعرهم الحاقدة ، فقد كان الحدث ايضاً مفاجئاً للكثير من الجنوبيين المطالبين باستقلالهم و استعادة دولتهم كاملة السيادة ، فلم يتوقع الكثيرين منا ذلك التجاوب والتفاعل والحضور المهيب من أبناء شعبنا العظيم للاحتفال بذكرى استقلالهم الأول من الاستعمار البريطاني. مشهدان اثنان من عشرات المشاهد المؤثرة التي عشناها هذا اليوم العظيم:
المشهد الأول:
المكان: مدينة المعلا ، الحدث: صلاة الجمعة : الإمام في قلب الشارع الرئيسي يأمُ المصلين ، والمصلين وصلت حدود صفوفهم إلى جولة العقبة وبعض حواري دكة المعلا ،، بعد الإنتهاء من الصلاة مباشرة رأيت احد الأصحاب (وكنا في وسط الشارع الرئيسي) رأيته مصدوم ومتفاجئ وهو ينظر إلى بعيداً جهة الطرف الشرقي لشارع مدرم ويقول بتعجب واندهاش غير مصدق لما تراه عيناه ، قال: "صفوف المصلين تجاوزت مبنى المحافظة" ،، ودمعتان تدرفان من عينيه ثم نظر إلى الأرض تحت أقدامه خجلاً من أن يرى أحد تلك الدموع. بصراحة كان مشهداً مؤثراً تقشعر له الأبدان واهتزت له الوجدان فرحاً.
في نفس الصلاة ، اخبرني صديقان لي (في وقت لاحق) بأنهما كانا ضمن جموع المصلين في جولة العقبة ، وأنهما ومن كان معهم في ذلك المكان قد صلوا صلاة الجمعة 3 مرات بالخطأ ، في كل مرة كانوا ينتهون من الصلاة بعد التسليم فإذا بهم ينظرون لجهة اليسار فيرون مجاميع المصلين في الشارع الرئيسي (أو ما تسنى لأعينهم أن ترى) لازالت واقفة منتظمة في صفوفها ويسمعون أصوات التكبيرات لازالت متواصلة مصدرها الشارع الرئيسي ، فيعيدون الصلاة مرة أخرى ظناً منهم أنهم اخطأوا بالصلاة الأولى ،، فلم يكونوا يعلموا ان تلك التكبيرات المسموعة من بعيد إنما كانت تكبيرات صلاة الجنازة على الشهيدة فيروز التي اقيمت بعد الانتهاء من صلاة الجمعة مباشرة.
المشهد الآخر:
الحدث: الفعالية المسائية بمنصورة عدن ، عظمة المشهد بدأت من مكان انطلاقتنا (مدينة التواهي) مروراً بكل شارع وحي مررنا به في المعلا والطريق البحري و وصولاً إلى منصورة عدن.
من لحظة انطلاقنا رأينا الفرحة والبسمة تملئ وجوه الجميع في الشوارع ، اعلام الجنوب في كل مكان ، في أيادي بعض المارة ، في السيارات ، فوق أعمدة الانارة وعلى شرفات بعض المنازل .. شاهدنا عشرات بل مئات السيارات المزينة باعلام الجنوب جميعها قاصدة مكان واحد (مدينة المنصورة) ، تسمع منها الاناشيد الثورية الحماسية واعلام الجنوب ترفرف من على نوافذها ، يتبادل راكبيها التحايا فيما بينهم بالهتافات الحماسية على إيقاع أبواق السيارات. في منصورة عدن كانت المشاهد غاية في الروعة ومليئة بالبهجة والفرح مفعمة بالحياة والقوة والحماسية ، مشاهد لن يستطيع احد ان يعطيها حقها في الوصف ، قد يحتاج وصفها كتابة كتاب وأكثر.
إن السبب الأول والأخير في النجاح الكبير الذي تحقق ذلك اليوم هو تفاعل الشعب الجنوبي العظيم مع هذه المناسبة بغض النظر عن مكان إقامتها ، أكان في المنصورة أو المعلا أو في جزيرة سقطرى ،، كم أنت رائع ياشعب الجنوب. *خاص لعدن الغد