الحديث عن السيطرة على المؤسسات الإيرادية في عدن وسائر المحافظات الجنوبية يعني أن المجلس الانتقالي انتقل من حصر تبنيه القضية الجنوبية سياسياً، إلى تبنيها اقتصادياً أيضاً، والاقتصاد هو عصب السياسية وموردها الرئيس، وسبب ديمومتها لتحقيق أهدافها. تنبّه الانتقالي إلى هذا الأمر، لا يمكن للسياسة أن تُحقق أهدافها ما لم تكن مستندة على مورد ثابت، يُغنيها عن حاجة الدعم الغير ثابت. بعد الإعلان عن السعي للسيطرة على الموارد والمؤسسات لم يعد هناك مجال للتراجع، أو المناورة، بات الأمر بحاجة إلى خطوات تنفيذية تعقب الإعلان وتجعله واقع، ولا يمكن للقوة العسكرية أن تُحقق الهدف المأمول، فالمسألة هنا ليست فرض قوة، بقدر ما هي فرض قدرة، والقدرة تعني استطاعتك على إدارة هذا المرفق وذاك، بينما القوة قد تُحقق سيطرتك دون تحقيق قدرتك على الإدارة. لتحقيق القدرة على إدارة موارد الدولة، يتوجب على الانتقالي تنفيذ بعض الخطوات كبداية أولية في العاصمة عدن، وهي كالتالي: أولاً: إدارياً: 1- إعلان تأسيس (مجلس اقتصادي أعلى) يتكون من خبراء الاقتصاد وأساتذته في جامعة عدن وبقية الجامعات الجنوبية. 2- تشكيل فروع للمجلس الاقتصادي في كل المديريات. 3- تشكيل (إدارة رقابة وإشراف) تتبع المجلس الاقتصادي من ذوي الكفاءة والتخصص، تُعنى بالإشراف على إدارة المؤسسات الخدمية في عدن، بحيث يقتصر العمل مؤقتاً على أهمها، تلك المرتبطة بحياة المواطن وأساسياته (الماء، الكهرباء، التعليم، الصحة). 4- تشكيل (إدارة أزمات) ضمن المجلس الاقتصادي، وفروعها في كل المديريات في المحافظات، مهمتها الإشراف على إجراءات حل أي أزمة طارئة، ومتابعة الحالة المتعرضة للأزمة، والمباشرة الفورية في إيجاد حلول لها. 5- تخصيص لقاء أسبوعي يجمع قيادة المجلس الانتقالي برئاسة المجلس الاقتصادي وفروعه في المديريات ومدراء المديريات والمرافق الخدمية، لمناقشة وتقييم الأداء الخدمي للمرافق الخدمية بشكل دائم، وتقييم الأداء الوظيفي لكل مسؤول لضمان تحقيق نجاح مستدام وفق قاعدة (الرجل المناسب في المكان المناسب). 6- فتح خط اتصال ساخن للتواصل الدائم مع رئاسة المجلس الاقتصادي من قِبل المواطنين، ويتولى مهمة إدارة الخط الساخن موظفين يعملون على مدار الساعة. 7- فتح مكتب شكاوى لاستقبال شكاوى المواطنين، من أجل الحرص على أن تصل مظالمهم لقيادة المجلس الانتقالي. ثانياً: إعلامياً: 1- تشكيل دائرة رصد إعلامي تُسند للمكتب الإعلامي للمجلس الاقتصادي، مهمتها رصد كافة الأخبار والتقارير والشكاوى التي تنشرها الصحف ومواقع التواصل من أجل معالجة الإشكال فيها. 2- إيجاز صحفي يومي يصدر عن المكتب الإعلامي للمجلس الاقتصادي يتضمن المهام المنجزة من قِبَله، وشمول الإيجاز لكل الجوانب الوظيفية. 3- عقد مؤتمر صحفي مشترك (أسبوعي / شهري) لقيادة المجلس الانتقالي ورئاسة المجلس الاقتصادي لاطلاع الشعب على ما تحقق، واستعراض الأعمال والمهام المنجزة، ووضع المجتمع أمام صورة من هذه المهام. 4- التواصل مع إحدى القنوات لعمل تغطية أسبوعية في برنامج خاص يُعنى بتغطية مهام وأعمال المجلس الاقتصادي المُنجزة. هذه خطوات أولية، بالتأكيد ليست كل ما تتطلبه ترجمة السيطرة على موارد الدولة إلى واقع ملموس لكنها تُناسب الوضع السياسي الذي نعيشه في ظل وجود تحالف عربي ضد الانقلاب، وبمقدور الانتقالي تحقيقها إذا عقد العزم على هذا، ومثل هكذا خطوات تحقق له القدر المطلوب من السيطرة الآمنة، دون أن يتسبب بتصادم مع الشرعية أو التحالف. فهل سيفعلها والشعب سيكون كله خلفه ومؤيد له؟