لسنا ضد الانتقالي وحينما ننتقد بعض مواقفه فهذا يعني أننا نريده أن يسير في الخط العام للشعب واللهدف الكبير.. بعض التقولات التي تنسب إلى المجلس الانتقالي تفيد بأن المملكة هددت بالتدخل العسكري في حال نفذ ما أعلن عنه الانتقالي سابقا، وهذا الأمر يدعونا للتفكير بشكل انضج ويختصر مسافات المواقف وتبيت النوايا، وفي حال كان التهديد حقيقيا ومعلنا فاظن أن الوقت مناسب لمواجهته بكل حزم وقوة. والأمر هنا يحتاج إلى إعادة ترتيب الأحداث منذ البداية بمجموعة تساؤلات قد تفيد الإجابة عنها في كشف خيوط اللعبة الرامية إلى تفتيت الجنوب وإحراق قيادته وفرض مشاريع الاقلمة التي لطالما ورفضناها سابقا. كيف دخلنا الحرب ولماذا وما هو الهدف الذي سقط في سبيله مئات الشهداء؟ دخلنا الحرب لأنها فرضت علينا باجتياح ثانٍ للجنوب أعاد للأذهان حرب 1994م وواجهنا ذلك بكل صدق وشجاعة لأننا أصحاب قضية أكبر من قضية هروب عبد ربه منصور هادي وتهديدات إيران للخليج والمنطقة، اما الهدف فتمثل في استعادة دولتنا. لم يكن حينها أمام الشرعية والتحالف من خيار آخر غير دعم الجنوبيين الذين لم يبقى سواهم في الميدان بعدما هرب الجميع للخارج وتركوا الدولة بكل مقوماتها للحوثيين، ولأن الهدف الذي انطلق منه الجنوبيون في حربهم بحجم دول الخليج مجتمعة، استطاعوا أن يحرزوا للشرعية والتحالف النصر المراد وانتصروا بالفعل، غير أن هذا النصر ظل مصدر قلقل للشرعية والإخوان الذين لم يعترفا ولن يعترفا بحق الجنوبيين في استعادة دولتهم. حينها بدأت الشرعية والإخوان يرسمون مخططات تفتيت الجنوب وضرب قضيته والبداية كانت باستدراج القيادات واغراءهم بمناصب عليا في الدولة وكان أول من سقط في تلك الشراك عيدوس وشلال والخبجي وبن بريك والحالمي وغيرهم من قيادات الصف الأول، وحالما ضمنت أنهم جميعا في القفص نفذت مخطط الاحراق واغراق المدن بالأزمات إلى أن نجحت بالإطاحة بهم، كل ذلك كان أمام التحالف وبرعايته. تداركت القيادات وقعيتها وأعلنت عن تشكيل كيان سياسي جنوبي استمد شرعيته من تفويض شعبي كبير وعارم وهنا بدأت معركة أخرى سعت من خلالها الشرعية والإخوان إلى تأليب دول التحالف على الجنوب وصنفت قيادته كجماعات انقلابية لا تقل خطورة عن انقلابي صنعاء، وكان على القيادات هنا أن تتوقف وتقرأ القادم بشكل أعمق، لا أن تستمر بتصدير خيرة شباب الجنوب إلى جبهات الساحل الغربي وصعد وحدود المملكة للدفاع عنها. عام انقضت على تأسيس المجلس الانتقالي ولا شيء تحقق على الصعيدين السياسي والميداني، والأكثر مرارة أن يتم تجاهله في كافة المشاورات، ولهذا صعد الانتقالي وأعلن في يناير الفارط عن ثورة طرد الحكومة وصرف من أجل ذلك مئات الشهداء بدون ثمن يذكر سوى وعود عرقوبية، وبعد قرابة عشرة أشهر أعلن الانتقالي مرة أخرى عن ثورة ضد الحكومة وفي سبيل استعادة مؤسسات الدولة الايرداية ولقي هذا القرار تفاعلا شعبيا عارما، لكن هذا أيضا اجهض في ظرف غامض. اليوم ظهر عدو جديد للجنوب يسميه أنصار الانتقالي المملكة التي خذلتهم بحسب ما يقولون، في حين أن الإمارات ما تزال في المنطقة الرمادية ومحافظة على مسك العصا من المنتصف، اما الانتقالي فالظاهر انه في منتصف بحر من الشتات وعدم اليقين لما يدور حوله وفي صميمه. أنا وغير الكثير ممن املوا خيرا في الانتقالي وخابت آمالهم وقد يصنفون كاعداء للانتقالي نرى أن الوقت مناسب لاختبار تهديد المملكة وما هو مشاهد وجلي انها في بحر متلاطم من الفشل وتحتاج الانتقالي أكثر مما يحتاجها، ولا يمكن أن تنتصر عليه في حال قررت المواجهة فهي أضعف واوهن مما نتصور.