السفينة راشيل بعد أن هدأت تلك الأعاصير القوية بفترة ليست بالقصيرة ....إلتقينا بسفينة أخرى لصيد الحيتان تدعى راشيل وكانت تبدو بحالة سيئة – كحالة سفينتنا – بسبب الأعاصير العاتية ، وكالعادة لم يسأل القبطان آيهاب القبطان جاردنر قبطان السفينة راشيل عن أية شيء سوى إن كان قد رأى الحوت الأبيض موبي ديك في طريقه..... وياللمفاجأة...كانت إجابة القبطان جاردنر بالإيجاب....فقد قال ( نعم...لقد رأيته بالأمس...)....كان القبطان آيهاب متشوقا جدا لمعرفة الكثير والكثير من القبطان جاردنر، لهذا كان في رأسه عشرات من الأسئلة للقبطان جاردنر، فدعاه إلى سفينتنا البكويد...أتى القبطان جاردنر مع بعض الرجال إلى سفينتنا.
بعد أن رحب به القبطان آيهاب...سأله ( تقول بأنك رأيت موبي ديك ...أين رأيته؟ وهل استطعت قتله؟ وإن لم تستطع قتله أين يمكن أن يكون الآن؟؟ )....كان الشحوب باديا بوضوح على وجه القبطان جاردنر وبدأ يسرد علينا قصته....فقال ( عندي ثلاثة قوارب في سفينتي... فجأة ظهر الحوت الأبيض الكبير أمس ، وقد أرسلت أحد القوارب لصيد ذلك الحوت وبالفعل أستطاع قاربنا إصابة الحوت بالرمح ، ولكن الحوت كان قويا جدا بحيث أنه إندفع بعيدا عنا وبسرعة كبيرة جاذبا معه قاربنا...وبسبب سرعته الكبيرة لم نستطع اللحاق به بسفينتنا، فبتالي أضعنا الحوت والأهم أضعنا قاربنا معه.... حاولنا البارحة وكذلك هذا الصباح وبكل ما أوتينا من قوة وجهد البحث عن قاربنا ولكن دون جدوى....) قال هذا وكان الأسى والحزن باديا بوضوح على وجهه حتى أني أستطعت أن ألمح دمعة قد فرت من عيني القبطان جاردنر....قال كويج ويج لي ( ربما كان هناك شيئا مهما للقبطان على ذلك القارب )... قال داجو ( ربما هو حزين لأنه فقد أفظل قارب له ) ....أما ستب فقد قال ( أو ربما أنه حزين لأنه فقد أفظل رامي للرماح على ذلك القارب...)....بدأ القبطان جاردنر حزينا جدا...فسأل القبطان آيهاب ( هل لك أن تساعدني أيها القبطان آيهاب؟ إنني مستعد أن أدفع لك نظير مساعدتك لي..) ...لم يتلقى القبطان جاردنر أية جواب من قبطان سفينتنا آيهاب..... عندها أنهار القبطان جاردنر فقال بأسى لنا جميعا ( إن إبني كان في ذلك القارب.... إنه إبني الوحيد ياسيدي...إنه صبي لا يتعدى الرابعة عشر من العمر...أرجوك أن تساعدني في البحث عنه....نستطيع أنا وأنت بكامل إمكانياتنا من البحث عنه وإيجاده....) ، تأثرنا جميعا بقصة القبطان جاردنر وشعرنا بالأسى تجاهه ، فقال أحد رجالنا بصوت جهوري ( يجب علينا مساعدته....إن جميعنا صائدي حيتان وكثيرا منا لديه أطفال....) ...وقال آخر ( لماذا لانساعده؟؟) ، وبالفعل تعالت أصواتنا جميعا وأبدينا إستعدادنا للمساعدة.....ولكن القبطان آيهاب قطع كلامنا جميعا وقال بصوت قوي صارم ( لا...لايمكنني عمل هذا....ليس لدينا الوقت الكافي لهذا....علينا مواصلة مطاردتنا لموبي ديك....) قال هذا ثم إلتفت صوب نائبه ستاربك وقال له آمرا ( أخرج هؤولاء الرجال من سفينتنا حالا ، فسوف نواصل إبحارنا بعد خمسة دقائق) ..قال هذا ثم إنصرف صوب قمرته تاركا القبطان جاردنر ورجاله وهم في حالة من الذهول الممزوج بالأسى. تأثرنا كثيرا لما حدث وكنا متعاطفين مع القبطان جاردنر ، ولكننا لم نستطع عمل شيئ حيال ذلك ، كان علينا إطاعة أوامر قبطاننا المجنون.
بعد عدة أيام من مقابلتنا للقبطان جاردنر ، قبطان السفينة راشيل....إستعد القبطان آيهاب لقتال موبي ديك وأمرنا جميعا بالاستعداد لذلك....وكان يخشى كثيرا على حياة الصبي بيب...لذلك ناداه القبطان إلى قمرته الخاصة ... وقال له ( إن الأيام القليلة القادمة ستكون خطرة جدا...لأننا سنلتقي بالحوت موبي ديك وسنقاتله...ستكون المعركة بيننا طويلة و خطرة جدا...ما أريده منك بالضبط هو أن تبقى هنا في قمرتي الخاصة...بيب.. لا تغادر هذه القمرة تحت أية ظرف...ستسمع أشياء كثيرة أثناء المعركة ولكن إياك أن تخرج من القمرة حفاظا على سلامتك....هل تفهم ؟؟) ... إستمع بيب للقبطان بإمعان ، وكان دائما يسع لإطاعة أوامر القبطان وأن لا يعصي له أمرا....خصوصا بعد إنقاذ القبطان له عندما غرق في المحيط....وبالفعل دخل الصبي قمرة القبطان ولم يغادرها مطلقا...بعدها أصبح القبطان آيهاب خارج قمرته...ولم يعد يدخلها قط...كان دائما ما ينام ويأكل خارج قمرته، وكان يجلس بالقرب من فيض الله دون أن يتبادل اي حديث معه...فقط كانا الاثنان يراقبان في الأفق ظهور موبي ديك...
في صباح أحد الايام حط طائر أسود كبير على رأس القبطان أيهاب وأخذ يدور حول رأسه، لم يستطع القبطان الإمساك به لأن الطائر الأسود كان قد طار مرة ثانية إلى أعلى ولكنه كان قد أخذ معه القبعة السوداء للقبطان.... ضحك بعض الرجال من هذا المشهد...ولكن الآخرين شعروا بالخوف وبدأو بعدها بالتساؤل عما حصل ....( ماذا يعني ذلك؟؟!! هل هذا نذير شؤم؟؟ أهناك أمور سيئة أخرى في طريقها إلينا؟؟ ) يتبع…. [email protected]