بعث رئيس الهيئة الشعبية الجنوبية(الإئتلاف الوطني الجنوبي) رسالة صريحة وواضحة إلى فخامة الرئيس المشير عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية وسمو الأمير خالد بن سلمان نائب وزير دفاع المملكة العربية السعودية بشأن المستجدات في بلادنا وطرح مبادرة حل شامل لأزمة اليمن شمالا وجنوبا، فيما يلي نصها:
تهديكم قيادة الهيئة الشعبية الجنوبية ( الإئتلاف الوطني الجنوبي ) أطيب التحيات وأصدق الأمنيات لكما بدوام الصحة والتوفيق في مهامكم الجسام. أما بعد: نتوجه إليكم بهذه الرسالة لنعكس لفخامتكم وسموكم وجهة نظرنا فيما يعتمل بواقعنا من أحداث ومنازعات ومصادمات متعددة الأقطاب والأهداف، وماتبذل من جهود مقدرة لإحتوائها سواءً من قبلكم أو من قبل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة السيد مارتن غريفيت ، أو مانبذله والعديد من القوى الوطنية، وذلك بإعتبارنا إحدى القوى السياسية المستقلة الكبيرة والمؤثرة خاصةً على مستوى الساحة الجنوبية، والتي أُسِّسَت وفق رؤية شاملة ومحايدة لتشخيص مختلف جوانب ومسببات القضية الجنوبية منذُ ولادتها ومن ثم الوصول للمعالجات الصائبة والناجعة لهذه القضية والمرضية لجميع أطرافها بعيداً عن تكرار نفس المعالجات الخاطئة السابقة التي لم تسهم إلاّ في مضاعفة تعقيد القضية وتوسيع دائرة الأزمة، هذا عدا ماتقدمنا به من مبادرات مخلصة، وما لدينا حالياً من مبادرة شاملة للحل الناجع والعادل والمرضي للجميع وفقاً وتلك الرؤية التي بات الجميع مقتنعاً بصوابها ويرفع البعض رايتها نظرياً دون إلتزامها عملياً وهنا مَكمَن الخطر . لهذا.. توجهنا إليكم بهذا الخطاب ليس بقصد مزاحمة الصفوف لحجز مقعد لهيئتنا كما شاهدناه سابقاً ونشاهده حالياً من قوى متعددة، رغم إقرارنا بكون ذلك حق مشروع للجميع لاغبار عليه، ولكننا لا نقر ولا نقبل أن يكون ذلك على حساب بقية القوى والمكونات على الساحة، لهذا فنحن كأول كيان جامع ندافع عن حقوق الجميع المشروعة وفي مقدمتها حق الشراكة في حمل قضيتهم وحق الشراكة في قيادة وإدارة وبناء وطنهم، وذلك من خلال مختلف مراكز القرار والمواقع الإدارية والدفاعية والأمنية والدبلوماسية وغيرها وذلك وفق أسس ومعايير وطنية متوافق عليها لاتبخس أحداً ذلك الحق ولا تمنح أحداً حقه وحق غيره، وبناءً عليه تحريم وتجريم العودة لنهج الإقصاء والتفرد والإستحواذ تحت أيَّ مبرر ومن قبل أيَّاً كان مهما كانت التباينات والخلافات الفكرية والسياسية التي يفترض التسليم بها كظاهرة طبيعية وصحية لاتلغي قبولنا ببعض وإقرارنا بحقوق بعض، كأبناء وطن واحد متساوون في الحقوق والواجبات، ولانسمح بمحاولات إعادة تلك التباينات إلى ظاهرة مرضية مدمرة وإتخاذها مبرراً لإعادة التشريع لهذه القوة أو تلك بإعادة تطبيق نهج الإقصاء للقوى المختلفة معها سياسياً أو فكرياً ومصادرة حقوقها المشروعة ومن ثم التفرد والإستحواذ على مختلف مقاليد الأمور وهو مايعني العودة بشعبنا ووطننا إلى ماكان سبباً في مأساتهما وضياع أكثر من نصف قرن من عمرهما في صراعات وصدامات وأحداث دامية ومحزنة لم توَّرث لشعبنا سوى الأحقاد ونزعة الثارات والإنتقامات التي تجر ذيولها على حاضرنا فيما نشاهده ونتجرع مرارته من حرب طاحنة تدور رحاها منذُ ما يقارب خمسة أعوام وما تخللها من استقطابات، وتنافرات وحرب باردة على مستوى الساحة الجنوبية، تفجرت أحداثها في يناير 2018م وأغسطس 2019م وحتى الآن، وما أُعلن عن حوارات جدة، وأنها ستشمل مختلف القوى والمكونات الجنوبية دون استثناء وهو ماحملنا على ترحيب حذر بذلك، ولكن بعد ما شاهدنا وتابعنا لمجريات ذلك الحوار ولكل ما يتسرب حوله وحول مسوداته، وماتابعناه مؤخراً من بيانات لقوى ومكونات معروفة بقربها وعلاقتها الخاصة بالشرعية ومايتضح من بياناتها في الدفاع عن حقها في الشراكة ورفضها لإستبعادها وحكر التمثيل على مكون واحد ...الخ ماورد في بياناتهم .. وهذا مااعتبرناه دق ناقوس الخطر، فإذا كان ذلك الشعور قد اجتاح القوى التي تحظى برعاية ودعم وتبني الشرعية بل وتعد جزءً منها ، فكيف سيكون الحال ببقية القوى التي رغم مواقفها الثابتة إلى جانب فخامة الرئيس وشرعيته منذُ ماقبل الحرب ومابعدها وفي مقدمتها الهيئة الشعبية الجنوبية التي كانت ولازالت مواقفها إلى جانب الرئيس وشرعيته والتحالف من منطلقات وطنية بحته ووفق ما أشرنا إليه من رؤى صائبة ودقيقة تفصل بين الأهداف العامة المشتركة والأهداف الخاصة والضيقة، ولكن العقليات الضيقة الأفق والإنتهازية قد غلَّبَت المصالح الذاتية والحزبية والولاءات الخارجية، ولعبت دورا سلبيا جداً لتخريب مختلف الجهود الخيرة والمخلصة للقوى الخيرة وفي مقدمتها الهيئة الشعبية الجنوبية وتجلت بتلك الإنتقائية من قبل قيادة التحالف والشرعية في التعامل مع قوى بعينها ودعمها دعماً سخياً ومفرطاً وتجاهل قوى أخرى بل ومحاربتها بشكل موحش وعدواني، رغم موقفها وثقلها إلى جانب الشرعية والتحالف، وهو ماأنعكس سلباً على التحالف والشرعية والمجتمع بتوسيعه للخلل الجسيم الذي خلفته الأحداث والمنعطفات السالفة في المعادلات الضامنة لسلام ووئام وأمان واستقرار ونماء وإخاء ورخاء المجتمع بل وأي مجتمع في المعمورة كما أشارت رؤية الهيئة والمعادلات هي : الإجتماعية والسياسية والإقتصادية ، وهو ماشجع عودة تلك النزعات الإقصائية والتفردية لدى بعض المكونات وهو ماتسبب في الكارثة التي حذرنا منها والتي نعيش تبعاتها اليوم، ونعيد التحذير إن المضي في ذلك سيتسبب في كارثة أعظم وأفظع بحال افضت أي حوارات مزعومة بالتشريع لعودة اعتماد أخطاء الماضي ونهجها الخاطىء ليودي بحاضرنا ومستقبلنا كما أودى بماضينا وأوصلنا للمستنقع المهلك الذي يتخبط الجميع فيه، وبالتالي لاحديث عن صواب أي حلول أو توافقات مالم تخرج الجميع من ذلك المستنقع وليس بعضاً منهم، وباسم الكل كما جرت العادة مما جلب على وطننا وشعبنا مختلف الكوارث والمآسي والأحزان. وعليه نود إحاطتكم بما يلي: 1) إن الهيئة الشعبية الجنوبية قد أعدت مبادرة شاملة ذات ثلاثة محاور : المحور الأول : يتعلق بالأزمة الحالية ووقف التصعيد والبدء بالخطوات العملية بمعالجة آثارها وتبعاتها السلبية وفي مقدمتها الإفراج عن الأسرى والمعتقلين الجنوبيين لدى كل طرف، وإعادة السلام والأمان لكل أفراد المجتمع دون استثناء ومعاقبة كل معتد. المحور الثاني : يتعلق بحل الخلافات الجنوبية الجنوبية حلاً جذرياً وشاملاً، ينزع كل أسباب وعوامل الخلافات المستديمة، وبما يدخل الجنوب قاطبة في مرحلة إستقرار وسلام ووفاق عام ومستدام، وهو ما سيشكل خطوة متقدمة نحو نجاح المحور الثالث. المحور الثالث : يتعلق بحل الأزمة اليمنية العامة ويتضمن خطوات حل القضية الجنوبية حلاً عادلاً في إطار حلول الأزمة اليمنية العامة ، وبشكل مرض للجميع شمالاً وجنوباً. 2) لقد قامت قيادة الهيئة بإجراء تواصلات ومشاورات ولقاءات بعيداً عن الأضواء والإعلام مع عدد كبير من القوى والشخصيات الوطنية الرفيعة ومن مختلف ألوان الطيف السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الداخل والخارج، وفي مقدمتها قيادات تابعة للشرعية وأخرى تابعة للإنتقالي، وتم التوافق على تشكيل لجنة واسعة من تلك الشخصيات لتقوم بدورها بحمل هذه المبادرة إليكم في قيادة الشرعية والتحالف وكذا للمبعوث الأممي والإنتقالي وبقية القوى للتشاور والتوافق بشأنها. 3) لقد تم إبلاغ مكتب المبعوث الأممي السيد مارتن غريفيت بمختلف تلك التحركات والخطوط العريضة للمبادرة، علماً إن مايتم التحاور بشأنه اليوم بين الانتقالي والشرعية بوساطة الأشقاء بالسعودية قد كانت قيادة الهيئة الشعبية الجنوبية سباقة في طرحه على مساعدي المبعوث الخاص والطلب منهم المساعدة لإقناع فخامة الرئيس بها منذً حوالي عامين، بل وتم طرحه على قيادة الإنتقالي في لقاء موسع قبيل إعلان عدن بأيام وذلك في إطار جهود الهيئة لاحتواء الأزمة وتوظيفها توظيفا إيجابيا، وهو ما كان سيوصلنا في حينها لما يسعى للوصول إليه اليوم، دون أن يدفع شعبنا كل هذه التكاليف الباهظة التي دفعها خلال الثلاث سنوات المنصرمة وأهمها مايتعلق بإعادة تفتيت وتشتيت وحدتنا الوطنية وكبح جهود توحيد صفنا وكلمتنا بدءاً من فخامة الرئيس ومنظومته الجنوبية وانتهاءً بمختلف القوى على الساحة الجنوبية. 4) مطالبة الأشقاء في المملكة وفخامة الرئيس والمبعوث الخاص بالتريث وعدم التسرع في إبرام أي صفقات مجتزءة ومنقوصة، وأن يحرصوا على الإستماع لنا والإطلاع على مبادرتنا التي تكفل حق الجميع في الشراكة، إلاّ من لم يرغب فلاحجة له على الآخرين حينها.. وسيحترم موقفه وهو سيحترم موقف الآخرين، في ظل احترام التباين السياسي أو في وجهات النظر، بعيداً عن العنف والإستقواء بدعم هذه القوة أو تلك من القوى التي يجب على الجميع الحرص على أن تكون لها علاقات متميزة ومستدامة مع شعبنا كافة وليس مع مكونات أو قطاعات معينة منه، كما سرى الحال أثناء الحرب الباردة ولازال حتى اللحظة سارياً وهو ما نعمل جاهدين على تغييره وبما يمكننا من الإنفتاح على جميع الأشقاء والأصدقاء، وأن نُرسي وأياهم قواعد متينة لعلاقات متكافئة ومستديمة، وهذا لن يتأتى إلاّ بنجاحنا في الوفاق الجمعي الشامل الذي لن نبلغه إلاّ بتعاوننا جميعاً ودعم أشقاءنا وأصدقاءنا لنا لبلوغه. أملنا فيكم كبير أن تأخذوا ماورد برسالتنا هذه بعين الإعتبار ونحن بإنتظار لقاء قريب بكم، لإيضاح تفاصيل ماأوردناه، وأمور هامة أخرى. وتقبلوا فائق التقدير والإحترام.
الدكتور عمر عيدروس السقاف رئيس الهيئة الشعبية الجنوبية (الإئتلاف الوطني الجنوبي) عدن الخميس 24 اكتوبر 2019``` من: فضل عبدالله الحبيشي