كشفت الحرب التي ما زالت تعيشها اليمن عن سلوكياتٍ مخيفة ووجوهٍ قبيحة، كانت تختفي خلف أقنعةٍ مثاليةٍ، تروّج للقيم، وتتهم غيرها بالفساد بينما هي تمارس أبشع صوره. ومصداقًا للعبارة التي تقول: إن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، كانت عدن ومحافظات جنوباليمن تغرق في الفساد منذ 2015 بفعل من نصبوا أنفسهم أوصياء على الجنوب، وتحدثوا باسمه، وأطلقوا العنان لمسلحيهم يعيثون في الأرض فسادًا. واللافت في الأمر أن أصحاب القضية الجنوبية ومن كلفوا وفوضوا أنفسهم باستعادة دولة الجنوب فاقوا في فسادهم وتصرفاتهم ما كان يمارسه النظام القديم في اليمن، ما قبل 2015. فمضوا تحت يافطة (استعادة الجنوب ودولته) في البسط والسطو ونهب الأراضي والعقارات، حتى تغولوا في هذا المجال، وفاحت روائح ممارساتهم، مستخدمين ما وصلوا إليه من مكانة سلطوية، ومسئولية أمنية وعسكرية، وما يمتلكونه من مرافقين ومسلحين للاستيلاء على عقارات الدولة وأراضي المواطنين دون وجه حق. وما يثير الدهشة أن البعض منهم يسعى لأن يحصل على مقابل تضحياته العسكرية والنضالية خلال مواجهة الحوثيين في عدنوالمحافظاتالجنوبية، ويبرر تجاوزاته وفساده بأنها مقابل ما قدمه من تضحيات ونضالات - إن صحّت تلك التضحيات -.
الجنوب ينهب الجنوب ولسنوات طويلة منذ العام 1994 ظلت أطراف جنوبية تتحدث عن نهبٍ شمالي لأراضي الجنوب، إلا أن سنوات ما بعد 2015 كانت كافية للإيضاح بأن جنوبيين نهبوا في تلك السنين مالم ينهبه الشماليون طوال 23 عاماً مضت. وكشفت الممارسات التي عاشها الجنوب بعد طرد الحوثيين من عدنوالمحافظات المجاورة عن الوجه الحقيقي لبعض المنتسبين للجنوب، وبدلاً من إعادة الحقوق إلى مستحقيها، مارس الجنوبيون بحق بعضهم وبحق مؤسساتهم ووطنهم أسوأ مما مارسه غيرهم.
أسوأ من ذي قبل يكيل الكثير من الجنوبيين التهم لمسئولي النظام السابق في اليمن، وأركان حكم عهد علي عبدالله صالح بأنهم اجتاحوا الجنوب ونهبوا وبسطوا وأفسدوا، خاصةً فيما يتعلق بالسطو على أراضي دولة الجنوب التي كانت مؤممة أو خالصة للدولة. وتواصلت تلك الاتهامات لمسئولي الحكومة الشرعية عقب 2015، خلال تواجد مرافق الدولة ووزراءها وكبار ممثليها في عدن وبعض مدن الجنوب، وهي تهم قد تكون صادقة وحقيقية، نظرًا لاستغلال بعض أولئك المسئولين لنفوذهم وسلطاتهم. وهي ممارسات أثارت حفيظة الجنوبيين، ولهم الحق في ذلك، لكن بعض الجنوبيين ممن سلب النفوذ والسلطة التي تحصلوا عليها بعد تحرير عدن ألبابهم وعقولهم ودفعهم لممارسة أسوأ مما كان يمارسه النظام السابق ومسئولي الشرعية. بل ويبدو أن الجنوبيين تفوقوا على خصومهم من رموز النظام السابق والشرعية، وطال نهبهم كل ما يمكن البسط عليه، من أراضٍ وعقارات ومحمياتٍ طبيعية، أسوأ من ذي قبل!!. حتى لم يعد هناك من يُحصر عمليات النهب بمسئولي الشرعية اليمنية والمحسوبين على الحكومة، فقد صار حتى المطالبون بالانفصال ينهبون أيضًا، وما يثير الاستغراب أن بعض أولئك القائمون على حملات النهب والسطو هم قادة المقاومة وكباراتها!.
النهب تحت غطاء جمعيات وهمية ومع غياب الدولة عقب 2015 لجأ الباسطون على الاراضي في عدن الى مظلات كثيرة لتمرير اعمال البسط هذه على الاراضي الحكومية. وبدأ الامر بالحديث عن جمعيات تحت مسمى المقاومة، وهي خليط من جماعات مسلحة ناوئت وجود الميليشيا الحوثية خلال 2015 بعدن، إلا أن الأمر وانحرف لاحقاً ليحمل مسمياتٍ عدة بينها جمعيات بأسماء الشهداء والجرحى.. ووصل الأمر في عدن إلى استخدام مسميات جمعيات مكفوفين وفنانين وغيرهم.
التشكيلات الأمنية هي من تنهب!! مثلت واقعة نهب الأراضي في مدينة عدن ومحيطها منذ سنوات مضت واحدة من ادأعقد الملفات التي أثارت مشاكل اجتماعية وسياسية وحولت مدينة عدن إلى بؤرة صراع كبير. ووصل الأمر في عدن إلى أن تقود قيادات أمنية عمليات البسط على الأراضي الحكومية والخاصة في أغرب وقائع البسط تجاه أراضي الغير.. وبدلاً من أن تكون تلك القيادات ومن يأتمر بأمرها من التشكيلات الأمنية حامية ومدافعة عن تلك الأراضي والعقارات، تحولت إلى منتهك ومعتدٍ على تلك الأماكن.. وهو أمرٌ لم يحدث قط في أي دولة من قبل، أن تقوم السلطات الأمنية بممارسة أعمال البسط على الأراضي، ويتحول (حاميها حراميها).
كيف أثّر النهب والسطو على الحياة في الجنوب؟ من الطبيعي أن تؤثر ممارسات النهب والسلب والسطو التي تعرضت لها الأراضي والعقارات في الجنوباليمني على سير الحياة في هذه المنطقة. تحولت مدينة عدن تحديدًا خلال فترة السيطرة المليشاوية على المدينة إلى منطقة أشباح، فرّ منها محبو الحياة وتركوها فريسةً سهلةً لسلوكياتٍ غير مسئولة أوقعتها في براثن المجهول. فبحسب اقتصاديين ماتت كل الفرص في إعادة إنعاش مدينة عدن، في ظل وجود مئات المبتزين والانتهازيين، ممن يتبعون التكوينات والمليشيات المسلحة التابعة لقادةٍ عسكريين محسوبين على المقاومة الجنوبية. ويُرجع مختصون في الشأن الاقتصادي غياب الاستثمارات الجدية الكبيرة في عدن إلى ما يتعرض له المستثمرون من انتهاك تطال أراضيهم وممتلكاتهم وعقاراتهم، التي باتت بلا حماية في ظل غياب الدولة، وأصبحت لغمةً سائغة لشراذم المليشيات والباسطين على المخططات والمباني ذات المواقع التي يسيل لها لعب القادة والمسلحون. حتى اضطر كثير من التجار ورجال الأعمال، وعددٌ كبير من ملاك العقارات إلى بيع ما أمكنهم بيعه والخروج من عدن برفقة عائلاتهم، إما صوب المحافظات الشمالية أو خارج اليمن نهائيًا، وبلا أملٍ للعودة؛ نتيجة الممارسات التي تقوم بها المليشيات الجنوبية المسلحة.
قتل واغتيالات في سبيل النهب دفعت أطماع البعض في الجنوب إلى ممارسة الباسطين عمليات قتل واغتيال بحق كل من يحاول المشف عن الوجه القبيح لمن يقف خلف أعمال النهب والسلب والسطو.. حيث لفتت عملية اغتيال تعرض لها موظف في الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بالعاصمة المؤقتة عدن، بداية العام 2019 الأنظار صوب ملفاتٍ ثقيلة من الانتهاكات طالت الأراضي والعقارات. كانت عمليات القتل والاغتيالات تستهدف كل من يحاول فتح تلك الملفات، لمعرفة المتورطين في ممارسات سرقة الأراضي "إن جاز التعبير". فكان نصيب كل من يتقدم ويتجرأ في خوض هذا المضمار هو القتل، كما حصل لرئيس لجنة مختصة في فريق الجهاز المركزي للرقابة و المحاسبة للتحقيق في عمليات النهب التي تطال الأراضي في عدن.
بسط على أراضي الدولة.. وأراضي الجنوب كانت الأراضي والعقارات التابعة للدولة، على رأس قائمة الأراضي التي تتعرض للسلب والنهب والبسط، تمامًا كما حدث لأراضي أحواض منطقة المملاح، بمديرية خور مكسر، شرق عدن، والتابعة للنؤسسة الاقتصادية اليمنية، حيث تعرضت للبسط بالقوة وتم تقسيم الأحواض والأراضي إلى مربعات و(بقع)، بين الناهبين. وتنتج أراضي المملاح في منطقة العريش بخور مكسر، الملح البحري الذي تشتهر به محافظة عدن، وتتواجد فيها طواحين هوائية تاريخية لطحن الملح الذي يتم تجميعه في الأحواض بعد أن يتم تجفيف مياه البحر. ورغم ان تلك الأحواض تتواجد في تلك المنطقة منذ مئات السنين، حيث استحدث الاحتلال البريطاني في ستينيات القرن الماضي خلال تواجده في عدن، عدداً من الطواحين لتسهيل عملية إنتاج الملح البحري، إلا أن قيمة تلك المنطقة تاريخيًا واقتصاديًا لم يشفع لها ولم ينجها من التعرض للسطو.
حتى المقابر وأحواض المياه والمحميات الطبيعية لم تستثني الانتهاكات وعمليات البسط التي تنفذها مليشيات جنوبية أي نوعٍ من الأراضي، ولم تراعي أية حرمة، لا دينية ولا قانونية ولا حتى بيئية وطبيعية. فطالت عمليات النهب حتى مقابر الموتى وحقول مياه الشرب، والمحميات الطبيعية وغيرها من المصالح العامة. حيث يرى مراقبون أن ظاهرة البسط العشوائي باتت مُهددة لمصالح المواطنين وليس فقط لأملاكهم، فما يجري من بناء عشوائي على حقول مؤسسة المياه يُهدد حياة الأجيال.. مطالبين بوقفه نظرًا لارتباطه بضروريات الحياة. كما رصدت تقارير صحفية عديدة تصاعد جرائم البسط على مقابر المواطنين وسط مناطق سكنية في مدينة عدن لتتصدر قائمة الجرائم المتعددة التي تشهدها المدينة في ظل الانفلات الأمني الذي تشهده المدينة منذ أربعة أعوام. وقالت تقارير أن منطقة الممداره بمديرية الشيخ عثمان شهدت، قبل فترة، قيام مسلحين بالبسط على أرضية كبيرة مخصصة كمقبرة، تزامنا مع وجود أطقم أمنية بالقرب من الأرضية. وهي الحادثة التي رصدتها "عدن الغد" بعد بيانات إدانة من قبل المجلس المحلي بمديرية الشيخ عثمان، الذي حمل الأجهزة الأمنية مسؤولية نهب أراضي الدولة والاعتداء عليها، داعيا إلى إيقاف البسط على المتنفسات في وحدة جوار 665 بمنطقة الممدارة. وتصاعد عميات النهب والسطو على مقابر المواطنين في عدن أصبحت ظاهرة، وارتفعت إلى أعلى المستويات مؤخراً وطالت المرافق والمواقع الآثرية والمحميات الطبيعة، وبدعم مسلحة محسوبة على تشكيلات جنوبية مسلحة. حيث تعرضت سابقاً محمية الحسوة الطبيعية للطيور في مدينة عدن للسطو من قبل ناهبين.. وأكد ناشطون بيئيون أن الباسطين استخدموا جرافات يرافقها مسلحو قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم والموالي للإمارات، وقاموا بتجريف الأراضي الزراعية في المحمية "المرشحة لإدراجها في قائمة الاممالمتحدة التراث الطبيعي العالمي"، بعد تهديد العاملين على رعاية المحمية بالسلاح إثر اعتراضهم ومحاولة منعهم. وجاء نهب محمية الحسوة بعد قيام نافذين بالبسط على أرض تعود ملكيتها لأهالي منطقة بير فضل، وتأتي ضمن سلسلة وقائع بسط ونهب منظم للأراضي في عدن لم يستثن أراضي صهاريج عدن الأثرية في كريتر، وفناء مبنى بريد البساتين في مديرية دار سعد وغيرها، بحسب مختصون في الشأن التاريخي والآثري. وفي السياق ذاته أقدم نافذون على البسط بالقوة على أراضي خاصة بمياه الصرف الصحي التي تقع بمنطقة "كابوتا" بالمنصورة، وتغذي مديرية المنصورة والشيخ عثمان ومدينة الشعب والممدارة. وقال مهتمون: إن الناهبين ينتمون قيادات لأجهزة الأمنية ومسؤولين جنوبيين، وغالبًا ما يتم تنفيذ عمليات البسط تلك بحراسة من مجاميع مسلحة.
البسط على أراضي الجميعات السكنية يسيل لعاب المتنفذين والعسكريين ومن يتبعهم من مسلحين على أراضي الجمعيات السكنية التابعة لموظفي المؤسسات الجنوبية الرسمية، والتي كان يمكن أن يستفيد منها المواطنون الجنوبيون. حيث سبق وأن أقدمت قيادات جنوبية بالسيطرة على عدة مخططات سكنية لمؤسسات ومرافق عامة جنوبية، ولك تكتفِ بذلك بل أقدمت على بيع مئات الأراضي المخططة والتي صرفت بعقود لأربعة آلاف مستفيد عام 1991!!. وأكد متابعون وناشطون حقوقيون ل "عدن الغد" أن قيادات عسكرية جنوبية سيطرت بالقوة على نحو 700 أرضية من أراضي المواطنين المصروفة أوائل التسعينات، وقامت ببيعها لمغتربين وأقدمت على البناء بصورة غير قانونية وبالقوة. كما تم بسط عشرات الأراضي من مالكي المناكق في مربعات مختلفة داخل عدن من قبل نافذين مدعومين بمسلحين جنوبيين.
تورط قيادات أمنية ومسئولين جنوبيين تُتهم قيادات أمنية ومسئولون بالقيام تلك التجاوزات التي تشهدها الأراضي في عدن، ففي تصريحاتٍ لنائب مدير أمن عدن السابق، ومدير أمن محافظة أبين الحالي علي الذيب (أبو مشعل الكازمي) قال فيها إن الجزء الاكبر من أعمال البسط على الأراضي يقف خلفها نافذون وقادة أمنيون وعسكريون وحتى مسؤولون في السلطة المحلية. وأشار الكازمي إلى أن لا وجود لأي جمعية سكنية للشهداء أو باسم المقاومة الجنوبية وتوزع الأراضي وما هو موجود حاليًا إنما هي مسميات وهمية لتبييض وغسيل ما يجري من نهب وبسط. وقال العقيد الكازمي في تصريحات صحفية أنه تقدم بمذكرة رسمية الى وزير الداخلية المهندس أحمد الميسري تطالب بالتحقيق مع قيادات أمنية لتورطها في البسط على الأراضي بعدن.
تقارير رسمية تكشف وجود لوبيات أراضي وكشفت تقرير صادر عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، نشاطاً ملحوظاً للوبي الفساد المحكم سيطرته على أراضي عدن، حيث أثبت التقرير تلاعباً بعقود الأراضي وإيراداتها، وإخفاء العشرات منها. وتحدثت التقارير عن تجاوزاتٍ حدثت خلال الفترة من 2015، وحتى منتصف 2018، أثبتت وقائع فساد في تعديل مخططاتٍ وصرف عقودٍ مزورة، وتدخل نافذين في عملية تمكين لوبي الأراضي من نهب مساحات واسعة في منطقة بئر فضل وحدها، شمال عدن، راح ضحيتها 4 آلاف مستفيد يملكون عقوداً رسمية منذ 1991، بالإضافة إلى بيع مساحة تابعة لمؤسسة المياه بعدن، في منطقة الشعب، وتزوير عقود أراضٍ مملوكة لمواطنين. وأكد التقارير أنه تم إخفاء 4300 عقد لشراء أراضٍ، منها 2000 عقد تسلمها الأمن السياسي، كما لم تُنجز الإجراءات القانونية بشأن عشرات العقود التي سُلمت لسماسرة، وقد تستغل استغلالاً سيئاً. وخلصت التقارير إلى وجود تعديلات على مخططات كثير من مناطق عدن، تمت بإشراف قيادات في السلطة المحلية لعدن؛ بغرض تمكين مدعي الملكية والناهبين من مساحاتٍ واسعة من الأراضي. وترى تقارير الجهاز المركزي أن كل تعديلات المخططات والعمل على إصدار محاضر التسليم للمواقع، هي إجراءات مخالفة لمواد وتشريعات التخطيط الحضري، وذلك لعدم وجود الوثائق والمستندات القانونية. وحصلت التجاوزات في الأراضي بمناطق بير فضل جبل حديد ومديرية البريقة غرب عدن، ومديرية دار سعد إلى الشمال من مدينة عدن، وهو ما أضر بمصالح عشرات الآلاف من المواطنين الذين صرفت لهم تلك المواقع بعقود رسمية.
وكان الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة كشف في تقرير له عن ملف نهب الاراضي في عدن عن عمليات فساد كبيرة في مصلحة أراضي وعقارات الدولة عدن، وبحسب التقرير فقد تم طباعة 4300 عقد لم تدخل مخزنياً لدى إدارة الشئون المالية، أو ما تسمى بالعقود الوهمية، وتم التصرف فيها مباشرة، فيما بعض الملفات والعقود لدى الموظفين، حيث لم تتم الإجراءات القانونية بشأن عشرات العقود التي سلمت لسماسرة، وقد تستغل استغلالاً سيئاً بحسب التقرير. وقائع الفساد التي أثبتتها التقارير خلال الفترة بين عامي (2015و 2018 تمثلت في إخفاء وتلاعب بعقود الأراضي وايراداتها، وتعديل مخططات وصرف عقود مزورة وتدخل نافذين ومسلحين في عملية تمكين لوبي الأراضي من نهب مساحات واسعة في منطقة بئر فضل راح ضحيتها أربعة آلاف مستفيد يملكون عقود رسمية منذ عام 1991، بالإضافة إلى بيع مساحة تابعة لمؤسسة مياه عدن في منطقة الشعب وتزوير عقود أراضي مملوكة لمواطنين.
لماذا الآن تحديدًا؟ لا يخفى على مواطني عدنوالمحافظات المجاورة ما تقوم به المليشيات المسلحة، والتشكيلات العسكرية والأمنية في الجنوب منذ 2015 من عمليات سطو وبسط على الأراضي ونهبها، بطرق غير شرعية وغير قانونية. غير أن وتيرة تلك الانتهاكات والاعتداءات بحق أملاك الدولة والمواطنين تسارعت وتصاعدت خلال شهر أكتوبر الجاري، والفترة القليلة الماضية، بطريقةٍ غير مبررة، ما يثير الكثير من التساؤلات.. أبرزها: لماذا الآن؟ يُرجّح متابعون أن المليشيات المحسوبة على القوات الجنوبية تسارعت وتيرة انتهاكاتها ووضع أياديها على أراضي الدولة والمواطنين بغير وجه حق، تحديدًا بعد أنباء وتسريبات باحت بوجود تسويةٍ سياسيةٍ قادمة بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي، ورأت بعض تلك العناصر المسلحة أن مصالحها ستنتهي مع بد تنفيذ تلك التسوية. لهذا.. يبدو أن تلك المليشيات قررت أن تتدارك ما قد يفوتها من مصالح وفوائد، وتتسابق لضمان أكبر مكاسب يمكن لها أن تحصدها، قبل أن يُكتب لها الخروج من المشهد، بعد ما تبين لها أن مصالحها ستذهب أدراج الرياح.. وستخرج من المولد "بلا حمص". ومع الأنباء الواردة عن توقف الجهات الداعمة للكيانات المسلحة في عدنوالمحافظاتالجنوبية عن صرف مرتبات عناصر تلك التشكيلات، فإن تصاعد وتيرة البسط ونهب الأراضي يبدو مبررًا في ظل البحث عن مكاسب بطرقٍ أخرى حتى ولو كان على حساب أبناء الجنوب أنفسهم!.