ينتظر الشعب اليمني أن يحل السلام بدل الحرب لتنتهي معاناته الان هناك معضلة حقيقية تقف عائقا أمام تحقيق السلام فالسلام ليس مجرد أمنية يرددها الناس ولا منظمة ربحية تبحث عن دعم أجنبي من المنظمات الدولية كما هو حال المنظمات اليمنية التي تدعي أنها تعمل على تغذية السلام عبر جلب ضغوط دولية وإقليمية وإنما ثقافة ووعي يكرسها واقع مؤلم لشعوب التي اكتوت بالحرب ودفعت ثمن باهض ما جعلها تنبذ الحرب وترفض ادواته .
وهو مالم نجد له صدى في مجتمعنا اليمني فمازال الشارع اليمني ينظر لدعاة الحرب بأنهم السبيل لتحقيق تطلعاتهم خاصة أن ادوات الحرب تمتهن العقيدة الطائفية والمذهبية وتدعي أن حروبها يأتي في إطار الانتصار لدين الاسلامي وحفظه من خصومة من المذاهب الأخرى .
ومن المؤسف أن ثقافة الحرب يغذيها المواطن المسكين من خلال رفد المتحاربين بنفسه وأولاده معتبرا التضحية بنفسه وأولاده تقربا الى الله وهذا ما سمعته من أكثر الأشخاص الذي قتل أبنائهم في الحرب العبثية
فطالما وتجار الحروب يسخرون الخطاب الديني فلن يحل السلام مهما قدمت الدول من ضغوط سياسية وعسكرية على تجار الحروب في اليمن وان نجحت فلن يكون سلام حقيقي وإنما أشبه بالهدنة .
فمن يبحث عن السلام لا ينتظر الضغوطات الدولية ولا المصالحات السياسية بين المتحاربين وإنما يعمل على تعزيز الوعي بين الشعوب لتدرك مصالحها ما يجعلها شعوب نابذة لثقافة العنف التي يولدها الخطاب المذهبي .والعرقي
في اليمن ومثله العراقوسوريا تغيب الهوية الجامعة لشعب أمام الهوية الطائفية مايجعل الحرب بين مكونات المجتمع نفسه تأخذ بعد إجرامي وانتقامي
وهي نزعة تغذيها غياب الهوية الوطنية التي تؤمن بالمساواة والعدالة الاجتماعية لتغيب عنها المصلحة العامة بين مكونات الشعب ولا يمكن التخلص منها إلا باستحضار هوية الأرض بصفتها الهوية المقدسة التي تحفظ السلم العام متجاوزة كل المتاهات والضغائن التي يورثها الخطاب المذهبي بكل أشكاله وعزل أدواته عن ممارسة أي نشاط يهدد الوئام والمحبة المتجسدة بهوية الدولة وقوانينها ليكون الشعب هو نفسه من ينبذ ثقافة الكراهية لا النخبة السياسية .
وهنا يجب على دعاة السلام أن يتوجهون لتوعية الشارع البسيط والمعروف بالعشوائيات بصفتهم الطبقة الأكثر استهدافا من الجماعات الطائفية مستفيدا من تجربة الحوثي الذي استفاد من تجاهل الدولة لصعدة تاركتا سكانها فرائس سهلة لخطاب الحوثي الطائفي وهو الخطاب الذي جلب الكوارث والدمار لبلادنا
مستفيدا من الفراغ الثقافي لسكان تلك المحافظات بسبب تجاهل النظام السياسي المتعاقب على حكم اليمن منذ قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة لتحل الجماعات والأحزاب الدينية محل الدولة مستفيدة من دعم النظام السياسي لها تحت ذريعة مواجهات الخطاب القومي والأممي تاركة تلك الجماعات تغذي الشارع بخطاب الكراهية على حساب الخطاب الوطني المعزز للهوية اليمنية.
والتي تعرف بالدول الأخرى بالتربية الوطنية والتنشئة السياسية لدى مواطنيها لتضمن تجسيد الروح الوطنية بين مكوناتها في سعي واضح لحفظ مكانة الدولة وهيبتها بصفتها الحامي الرئيسي لسلم لتتحول الدولة بسلطاتها الى هم شعبي عام لحفظ التوازنات السياسية بين أحزابه لما لها من أهمية قصوى لحفظ السلام وحماية الحقوق المكتسبة لتتحول ثقافة السلام إلى ثقافة شعب لا ثقافة خطاب سياسي يتم توظيفها بحسب مصالح السلطة .
ومن هنا أقول لمن يطلقون المبادرات وأصحاب المنظمات السلام يبدأ من توعية الشارع وليس من جلب ضغوط دولية وإقليمية فمن هويته المذهبية والمناطقية هي الأقوى لايمكن أن يحفظ السلم ولا يمكن له أن يؤمن بسلطة الدولة وإن كان النظام الحاكم قوي ويمتلك جهاز أمني فعال فإن قوته لا تثني الخطاب التصادمي المبني على النزعة العرقية والدينية عن الانجرار الى اشعال الحروب عندما تتيح له الفرصة مع أول بوادر ضعف السلطة وانهيار جهازها الأمني فمازالت تجربة سورياوالعراق ماثلة فلم ينفع السلطة الحاكمة تعدد الأجهزة الأمنية ولا قوة الجيش طالما الشعب مفرغ من التنشئة السياسية المبنية على حب الأرض والإنسان مدركا أن الحرب لا تحمي مصالحه ولا تحفظ أمنه واستقراره المعيشي
ومن هنا يجب أن نبني هوية وطنية ونعزز من تماسكها لنضمن شعب واعي ومدرك لمصالحة التي تتجسد بحبه الدولة بكل سلطاتها ومراقبا لكل عابث مهما بلغت مكانته فهو في نظر الشعب خادم امين لحفظ حقوقهم و مصالحهم العليا تلاحقه القوانين وتقيد اي طموح يتجاوز أمن الدولة .