فاجأتنا الأقدار برحيل الزميل والأكاديمي الدكتور فؤاد راشد عبده ، والشاب وضّاح علي عبده الدوش ، وشكّل رحيلهما فاجعة لزملائهما وأهلهما وكل من عاشرهما وعرفهما عن قرب ، رحيلهما في أيام رمضان المباركة منة من رب العباد ، نتمنى أن يغشاهما برحمته ويغفر لهما ذنوبهما ويجعل الجنة مثواهما . لكننا لا نستطيع هنا أن نتجاوز بالتعزية ظروف الرحيل في زمن الرحيل الذي نعيشه اليوم في بلادنا اليمن الذي تغلب عليه العتمة للأسف الشديد ...هذا الزمن الذي يرحل فيه كثيرون ومن مختلف فئات السكان العمرية ...إنهم يرحلون بهدوء ، وكأن الرحيل اختيار صامت أمام سوء الحياة الراهنة . يقول الأطباء أن الخوف وفقدان الأمل بالشفاء من أي وباء أو مرض يودي بحياة الشخص ، والعكس فإن مجابهة الوباء بمعنويات عالية وأمل بالتغلّب عليه يولّد بيئة مقاومة له في جسم الإنسان فيتغلب عليه . وأنا أعكس هذا الوضع على حياتنا في المجتمع فبعد الأمل ببناء مجتمع عادل ومستقبل سعيد ، عمل السلاح والذين هم خلفه الكثير لهدم ما بناه اليمنيون بالسياسة والثقافة والحياة الاجتماعية والاقتصادية . إن أفعال السلاح تلك ، وأفعال من هم وراء الصراعات الداخلية لها أثرٌ بالغ على حياة الناس ومعنوياتهم ونظرتهم إلى المستقبل ، والأمل بحياة أفضل ، وينهك طاقة أجسامهم فيؤثر على مقاومتهم للأمراض التي قد يصابون بها . انطلاقا من ذلك فإن رحيل الأستاذ الدكتور فؤاد راشد عبده هو رحيل كادر عمل طول حياته متسلحاً بالعلم ، وتربّى وتخرّج من تحت يديه مئات الكوادر المنتشرين في الوطن وخارجه ، في خضمّ عمل وطني واسع أستلهم خلاله هذا الجيل ما أسست له الأجيال السابقة من الوطنيين اليمنيين ، كما أن رحيل وضّاح علي عبده الدوش كان رحيل شاب تعلّم وتخرّج ورأى أن الحياة تفتح له سبل المساهمة في بناء مستقبل مشرق لهذا المجتمع وهذا الوطن ، ورأى بنفسه المقدرة على المساهمة بذلك والمشاركة الفاعلة به . بيد أن عناصر الهدم تأبى إلاّ أن تجبرنا على الاقتناع بأن ما عملته الأجيال السابقة وهمٌ يمكن محوه ، وغسل الدماغ منه ، وأن الجيل الجديد لن يلحق بوضع بصماته على حياة جديدة لشعبنا ومجتمعنا .. بينما تاريخ الشعوب وأحداثه ليس وهماً ولا يعرف الاستكانة ، بل يراكم الإيجابيات التي تهزم عناصر وقوى الهدم والتحديات التي تحاول جره إلى الخلف .