الجميلات يسبقن العيد بليلة وخضاب يجرين على كفوفهن أنهار دجلة ويستريح على أقدامهن أنهار الضباب. هذا السحر الذي تسلل من بابل ليستقر على أقدام الجميلات كخلاخل الرقص هذا الفتان بكل دهشة رغم بساطته وتحضيره البسيط إلا أنه يجعل القلوب تحتضر هذا الصارخ بالحسن الفتان لا أظن أن أهل الفقه نسوا تعميده في كتبهم ضمن الفتن الكبرى. وحدهن الجميلات من يشعلن ثورة الحناء في هذه الليلة اليتمية تعلوا أصواتهن في المنازل وتغتالك حال عبورك في الحي، لكنها تبعث الحياة بعد توقف المساجد والصلاة فأصواتهن صلاة أخرى لايدركها إلا الراسخون في العشق تعلوا أصواتهن وهن يطلبن من الصغار تقريب طلباتهن إلى حيث استسلامهن لهذا القيد المؤقت على الأقدام والشراك المفخخ للرجال ومع كل نداء لا يستجاب له من الصغار وحدهن الأمهات من يرق قلوبهن ويقدمن كل الطلبات وإن كثرت - سماعة وخازن و mp3 ومناكير وحقيبة مقاتل فيها كل أدوات الجاهزية نحو الدلال- في هذا المساء بالذات تكون الجميلات أكثر تأدباً مع أخوانهن الصغار فلا تنابز بالإلقاب ولا النداء للمشاكس يا "حيوان" ولا القول لشقيقتها الصغرى يا "كلبة" كل هذا مخافة أن تقحم نفسها في صراع يفقدها مهابة الحسن والترتيب، هكذا ببراعة يتفنن بصيد القلوب واستعطافها وبدهاء يُحسنّ نصب الشراك ليأتي صباح العيد وقد تباينت النقوش واختلفت الرسمات وتغلبت نقشات حنائهن على جماليات الديكور البديع فوق جسدهن الرخامي. في مساءات الحناء وحدهن العذارى من يطلقن حريتهن في الرسم والعبث ويخفين في أيديهن حروفا إنجليزية قد كتبت على اسم العشيق، تفحصوها جيداً لكن عذرهن قد أعد مسبقاً "اسم صديقتي" تبا لهذا العذر الذي حير عزيز مصر والمجد كل المجد للجميلات والحناء وحكاياتهن الساحرة ودلالهن الصارخ في وجه كورونا وكل وباء الأرض. أما الأزواج في هذا المساء فمشغولون جداً، وحين تصافح أحدهم في الصباح ستجد يده ملونة بهذا السحر المخصص للجميلات، ستسأله ماالذي بيدك؟ سيتعذر لك أنه وضع لشعر رأسه الحناء بينما كان منشغلاً عند أقدام حبيبته ليحظى بقبلة جزاء صنيعه الرائع، تباً للمتزوجة التي تقضي ليلة عيدها مشغولة بالحناء والأجدر بها أن تضع العطر والبخور والزباد في ليلة خلقت للسهر الطويل. وحدهن العذارى من يمنحن الحناء زينته وقد وضعنه بدقة وعناية كمقدمة لرواية غزلية تغرق في تفاصيلها من الصفحة الأولى. هذا الساحر له نكهة أخرى على جسد السمراوات، وله جاذبية خاصة على أجساد بنات الريف فوحده كل زينتهن أما على أجساد بنات المدينة فهن راقيات حد الجنون بتعاملهن مع الحناء، فتراهن يكتفين بوضع رسمات وخطوط تماما تشبه النقوش التي رسمت للوصول إلى كنز روما، والبعض تكتفي أن تضع رسمة العصافير الطليقة تغرد على بنانهن بحرية وسلام. المجد للحناء وللجميلات