صاروخ يمني يدك كيان العدو ويثير الرعب بين الصهاينة    ضغوطات سعودية على الانتقالي تثمر في تحييد البحسني والمحرمي    التجمع اليمني للإصلاح: 35 عاماً من التأثير الفاعل في صنع التحولات    الإصلاح.. مسيرة نضال    مع الإصلاح في ثباته ومواقفه    مجلس الأمن يدين احتجاز الحوثيين 21 من موظفي الأمم المتحدة ويطالب بالافراج الفوري عنهم    مجلس الأمن يدين الهجوم الإسرائيلي على الدوحة و يؤكد دعمه القوي لسيادة قطر    اتحاد جدة يهزم الفتح برباعية ويتصدر ترتيب دوري روشن السعودي    ايمري يصف مارتينيز بأفضل حارس في العالم    الدوري الاسباني : التعادل الايجابي ينهي مواجهة إشبيلية والتشي    حين احتملنا ما لا يحتمله جبل    حين احتملنا ما لا يحتمله جبل    بعد غياب 4 سنوات.. أحمد حلمي يعود إلى السينما بفيلم جديد    الأمم المتحدة تعتمد بأغلبية ساحقة قرارا يؤيد "إعلان نيويورك بشأن تنفيذ حل الدولتين"    جريمة هزت إب .. شاب يقتل اخر في الجعاشن ويعتدي بالسلاح الأبيض على والديه    القيادي في الإصلاح الشهيد الشجينة "أبو الأيتام" ورائد العمل الإنساني في عدن    تسجيل هزة أرضية في محافظة تعز    وزارة التجارة والصناعة تعلن شطب قرابة ألفي علامة ووكالة تجارية    عمران تستنفر في 120 ساحة وتؤكد جاهزيتَها لردع العربدة الصهيوأمريكية    في كلمة بذكرى تأسيس الحزب.. رئيس الإصلاح يطرح مبادرة لشراكة سياسية بعد إنهاء انقلاب الحوثيين حتى تتعافى البلاد    استعادة الجنوب: بوصلة المصالح الحقيقية وقضية الاستقلال الأبدية    بن حبريش: الحكومة مسؤولة عن الكهرباء وليس قطاعاتنا القبلية    الانتظار الطويل    شباب المعافر مفاجأة بطولة بيسان بتعز..    الداخلية تكشف ملابسات جريمة قتل في المخادر    اليمن كل اليمن    قوات حرس المنشآت توزع الحقائب على طلاب عدن وأبين    فريق الصمود يحقق لقب بطولة الرسول الأعظم في شرعب الرونة بتعز    جاك غريليش يفوز بجائزة أفضل لاعب بالدوري الإنجليزي    بداية ضعيفة لاقتصاد بريطانيا في النصف الثاني من 2025    قراصنة يتصلون بوزير الحرب الإسرائيلي وينشرون لقطة شاشة للمحادثة ويهددونه بالقتل    الشراكة الخائنة: كيف تُسرق إيرادات الجنوب لتمويل أعداءه؟    كأس ديفيز.. شتروف يخوض أولى مباريات ألمانيا    مع إغلاق الانتقالات.. 11 سعوديا بلا أندية    35عاما في مدرسة الإصلاح    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    فرنسا وألمانيا تعززان الدفاع الجوي لبولندا بعد اختراق مسيّرات أجواءها    انتشال جثتي مواطنين سقطا داخل بئر في تعز    تمرد بن حبريش.. خنجر في خاصرة التنمية بحضرموت    ارتفاع ضحايا الغارات الاسرائيلية على صنعاء والجوف    توقف مصنع سجائر محلية الصنع وسط انتشار انواع من السجائر المهربة    تدشين توزيع مادتي الديزل والاسمنت لدعم المبادرات المجتمعية في مأرب    "عربدة "    رابطة علماء اليمن تدعو للصلاة بنية الفرج والنصر لأهل غزة    مركز الهدهد يدين العدوان الصهيوني على المتحف الوطني بصنعاء    "القسام" تدعو الأمة للتضرع إلى الله الليلة لاستمطار الفرج لأهل غزة    الارياني: عودة 16 قطعة أثرية إلى اليمن تتويج لجهود حكومية ودبلوماسية    هيومن رايتس: صحفيو اليمن يتعرضون لانتهاكات جسيمة وندعو للالتزام بحماية حرية الصحافة    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    إصلاحيون على العهد    عدن .. أزمة السيولة بين قرارات البنك المركزي وعجز الحكومة عن صرف المرتبات    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يزور مركز اللغة السقطرية للدراسات والبحوث    الصحة تغلق 4 صيدليات وتضبط 14 أخرى في عدن    إغلاق صيدليات مخالفة بالمنصورة ونقل باعة القات بالمعلا    العثور على مدفن عمره 5500 عام في ياقوتيا الروسية    تعز.. حملة ميدانية لإغلاق شركات الأدوية المخالفة للتسعيرة الجديدة    مرض الفشل الكلوي (20)    للمعاندين: هل احتفل الصحابة بالمولد بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يمكن فصل الحوثي عن مشروع إيران؟
نشر في عدن الغد يوم 04 - 06 - 2020

أطروحات وعناوين كثيرة تتعلق بالحوثي وإيران تتكرر من حين إلى آخر، ومنها مسألة إمكانية الفصل بين ميليشيا الحوثي وبين نظام الملالي الداعم لها في إيران، وتعد هذه المسألة واحدة من أبرز الجدليات الجديرة بالوقوف معها ودراسة إمكانية حصولها، ذلك أنها تترافق عادةً مع الحديث عن السلام، وتبدو في نظر من يروّجونها مخرجاً يمكن أن يدفع الجماعة للتجاوب مع مقتضيات أيّ حلٍّ للحرب التي أشعلتها منذ سنوات.

وبادئ ذي بدء، من المهم الإشارة إلى أن الطرح الذي تردد على لسان دبلوماسيين أو سياسيين -كما هو حال التصريح الشهير للسفير البريطاني مايكل آرون منذ شهور- ينطلق من زوايا عدة، ترى أن جملة خصائص ترتبط بالحوثي، ومنها على سبيل المثال: موقع اليمن غير الحدودي مع إيران، والاختلافات المفترضة بين الزيدية التي يعتبر الحوثي نفسه ممثلاً لها وبين الاثني عشرية التي يمثلها النظام الإيراني، وغيرها من العوامل التي يمكن أن تجعل من مهمة فصل الرأس (في طهران) عن الذراع في صنعاء أمراً ليس بعيد المنال.

وعلى الرغم من أن الدعوات أو الأسئلة المثارة حول المسألة أثيرت في السنوات الأخيرة -مع أخذ الحرب مدى أطول- إلا أن المتتبع والمدقق في تاريخ الحركة وتمرّدها اعتباراً من العام 2004م، وما سبقه من تهيئة سياسية وثقافية لسنوات غير قليلة، يجد أن من يتبّنى مثل هذه الدعوة أو يقدِّمها باعتبارها حلًّا، هم قيادات حوثية تحاول أن تبدو أكثر ذكاءً من تلك التي لا تنفك عن تأكيد ولائها لطهران، وأخرى من المحسوبة عليها بشكل مباشر وغير مباشر، مما يمكن أن يُطلق عليها ب"الطابور الخامس" الذي يعمل لصالح الميليشيا في تيارات أو منظمات متعددة، تؤدي في حقيقة الأمر دوراً يحاول حرف الأضواء عن الحقائق والمسلمات.

ومن غير الدخول في جدلية الاختلافات المذهبية الهشة -التي لا تغيّر في نهاية المطاف شيئًا عن الحقائق السياسية والتاريخية- لا يدَّخر بعض من ينظرون لهذه الفكرة جهداً في التعلق بأحداث مؤقتة، ومنها على سبيل المثال: الحديث عن موقف الجارة السعودية أثناء الثورة اليمنية الخالدة 26 سبتمبر 1962م، وبكونها مدَّت خيوط علاقة مع شخصيات بنظام الحكم الإمامي البائد، لكن حتى لو تم الخوض في هذا كمثال، فقد كان في حقيقة الأمر مرتبطاً ببعض الخطاب الثوري العربي الذي أخطأ باستعداء المملكة، وليس هناك في الواقع ما يربط بين نظام الإمامة العنصري الذي يقدِّم نفسه باعتباره صاحب الحق في الحكم في أي الأقطار، ولا يعترف بجوهره في أي دولة إسلامية أخرى إلا كتكتيك مؤقت؛ وهو ما يعني أن الفكرة التي تقوم عليها الإمامة تمثل تهديداً للأمن والاستقرار في أي دولة، حتى بدون نظام الملالي وسياساته وأهدافه التدميرية في المنطقة. مع العلم أن الإمامة خاضت حرباً مع المملكة في العام 1934م، ومعروف أيضًا أن الإمام يحيى حميد الدين جنّد شخصين لاغتيال الملك عبدالعزيز، وكان الفشل حليفهما، إضافة إلى الحقائق التي يعرفها الجميع، وتتمثل بكون الحوثية أو الإمامة -بصورتها الجديدة- تشرّبت مبادئها، وأهدافها، ومختلف أساليبها من نظام الملالي، الذي لولا دعمه وارتباط استراتيجيته بمبدأ "تصدير الثورة الإيراني"، فضلاً عن أن رموز الجماعة تتلمذت على يد إيران وحزب الله، ما تحولت الإمامة من فكرة عنصرية في قمامة التاريخ إلى حركة تمرد وميليشيا مسلحة، أتاحت لها الظروف وعوامل محلية (بالصراع بين القوى السياسية الفاعلة)، فضلاً عن العوامل الخارجية، أن تتحول من تهديد على الهامش، إلى سرطان تفشى وألحق باليمن وجيرانه ما ألحق من دمار وخراب ودماء تنزف في مختلف الجبهات حتى اليوم.
ولنا أن نتصور كيف أن الحوثية التي تجرأت على ما لم يتجرأ عليه أي كيان معادي وقامت باستهداف أمن جيران اليمن، وبكونها ذراع النظام الإيراني الإرهابي الذي وجَّه عبرها عشرات الآلاف من القذائف باتجاه بلاد الحرمين، بما تمثله من أهمية لليمن، وللمنطقة، والعالم ككل. ولعل من يحاولون ابتداع عوامل تتحدَّث عن إمكانية التعايش مع الحوثي -انطلاقاً من خصوصيات واهية- يجهلون أنه قدَّم نفسه على مدى أكثر من 16 عاماً من التمرُّد كعدو بلا هوادة، يستهدف جيران اليمن كما يستهدف اليمنيين، وأن الحوثي بات يملك رصيداً عدوانياً على المملكة، يجعله آخر من يمكن التعايش معه أو اعتباره بين جملة الأصدقاء، وإن اقتضت بعض الترتيبات السياسية استثناءات مؤقتة.
الحوثي بناء ثقافي وفكري واستخباراتي إيراني، حتى مع فرضية أن تكون مصلحته في الابتعاد عن رأسه في طهران، بما تعانيه الأخيرة من عزلة دولية وعقوبات، إلا أن ذلك أمر غير ممكن إلا في حالة واحدة فقط؛ أن يتحوَّل على الضد من كلِّ ما يمثِّله الآن، بما في ذلك التخلِّي عن الفكرة السياسية العنصرية التي تقوم عليها معتقداته المنحرفة، ولا يحتاج الأمر إلى أدِّلة تثبت أن كلَّ ما تنتهجه الجماعة هو العكس.
يمكن الاستشهاد في هذا السياق بمواقف قريبة؛ ومنها أن بعض الدبلوماسين كانوا يناقشون فرضية الفصل بين الحوثي وإيران، فجاءت حادثة مقتل قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني، تحمل الرد على تلك الفرضية على لسان زعيم الميليشيا، بكونهم جزءاً لا يتجزأ من المنظومة الإيرانية في المنطقة، وأقامت الجماعة عزاءات في صنعاء، ورفعت صور سليماني في مناطق سيطرتها بصورة لم تحدث حتى في إيران التي مزَّق فيها المتظاهرون الغاضبون صورة "القاتل سليماني"، وجاء خليفة سليماني ورفع علم الحوثيين إلى جانب حزب الله وغيرهما، باعتبارها تشكيلات إيرانية خالصة تنتشر في المنطقة.
ولا يكاد يمر موقف أو تطوّر يتَّصل بإيران وأذرعها، إلا ويبادر الحوثيون إلى التأكيد على أن فرضية الانفصال عن مشروع النظام الإيراني التخريبي أمر أبعد من الخيال، في ظل وضعها الحالي على الأقل، والذي ترى فيه أن ما تحقق لها ووصلت إليه من عوامل قوة وسيطرة على العديد من المدن اليمنية -بما فيها مركز الدولة- ما كان ليكون دون دعم إيران. والأهم من ذلك أن دعم هذا النظام ما جاء إلا لتكون بؤرة إرهابية تهدد المنطقة، ومع ذلك فإن الفرضية قد تكون محل دراسة في حالة وحيدة: إذا ما كُسرت شوكة الجماعة، وأجبرت على التراجع عن تمردها، والرضوخ لمقتضيات السلام التي تعيد اليمن إلى وضعه الطبيعي قبل 2014، على الأقل.

* رئيس مركز نشوان الحميري للدراسات والإعلام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.