بألم شديد يتابع العالم كيف تغيرت مجريات الأحداث في ليبيا وانقلبت خلال سويعات لصالح طرف حكومة السراج الذي يمانع مشاركة المشير حفتر في أي مفاوضات قادمة ربما لأن مؤتمر برلين قد فقد مفعوله ولم يعد له أي تأثير, أو أن الغرب قد جمده إن لم يكن تنصل عنه وعن تنفيذ مخرجاته بدل ما كان عليه وضع آلية لتنفيذها. فوقف موقف المتفرج للنظام التركي الإخوانجي وهو ينقل الإرهابيين مع المرتزقة بحرا وجوا من سورياوتركيا إلى ليبيا تحديدا إلى العاصمة الليبية طرابلس دون اتخاذ أية خطوة رادعة وكأن تدمير ليبيا وسقوطها بيد جماعة الإخوان المسلمين لا يهدد أمن واستقرار أوروبا والغرب. وهذا مؤشر على أن الغرب مستعد أن يتخلى عن مبادئه لتحقيق مصالح آنية على حساب أمنه واستقراره على المدى المتوسط والبعيد. القصد من صمتهم كان ما أملته عليهم أمنياتهم بنشوب مواجهة عسكرية تركية روسية حول طرابلس, والتي أبدا لن تحدث, كما لم تحدث من قبل في سوريا المجاورة لتركيا, فكيف لها أن تحث على أراضي ليبيا البعيدة عن كليهما! أملهم في مواجهة تعيد لهم تركيا إلى حظيرة أوروبا والغرب مهما كان نظامها معاديا لهم ويستولي على كل ليبيا وثرواتها, فإنهم قادرون على التفاهم مع رئيسها أردوغان, فوجود تركيا في قبضتهم حتى وإن كانت ترعى الإرهاب وتدعم تنظيماته فإنها تتيح لهم مجالا واسعا وضمانة التدخل وسهولة التحرك متى شاءوا وضد من أرادوا. لكن روسيا خيبت آمالهم وأفسدت مشاريعهم وانسحبت من الأزمة الليبية وربما جمدت مساهمتها في متابعة تنفيذ مخرجات مؤتمر برلين الذي جمده رعاته مع سائر الدول التي أيدت مبادرة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حول التسوية في ليبيا لعل وعسى أن يتم تنفيذها بالرضا أو بالعصا كونها تحفظ الحق للجميع, للثلاثة الأقاليم الليبية في السلطة والمشاركة في الحكم. فهل الغرب يكافئ من يركن عليه وعلى مؤتمراته بالخسائر والهزائم لا لشيء إلا لأنهم ضد روسيا؟! يتركون انتصارات وآمال الشعوب تذهب وأدراج الرياح لا يهمهم سوى تحقيق مصالحهم والحفاظ عليها! كبار لكنهم يخوضون ألعاب الصغار في البلدان العربية فقط لا غير. ألعاب الصغار هذه وإن أتقنها الكبار اليوم في الألفية الثالثة وفي ظل كورونا الخبيث فإنها تهدد اليمن عامة والجنوب خاصة. فالحوثيون بعنصريتهم ونظامهم الكهنوتي فضح زيف دعوى اليمنيين بأنهم شعب حضاري وثقافي ومدني من جهة, ومن جهة ثانية رغم عدم سكوت منظمات المجتمع المدني اليمني عن هذا الأمر وطلبوا النجدة من العالم والغرب, وفي ظل عاصفة الحزم وإعادة الأمل يقودها التحالف العربي لإنهاء الانقلاب الحوثي, فإن الغرب يعامل الحوثيين كجهة شرعية متنورة. وهذا دليل على أن الغرب لا يهمهم تنمية الشعوب العربية مدنيا ولن يتركوها تنهض. ومن السهل عليهم أن يمنعوها من النهوض والتنمية والتقدم بتسليط جماعة الإخوان المسلمين وتوابعها التنظيمات الإرهابية يقضون على آمالها. وعلينا هنا في الجنوب أن لا نتأخر كثيرا في حسم المعارك ضد جماعة الإخوان المسلمين نحافظ على كل انتصار نحققه وننتقل من أبين فورا إلى بقية الجبهات في شبوة وحضرموت وحتى المهرة. وإلا فانتظروا المفاجئات حين تأتي الأوامر للجلوس مع حزب الإصلاح على طاولة لمفاوضات التي هو أصلا يرفض مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي فيها وفي الحكم مناصفة أهم ما في اتفاق الرياض. فهل الرياض حينئذ ستقبل بوجود حكومة إخوانية في الجنوب وأخرى حوثية في الشمال؟! ألا يكفي وجود نظام إخواني في قطر يوفر لتنظيماته الرعاية والدعم يهدد بها أمن الجزيرة والخليج!