إن شطحة القارئ في نص ما وظهوره على مواقع التواصل على غير عادته يفسر ذلك أسبابا عدة يكون السبب الأول هو تأثره بما يقرأه ونتيجة لذاك التأثر يقوم بالكتابة والتعبير بشحنة مفرطة وبحدة غير مسبوقة قد يحكم من يمر على النص أن كاتبه قد انحرف عن المسار أو قدم على الوسط الثقافي بأفكار دخيلة. نقول أنه من الضرورة بمكان أن يتطور الفكر العربي والقارئ اليمني خصوصا وأن يخرج من جلباب التدين السياسي ومن عمامة الحكم القسري إلى رؤى جديدة تتوافق مع ثقافة التشريع السماوي العادل و الدين الإسلامي السمح دين الوسطية والاعتدال لا دين الغلو والتطرف. سرعان ما تزول شطحة القارئ ويتغير مسار كتابته في نصوص لاحقه إذا ما تغير تصفحه للكتب وتباينت ثقافته المكتسبة من خلال القراءة، وقد يجد نفسه ناسفاً لكل ما كتبه سابقاً. والقارئ الملاحظ والمراقب لنصوص البعض وكتاباتهم يجد في ذلك اختلافا كبيرا بل تعارضا ما بين نص وآخر وفكرة وأخرى، ويرجع السبب في ذلك هي الدهشة المفرطة أثناء القراءة والبناء اللحظي لفكرة عابرة ولدتها القراءة الواحدة لا التراكم المعرفي والتحصيل الجامع. لا ضير أن تتغير أفكار القارئ وكاتب النصوص من وقت إلى آخر، فمن لم يتغير استجابة للعوامل المؤثرة والأفكار الجديدة والتطلع والمواكبة لعجلة الزمن يكن في عداد الجمادات التي لا تتأثر بما يدور ولا تعمل العقل والفؤاد في التفكر والبصيرة. لكن هناك ثوابت ومبادئ وقيم أخلاقية ومعايير متعارف عليها في المجتمع ككل يكون الخروج عنها بمثابة التنصل عن المبادئ الأخلاقية. هذه المبادئ قد يتعرض لها كُتَّاب المسخ الأخلاقي على أنها عادات وتقاليد لا ترقى بالنفس البشرية ولا تساعد على التحضر والنهوض بالأمة بشكل عام والمجتمع بشكل خاص، وغرضهم هو حرف المسار السوي والسير في طريق منحرف لا يخدم البشرية بقدر ما ينال منها. كثيرا ما سنجد من كُتَّاب المرحلة من تنساق نصوصهم خلف دهشة القراءة اللحظية، وكثيرا ما سنرى التعارض في الأفكار التي يقدمونها وهشاشة البناء الفكري لديهم أثناء الحوار والنقاش. هذا لا يعتبر بخسا لحقهم، ولا تقليلا في شأنهم، لكنها نصيحة لهم أن لا يقعوا في دهشة التأثر بالقراءة اللحظية ويعتبروا تلك أشياء ثابتة واجب الإيمان بها ومنحها التأييد المطلق أو أنها الحقيقة المطلقة. فهناك من القُراء والكُتَّاب من يتجنبوا كتابة النصوص تحت تأثير القراءة اللحظية بل يتجنبوا الكتابة القادمة من رحم التهجين كي لا يقدموا للقارئ المتلقي نصوصا تسمم الفكر أكثر مما تخدمه. ما نود قوله هو أن المطالعة الكثيرة والقراءة الطويلة تجعلك أكثر حرصا في تقديم الرآي والادلاء به، بل تجعلك أكثر حذرا من الكتابة وتجعلك تحترم الكتابة أكثر.