لا يساورني أدنى شك في نوايا الرئيس هادي ومصداقيته في التعامل مع الواقع المزري لليمن بصدق وحرص وخوف نابع من مصلحة.. ولا أشك لإإطلاقا في أنه يسعى بكل ما اتاه الله من حنكة وذكاء وصبر إلى أن يوفق بين الأطراف المتنازعة وإخراج اليمن من (عنق) الزجاجة بأقل الأضرار ودون أدنى خسائر. كما أجزم أنه يحاول أن يلبي طموحات الشباب الثائر الذين خرجوا في الساحات من اجل إسقاط (الديكتاتوريات) ومماليك المستبدين الذين عاثوا فسادا في الوطن.
كما لا أنكر أن الرئيس هادي يعاني من ضغط نفسي وجسدي كبير جدا من كافة الأطراف المحلية والعربية والدولية التي قدمت مبادرة الإنقاذ وحل كافة مشاكل الوطن بعد أن كان على شفير الهلاك والحرب الأهليثة التي لولا (لطف) الله لحصدت الأخضر واليابس.
ولكن الذي نعتب فيه على الرئيس هادي هو تلك المحاباة المداهنة التي ينتهجها مع بعض أطراف النزاع حتى وان كان من باب السياسية الذكية والإستمالة التي تهدف إلى إمتصاص الغضب وإخماد نيرانه المستعرة,لان تلك المحاباة والمداهنة لن تلبي طموحات واحلام الشباب اليمني خصوصا إن كانت مع (الزعامات) والقيادات التي كان لها دور بارز في إشعال فتيل الأزمة اليمنية والعبث بمصالح المواطن ونهب المدخرات والإستأثار بكل شيء..
فالشباب حينما أنتفض لم ينتفض ليبقي أي فساد أو يتستر على أي نافذ أو قاتل بل أنتفض من أجل أن يقتلع الفاسدين ويزيح النافذين ويجتث (الديكتاتوريات) من جذورها وتنقية الوطن من شوائب الحكم (الديموعائلي) وكافة أزلامه الذين كانوا بمثابة ( أنبوب) إمداد لأصحاب الفخامة والسيادة والمعالي.
ولعل الخطأ الذي وقع فيه الرئيس هادي إن جاز لي أن أسميه خطأ هو تلك التغييرات الأخيرة التي أجراها في صفوف الجيش اليمني والتي أمسك فيها العصاء من الوسط وأبقى فيها على من سعى الشارع لأجتثاثهم وتخليص الوطن من فسادهم وشرورهم بعد أن أهلكوا الحرث والنسل,ورقاهم إلى مناصب ذات صلة وعلاقة وطيدة بالدولة ولها ثقلها ووزنها وتأثيرها وستظل يدهم (الطولى) تمتد إلى كافة المرافق الحيوية والخدمية وربما إلى (الضمائر) المتقلبة و(المتمصلحة) وتشتريها لتضع لها موطئ قدم مرة أخرى وتعيد مكانتها وموقعها وتعيد محاولة الفساد والإفساد والتخريب وربما بسط النفوذ والإستيلاء على كل شيء, وهذا ربما يؤجج الصراع ويشعل فتيل الأزمة من جديد ويعود الوطن لذات البداية ونقطة الصفر..