* من وجهة نظري هناك عدة عوامل أساسية جعلت من ظهور المجلس الانتقالي أمرا حتمياً في هذا التوقيت تحديدا، وتأتي على النحو التالي: - أولا: تمكن حكم ثيوقراطي متخلف أيديولوجيا يسيطر على أجزاء واسعة في الشمال، ويحكم قبضته يوميا على صنعاء ومحافظات كثيرة في الشمال، واضعا الجنوب في عداد المؤجل والمُستغنى عنه مؤقتا (ربما لعقود) بحكم تركيزه الأساسي على العاصمة صنعاء، وكذلك لإنتماء الحوثيين أساسا للشمال، وهي خطة ذكية تعبر عن فهم لقدراتهم العسكرية. - ثانيا: ضعف حكومة الشرعية التي يقودها الرئيس هادي تحت حماية المملكة العربية السعودية، وفشلها في تقديم مايشفع لها على الأرض لتكون محل ثقة الجنوب بإمكانية عودتها قريبا إلى صنعاء وإعادة تنظيم الدولة اليمنية. - ثالثا: فشل الجيوش النظامية التي تواجه الحوثيين على عدة جبهات ومحاور نتيجة الفساد والعشوائية الذي تظهر روائحهما بين الحين والآخر علنا، ويترجم ذلك الهزائم المتوالية منذ بداية المواجهات ضد مليشيات الحوثي غير النظامي، فخسارة جيش نظامي مجهز ومدعوم أمام مجاميع ومقاتلين غير نظاميين يؤكد أن هناك خللا وعللا ليس من السهل القضاء عليها سريعا. - رابعا: مضي أكثر من نصف عقد على الوعود بإنهاء الحرب وهزيمة الحوثيين واستعادة الدولة اليمنية عبر الشرعية المهاجرة، وهذا سبب كاف لظهور من يفكر في الجنوب بضرورة فعل شيء لمساحة جغرافية واسعة تشعر بفقدان توازن نتيجة غياب سلطة قانون الدولة ونظامها، وظهور القبيلة لتغطية الثغرات بحسب قدراتها المحدودة، وهو الأمر الذي لم يعتد عليه الجنوبيون منذ الاستقلال عن بريطانيا في العام 1963م، حيث تشكلت مفاهيم الحكم السياسي للدولة والنظام والقانون أكثر من فكرة الحكم القبلي وترسخ ذلك في أذهانهم، وبالتأكيد فإن عودة الحكم السلالي في اليمن يخالف عقيدتهم السياسية ويشكل خطرا كبيرا على مستقبل الجنوب وتركيبته الديموغرافية والثقافية والجيوسياسية. - خامسا: شعور الجنوبيين بالتهميش الاقتصادي منذ الوحدة 1996م على الرغم من موقع جنوباليمن الموحد الاستراتيجي المهم جدا، عبر دغدغتهم بالمناصب السياسية في تشكيلات الحكومات التي تعاقبت مابين إعلان الوحدة وسيطرة الحوثيون على مقاليد الحكم في 21 سبتمبر 2014م. - سادسا: لا شك أن محور دول التحالف (السعودية-الإمارات) يعلم جيدا ضعف حكومة الشرعية ومحدودية قدراتها في التصدي للتمدد الحوثي وطموحاته المدعومة إيرانيا في السيطرة على مضيق باب المندب والسواحل المطلة على المحيط الهندي، وهو الأمر الذي يعني خنق الخليج العربي والبحر الأحمر سياسيا واقتصاديا، لذلك بادرتا بمواجه الخطر الحوثي منذ أول محاولة لتقدمهم جنوبا. - سابعا: الملل الجنوبي من تسويف إنهاء سيطرة الحوثيين على الداخل اليمني، وإيمان كثير من اليمنيين أيضا بأن إنهاء الحركة الحوثية يبدو شبه مستحيل خلال العقد القادم على الأقل. - ثامنا: ظهور التساؤلات الكبيرة.. ماهي البدائل، وكيف يجب أن تكون، ومتى؟ صحفي وكاتب رأي يمني مشرف قسم الرأي سابقا بصحيفة الوطن السعودية