مهما حاولوا أن يظهروا اندماجهم في المجتمع فإنك تلحظ الزيف والنفاق الاجتماعي في سلوكهم، بل إنه يكونا بادياً على وجوههم كمن دهن وجهه بالطلاء، وتجدهم اليوم أيضاً وبكل بجاحة ووقاحة يتغنون مع الجماهير اليمنية بأفراح 26 سبتمبر المجيد، بل ويذهب بعضهم مذهباً بعيداً جداً، وذلك حين يتكلم عن أبطال سبتمبر، ودور الهاشميين البطولي في صناعة فجر سبتمبر التحرير الوطني. استمعت في إحدى الندوات إلى محاضر عسكري برتبة لواء، وقد كان مسؤولا كبيرا في الشرعية، في محاضرة قيمة عن 26 سبتمبر والثوار، لكن ما أدهشني حقاً في المحاضرة هو ما قاله عن الثوار، فقد ذكر أن 57.3٪ من الثوار كانوا هاشميين، وهو هنا يريد أن يدلل على أن الهاشميين في ذلك الوقت لم يكونوا خارج معركة التحرر الوطني من الإمامة، بل كانوا من جنودها وأبطالها. علام تدلل هذه النسبة الكبيرة من التواجد الهاشمي في صفوف ثوار 26 سبتمبر الأحرار؟ هذا السؤال هو مربط الفرس، والإجابة عليه تغنينا عن كل تفاصيل الأحداث التي مرت بالوطن اليمني قبل وبعد ال 26 من سبتمبر. تدل على أن الهاشميين هم أعداء الشعب اليمني وخصومه التاريخيين. لقد تآمروا على الدولة والنظام الجمهوري منذ اللحظات الأولى لإعلان الجمهورية وشنوا حرباً شعواء عليها في محاولة منهم لإجهاضها في مهدها عن طريق الاستيلاء على الحكم باسم الثورة وتحت غطاء الوطنية، لذلك هم تغلغلوا بين الثوار الوطنيين الأحرار، والتفوا على الصف الجمهوري الذي نجح في إسقاط حكم الهاشمية المتوكلية المتمثلة ببيت حميد الدين، بمساعدة جماهيرية شعبية عارمة. قد يسأل سائل: ولماذا شاركوا في الثورة مع الوطنيين ضد الهاشمية وهم هاشميون؟! الجواب على سوألك ياعزيزي أنها قضية داخلية هاشمية بحتة. كيف يعني قضية هاشمية بحتة؟! يعني أن القرود الهاشمية تقاتلت على من يحكم اليمن، فكل بيت هاشمي يرى الأحقية له في ذلك، ولذلك انخرطوا في الثورة مع الوطنيين الأحرار للتخلص من بيت حميد الدين، ليسرقونها هم بعدها. ولهذا السبب كانت نسبتهم بين الثوار حسب قول اللواء المحاضر تمثل 57.3٪, وهذا الرقم يدل كذلك على أنهم مخططين ودارسين للأحداث كيف تدار وكيف تصاغ. فما إن نجحت الثورة حتى ابتدأ مشوار استعادة الحكم من أيدي الثوار، فأحدثوا الشروخ في مسار الجمهورية الجديدة بالتآمر على قادتها وصانعيها، ونشب الصراع السياسي والعسكري بين الهاشميين والوطنيين، فقتلوا الشهيد علي عبد المغني مهندس الثورة خلال الأسابيع الأولى من إعلان الجمهورية وغيره من الأحرار، واغتالوا الشهيد الزبيري فيما بعد. وتآمروا على السلال قائد الثورة ورئيس الجمهورية، وحاولوا الانقلاب عليه في 5 نوفمبر 1962م. فلما فشلوا في ذلك تحولوا إلى الخطة ب، وهي خلع عباءة الهاشمية وارتداء الثوب الجمهوري ليتسنى لهم التوغل في مفاصل الدولة الفتية للسيطرة عليها، واستطاعوا تعطيل عمل المؤسسات وإفشال عملها، وإبرازها كنموذج سيء. ثم ابتدأت الخيانات والمؤامرات الهاشمية بقيادة التنظيم الهاشمي السري والتي لم يفطن إليها اليمنيون إلا بعد فوات الآوان، فانقلبوا على الرئيس السلال، وحين فطن الأحرار لهم وقاموا بحركة 13 يونيو التصحيحية عام 1974، وبمساعدة من السعودية والغرب اغتالوا الرئيس الحمدي عام 1977م. ولم يفق الشعب اليمني لخبث الهاشمية إلا على الجائحة الحوثية وسقوط الجمهورية في 21 سبتمبر 2014 م، حينها فقط عرف اليمنيون الهاشميين وتوحشهم، وعدم انتمائهم لهذا الوطن اليمني عندما أظهروا تنكرهم علانيةً لكل ماهو يمني معلنين الحرب على كل اليمن. لقد عمل التنظيم الهاشمي السري على تفكيك النظام الجمهوري منذ اللحظات الأولى بمساعدة مراكز أبحاث محلية ودولية عن طريق اختلاق الأزمات وإدارتها وتعطيل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية. وما كان انقلاب 21 سبتمبر 2014م إلا الحلقة الأخيرة في المؤامرة الهاشمية. لقد كشف هذا الانقلاب الوجه القبيح للهاشميين، والذي ظل متخفيا منذ ثورة 26 سبتمبر، وكان بمثابة إعلان اكتمال المؤامرة الهاشمية في السيطرة على اليمن. الجماهير اليمنية مطالبة بالاحتفال بذكرى ثورة ال 26 من سبتمبر المجيدة، احتفل أيها المواطن لأن الاحتفاء بها إحياء لذكراها في قلوب الجماهير، وجرس يصلصل في مسامع الشعب فيملأه الأمل بالتغيير، وتكسوه النشوة الثورية السبتمبرية، فيثور على الأوضاع الراهنة وتتجدد الثورة وتشتعل! باحتفالك أيها المواطن اليمني الحر توقد شعلة ثورية في قلوب الجماهير، وتطفئ ناراً خبيثةً أضرمها الهاشميون!