كلماتي هي عصارة فكري، وفكري هو وحده من يصنع تلك الكلمات، فكلماتي أنين مريض هده المرض، فلا تكاد تسمع صوته، فالمرض ألجمه، وقساوة الإنسان أتعبته، فعيشه في درجة حرارة عالية، ورطوبة جو، وخواء بطن، وانعدام ما يعين على الحياة من مأكل، ومشرب، وكسوة، فكلماتي هي صوت ذلك الجائع، وذاك البائس، وهي بكاء طفل فقد حنان أبيه الذي في الاسر، أو ضمه القبر، كلماتي هي دموع أم تتلهف لرؤية ابنها الذي يقبع خلف أسوار الظلم، عباراتي هي حزن ثكلى فقدت أبناً لها، وربما اثنين، وقد يكون فقدها لهم جميعاً، كلماتي هي بيان لتحطيم حياة أرملة فقدت شريك حياتها، كلماتي هي إيضاح حال انتظار رجل مسن لراتب قطعته أياد آثمة، وسخرت من خروجه للبحث عن فتات ما يسمى الراتب، كلماتي هي ترقب كبرياء أب لعودة ابنه، ليضمه. كلماتي هي صرخة جندي انتظر راتبه لأشهر عديدة على أمل أن يأتي، ولكنه لم يأت، عباراتي هي احتجاج معلم قضى حياته بين النشء، لتختفي حقوقه بسبب تسلق الفاشلين لكراسي تخلفوا عن الجلوس عليها في المدرسة، كلماتي هي صوت امرأة ضاق بها الحال وهي تنتظر مجيء الماء، والكهرباء. حروفي هي رصاصات في وجه الظالمين الذين استحوذوا على كل شيء وتركوا المواطن يترقب لكل شيء، حروفي هي غضب يغلي في صدور كل الأحرار، وستتفجر في وجوه الذين يرفلون في النعيم، والمواطن يقتله الحر، والعطش، ويبطش بأحشائه الجوع، والخير حواليه، كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ، والماء فوق ظهورها محمول. حروفي هي رصاصة إنذار بأن الشعب قد بلغ به الجوع مبلغه، وأخذ منه تردي الخدمات مأخده، فأين المنصفون؟ أين معاشات الجنود؟ أين حقوق الموظف؟ أين الخدمات؟ فالحر يقتلنا، والعطش يدعونا للخروج للبحث عن قطرة ماء، وسنبذل في سبيلها قطرات الدم، فحرفي يصرخ، وقلمي يصرخ، وكلماتي تصرخ في وجوه الطغاة بأن يستفيقوا، فليتنبهوا فحروفي هي صوت الشعب، وهي إنذار الشعب الأخير، فاصحوا يا من تعودتم على النوم، فعباراتي سلم للحرية ليعتلي عليها الأحرار، وليتسلقوا عليها أسوار قصور اللصوص، ليروا بذخهم، وحياة ترفهم، وليقتلعوا تلك القصور، وتلك المقرات التي نبتت على حساب جوع أحشاء الفقراء، وسوء الخدمات، فعباراتي قذيفة مدفع، ستقع على رأس من يلهو بمعاناة الشعب، وحرفي صاروخ سيبطش بدفاعات من يتحصن خلف الدراهم، ليتلذذ بمعاناة الأحرار. أخي المواطن أفق، أفق، واصح، فاللصوص أصابتهم تخمة،، وتبلدت عقولهم، وناموا على تخمتهم، فلا حلول لديهم إلا النوم، فالتخمة تقتلهم، فاخرج، ولتأخذ حقك بعزة، وشموخ، فاللصوص لن يأتوا لك بحقوقك، فحرفي أول طلقة، فهل تسمعها آذان؟ فإن لم تسمعها تلك الآذان المعنية، فنهايتها حتمية، أجل إنَّ نهايتها حتمية.