أثناء قيامي بواجب زيارة أمي ، في قرية الكداش / ذبحان ، والإطمئنان على صحتها ، وتذكر حنانها ، والتزود بأطيب ما تتمنى لي ، عرجت كالعادة على مدرسة الشهداء الأساسية المختلطة ، الواقعة في القرية ، وهناك تعززت قناعتي أكثر ، بأن الحرب مهما تمادت وعصفت وعبثت ، لا يمكن أن تقضي على أمل الناس بغد مشرق ، غير أني تحسرت وأنا أرى بأن فرص المستقبل في الريف أكبر من المدن __ فيما يفترض تواكبهما __ عند المقارنة الحالية بين واقع التربية والتعليم فيهما ، حيث وجدت أن " بنت الحرام " أثرت سلبا ، وبصورة أعظم على أجواء الحضر ، وأبهتت دور الدولة ، وشوهت الوعي في المجتمع ، وأشير هنا إلى عدن على وجه التحديد ، مع شديد الأسف ، بعد ان كانت منارا للكل ، ولكنها حتما ستتعافى ، وتعود لمجدها الرائد يوما ، ولن يطول الإنتظار !؟ لقد رأيت الحماس في حيوية التلامذ هناك ، والفرح في عيونهم يشع ، ولمست الإحساس بالمسؤولية من كادر الإدارة والتدريس ، مع ضرورة الإفادة هنا ، بأن المدرسة بنيت على نفقة مقتدرين من الأهالي ، وخصص فصل فيها كروضة ، لإستيعاب من يستعجلون يوم الإلتحاق بها. . . . . . والمبنى كما هو مبين في الفيديو في طريقه للتوسع ، وطموح القرية كبير ، كيف لا ؟ وإليها يفد المزيد من فلذات أكباد القرى المجاورة ، كما تحتضن أبناء مهجرين ، وقد غدوا أحباب زملائهم ، بل وأصبحوا مع أسرهم جزء من نسيج المجتمع الصغير ، الآخذ بالتوسع والتكافل والتعايش والتراحم !؟ لا بد من الذكر هنا أن أسم المدرسة ، أختير تقديرا وعرفانا لمن وهبوا أرواحهم فداء للشعب والوطن ، من أبناء القرية ، ومن أجل التغيير ، يتقدمهم الشهيد سعيد حسن فارع المشهور بإبليس ( أبن عم الصحفي الرياضي الراحل محمد عبدالله فارع ) ، والمغيب / الشهيد القائد النقابي أحمد فارع النجادة ، الذي ظل مطاردا من سلطات القمع في الشمال ، إلى أن أنقطعت أخباره قبل عقود ، والشهيد محمد فيروز ، المنحدر من فئة المهمشين ، رفيق درب بطل حرب السبعين ، الشهيد عبد الرقيب عبد الوهاب ، والأخير الطيب الذكر من أبناء قرية ذوليقان المجاورة ، وشهيد الواجب أمين عبد الولي كشيح ، الذي قضى نحبه ، فيما كان يتفاقد سلاحه ، خلال فترة الدفاع عن الثورة والجمهورية . في الختام المستعجل ، لا بد أن أستحضر روح الفقيد ناشر العبسي ، أحد أكبر ممولي حركة الأحرار والثورة ، الذي أكتفى بالإشارة من يده ، إلى زرافات من التلاميذ ، كانوا يعبرون الشارع ، في رده على واحد من إياهم ، عايره بما آل إليه حاله في نهاية كفاحه ، في دكان صغير فقير في عاصمة الجمهورية . . . . وفعلا أجمل ما تحقق من أهداف الشهداء أجمعين . . . . . إنتشار التعليم ، الذي عم الوطن ، ومن باب الوفاء للشهداء والأحرار ، لا بد أن يذكرون ويخلدون .