تقرير يتناول الجهود الأمريكية لإيجاد حل للأزمة الخليجية وانعكاسات ذلك على الأزمة في اليمن هل ستؤدي المساعي الأمريكية الجديدة إلى وضع حل للأزمة الخليجية أم إلى تعقيدها؟ كيف أثرت الأزمة الخليجية على ملف الحرب في اليمن وهل يمكن تفادي ذلك؟ هل سيؤدي حل الأزمة الخليجية إلى حدوث انعكاسات إيجابية على الأزمة اليمنية؟ ما هو ضرر الاستقطابات الخارجية على الملف اليمني وهل يمكن وضع حد لها؟ هل يمكن القول إن حل الأزمة الخليجية سيقود إلى تنسيق الجهود في اليمن وطي ملف الحرب؟ القسم السياسي (عدن الغد): تبذل ادارة الرئيس الامريكي ترامب جهودا لإيجاد حل للازمة الخليجية التي دخلت عامها الرابع في ظل استمرار الازمة اليمنية عالقة من دون حل وقد اثر فيها الخلاف الخليجي بطريقة او بأخرى. وحاليا يتواجد في المنطقة جاريد كوشنر مبعوث ترامب الذي عقد لقاءات خلال الايام الماضية مع القيادة السعودية ثم مع القيادة القطرية في مساع اخيرة لإدارة ترامب المغادرة لوضع حل للازمة الخليجية التي اثرت بشكل مباشر على الاوضاع الخليجية والحرب في اليمن. وكانت دولة الكويت قد بذلت جهودا مضاعفة خلال السنوات الماضية لإيجاد حلول جوهرية للازمة لكنها اصطدمت بتصلب الاطراف المختلفة وهو ما ادى الى تأخر تلك الجهود في النفاذ الى عمق الازمة وحلها بالكامل. واتخذت المملكة العربية السعودية ودولة الامارات والبحرين ومصر قرارا بمقاطعة قطر في يونيو حزيران 2017 ووضع 13 نقطة امام قطر لتنفيذها اذا ارادت انهاء المقاطعة وهو ما عرف فيما بعد بالأزمة الخليجية التي تطورت وادت الى اخراج قطر من التحالف العربي الذي اعلنته السعودية لقتال الحوثيين في اليمن. اليمن والأزمة الخليجية أدى اخراج دولة قطر من التحالف العربي الذي تشكل لدعم الحكومة الشرعية في اليمن ومقاتلة الحوثيين الى اتجاه قطر نحو ايران وتركيا وتشكيل حلف لمقاومة التحالف ودعم الحرب في اليمن بطريقتهم التي اتهمت فيما بعد بالوقوف الى جانب الحوثيين كما اتهمت قطر بدعم حزب الاصلاح اليمني وتوجهاته في جنوباليمن وقد بدا ذلك واضحا في تناولات قناة الجزيرة القطرية. ومن الممكن القول ان اخراج قطر من التحالف العربي كان له نتائج سلبية على عمل التحالف في اليمن حيث يرى مراقبون ان وجود قطر داخل التحالف كان سيلعب دورا كبيرا للتخفيف عن المملكة السعودية فيما يتعلق بتمويل الحرب واعادة الاعمار كون قطر تمتلك اموال طائلة بإمكانها المساهمة في ذلك بصورة اكبر من أي دولة اخرى. كما ادى الانقسام في البيت الخليجي الى انعكاسات سلبية واضحة على الحرب في اليمن من خلال تداخل الادوار وتعارضها والتي كان بإمكانها ان تكون موحدة في مجلس التعاون الخليجي ازاء كافة القضايا الخليجية وفي مقدمتها الحرب في اليمن. وانعكست منذ بداية التدخل العسكري التناقضات البينية لدول التحالف على اليمن سلباً؛ فعلى الرغم من ترحيلها لهذه التناقضات، وضبط تحالفاتها مع القوى المحلية المنخرطة تحت مظلة الشرعية اليمنية، إلا أن اضطلاع القوات الإماراتية بتحرير مدينة عدن كشف صراع الأجندات، إذ فرضت الامارات إداراتها لجنوباليمن كاستحقاق سياسي مشروع، وأهلت القوى الجنوبية المنادية بفك الارتباط، بالتزامن مع شنها لحرب إعلامية وسياسية ضد حزب التجمع اليمني للإصلاح، الذي تعتبره فرعا للإخوان المسلمين في اليمن في محاولة لإزاحته من الجنوب عبر دعم الجماعات السلفية، المنافس التقليدي لحزب الإصلاح، وتمكينها من مؤسسات الدولة؛ إلا أن دولة قطر، العضو في منظومة دول التحالف والداعم لتنظيم الاخوان المسلمين، لم تنخرط في هذا الصراع؛ فيما حاولت السعودية امتصاص نقمة حليفها الإماراتي على حليفها التاريخي حزب الإصلاح، حتى لا يؤثر صراعهما على تجميد خيارها في حسم الحرب عسكرياً. ويرى مركز البيت الخليجي للدراسات ان تصاعد صراع أجندات دول التحالف في اليمن لم ينتج عن الخلاف حول إدارة اليمن، وإنما عن التنافس على تمكين القوى التي ستنفذ هذه الأجندات. ويضيف: تصاعدت الأزمة الخليجية بين الإمارات والسعودية من جهة وقطر من جهة أخرى، واتهام قطر بتمويل الإرهاب ممثلاً بتنظيمات الإسلام السياسي، كان تجلياً لصراع أجندات هذه الدول في الساحة اليمنية طيلة الحرب. ومع تعدد الأسباب السياسية للأزمة الخليجية، إلا أن اليمن، بفضل عوامل كثيرة، أصبح ساحة صراع رئيسية بين دول الأزمة، وذلك لانضوائها في التحالف العسكري، إضافة لنفوذها السياسي والعسكري المتغلغل في المجتمع اليمني، إذ يعود نفوذ بعض هذه الدول إلى أكثر من ستة عقود. وتابع المركز القول: ان أولى التداعيات المباشرة لصراع دول الأزمة الخليجية في اليمن هو تفكك منظومة التحالف العسكري المدافع عن الشرعية، إذ أعفت السعودية دولة قطر من عضوية التحالف وسحبت الأخيرة قواتها العسكرية، ورغم من أن الدور العسكري القطري كان محدودا حيث تركزت الجهود القطرية في الجانب الإغاثي، وتأهيل المستشفيات وعلاج الجرحى، إلا أن سحب قطر لقواتها العسكرية انعكس سلباً على منظومة التحالف. ويرى خبراء يمنيون ان خروج قطر من التحالف العربي كان له انعكاسات سلبية على الملف اليمني على المستوى السياسي والاعلامي كما انه اثر بطريقة او بأخرى على الملف العسكري والاغاثي وتوقع هؤلاء الخبراء ان اعادة ترميم البيت الخليجي من جديد سوف يدفع بطريقة او بأخرى الى اعادة تطبيع العلاقات في اليمن وعودة المياه الى مجاريها. تأثير الأزمة على الأرض كان واضحاً وجود تأثير مباشر للأزمة الخليجية على ساحات المعارك في اليمن، حيث أدى وضع اسم عبدالوهاب الحميقاني، الأمين العام لحزب الرشاد السلفي القريب من الإصلاح ومن قطر، على قائمة الشخصيات الإرهابية، إلى تأثير مباشر في معركة "البيضاء"، حيث أعلنت قبائل الحميقاني إخلاءها لمواقعها القتالية في مواجهة الحوثيين احتجاجاً على وضع اسم الشيخ المنتمي لها في قائمة الإرهاب. ويرى مركز صنعاء للدراسات الى ان ذلك أدّى ذلك إلى تحول دراماتيكي في المعركة، حيث تقدّمت جماعة الحوثيين بسرعة في هذه المنطقة، مما وضعهم لأول مرّة منذ فترة طويلة بالقرب من مناطق قبائل يافع الجنوبية، وبالتالي قرب النطاق الأمني الذي تدعمه وتؤمنه القوات الإماراتية في جنوباليمن. في مستوى آخر، فمن المهم رؤية كيف عملت القوات الإماراتية في مأرب مؤخراً على تنشيط المعركة في منطقة صرواح، التي ظلّت منطقة كرّ وفرّ بين قوات الشرعية والحوثيين على مدى عامين وأكثر، محققة تقدماً مهماً في هذه المعركة على حساب الحوثيين. والمغزى من هذا الدعم الإماراتي المفاجئ لهذه المعركة هو إحراج قيادات الإصلاح في مأرب التي تتهم بالتربح من استمرار الحرب من دون حسم في مناطق صرواح ونهم. بل ربما ترغب الامارات بالعمل على انتزاع قرار المعركة، وبالتالي تقويض نفوذ الإصلاح في مأرب. وقد أجلّ هذا الاستقطاب الحاد مرّة أخرى أي استعدادات فعلية لخوض معركة كبرى في الساحل الغربي في اليمن وصولاً إلى مدينة الحُديدة. ويستنتج مراقبون من ذلك ان الازمة الخليجية القت بظلالها على المعارك في جبهات القتال وبدا الصراع محموما بين الامارات وحزب الاصلاح سواء اكان ذلك في الجنوب او في مأرب حيث عملت الامارات على ازاحة الحزب الذي تتهمه بتلقي اموال من قطر وتأخير عمليات الحسم في الجبهات التي تتواجد عناصره فيها. إلى ماذا سيقود حل الأزمة؟ خلال الايام الماضية توجهت كافة الانظار صوب قطر والسعودية وصوب المبعوث الامريكي كوشنر الذي يقود جهودا لحل الازمة الخليجية وتحولت هذه التحركات الى مادة رئيسية لوسائل الاعلام المحلية والعربية والدولية. ويرى مراقبون ان ترامب يحاول تحقيق اختراق في جدار الازمة الخليجية ربما لإرسال رسائل ايجابية للرئيس الجديد جون بايدن، وأن إدارة الرئيس الأميركي التي باتت أيامها معدودة، وتراقب إجراءات نقل السلطة إلى إدارة ساكن البيت الأبيض الجديد جو بايدن، تحتاج لبذل ضغوط أشد لحلحلة الأزمة، بما يسمح بعودة الاستقرار إلى منطقة الخليج، لكن هذا مرتبط بمدى الرغبة والاستعداد لدى دول الأزمة في التعاطي مع ما نقله كوشنر من مقترحات. ويتوقع في أي لحظة حدوث انفراجة في الأزمة وإن كانت جزئية، إثر ما تسرب من أنباء خليجية عن حدوث مشاورات مكثفة واجتماعات لدى الجانب السعودي، بهدف وضع قطار حل الأزمة على السكة في سياق مضطرب تمر به منطقة الخليج حاليا. وإن كانت قطر قد أبدت دوما استعدادها لبحث إنهاء الأزمة على أسس الحوار واحترام السيادة، إلا أن القرار والتوجه الذي ستتخذه الدوحة بعد زيارة كوشنر يظل معلقا بشأن التعاطي مع ما يحمله من مقترحات في الوقت الميت من عمر إدارة ترامب. وابدت السعودية تفهما كبيرا للمقترحات التي طرحها كوشنر لحل الازمة الخليجية وبادرت بالتعاطي معها، الامر الذي يجعل المتابعين يعلقون الآمال في ايجاد انفراجه في الازمة الخليجية من جانب السعودية وقطر، وما يزال الكويتيون يلعبون دورا ايجابيا في الازمة بالتواصل مع جميع الاطراف لإيجاد حل جذري لهذه الازمة تواصلا لجهودها المبذولة منذ ثلاثة اعوام تقريبا. ويرى مراقبون ان حل الأزمة الخليجية سيضع حدا للخلافات في البيت الخليجي فضلا عن كونه سينعكس ايجابيا على الازمة في اليمن بصورة او بأخرى.