مجرد سؤال للسيادة الوطنية والعدالة الإنسانية وكل سلطة تندرج تحت إطار هذين القطبين، سنا وتشريعا، أم حماية وتنفيذا وتطبيقا للقانون في هذا البلد..هل من المنطق أن يطبق قانون ما، على أهل بلد ما، يجمعهم جد ونسب واحد، وأرض وعرض ودم ودين وملة ولغة وعادات وأعراف واحدة، فتطبق نصوص ما على شطر البلد العلوي، ونصوص أخرى على من سفل منهم جنوبا؟!. كيف لمشرع ولقانون ذات الدولة أن يطبق أحكامالشريعة الإسلامية وهي دين الدولة الذي تستمد منه قوانينها ولاعبرة لما خالفها في التشريعاتوالنصوص، فنجد ذات الدولة وذات الشريعة وذات القانون يقر أحكام الملكية ويحميها وفي جملتها الميراث كسبب من أسباب كسب الملكية، فيقر لساكن صنعاء بحقه في ميراث أبيه وجده وإن علا وبلى وأدرك عاداً الأولى، ويقر بما تحمله صكوك وبصائر الملك ووثائقه ولو كانت بخط المسند منقوشة على حجر، وجاءت على ذكر مدن من الوبر والمدر، حدودها ألف ألف فرسخ من الشجر؟!. ولهذا ليس مستغربا تنفيذ محاكم المصب للإعلاناتوالإنابات الصادرة إليها من محاكم المنبع فيما يتعلق بدعاوى التركات إن كان في دائرة اختصاصها إرث أو وارث.. وليس العكس!. ولا اعتراض على ذلك مهما بلغ، وهذا حق وملك وجب الإقرار به واحترامه وحمايته...لكن في المقابل نجد من حل في عدن واتخذها محل إقامة، لايصدق عليهاوصف الموطن ولن يصدق عليها بالتالي وصف الوطن!. وهذا في ظل حاضر اليمن الجمهوري الموحد للأسف، ولم تفت به أو تسنه الإمامة الرجعية ولا الإمبراطورية الاستعمارية عرابة الكومنولث!. إنه عهد الدولة الوطنية الحرة المستقلة كاملة السيادة على التراب الوطني، عهد التأميم ومصادرة الأملاك الخاصة ومخالفة الشرع والشريعة في فترة زمنية من تاريخ جنوباليمن نهاية العقد السادس من القرن العشرين. هذا الوضع كانت ولازالت آثاره تترتب عليه حتى الآن، فلا إقرار ولا اعتراف بصك ولا بملك ولا إرث ولا توريث، ولانصاب ولانصيب، وللذكر كالأنثى،وللضيف كالمضيف في بيته، والأرض للدولة والكل منتفع!. هذا الوضع كان ولا يزال ساريا في اليمن، كل شطر فيه تجري عليه مقاديره، وفي ظل قانون واحد للجمهورية يستمد نصوصه من الدين والشريعة الإسلامية التي لا يجوز الخروج عليها. إن سلمنا بكل ما سقناه آنفاً على مضض وهو أمر غير مقبول عقلاً و واقعاً ومنطقاً ولو كان من بإبقاء الأمر على ما هو عليه باعتباره وضعاً قائماً. فإننا إذا ماعرجنا على مرحلة زمنية معينة بعد الوحدةوتحديدا عام 2007م على الأرجح ومابعده، نجد أنه كان من ضمن الحلول التي تم وضعها لمعالجة آثار ومترتبات ذلك الأمر- والمتمثل بالشرخ في تطبيق القانون والتغاير في إطار ذات الدولة والشعب الواحد- إنشاء لجنة معالجة قضايا الأراضي في المناطق الجنوبية. ومهما كان من أمر تلكم اللجان ومعالجاتها التي وضعتها وفق التشريعات التي اعتمدتها إلا أنها تظل شيئاً يسيراًفي اعتقادنا وإن بلغ مابلغ إذا ماقارناه بفداحة الخطأ التشريعي ممن يحسبون على وظيفة سن القانون وينسبون إلى الفقه القانوني، (الغباء القانوني) ولعمري أن خير دليل على ذلكم الغباء هو:الاعتراف والإقرار بالملكية بناء على صك أو مرسوم صادر عن سلطة المستعمر البريطاني (جرانت/ليز)، واعتماد ذلك كمصدر أول في ثبوت الملك للشخص، في الوقت الذي لا ولم تقر له الدولة بملكيته ميراثاً من أبيه وجده، ولابيعاً بموجب صك مكتوب، أحله الله من علاه، وكل ماكان منها أن عمدت إلى مصادرته وتأميمه!. فأي بلد هذا، وأي تشريع ذلك الذي لايقر بالملك بأسباب أحلها الله كالإرث والبيع وينزعها من ملاكها جبراً؟! في الوقت الذي تنص قوانينه على حمايتها والإقرار بها والملكية عموماً، ثم إن أراد العدالة والإقرار بالحق لم يقر بالملك لأحد إلا لمن كان بيده صك أو مرسوم صادر عن مستعمر أجنبي!.وذلك هو أم الداء، إنه الغباء!. عقب إثبات ماتقدم نجد أن المفارقة العجيبة أن من ضمن المعالجات الغريبة لبعض الأراضي الواقعة في مناطق التماس، أن يقر بالملك بناء على وثيقة مالأرض تقع ضمن النطاق الجغرافي لمحافظة لحج، في حين لايعترف بالملك لذات الملاك وبذات الوثيقة ولذات الأرض في جزئها الواقع في النطاق الجغرافي لمحافظة عدن... عجبي!. ختاماً، ومن باب الإنصاف، لعل الجميع متفق على عدالة المستعمر الأجنبي، وفداحة ظلم الوطن للشعب ثلاثي الأبعادتجر مستقبلاً قاتماً وعلامة جره (....)!. * مدير إدارة التفتيش بوزارة العدل