كيف تعاملت الحكومة والانتقالي مع بيان الخارجية السعودية حول أحداث عدن؟ لماذا يتهم المجلس الانتقالي بوقوفه خلف اقتحام المعاشيق؟ إضعاف الحكومة هل يخدم الحوثيين في الشمال؟ لماذا اقتحم المتظاهرون قصر المعاشيق بعدن؟ هل أعاد اقتحام المعاشيق إحياء اتفاق الرياض؟ بيان المملكة وإعادة الأطراف إلى الطاولة
رحبت الحكومة اليمنية، الأربعاء، ببيان وزارة الخارجية السعودية الذي أدان اقتحام متظاهرين لقصر "معاشيق" في عدن. وأكدت الحكومة اليمنية على أهمية منحها الفرصة لخدمة الشعب في ظل الأوضاع الصعبة، فيما أكد المجلس "الانتقالي الجنوبي" على أهمية استكمال تنفيذ اتفاق الرياض.
وأعربت الحكومة في بيان لها عن بالغ الامتنان لهذا الموقف المنسجم تماما مع الجهود الأخوية التي بذلتها وما زالت تبذلها المملكة العربية السعودية لرأب الصدع وحقن الدماء وتوحيد الجهود لمواجهة الانقلاب واستكمال استعادة الدولة والحفاظ على أمن ووحدة واستقرار اليمن.
وشددت على أن استكمال تنفيذ الشق الأمني والعسكري لاتفاق الرياض يجب أن يحتل أولوية قصوى لحماية هذا الإنجاز الذي ما كان له أن يتم لولا الجهود الكبيرة للأشقاء في المملكة العربية السعودية.
وجاء في بيان للمجلس الانتقالي الجنوبي: "المجلس يرحب بالدعوة الصادرة عن وزارة الخارجية السعودية، ويثمن الحرص المشترك تجاه تثبيت الأمن والاستقرار في اليمن، وضمان حياة كريمة للمواطنين كأولوية قصوى، كما يؤكد على أهمية استكمال تنفيذ اتفاق الرياض".
وكانت وزارة الخارجية السعودية دانت اقتحام المتظاهرين لقصر معاشيق في عدن.
وأكدت دعم المملكة العربية السعودية للحكومة اليمنية التي باشرت مهامها في العاصمة المؤقتة عدن بتاريخ 30 ديسمبر الماضي، برئاسة معين عبدالملك. كما أكدت على أهمية منح الحكومة اليمنية الفرصة الكاملة لخدمة اليمنيين.
ودعت السعودية طرفي اتفاق الرياض للاستجابة العاجلة والاجتماع في الرياض، لاستكمال تنفيذ بقية النقاط في الاتفاق، معتبرة أن تنفيذ اتفاق الرياض هو الضمانة لتوحيد صفوف الشعب اليمني.
وأكدت الخارجية السعودية أن تنفيذ اتفاق الرياض يحقن دماء اليمنيين ويرأب الصدع بينهم، كما يضمن استعادة الشعب اليمني لدولته وأمنه واستقراره.
وكانت الحكومة اليمنية الشرعية، أكدت مساء الثلاثاء، ان اقتحام قصر "معاشيق" الرئاسي في العاصمة المؤقتة عدن، من قبل متظاهرين، "لا ينتمي لأي شكل من أشكال التظاهر السلمي المشروع قانونا والمفهومة أسبابه ولا يمكن أن يصنف إلا كشكل من أشكال الفوضى والاعتداء على الدولة والقانون".
واقتحم متظاهرون، في وقت سابق الثلاثاء، قصر "معاشيق" الذي تقيم فيه الحكومة المشكلة بموجب اتفاق الرياض، احتجاجا على تردي الخدمات الأساسية وعدم صرف المرتبات والمطالبة بوضع حد لانهيار العملة الوطنية وتردي الأوضاع الاقتصادية.
إعادة إحياء اتفاق الرياض أعادت حادثة اقتحام قصر معاشيق الرئاسي الثلاثاء، اتفاق الرياض الذي رعته السعودية بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والمجلس الانتقالي الجنوبي إلى الواجهة، بعد تحركات سعودية جديدة لنزع فتيل التوتر السياسي الذي تعيشه مدينة عدن قبل أن يتطور إلى صدامات مسلّحة.
وسارعت السعودية لاحتواء الموقف بدعوة من طرفي الاتفاق للاستجابة العاجلة والاجتماع في الرياض لاستكمال تنفيذ نقاط الاتفاق الهش، والذي انكشف أكثر بعد الخرق الأمني الفاضح، أمس الثلاثاء، ووصول المتظاهرين إلى أمام سكن رئيس الحكومة في القصر الرئاسي.
وقال موقع (العربي الجديد) انه وعلى الرغم من التنديد بأشد العبارات، إلا أن الخارجية السعودية بدت أكثر دبلوماسية في عدم توبيخ أي طرف أو توجيه إشارات حول المستفيد من حادثة الاقتحام، واكتفت بالتأكيد أن اتفاق الرياض "ضمانة لتوحيد الصفوف لمختلف الشعب اليمني وحقن الدماء ورأب الصدع بين مكوناته"، من دون الإشارة إلى جماعة الحوثيين وضرورة توحيد الصفوف لمواجهتها.
ولم يكشف بيان الخارجية السعودية عن موعد لعقد مشاورات جديدة لطرفي الاتفاق، وتوقع مصدر حكومي أن يتم الترتيب لجلسة مشاورات في الرياض ابتداء من مطلع الأسبوع المقبل.
ويبدو أن السعودية قد مارست ضغوطاً شديدة على المجلس الانتقالي الجنوبي من تحت الطاولة، حيث عاد الانتقاليون خطوة إلى الخلف، وظهر ذلك جلياً في التوجيهات الصادرة إلى كلّ الأجهزة الأمنية بمدينة عدن، بمنع أي تظاهرات غير مصرحة.
واعتبرت قوات الدعم والإسناد، أن الهتافات التي تم ترديدها في تظاهرات أمس الاول الثلاثاء ضد التحالف السعودي، والتي طالبت برحيله ووصفته ب"العدوان"، صادرة عن أشخاص يتبعون "جهات سياسية ويستغلون الوضع المتردي في عدن لإثارة حماس المواطنين واستخدامهم لمآرب حزبية مشبوهة وزعزعة الأمن والاستقرار، من خلال الدعوات للاحتشاد في ساحة العروض بخورمكسر".
وواصل المواطنون احتشادهم امس الاربعاء في ساحة العروض بأعداد كبيرة قبل ان يتوجهوا إلى مبنى الأممالمتحدة لتوجيه رسالة بمطالبهم المشروعة.
ما الذي تبقى من اتفاق الرياض؟ منذ تشكيل حكومة المحاصصة في 18 ديسمبر/كانون الأول الماضي، تجمّد اتفاق الرياض بشكل شبه كلي، حيث شعر المجلس الانتقالي الجنوبي بأنه نال ما كان يطمح إليه من شرعية وحكم محافظة عدن بشكل رسمي عبر محافظ موالٍ له هو القيادي بالمجلس، أحمد لملس.
وفي الشق العسكري والأمني، لم تتحقق أي خطوة جوهرية، ففي محافظة أبين، اكتفى الوسطاء السعوديون بفصل القوات التابعة للحكومة وقوات المجلس الانتقالي عبر نشر كتائب من ألوية العمالقة في نقاط التماس كقوة لحفظ السلام، أما في عدن، فكان التنفيذ الوحيد من قبل المجلس الانتقالي هو تسليم موقع قلعة صيرة المطل على قصر معاشيق لألوية الحماية الرئاسية، وبعض الحواجز الأمنية في القصر الرئاسي.
وقال مصدر حكومي، إنه كان من المفترض أن يتم خلال الأشهر الثلاثة الماضية انسحاب قوات الانتقالي من عدن ودمج الأجهزة الأمنية تحت مظلة إدارة شرطة عدن، لكن ما تسمّى بقوات الدعم والإسناد ظلت هي المتحكمة بالموقف الأمني بشكل كامل داخل العاصمة الموقتة.
وكان من المفترض أن يتم إفراغ مناطق تمركز القوات في أبين وتوجيهها صوب جبهات القتال ضد الحوثيين في مأرب والضالع، ففي حين اضطرت الحكومة الشرعية بالفعل إلى سحب عدد من كتائب ألوية الحماية الرئاسية من شقرة وشبوة إلى مأرب، لم يقم المجلس الانتقالي بخطوة مماثلة بسحب القوات إلى مناطق التماس في الضالع وإعادة تفعيل الجبهات ضد الحوثيين بشكل رسمي.
ويسعى المجلس الانتقالي إلى جني مكاسب سياسية إضافية فقط، من دون الالتفات للشق العسكري والأمني، وذلك بالمطالبة بتعيين محافظي المحافظات الجنوبية وتقاسم الوظائف مع الشرعية في السلك الدبلوماسي والجهات السيادية مثل البنك المركزي والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وتمثيله كطرف رئيسي في مشاورات السلام الشامل برعاية الأممالمتحدة.
ووفقاً لمراقبين، لا تزال هناك عقدة في تفسير اتفاق الرياض، وخصوصاً عقب الأزمة التي نشبت بعد تعيين أحمد بن دغر رئيساً لمجلس الشورى، حيث يطالب المجلس الانتقالي بالتشاور معه في كلّ القرارات التي يصدرها الرئيس عبدربه منصور هادي، وهو ما تعتبره الشرعية تجريداً لصلاحيات الرئيس.
ونشبت الأزمة السياسية الجديدة في وقت بدأت السعودية بتوسيع رقعة المعركة ضد الحوثيين في جبهات يمنية مختلفة، بهدف تخفيف الضغط عن محافظة مأرب النفطية، والحدّ من الهجمات الحوثية على أراضيها.
ردود الفعل الشعبية واعتبر كثير من المراقبين ونشطاء التواصل الاجتماعي بان اقتحام قصر المعاشيق تم بصورة عفوية من قبل الجماهير المحرومة من مرتباتها الشهرية وبسبب غياب الخدمات وغلاء المعيشة الذي يفتك بالناس، وقال هؤلاء إن من يحاول توظيف ما حدث في عدن بأنه يخدم الحوثي فهو يخدم الحكومة الفاسدة التي عملت على تجويع الناس وساهمت في تدهور الوضع الاقتصادي بصورة لم يتمكن معها الناس من العيش بكرامة.
وفي المقابل اتهم البعض المجلس الانتقالي بأنه هو من يقف خلف هذه الاحتجاجات بهدف توجيه رسائل للحكومة باستغلال الأوضاع المعيشية الصعبة للناس، لكن الانتقالي نفى كل هذه التهم معتبرا أن وقوفه مع الشعب أمر حتمي، لكنه لم يعمل على دعم التظاهرات أو تحريكها، فيما اعتبر عدد آخر بأن الانتقالي هو المستهدف من هذه الاحتجاجات لكونه شريكا مع الحكومة الفاسدة والعاجزة.
واعتبر الأمير السعودي سطام بن خالد آل سعود اقتحام قصر المعاشيق مقر الحكومة اليمنية في عدن بالتزامن مع الانتصارات التي يحققها الجيش اليمني في مختلف الجبهات "طعنة بالظهر".
وكتب الأمير سطام في تغريدة له على تويتر: "اقتحام قصر معاشيق بالتزامن مع الانتصارات التي حققها الجيش اليمني على الجبهات طعنة في الظهر مهما كانت المبررات".
و تساءل سطام: "لماذا تم اختيار هذا الوقت بالتحديد؟"، مؤكدا ان "أولويات المرحلة تستدعي التوافق ونبذ الخلافات لأن ما يحدث هو في مصلحة الحوثي، إلا إذا كانت هناك أطراف لا ترى أن الحوثي هو العدو الأول".