كشفت وثائق أميركية رُفعت عنها السرية أن وكالة الأمن القومي تنصتت على الاتصالات الخارجية لمناهضين لحرب فيتنام، بينهم اعضاء في الكونغرس، ومارتن لوثر كينغ ومحمد علي كلاي وجين فوندا. رفعت السرية أخيرًا عن وثائق أميركية، يعود عهدها إلى حرب فيتنام، كشفت أن وكالة الأمن القومي مارست التنصت على شخصيات جاهرت حينها بمعارضتها لحرب فيتنام. وأُبقيت اسماء الأشخاص المستهدفين بعمليات التنصت سرية منذ أواخر الستينات، لكن السرية رُفعت عنها بعد دعوى قضائية ربحها ارشيف الأمن القومي في جامعة جورج واشنطن.
وكان من ابرز المستهدفين بالتجسس على اتصالاتهم الخارجية قائدا حركة الحقوق المدنية مارتن لوثر كنغ وويتني يونغ، وبطل العالم في الملاكمة محمد علي كلاي، الذي رفض الخدمة العسكرية احتجاجًا على حرب فيتنام، وتوم ويكر الصحفي في نيويورك تايمز حينذاك، والمعلق الساخر في صحيفة واشنطن بوست آرت بوكوالد.
زعيمان في الكونغرس لعل المفاجأة الأكبر تكمن في كشف الوثائق أن وكالة الأمن القومي كُلفت ايضًا بمراقبة المكالمات الهاتفية والاتصالات البرقية الخارجية لاثنين من زعماء الكونغرس الاميركي، هما عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي فرانك تشيرتش، وعضو مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري هاورد بيكر.
واعتبر مراقبون أن الصدمة التي احدثها فضح عمليات التجسس على خصوم البيت الأبيض لا تقل عن الصدمة التي ولدتها ضخامة حجم برنامج وكالة الأمن القومي في مراقبة ملايين الاميركيين، كما كشفت وثائق سربها الموظف السابق في وكالة المخابرات المركزية ادورد سنودن.
بين الفوضى والمئذنة وكانت حركات الاحتجاج والانتقادات الداخلية تعاظمت مع تصعيد الحرب الفيتنامية خلال ولاية ليندن جونسون.
واثار حجم الاحتجاجات غضب الرئيس جونسون ومن بعده ريتشارد نكسون. وساورت الرئيسين المهجوسين بالعداء للشيوعية شكوك في ما إذا كانت وراء هذه الاحتجاجات قوى أجنبية، فأصدرا اوامر إلى اجهزة الاستخبارات بالبحث عن اجابة.
وردت وكالة المخابرات المركزية سي آي أي بحملة مراقبة وتنصت اطلقت عليها اسم عملية الفوضى، فيما عملت وكالة الأمن القومي مع أجهزة تجسسية أخرى على إعداد قوائم باسماء أبرز المناهضين للحرب الفيتنامية، من اجل التصنت على اتصالاتهم الخارجية. وبحلول العام 1969، أُطلق على برنامج الوكالة اسم "عملية المئذنة".
قلق بالغ لا تبين الوثائق متى بدأت مراقبة هؤلاء السبعة، أو من أوعز لوكالة الأمن القومي بالتجسس عليهم.
لكن حقيقة أن الوكالة كانت تتنصت على مكالمات هذه الشخصيات الاميركية المرموقة وتعترض برقياتها، بمن فيها عضوان في مجلس الشيوخ نزولًا عند مشيئة البيت الأبيض بحد ذاتها، مبعث قلق بالغ على حد تعبير مجلة فورين بوليسي، التي أشارت إلى أن هذا الكشف ينبه كيف جرى استغلال الصلاحيات الواسعة التي تتمتع بها وكالة الأمن القومي بكل سهولة في السابق، وكيف يمكن أن تُستغل ويُساء استخدامها بالسهولة نفسها اليوم ايضًا.
منظمات هدامة! ولاحظ مراقبون أن عملية المئذنة، التي نالت صيتًا سيئًا بعد أكثر من 40 عامًا، وغيرها من العمليات كانت مقدمة لبرنامج التنصت على المواطنين الاميركيين من دون إذن قضائي، استمر في عهد جورج بوش من العام 2001 إلى العام 2004. وتكشف الوثائق أن وكالة الأمن القومي تجسست في اطار عملية المئذنة، التي استمرت ست سنوات على 1650 مواطنًا اميركيًا، غالبيتهم من مناهضي حرب فيتنام، وقادة حركة الحقوق المدنية، واعضاء منظمات متطرفة أو هدامة بنظر نزلاء البيت الأبيض وقتذاك. وتكشف وثيقة عُثر عليها في مكتبة جيرالد فورد بعد رفع السرية عنها أن اجهزة الاستخبارات الاميركية راقبت بين العامين 1967 و1973 الرحلات والاتصالات الخارجية لناشطين ضد الحرب، مثل الممثلة جين فوندا وقادة في حركة القوة السوداء مثل ستوكلي كارمايكل.