مكتب الصحة بلحج ينفذ حملة رقابة على أسعار الأدوية    فرصة إمام جامع وضيعتها    النائب العام يوجه بحملات مشددة لمراقبة أسعار الأدوية وضبط المخالفين    مناقشة آليات التعاون بين وزارة الاقتصاد وهيئة الابتكار في مجال توطين الصناعات    ضمن 11 منشأة صحية.. مؤسسة خليفة تبدأ تأهيل مستشفى نصاب    المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر تدين محاولة اختطاف طفلة في ذمار    قصر شبام حضرموت النجدي بين الإهمال والخطر    فيديو وتعليق    مكتب المبعوث الأممي يرتب لوقف إطلاق نار محتمل في اليمن    مركز عفار الجمركي يحبط عمليتي تهريب كمية سجائر وشيش إليكترونية    تضامن حضرموت في المجموعة الحديدية بدوري أبطال الخليج    انعقاد اللقاء الموسع لقيادات الدولة بقدوم ذكرى المولد النبوي الشريف    في اختتام (الجولة الاولى) من دور المجموعات من بطولة. "بيسان" 2025 ..."وحدة" التربة يقلب تأخرهُ بهدف "امل " المعافر للفوز بثلاثية لهدفين    اتفاق مبدئي بين يوفنتوس وباريس على صفقة مواني    الكشف عن تفاصيل تعاقد النصر مع كومان    مقررة أممية: "إسرائيل" تحاول إخفاء ما يجري في غزة عن العالم    السفارة الهندية تعتزم نقل مكتبها القنصلي من الرياض إلى عدن    الاعلامي العربي محمد الدين غنيم: السامعي من ابرز الرموز الوطنية في اليمن    صعدة : شهداء وجرحى بنيران العدو السعودي بمديرية منبه    الرئيس الزُبيدي يعزي الشيخ صالح الشرفي بوفاة شقيقته    الأرصاد يتوقع توسع حالة عدم استقرار الأجواء    المرة الأولى.. كريستال بالاس بطل الدرع الخيرية    احتجاج القادسية.. تصعيد وخلاف قانوني    تراجع أسعار الذهب مع ترقب المستثمرين للمحادثات الأمريكية الروسية    كل هذا لأن الشيعة يقاتلون الشقيقة اسرائيل    مطاوعة الجولاني البلاطجة يقتحمون الأعراس في سوريا    وفاة طفلين وإصابة 5 أشخاص من أسرة واحدة بصاعقة رعدية في حجة    لجنة تمويل وتنظيم الاستيراد تبدأ أعمالها وتدعو التجار لتقديم طلباتهم لمراجعتها والبت فيها    اكتشاف مستوطنة نادرة على قمة جبل في بيرو    5 أخطاء تحول الشاي إلى سم    إدانات بمجلس الأمن لخطة احتلال غزة ودعوات لوقف المجاعة    أطماع بلا حدود: سطو على نفط شبوة.. واليوم يستحوذون على ستارلنك    إشادة قبلية وإعلامية بخطاب أبوعلي الحضرمي ضد الفوضى والتمرد    اجتماع في تعز يقر آليات ضبط الأسعار ومحاسبة المخالفين    مزرعة ألبان رصابة بذمار.. بين التحدي والطموح    الإرادة تصنع المستحيل    إعلان نتيجة الدور الثاني لاختبارات الشهادة الأساسية    أشاد بجهود قيادة وكوادر شرطة المرور في الارتقاء بالعمل وتنفيذ خطط التطوير    في ذكرى ميلاد المصطفى    استعدادات واسعة للاحتفاء بذكرى المولد النبوي    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (8)    ارتفاع حصيلة الإبادة الإسرائيلية في غزة إلى 61 ألفا و430 شهيداً    بهدف معالجة الصعوبات والمشكلات التي يعاني منها القطاع الصحي.. رئيس مجلس الشورى يلتقي وزير الصحة والبيئة    مرض الفشل الكلوي (16)    وصية الشهيد الإعلامي أنس الشريف ابن فلسطين درة تاج المسلمين توجع القلب    هاتفيًا.. المحرمي يطمئن على الأوضاع الأمنية والخدمات بحضرموت    565 طالبًا وطالبة يتنافسون على 16 مقعدًا مجانيًا بالجامعة الألمانية الدولية – عدن    رسوم المدارس الحكومية (المخصخصة) وحرمان الطلاب.. "مشهد من أمام بوابة مدرسة"    ناشط حقوقي يتلقى تهديدات بتصفيته وأسرته ويحمّل سلطات صنعاء المسؤولية    كأس خوان غامبر: برشلونة يحرز اللقب بعد سحقه كومو الايطالي    المحافظات المحتلة: بسبب ارتفاع الأسعار وتدهور الوضع المعيشي .. مظاهرات وعصيان مدني في حضرموت وتعز واشتباكات بين المرتزقة    استمرار اخفاء قيادي بعثي في صنعاء للاسبوع الثاني    استعدادا للمشاركة بكأس الخليج.. الإعلان عن القائمة الأولية للمنتخب الوطني للناشئين    وجع بحجم اليمن    إلى حضارم العزلة: خريطة حضرموت التاريخية من باب المندب إلى المهرة    شكراً للفريق السامعي الذي ألف بينهم    أحمد سيف.. الذاكرة التي لا تغيب وصوت الدولة المدنية    علماء يكتشفون أن نقص عنصر غذائي "شائع" قد يسبب الزهايمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجيب محفوظ في ((ليالي سان ستيفانو))
نشر في عدن الغد يوم 10 - 11 - 2013

على شاطئ الاسكندرية في كازينو «سان ستيفانو» القديم، وقبل أن تمتد إليه معاول الهدم، شأنه شأن الكثير من مباني الإسكندرية العتيقة، جرت حوارات بين الراحل نجيب محفوظ والناقد والروائي محمد الجمل. جمع الأخير تلك المحاورات في كتاب بعنوان «نجيب محفوظ في ليالي سان إستيفانو» (وكالة الصحافة العربية). عن ظروف هذه المحاورات يكتب محمد الجمل: «بدأت لقاءاتي السكندرية اليومية مع نجيب محفوظ بداية عام 1977، وكانت هذه اللقاءات في ثلاثة مواقع، الأول في كازينو «بترو»، والثاني في كازينو «الشانزليزية»، والثالث في كازينو «سان إستيفانو».

وجرى العرف على تسمية ندوتيْ «بترو» و «الشانزليزيه» باسم ندوة «توفيق الحكيم»، وكان هو صاحبها، فيما يجلس نجيب محفوظ بجواره. وكان الحكيم بحكم طبيعته هو المتحدث شبه الرسمي طوال ساعات الندوة الثلاث. هكذا لم تتوافر لنا مساحة الوقت الكافية للتوغل في عالم نجيب محفوظ. وعندما توفي الحكيم (1987)، قرر نجيب محفوظ نقل الندوة إلى كازينو «سان إستيفانو»، حيث أصبح اسم الندوة «ندوة نجيب محفوظ»، وتواصلت حواراتي مع نجيب محفوظ من دون انقطاع منذ ذاك التاريخ».وأوّل ما يذكره المؤلّف في كتابه هو ما كان يقوله نجيب محفوظ عن طفولته التي شكلّت شخصيته كروائي، إذ كان يقول محفوظ: «ولدت عام 1911 فى منزل رقم 8 في ميدان بيت القاضى في حى الجمالية، وهذا الحي لا تزال بقاياه موجودة حتى الآن، حيث البيوت الصغيرة ذات المشربيات القديمة والتي هدم معظمها لتحلّ محلها العمارات الحديثة. وتوجد صور فى ذاكرتي لفتوّات المنطقة الذين كنت أراهم فى «عركات» الحارة من نافذة بيتنا، وأذكر المرأة البسيطة بملاءتها السوداء اللف الشهيرة.

وأذكر كذلك سيدات الطبقة الوسطى وسيدات الأعيان ممن تركبن الحناطير.وأتذكر مشاهد تظاهرات طلاب الأزهر ضد الإنكليز، إذ كنت أعتلي سطح منزلنا لأراهم ولم يكن عمري حينها يتعدّى الست سنوات... فتوات الحارّة هم أكثر من أثّر فيّ، وتعلقت بهم لأنني وجدت فيهم تجسيداً لأفلام رعاة البقر الأميركية التى كنت أحبها. واعتدتُ كذلك أن أتأمل شخصيات دراويش و «مجاذيب الحسين»، لذلك ظهروا كثيراً فى أعمالي، بجانب شخصيات أخرى امتلأت بهم المناطق الشعبية الكبيرة حول منطقة الجمالية».

حوارات مسجلّة:
ويُشير محمد الجمل الى أنّه في بداية عام 1988، كانت له وقفتان مهمتان مع محفوظ الذي يُلقبّه دوماً ب «الأستاذ»، ومن ثمّ يُضيف: «الأولى كانت عندما انتهيت من كتابة روايتي عن «حرب أكتوبر»، وطلبت منه أن يكتب تقديماً لهذه الرواية، ولم يتردد فكتبها بنبله المعهود. وجاءت الوقفة الثانية في نهاية العام نفسه، عندما قررت أن أرتب محاوراتي معه في شرائط مسجلة، لتصبح شهادة تاريخية موسيقية. وفي بداية محاوراتي سألته إن كان يقبل تقسيم الحقبة التي واكبت مسيرته الأدبية إلى ثلاث فترات: «ما قبل ثورة يوليو»، و «حكم عبدالناصر»، و «حكم السادات»، فطلب مني أن أضيف «عصر مبارك» باعتباره فترة رابعة، ثم أخذ يتحدث وكأنه يستعيد قراءة كتاب الذكريات».

وفي سياق الحوارات، يتذكر جمال سؤالاً كان طرحه على نجيب محفوظ في شكل مباشر، وهو: «هل يدخل الظرف السياسي في حساب العملية الإبداعية؟»، فأجاب صاحب «أولاد حارتنا» أنّ الظرف السياسي هو الحياة التي يتلاطم معها الأديب، ومع ذلك ثمّة أدباء لم يقتربوا من شواطئ السياسة، وظلّوا رائعين في كتاباتهم ومقروئين على نطاق واسع، ومنهم مثلا محمد عبدالحليم عبدالله، الذي لم تدخل السياسة في حياته ولم تشغل باله، ومع ذلك كان أديباً رائعاً. وثمّة أدباء يهتمون بقضايا مختلفة تماماً مثل الحبّ والزواج والمراهقة والطلاق والتربية، وهم ينجحون في اجتذاب آلاف القراء إليهم. «أنت إذاً في بحر بلا نهاية، وكل قارئ يستجيب الموجة التي يجد لها صدى في نفسه».ويعلق محفوظ على فترة حكم السادات بقوله: «عندما جاء السادات كانت قبضة الرقابة ما زالت في وقتها، وعلى رغم مناداته بالديموقراطية، كانت حساسيته تجاه اي انتقاد شديدة جداً، ولا تقل عن حساسية النظام السابق».

ويوضح المؤلف في كتابه كيف أنّه أعطى رأيه بصراحة في الفترة الرابعة أو فترة «حكم مبارك»، ولم يكن قد مضى عليها سوى سبعة أعوام «1981-1988»، فيقول إنّه أجاب في شكل مقتضب يتناسب مع قصر الفترة وعدم التسرع في الحكم: «فترة حكم مبارك - حتى الآن - تشعرك أنها تتجه نحو الطريق الصحيح، وجزاؤها مؤجل، وتحتاج الى وقت حتى يظهر أثر جهدها، فهي تبني من الأساس، وتواجه تراكمات سابقة». ويتناول المؤلف أيضاً في حديثه مع نجيب محفوظ تساؤلات كثيرة في ما يخص موضوعات ومجالات متنوعة، وما هو تصوره للرواية التاريخية، باعتباره أحد مبدعيها.

فضيحة في القاهرة:

يستعيد الكتاب المرحلة التي سَرَت فيها تلميحات كثيرة، في أيلول (سبتمبر) 1988، عن قرب الإعلان عن الفائزين بجوائز «نوبل» ذاك العام، وكانت أول جائزة «نوبل» عربية محتملة هي موضع سؤال المؤلّف لمحفوظ. فيروي قصة طريفة قائلاً: «صرّح المستشرق الفرنسي أندريه مايكل عند زيارته لمصر إنه يرشحك لجائزة نوبل رسمياً، وإن عدم فوزك بها يعتبر فضيحة للقائمين على هذه الجائزة. فأطلق محفوظ ضحكته المجلجلة التي استمرت بعض الوقت، ثم استعاد هدوءه، وقال بموضوعية رمزية، فضيحة في القاهرة وليس في غيرها، على سبيل الحكمة، عندما نكون في بلد 60 في المئة منها أميون، و40 في المئة لا تُشكّل نسبة القرّاء بينهم أكثر من 1 في المئة، فالطبيعي أن يكون أدبنا محلياً، ثم نطلب له بعد ذلك العالمية! لا داعي لأن نشغل بالنا بأشياء بعيدة، دعنا ننشغل بما تحت أرجلنا، لا تحلم بقصور وأنت لا تجد في بيتك حصيرة».ويستذكر الكاتب أنّ محفوظ تطرّق في إحدى ندوات «سان إستيفانو» إلى فنّ الغناء المصري، فانتهز الجمل تلك الفرصة لكي يسأله عن مدى تذوقه للغناء، فأبدى محفوظ سعادته بالسؤال، ومن ثم أجاب بارتياح: «أنا أنتمي كما تعرف إلى جيل سابق، من هنا تنقسم إجابتي عن السؤال إلى ماضٍ وحاضر. فجيلنا يعتبر «منيرة المهدية» هي سيدة الغناء ونجمة مدرسة التطريب في الغناء، ثم تغيّر الزمن وأصبحت «أم كلثوم» هي سيدة الغناء العربي».


ويُكمل المؤلف: «عندها سألته مباشرة عن محمد عبدالوهاب، فأجاب بأنه فنان عبقري، جمع بين التلحين والغناء، مثلما جمع بين الموسيقى العربية الأصلية والموسيقي الغربية بما يناسب الذوق العربي. لقد فعل عبدالوهاب في الموسيقى والغناء ما فعلناه نحن الأدباء في القصة والرواية والمسرح. تواصلت عملية التهجين للمكتسب الغربي، لتحقيق الموروث العربي، تعبيرية في الأدب، في الغناء، في فن التشكيل وغير ذلك».وفي خاتمة الكتاب، يتناول المؤلف الكلمة التي قالها محفوظ في 14 تشرين الأول (أكتوبر) 1994، أي في أول حديث له بعد ثلاثة أيام من جريمة الاعتداء التي نفذّها «شاب أهوج، مغرر به، لم يقرأ كلمة واحدة للأديب الكبير»: «سيعزّ عليّ كثيراً أن أرغم على الابتعاد عن الناس، وأن تكون بيني وبينهم حواجز أمنية. إن حياتي كانت دائماً بين الناس، ولم أرَ منهم إلا كل الحب، لماذا تريدونني أن أحرم من دفء المشاعر الإنسانية التي طالما أحاطني بها الناس؟».

بقلم : لنا عبدالرحمن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.