الظالم والمتنفذ إذا سكتت الأمة عن ظلمه فإنه سيستمر في ظلمه وطغيانه الى ما لا نهاية لأنه يظن بأن هذا العمل هو عين الصواب حيث قد فقد نصيبه من الحس الإيماني وحسن السلوك والخلق القويم فإنني أخاطب الجنود الذين يحمون رؤوس المتنفذين والفاسدين الظلمة ، ما هو مصيركم ؟ وما الفائدة المرجوة من ظلمكم وبطشكم من أجل حماية ظالم قد فاح ظلمه وطغى ، أليس لكم عقول تفكرون بها ، أليس الظلم والظالمين مصيرهم الهوان والعذاب ؟
ما لكم أين عقولكم وقلوبكم فيجب أن تعلموا أن الظالم لا يُفلح في دنياه فمن سلك طريق الظلم ، فإن بابه في النهاية مغلق ، وإن زين له شيطانه ذلك ، قال تعالى : ( إنه لا يفلح الظالمون) وأيضاً قد يحرم الظالم من هداية التوفيق ، قال تعالى : ( إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) .
الظلم سبب مصائب الدنيا من فقر وذهاب الأولاد والأموال والقتل والتعذيب وغلاء الأسعار وغير ذلك ، وما تعانيه الأمة اليوم هو بسبب وجود المتنفذين الظلمة يقول الله جل وعلا : ( وإن للذين ظلموا عذاباً دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون ) دون ذلك أي قبل موتهم ، عقوبة شاملة للمتنفذين وللمجتمعات الظالمة التي تعين الظالم على ظلمه فتسكت ولا تبالي ، المجتمع الذي يسكت عن الظلم ويخنع له ولا يسعى لإزالته سيعمه العذاب ، فإذا انتشر الظلم في مجتمع ، وجاهر أهله به وصاروا جنوده وعساكره وكان الظلم هو الصبغة العامة لهم .
قد يعجل الله لهم العقوبة الشاملة ، التي لا يكاد يسلم منها أحد ، بل تعم الصالح والطالح . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : إن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ، ولا ينصر الدولة المسلمة إذا كانت ظالمة ، أليس العسكر والجنود يساقون الى المحارق بمكالمة هاتفية من متنفذ وظالم فيأتمرون بأمره ونهيه فهذه هي القاصمة للظهور قال تعالى : ( وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوماً آخرين ) فالمصير للظلمة هو الطرد والإبعاد من رحمة الله تعالى فيحرم الظلمة من شفاعة إمام المرسلين قال عليه الصلاة والسلام : ( صنفان من أمتي لن تنالهما شفاعتي : إمام ظلوم غشوم ، وكل غالٍ مارق) فبئست النهاية ، وساءت الخاتمة ، كم نصحنا المتنفذين والفاسدين الظلمة ولكن لا حياة لمن تنادي ، ينهبون الأراضي والمساكن ولا يبالون وصدقوا أنفسهم ، والمصيبة لم يكتفوا بما أخذوا ، بل هل من مزيد ؟!
قال صلى الله عليه وسلم : ( من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة ، فقال رجل وأن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله فقال : وإن كان قضيباً من أراك ) [ رواه مسلم ]. الذي ظلم قيد شبر من الأرض تكون هذه عقوبته يوم القيامة ، فكيف بالذي يظلم بالأمتار المربعة ، وكيف بالذي يظلم بالكيلومترات المربعة ، وكيف بالذي يبلع الألوف المؤلفة . بل كيف بمارق ينهب أرض بكاملها ، الذي ظلم قيد شبر ، يخبر الصادق المصدوق بأنه سيطوق يوم القيامة بسبع أرضين .
أفلا يفكر هؤلاء الظلمة في عالمنا اليوم ، الذي يصل ظلمهم ويتعدى ملايين الأفراد ؟ أفلا يفكر هذا الظالم الذي ظلمه يعم البلد كلها والمجتمع بأسره ، ويتضرر بسبب ظلمه كافة الناس ؟
فإنا لله وانا إليه راجعون .
اللهم عجل بزوال الظلم عنا ، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا ، اللهم منزل الكتاب ، هازم الأحزاب اهزمهم وزلزلهم وانصرنا عليهم ، انتقم لنا يا جبار يا منتقم . واجعل لنا مخرج مما نحن فيه من كرب وظلم وقهر والحمد لله رب العالمين .