لم نتوقف عن الحلم بوطن حقيقي يتساوى فيه الجميع ويتشاركون. وطن المدنية والمواطنة لا الوطن المتعجرف والأناني. لذلك نحتاج إلى أداءات تصحيحية في الواقع والفكر لا مضاعفة الشعور بالقهر الوطني لقطاع واسع من الشعب لصالح مراكز قوى ونفوذ همجية لا تشبع.بمعنى آخر يفترض أن تكون لحظة حاسمة للحساب الوطني ومن غير المعقول أن كل طرف في هذا المسعى يستمر داخلاً في الربح وخارجاً من الخسارة!. ثم حين نتفق جميعاً بلا استثناء على أن وعي المركزية المهيمن في الحكم لا يؤدي إلى بناء دولة أبداً حينها فقط سنتمكن من بناء دولة.والحاصل أن قضية الجنوب من المحال طبعاً أن يتم تسويتها على طريقة الصلح القبلي!. على أننا كنا أشرنا أكثر من مرة إلى أن السلام والتقدم والمستقبل السوي لليمن في سلم اهتمامات مراكز القوى التقليدية التي تريد بالحوار فرض إرادتها المأزومة لا أكثر ولا أقل.
من السذاجة إصرار الطائفيين على طائفيتهم، صدامهم المترصد مع المجتمع.. والطائفية نظام اجتماعي مهووس بالاستعلاء الطبقي، تفرز طبقة موبوءة في المجتمع ذات سياق تربوي مأزوم.. ترى في قيمتي الحرية والكرامة تحدياً لها.. إنها أخطر مايمكن ان يصل له مجتمع، وهي تفيض بالسموم، كما أنها تكبل طاقات المواطنة والتمدن ما يجعلنا نشدد على أنها تتطلب من الجميع تحمل مسؤولياتهم حتى لا تتطور إلى الأسوأ.
والحاصل أن للطائفية استفزازاتها الشريرة الفجة.. إلا أننا نرى في مسألة مقاومتها بالعنف تغذية لها.. كذلك تهدد مسارنا الديمقراطي الغض، خصوصاً أنها تقوم على الفهم المتشدد للأشياء بالذات الجانب الديني. ولعل من أسوأ ما يجعلها تنتشر في هذا السياق هو التعليم العقائدي الجالب للضغائن لا للتسامح.. للاستغلال لا للانفتاح.. للوصاية لا للعقل.
إن واجبنا جميعاً العمل على ألا تتكرر مأساة الشعوب الأخرى لدينا.. من واجبنا وقف كل هذا العبث. ولنتفق على عدم الانزلاق للعنف الذي يراد لليمن أن تخوض فيه على نحو ممنهج كما هو واضح للأسف.