تعد الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل الدول الوحيدة التي تمتلك طائرات مقاتلة من دون طيار، في حين تعمل دول أخرى عديدة على انتاج مثل هذه الطائرات لما توفره من إمكانات. فمثلًا، سمعت قصة أثناء زيارتي باكستان العام الماضي، عن مسلح عربي يعيش في إحدى المناطق القبلية في باكستان ويبيت مع زوجته وأطفالهما في غرفة واحدة من منزلهم.
ذات يوم، حضر أربعة أو خمسة مسلحين وطلبوا منه إيواءهم. فأدخلهم إلى المنزل وقرر المكوث معهم في غرفة أخرى. وفي تلك الليلة، قصفت طائرة من دون طيار المنزل، فقتلته والمسلحين، في حين بقيت الزوجة والأطفال على قيد الحياة.
هل يمكن للأمريكيين تحديد الغرفة التي يبيت بها شخص ومن برفقته؟ وهل يمكنهم قصف غرفة دون أخرى بهذه الدقة؟
وفقًا لآراء العديد من المسؤولين والصحفيين في بيشاور، والعديد من ضباط الجيش الأمريكي، يمكن للطائرات أن تكون بهذه الدقة.
في قصة أخرى رواها لي زعيم قبلي، كانت مجموعة من مسلحي طالبان تجلس في العراء أمام واحدة من الغرف في مجمع سكني احتجزوا فيها 18 رهينة طلباً لفدية. ويعتبر الخطف مقابل فدية مصدرًا مهماً لتمويل طالبان.
قصفت طائرة من دون طيار المجمع وقتلت كل المسلحين. كما هدمت جدار الغرفة التي احتُجز فيها الرهائن، وتمكنوا جميعًا من الفرار دون أن يلحق بهم أي أذى. ورأى المواطنون المحليون في الحادثة قضاء وقدرا.
من الواضح أن الطائرات من دون طيار تقتل مدنيين أبرياء أيضاً، إلا أن سبب ذلك هو عدم دقة المصوبين، وليس لعيوب تقنية.
على أي حال، فإن الطائرات من دون طيار باقية كسلاح، لذا تسعى الدول ذات الطموحات العسكرية، كفرنسا والمملكة المتحدة، إلى تطوير قدراتها المتعلقة بتقنيات الطيران من دون طيار. ويعد الاسم الذي يمكن أن تطلقه على مقاتلاتها من أكبر التحديات أمامها.
تعد القدرة على التحكم باللغة نصف المهمة عندما يتعلق الأمر بالتعريف بمنتج ما، مما يفسر المأزق الذي قد يسقط فيه الكثير من الصحفيين.
فمثلًا، هل الحائط المبني بين إسرائيل والضفة الغربية هو "حاجز أمني" أم "جدار عازل"؟ وهل تم "غزو" العراق أم "تحريره"؟ كما جاء في التوصيف الأميركي بداية؟
وبالمثل، هناك خلاف في تسمية طائرة من دون طيار وغيرها. لذا، لابد من التوصل إلى تسمية.
يمكن تتبع أصل التسمية المعاصرة عبر العودة بالزمن إلى أكثر من 75 عاماً، حين تم تصنيع طائرة باسم "ملكة النحل". حيث أرادت المملكة المتحدة تصنيع طائرة غير مكلفة يتم التحكم بها عن بعد لاستهداف مضادات الطائرات.
ووفقًا لنسخة أكتوبر/تشرين الأول 1935 من مجلة "الميكانيكا الشعبية" الأمريكية، كانت الطائرة "ملكة النحل" تعمل بكفاءة عن طريق التحكم عن بُعد في نظاق عشرة أميال.
من هنا، بدأ تطوير تكنولوجيا الطيران من دون طيار. وقد يكون اختيار تسمية "ملكة النحل" عائداً إلى صوت المحرك، وصولًا إلى اسم طائرة من دون طيار.
إلا أن للاسم دلالة أخرى، تشير إلى ذكور النحل التي تعتبر كائنات طائشة، مما قد يشير إلى نظام تسليح طائش، أو حتى قتلة طائشين.
وهذا يفسر سبب الشكوى التي تقدمت بها الشركة الرائدة في تصنيع الطائرات من دون طيار "جنرال آتوميكس" الى لجنة الدفاع البريطانية، معتبرة أنه باتت للاسم دلالات منفرة، فيما أطلقت الشركة على الطائرتين الأساسيتين اللتين أنتجتهما اسمي "المفترس" و"الحاصد".
لكن ما البديل؟ يقول بعض ضباط الجيش إن مصطلح "طائرة دون طيار" لا يعبر عن التدخل البشري والنظم المتعلقة بعمل الطائرة والتحكم بها. لذا، وقع الاختيار على اسم "طائرات التحكم عن بعد".
إلا أن محاولة تغيير التسمية تعرضت لانتكاسة. إذ قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطابه أمام الكونغرس عن "حال الاتحاد"، إنه حريص على الحد من استخدام "الطائرات من دون طيار"، وبمجرد استخدامه هذه العبارة، أصبح من الصعب على مرؤوسيه التخلي عن استخدامها.