تعز تشهد المباراة الحبية للاعب شعب حضرموت بامحيمود    وفاة امرأة عقب تعرضها لطعنات قاتلة على يد زوجها شمالي اليمن    مليشيا الحوثي تعمم صورة المطلوب (رقم 1) في صنعاء بعد اصطياد قيادي بارز    عاجل..وفد الحوثيين يفشل مفاوضات اطلاق الاسرى في الأردن ويختلق ذرائع واشتراطات    انتحار نجل قيادي بارز في حزب المؤتمر نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة (صورة)    إعلان عدن التاريخي.. بذرة العمل السياسي ونقطة التحول من إطار الثورة    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    "مشرف حوثي يطرد المرضى من مستشفى ذمار ويفرض جباية لإعادة فتحه"    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    "القصاص" ينهي فاجعة قتل مواطن بإعدام قاتله رمياً بالرصاص    "قلوب تنبض بالأمل: جمعية "البلسم السعودية" تُنير دروب اليمن ب 113 عملية جراحية قلب مفتوح وقسطرة."    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    غضب واسع من إعلان الحوثيين إحباط محاولة انقلاب بصنعاء واتهام شخصية وطنية بذلك!    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    الصين تبدأ بافتتاح كليات لتعليم اللغة الصينية في اليمن    تشيلسي يسعى لتحقيق رقم مميز امام توتنهام    إعتراف أمريكا.. انفجار حرب يمنية جديدة "واقع يتبلور وسيطرق الأبواب"    شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن قيادتها السيارة    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    تقرير: تدمير كلي وجزئي ل4,798 مأوى للنازحين في 8 محافظات خلال أبريل الماضي    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    الخميني والتصوف    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقاربة في معنى الفيدرالية وشروطها و قوى الهيمنة اليمنية
نشر في عدن الغد يوم 21 - 02 - 2014

تعود أصول مصطلح فيدرالية الى اللغة اليونان القديمة؟ .مشتق من كلمة fides بمعنى الثقة وكلمة - federal يعني الاتحاد اوالاتفاق الاختيارى المكتوب والملزم بموجب عقد او دستور بين عدد من الدول او كيانات سياسيه لتشكيل حكومة اتحاديه بصورة فدراليه واحدة ومتساوية التمثيل تتنازل فيها الاطراف و الدول الفدرالية عن بعض صلاحياتها لاقامة هيكلية حكومة مركزية مشتركة من جهة و تشكيل حكومات فى وحدات سياسية أصغر تدعى بالولايات أو الامارات أو المناطق او الكونتونات او الأقاليم ومن جهة أخرى تمنح هذه الوحدات السياسية الصغيرة بعض قوتها السياسية للحكومة المركزية لكى تعمل من أجل مواطنين الدولة الاتحادية الوحدة .وفي الموسوعة الحرة ويكيبيديا، الفدرالية (أو الفيدرالية) "شكل من أشكال الحكم تكون السلطات فيه مقسمة دستوريا بين حكومة مركزية (أو حكومة فيدرالية او اتحادية) ووحدات حكومية أصغر (الأقاليم، الولايات)، ويكون كلا المستويين المذكورين من الحكومة معتمد أحدهما على الآخر وتتقاسمان السيادة في الدولة. أما ما يخص الأقاليم والولايات فهي تعتبر وحدات دستورية لكل منها نظامها الأساسي الذي يحدد سلطاتها التشريعية والتنفيذيه والقضائية ويكون وضع الحكم الذاتي للأقاليم، أو الجهات أو الولايات منصوصا عليه في دستور الدولة بحيث لا يمكن تغييره بقرار أحادي من الحكومة المركزية. "

كلمة fides اليونانية وربما اللاتينية التي اشتق منها مفهوم الفيدرالية تعني ((( الثقة ))) الثقة هي كلمة السر العميق وشفرة المعنى الدقيق التي يمنح الفيدرالية روحها ونبضها الحي ويجعلها قابلة للفهم والاستيعاب والتعقل عند الفاعليين الاجتماعيين في المجتمعات المتعافية الصحية المجتمعات التي تشاع فيها قيم الاعتراف والانصاف والتسامح والتصالح والتضامن والتعاون والمحبة والاحترام مجتمعات العدالة الانسانية المختبرة عبر تجربة طويلة من العلاقات المتبادلة والاحتكاكات المستمرة والتعايش والتساكن بين افراد المجتمع بما جعلهم يطمئنون بعضهم الى بعض ويثقون ببعضهم ببعض في مناخ رحيب بالاحترام والثقة والامان ، ولا تكون الثقة بين الناس الا بالخبرة والتجربة ، وحينما يفقد اعضاء مجتمع ما ثقة بعضهم ببعض وتشيع بينهم قيم الخوف والشك والريبة والتوجس بسسبب خبرات متراكمة من الغدر والنكث بالعهود وخيانة الامانة والمؤمرات والفخاخ والدسائس وتغليب القوة على الحق والاتفاق والاحتكام الى قوة السيف والساعد في حل الازمات والمشكلات المجتمعية الناشبة ، كما هو الحال في (جمهورية الغزو والتكفير اليمنية ) فكيف يمكن تخيل معنى وضع الفيدرالية والأقاليم المزعومة التي يراد فرضها اليوم على شعب الجنوب الثائر بقوة الحديد والنار ، رغم ما قيل عن قصة ا(لأعتذار المهين) ومؤتمر الحوار العقيم والنقاط العشرين 11 وو((ثيقة ضمانات الحل العادل للقضية الجنوبية )) والمخرجات والاقليم ال 6 ((سبأ ومعين وآزال وتهامة والجند وذمار ))، وحملة تدشين الأقليمين اليتمين ( شرقي وغربي ) ، المسعورة هذه الأيام في عدن وحضرموت والضالع وشبوه ولحج وابين والمهرة وسقطرة ، نقول رغم كل ما قيل ويقال فمازالت صنعاء هي صنعاء كما عهدناها امينة لذاتها لم تتبدل او تتزحزح عن سجيتها الاصلية التي تجعل اغباء الكائنات تفقد الثقة بها وبمخرجاتها وبمشاريعها وبكل شيء يصدر منها وعنها ، ويسلك الناس وفق لما يعتقدون فاذا ماعتقدوا انك شخص خير وطيب وامين ومخلص ونزيه ووفي وصادق وعادل وشجاع وكريم فمن المؤكد انهم سمينحونك ثقتهم اما اذا ما اعتقدوا بانك مخادع وغدار وكذاب وخائن ونذل وجبان ونهاب ولص ومجرم .... الخ فمن المؤكد انهم لن يثقون فيك او يأمنوا شرك بل تجدهم في حالة خوف وتوجس وشك وريب واستنفار منك ومن كل ما تقوله او تفعله من اعمال حتى وان كنت تريد لهم الخير والنفع فيما تود فعله هذه المرة ! وما اصعب ترميم العلاقة بين الناس بعدما يفقدون الثقة بعضهم ببعض بعد تجارب وخبرات عملية متراكمة من ممارسة العيش والاحتكاك والتصادم والتفاعل المستمر بينهم ، وكيف للضحية ان يثق بالقاتل ، وكيف للمسروق ان يثق بالسارق وكيف للمنهوب ان يثق بالناهب وكيف بالمغدور ان يثق بالغادر وكيف للملطوم ان يثق بالاطم ، واللطام ينسى لكن الملطوم لاينسى ابدا ! والنار لا تحرق الا رجل واطيها كما يقول المثل العربي ، والثقة التي يمكن ان تتأسس فيها وعليها الاتفاقات القابلة للحياة بين البشر لابد ان يتم بناء طرحها المتين حجر حجر بحرص واخلاص وصبر ومسؤولية عالية من جميع الاطراف -لاسيما الاطراف المرتكبة للجنح والآثام _ بعد ابدى الشعور بالندم تجاه الفضائع والاخطاء المقترفة المسيئة السابقة بحق الضحايا والاعتراف بها علنااعتذار عنها برغبة وشفافية وسلامة نية وتأكيد ذلك بافعال واعمال وبراهين محسوسة ملموسة جديرة بالثقة والقيمة والاعتبار ، ومن يزرع الكذب يحصد البوار !!!
بعد ما كان وما لم يكن لا شيء تحقق بشأن الجنوب واستحقاقاته السياسية الوطنية الشاملة التي ثار في سبيلها شعب الجنوب منذ غزوة التكفير والاحتلال الشمالي الهمجي على مدى عقدين من الزمن واعلن ثورته السلمية التحررية من اجل التحرير والاستقلال والسيادة الكاملة ، وقدم في سبيلها التضحيات تلو التضحيات الغالية من روحة ودمه ولحمه وكده ونكده وآلمه وعذاباته التي لا حدود لها ، لا شيء جدير بالأهمية والاعتبار يلوح من ما يسمى (مؤتمر الحوار المزعوم ).غير الكلام والمزيد من الكلام المصحوب بالكثير من الأوهام والأحلام الخاوية التي يتم الترويج لها بعدها انجازات حققها إخوانا الجنوبيين المشاركين في سرك الخوار الهزلي في موفونبيك صنعاء بسم الحراك الجنوبي الذي اعلن رفضه مبكرا منه ، اذ لو ان ثمة شيئا تحقق لظهر وبان وسمعناه وراءيناه ولمسناه بحوسانا وعلى الارض وفي هذا العالم الا نساني عالم الممارسة العملية الواقعية . ومن المهم ان نكونعلى حذر من الانخداع للمرة آلاف من تصديق ما يقال من وعود وتسريبات وفقعات كلامية دأبت صنعاء على اطلاقها للتغطية على مواقفها الحقيقية بالزوابع الكلامية التي تشغل وتلهي بها الراي العام حتى تمرر مشاريعها الاستراتيجية القديمة الجديدة كما هي عليه عاداتها التي لم تحد عنها يوما !! _ولو ان لدى صنعاء وقواها التقليدية المهيمنة التي كفرت الجنوب وغزته ودمرته وغنمته ولوثته ولا تزال تعيث فيه فسادا _ نقول لو كان لديها نية صادقة لفعل شيء طيب ومفيد للجنوب شعبه فعلته ، كما تفعل الجرائم والافاعيل الشريرة كل يوم منذ ان عرفها عام 90م وعلى مدى عقدين ونيف من الفضائع والجرائم والمآسي والعذبات التي لا تعد ولا تحصى وكان اخرها تلك الجرعة الفيدرالية القاتلة التي تريد تجريعه ايها بقوة السيف والساعد ، كما اعلنت يوم التدشين المشين حينما استباحت اقدم واعرق مؤسسة اكاديمية في شبه الجزيرة العربية ( جامعة عدن ) يوم الاثنيين الموافق 17 فبراير 2014م ، وما ارتكبته قوى صنعاء الهمجية اليوم الخميس الموافق 20 فبراير بحق جموع المتظاهريين الجنوبيين المسالميين العزل الذين ارادوا التعبير عن صوتهم المدني في اعتصام مليوني كبير في ساحة الحرية والتحرير في خور مكسر لاسماع العالم اجمع صرخة الرفض الأخير، من قمع وحشي وجرائم ضد الانسانية بفرض طوق امني رهيب على عاصمتهم عدن واحتلال ساحة الحرية بالقوة العسكرية ومنع الناس من الاعتصام والتظاهر السلمي بقوة الحديد والنار ، فكيف لهذه القوى الوالغة بدماء الناس وحرماتهم ان تقنع احد بمشروعها الفيدرالي الذي لا يقوم الا على اساس الثقة والطمئنينة والامن والامان؟ ا ننا_ البشر _ اشخاص في غاية الحساسية ونتألم للطريقة التي يتعامل وينظر بها المجتمع معنا والينا , وحاجة الانسان الاعتراف هي الرغبة الاكثر التهابا في الذات الانسانية ولا يوجد شخص سوي يستطيع العيش في المجتمع بدون اشباع هذه الحاجة بطريقة او اخرى ولا يوجد ثمن نحن غير مستعدين لدفعه لكي نحظى بهذا الاعتراف , ولقد تخلى البشر بإرادتهم غالبا عن الحياة وذلك في سبيل امور تتصل بالكرامة والشرف والشعور بالذات والسمعة الحسنة .

وبالعودة الى موضوع الفيدرالية المنشودة يمكننا التأكيد بان وجود الدولة الديمقراطية ورسوخ مؤسساتها هو شرط وجود الفيدرالية وامكان تحققها وهذا ما الح عليه الخبير الدولي في الفيدراليات جورج أندرسون في كتابه مقدمة عن الفيدرالية اذ أشار الى ( ان الفيدرالية هي شكل دمقراطي من أشكال الحكم لا تلاءم المجتمعات التي تفتقر الى ثقافة سياسية راسخة بالدولة والدستور وسيادة القانون وهوية سياسية مشتركة واحترام حقوق الأقليات ... اما في البلدان التي ليس لديها خبرة وتجربة سياسية ديمقراطية راسخة فالفيدرالية تكون زائفة ، وقد فشلت الأنظمة الفيدرالية في البلدان قليلة الخبرة بالديمقراطية وحيث الشعور الضعيف بهوية مواطنية مشتركة )) اما حيث تغيب تقاليد المؤسسة السياسية الجامعة ، مؤسسة المؤسسات اي الدولة المنظمة بالدستور والقانون فان الحديث عن الفيدرالية هو عبث طفولي خالص وهلوسة جنونية ربما تكون كارثة على حياة الناس في تلك المجتمعات الفطرية ، وبدلا من ان تكون الفيدرالية وصفة ناجعة لعلاج أزمة سياسية يمكنها ان تتحول في البيئات غير الصحية الى سم زعاف وجرعة قاتلة للجسد التي يفترض انها جاءت لاشفاءه ، أليست مخرجات حوار الموفنبيك وأقاليمها الفدرالية العجيبة كما تدل كل الشواهد الآن وهنا تنذر بأشد الإخطار بما تحمله من جرعة سحرية سامة لعلاج القضية الجنوبية العادلة وحل مشاكل الشمال المزمنة ، ومن ذا الذي يستطيع إقناع أهل ذمار بعدم مشروعي مطلبهم اقليم سابع ؟ اما شعب الجنوب الثائر فقد أعلن عدم اعترافه بالحوار مخرجاته قبل انعقاده ، وأكد للعالم اجمع ان قضيته ليس فيدرالية ، بل قضية احتلال دولته وأرضه ونهب وتدمير خيراته وطمس هويته السياسية الوطنية الثقافية ، ومن ثم فان هدف ثورته هو التحرير والاستقلال واستعادة السيادة الكاملة ، فكيف لمن هو صاحب دولة كاملة السيادة يرضى بالفتات الفيدرالي من عصابات الغزات الذين يجهلون جهل تام خبرة وتجربة المؤسسة الوطنية السياسية الجامعة ؟! حقاً ما قاله البريطاني بول دريش ، اليمن هو الشذوذ الوحيد عن القاعدة ، قاعدة التطور الاجتماعي التاريخي ، الذي يسير من الأدنى الى الأعلى ، من القبيلة الى الدولة) ومن ثم ومن الدولة الى الفيدرالية الا باليمن السعيد بجهله وظلمه وظلامه ، سارت ما كان يفترض انها دولة جمهورية الى القبيلة والعشيرة والعائلة ، وسارت ما كان يفترض انها دولة اتحادية الى غزوة تكفيرية واستباحة واحتلال الدولة اليتيمة في عدن ، وهاهم الان يروجون للأقاليم بعد ان دمروا كل مقومات الدولة في الجنوب واحالوها أثر بعد عين !اننا نرفض الفيدرالية ليس لانها باطلة بذاتها ولكن لأنها ليست العلة التي نشتكي منها يا أغبياء ، وهل يكون علاج من يشتكي فقر الندم هو حبوب منع الحمل ؟!
ثمة فرق بين قبول الفدرالية كقيمة سياسية ديمقراطية عامة مجردة وأداة ممكنة في تأسيس مشروع الدولة الحديثة دولة العقد الاجتماعي العادلة حينما تكون شروط ومقومات تحققها مكتملة ومهيئة ولو في حدودها الدنيا كما هو حال الفدراليات الناجحة والمستقرة والمزدهرة في عالمنا المعاصر ، وبين رفض الفدرالية بعدها ، شعار ووسيلة وتبرير للمشاريع قوى ومصالح تقليدية مهيمنة لا هدف لها ابعد من ديمومة وضعها وتأبيده بكل وسيلة ممكنة على حساب حقوق الآخرين ومصالحهم وعلى حساب مشروع الدولة المفترضة الغائبة ، كما هو حال فدرالية الموفنبيك المختلقة مسخا لا يحمل ذرة واحدة من المشروعية والأصالة ويفتقد الى كل مقومات وشروط التحقق الممكن . ان اقلمة (الجمهورية اليمنية ) الفاشلة والمنتهية الشرعية القانونية والاهلية الاخلاقية بحرب اجتياح واحتلال قوى الغزو والتكفير التقليدية المهيمنة في صنعاء للجنوب في 7/ 7 94م ، نقول ان اقلمة هذا الكيان العسكري الدموي الباطل وتحويله الى دولة فدرالية كما يزعمون هو هروب سحري مهين من مواجهات الاستحقاقات_الواقعية الراسخة الثابتة لشعب الجنوب وقضيته العادلة وللمجتمع المقهور في الشمال _ استحقاقات يستحيل تجاوزها بهذه الوصفات السحرية العابرة من دهاليز التاريخ الغابرة التي استحضرها حواريوا جمال بن عمر في موفنبيك صنعاء الباردة .
فكرة الفدرالية التي ولدت ميته لا تختلف عن فكرة الأشتراكية والوحدة والجمهورية والديمقراطية والحداثة والتحديث والثورة والحوار التي استخدمتها ذات القوى المهيمنة شعارات تبدو انها حق ولكن يراد بها باطل ! فكيف يمكن تخيل مشروع دولة ممكنة من اي نمط كان مع من يزعم انه (الثوري والحامي والوطني الاول في اليمن بينما يعلن في اخر مقابلة له قبل يومين فقط وبالحرف الواحد في مقابلة مع صحيفة المصدر قائلا ((( من خان حاشد خان الله والوطن ))) وغير ذلك من الكلام الواضح الدال الذي يعكس ثقافة مهيمنة سائدة وعميقة وفاعلة وقوية وحاضرة في المملكة المتوكلية اليمنية التي اعيد انتاجها اليوم باسماء وصيغ اخرى كما كتب الباحث البريطاني بول دريش قبل سنوات ثقافة تاريخية يستحيل مغالطتها بالشعارات والتوفقات الزائفة ،واالثقافة هي ما يبقى بعد نسيان كل شيء ، ليست المسألة سياسية كما قد يتصور البعض بل ذات جذور وابعاد تاريخية اجتماعية ثقافية راسخة وبين السياسة والثقافة علاقة عكسية حسب الانثوبولوجيا السياسية ، اذكلما كان الاندماج الثقافي قويا كان الاندماج السياسي ضعيفا والعكس صحيح ، وهذا ما نراه واقع حال وشاهد عيان في حياتنا الان ، اذ ان تجربة وخبرة الشمال السياسية تختلف اختلافا صارخا عن خبرة وتجربة الجنوب السياسية الثقافية من هذه البؤرة الساخنة والحاسمة يمكن لنا النظر والفهم لجوهر الاختلاف والتناقض بين (المشكلة الشمالية والقضية الجنوبية). كتب الباحث الفرنسي (فرانك مرمييه) دراسة بعنوان (اليمن: موروث تاريخي مجزّأ) ما يلي: " كان للقطيعة مع النظام القديم والناتجة عن قيام نظام جمهوري في الشمال وفي الجنوب نتائج مختلفة على البنية الاجتماعية والسياسية حتى من حيث الطبيعة المتناقضة للدولتين اليمنيتين... وبدا أن النظام الاشتراكي في الجنوب قد (حل) المشكلة القبلية ونجح في خلق دولة حديثة ومواطنة حقيقية متحررة من التعصب العشائري. وهكذا بدا متناقضاً تناقضاً قوياً مع (دولة) الشمال التي ظلت خاضعة لمشايخ القبائل الزيدية ... وتناقضت السيطرة على سكان الجنوب، وفقاً لنموذج بلدان الكتلة السوفيتية السابقة، تناقضاً قوياً مع الاستقلال الذاتي لرجال القبائل في الشمال ... ولم يؤد إنشاء جيش وطني في الشمال إلى وجود قوة معادلة لقوة المؤسسة القبلية لأن رجال القبائل والمشايخ اخترقوا الجيش نفسه..." ويضيف قائلاً: "تبدو الجمهورية اليمنية اليوم على المستوى السياسي استمراراً للجمهورية العربية اليمنية أكثر منها محاولة أصيلة لدمج نظامي صنعاء وعدن وقد شبهت هذه السيطرة للسلطة الشمالية على جميع مناطق البلاد ب(الاستعمار الداخلي) ينظر كتاب اليمن المعاصر ترجمة علي محمد زيد ص15".
حرصنا على إيراد هذا النص الذي يعود إلى عام 1997م بهدف تأصيل الفهم بشأن الأسباب والعلل الكامنة خلف النتائج التي نراها اليوم، والتي تم التخطيط المنهجي لهامن قبل قوى الهيمنة التقليدية المتسلطة في الشمال منذ القدم والمحتلة للجنوب منذ عام 1990م بالمكر الدبلوماسي والغزو الهمجي منذ 1994م. أما وقد أصبحنا وأصبح الملك لله اليوم وتجلت الحقائق الصارخة للعيان والأذهان وتكشف الأسرار والألغاز وأعترف أمراء الحرب ضد الجنوب بما فعلوه من جرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية التي تعني في الشرعية الدولية تدمير المؤسسات الحيوية لجماع سياسية او وطنية أو لشعب بغرض حرمانه من الوجود الفعال وهذا هو جوهر ما تم فعله في الجنوب من خلال وعبر الحرب الغاشمة المبررة بالفتوى التكفيرية الشهيرة والتدمير والنهب الممنهج لكل (دولة) الشعب الجنوبي بجميع مؤسساتها الحديثة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والثقافية .. إلخ , بحيث أننا اليوم وبعد عقدين منذ ارتكاب تلك الجريمة البشعة لم نجد للجنوب أثر يدل على وجوده المفترض فيما يسمى زوراً وبهتان ب(الجمهورية اليمنية) ، هل هناك شاهد أوضح أو برهان مما نراه هنا والآن من فداحة الجرم المرتكب ضد دولة وشعب الجنوب فإذا كانت القوى الفاعلة الحاضرة المتصارعة اليوم في (عاصمة الوحدة) هي شمالية الأصل والفصل والحسب والنسب والسياق والتاريخ، وهي أربعة أساسية : عصابة الحكم , ومشيخة حاشد وجيش الفرقة وجماعة الحوثي، وفروعها المؤسسية التقليدية الاجتماعية والسياسية والدينية والإيديولوجية المهيمنة في كل المحافظات فأين هي دولة الجنوب ومؤسساتها الحديثة الكثيرة، أهي فصح ملح ذاب ؟وهل يعقل أن لا يمتلك الجنوبيين الذين ساهموا في (مشروع الوحدة) بثلثين المساحة و 80% من الثروة، هل يعقل أن لا يمتلكون مؤسسة واحدة فاعلة تدل على وجودهم السياسي والاجتماعي والثقافي التاريخي (والوحدوي)؟.في عاصمة دولة الوحدة الجبلية صنعاء القديمة الجديدة التي تتقاسمها القوى التقليدية الشمالية ذاتها حتى وان تغيرة الاسماء والاشخاص .هكذا يجب أن نفهم معنى القضية الجنوبية، إذ أن المسألة ليست مجرد حرب ولا استعمار (الجنوب) كما اعترف أحد فرقا الحرب، أو فتوى استحلال وإباحة الدم والأرض والعرض، كما أكد الفريق الآخر ولا نهب وسلب وتدمير وسرقة خيرات ومقدرات دولة شعب الجنوب كما أكد الفريق الثالث بل هي (جريمة إبادة جماعية) بكل ما تعنيه الكلمة، جريمة نراها اليوم ماثلة في المآل الذي وصل إليه الجنوب وأهله من عجز وغياب عن الوجود الفعال والفعل الجدير بالاعتبار، فليس للجنوب اليوم أي مؤسسة أو قوة فاعلة تلعب في الميدان السياسي، ولولا (ثورة) المقاومة السلمية التي انطلقت في 7/7/2007م من عدن المحتلة فيما اصطلح ب الحراك الجنوبي الشعبي السلمي ، والتي تكالبت ولا زالت تتكالب عليها جميع القوى التقليدية المهيمنة في الشمال نقول لولا ثورة المقاومة الجنوبية السلمية بكل قواها وعلى مدى السنوات الماضي من ثورة المقاومة الجنوبية السلمية التحررية والتي تكللت بسبع تظاهرات مليونيات جماهيرية في عدن والمكلا ادهشت العالم فضلا عن قوافل الشهداء الابرار والجرحى والمعتقلين والاسرى وكل الجهود المقاومة المرئية وغير المرئية لولا ذلك لاختفىء صوت الجنوب كما حاولوا اخفاء صورته وسيادته بجريمة الغزوة الجاهلية الغاشمة , فإذا كان الشمال المقهور قد غيب صوته وطمست صورته طوال القرون من قبل الشمال القاهر الحاكم والمتسلط والمهيمن،شمال القوى التقليدية الراسخة المهيمنة ,لاسباب تاريخية ثقافية يطول شرحها هنا , فأين الجنوب إذن؟ الجنوب الحديث الذي قيل انه بما يمثله من دولة وسيادة وشعب وهوية دخل عملية شراكة مع الشمال التقليدي القليل المساحة الكثيرالسكان بيد أن المثير للأسف الشديد أن بعض النخب المثقفة في الشمال ممن يفترض أنها تمثل الثقافة الحديثة من الأحزاب والمنظمات والأفراد لا زالت حتى اللحظة تكشف عن سوء فهم معيب وغريب لحقيقية (القضية الجنوبية) وجوهر المشكلة الشمالية، مكتفية بمشاعر المؤمن بإزاء الجرائم البشعة والفضاعات الخطيرة، وحينما تحاول النظر إلى القضية من زاوية نظر تبسيطية أخلاقية وإيديولوجية وسياسية ضيقة فهي تمعن في تكريس حالة سوء التفاهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.