منذ الحادي والعشرين من الشهر الماضي والشرعية في صنعاء مفقودة رسميا بعد فقدانها في الجنوب في العام 94.. واذا سلمنا جدلا ان ما حدث في صنعاء عام 2012 من توافق بين اطراف الازمة اوجد شرعية توافقية بينهم فهذه الشرعية مفقودة اليوم بفقدان التوافق الظاهر للعيان. وبنظرة سريعة على المؤسسات السيادية والرئيسية في صنعاء والجمهورية العربية اليمنية نخرج بما يلي:
- مؤسسة الرئاسة: انتهت شرعيتها بانتهاء الولاية الرئاسية المقرة بمسرحية انتخابات التزكية للمرشح الوحيد حينها (عبدربه منصور هادي) الذي هو في الأصل جزء من النظام السابق الذي ثار الشماليون ضده، وانتهت الشرعية الديكورية في العشرين من فبراير الماضي، ولكننا نشاهد استمراره في الحكم عبر التمديد الصامت وبدون أي سند شرعي ولو ديكوري مثل الانتخابات الهزلية في العام 2012، يعني بلهجتنا الدارجة (سكيتي)، ولو حصل هذا في بلد يحترم نفسه لخرج الناس ووسائل الإعلام والنشطاء الحقوقيين ضده، لكنه اليمن بلاد العجائب.
- مؤسسة البرلمان: الممثلة بمجلس النواب العتيد الذي يوشك ان يصبح اقدم برلمان حالي على مستوى العالم، فالتمديد لهذا البرلمان تم اكثر من مرة خلال عهد المحروق وخلال عهد الحالي، ويتم التمديد الان تمديد صامت (سكيتي)، وبدون اي مظاهر احتجاجية في صنعاء وهذا لانه اليمن بلاد العجائب.
- الحكومة: ثبت فشلها وانتهت شرعيتها ومع هذا باقية ولا مجال لتغييرها والتمديد لها مستمر وفق التمديد للبرلمان، ولو ان هذا حصل في بلد يحترم نفسه لخرج الشعب ثائرا، لكنه اليمن بلاد العجائب، فلا عجب إذن.
- السلطات المحلية: ممثلة في مجالس المحافظات ومجالس المديريات، بدأت المسرحية في عهد المحروق عندما كذب وقال (حكم محلي واسع الصلاحيات وانتخاب المحافظين)، وجاءت انتخابات المحافظين بأشخاص موالين له، وعندما ذهب تم تعيين آخرين حسب صفقة تقاسم السلطة وأطاحوا بمسرحية الانتخابات الشكلية السابقة، وحتى محافظ عدن الإصلاحي الحالي الذي قال انه سيسلم السلطة تراجع عن كلامه وتشبث فيها مثله مثل المحروق، وهو نفسه في الاصل وكيل لكل المحافظين السابقين منذ عشرين سنة وله قضايا فساد واليوم مازال فساده ولكن بدرجة محافظ وبصلاحيات اكبر، ومع هذا يتحدثون عن تغيير وديمقراطية، ولكنه اليمن بلاد العجائب، فلا عجب.
- مؤتمر الحوار: اجتمع فيه أصحاب التاريخ الحافل بالفشل والإجرام والفساد واتفقوا على حل مشاكل الناس التي كانوا السبب فيها، واصبحوا هم انفسهم الخصم والحكم، وتحاوروا مع انفسهم وحددوا الحل المناسب لهم وأعطوا لأنفسهم حصانة، وتقاسموا السلطة والثروة، ثم هددوا الرافضين لهذه المسرحية بالعصا الدولية، ولكنه اليمن بلاد العجائب، فلا عجب.
- مشروع الأقاليم: هو مشروع تخدير فقط، وطريقة للهروب للأمام بدل العودة للخلف وتصحيح الأخطاء، وبرغم اعترافهم بأن القضية الجنوبية قضية سياسية لكنهم ذهبوا وبحثوا عن حل إداري يشمل الجنوب والشمال، وايضا سيتم بمسرحية جديدة تعيد فقط تشكيل الفاسدين والمجرمين والفاشلين في شكل اداري جديد في اطار الاقليم بدل من المحافظة والمديرية، ولكنه اليمن بلاد العجائب، فلا عجب.
لكن العجب في هذا كله العصا الدولية التي تريد ان تنفذ خطة فاشلة لاعادة انتاج النظام السابق بإزالة الصف الأول وتصدير الصف الثاني للأمام، والتلويح بمعاقبة الرافضين لهذه المسرحية الجديدة سواء من الأحرار في الجنوب الذين رفضوا منذ التسعينات كل المسرحيات الهزيلة، أو من الصف الأول في النظام الذي يرفض أن يتراجع للوراء ليحل محله الصف الثاني بدعوى التغيير والديمقراطية.