حينما اندلعت أولى فعاليات حركة الاحتجاجات الشعبية المتعاظمة والمطالبة برحيل صالح في عدد من المحافظات الشمالية في ال3 من فبراير من هذا العام وسط العاصمة اليمنية صنعاء كان هناك الآلاف من أنصار "الحراك الجنوبي" يجوبون الشوارع في الجنوب وهم يرددون شعارات تمجد الحراك وتطالب بالانفصال. تعالت الأصوات يومها وسط صنعاء للمرة الأولى مطالبة بإسقاط نظام الرئيس صالح فيما كانت الأصوات في الجنوب تصدح منذ أربع سنوات مطالبة برحيل صالح لكن ليس عن اليمن أو النظام الحاكم في اليمن وإنما عن الجنوب فقط.
بعد الثالث من فبراير بدأت الأمور نحو التصعيد، وجد الحراك الجنوبي نفسه يغرق وسط خضم ضغط قوي يمثله الدعوات إلى الإطاحة بصالح والمصحوبة بضغط إعلامي وحماس جماهيري بسبب ماحدث في تونس ومصر .
رغم الصمت الذي أبدته المعارضة اليمنية بداية حيال دعوات إسقاط صالح إلا ان الاحتجاجات التي نظمها شباب محتجون في عدد من المحافظات الشمالية للمطالبة بإسقاط النظام كانت رياحهها تهب نحو الجنوب وتلهب مشاعر الكثير من الحانقين على النظام الحاكم وعلى خلافات قيادات الحراك الجنوبي .
في مدينة عدن التي شهدت أولى فعاليات "الحراك الجنوبي" قبل سنوات كانت أولى رياح المناداة برحيل صالح تهب من هناك ولكنها ليست هذه المرة من قوى الحراك الجنوبي وإنما من فئات شبابية لاتنتمي إلى كيان سياسي.
نفذ المئات من الشباب الحانقين على أوضاعهم المعيشية وإحساسهم الشديد بالإحباط تظاهرات مناوئة للحكومة كانت أولى شعاراتها هي محاربة الفساد الا ان سقف مطالب هذه الاحتجاجات تصعد سريعا ليتحول إلى مطالبه صريحة برحيل صالح.
سار المئات في المنصورة وآخرون في كريتر وخلال ثلاثة أيام فقط كانت الاحتجاجات في تصاعد مستمر دون ان يكون لأي فصيل سياسي على الساحة أي دور في مايحدث بما في ذلك أحزاب اللقاء المشترك والحراك الجنوبي.
حينما تعامل الأمن بقسوة مع هذه الاحتجاجات وحينما سقط عدد من القتلى برصاص الأمن ، يومها اشتعلت المنصورة عن بكرة أبيها كان الحدث مفاجئا للجميع الآلاف المتظاهرين يرددون هتافات مناوئة في حركة احتجاج يبدو لها ان ستطول ، بدأ الأمر بالنسبة لقيادات الحراك الجنوبي مفاجئا وغير متوقعا.
حقيقة لم أتوقع ان يحدث كل ذلك في غضون يومين هكذا يقول قيادي في الحراك الجنوبي ل"عدن الغد" ويضيف:" ماحدث أمر ايجابي وكان على الحراك ان يتعاطى معه بروح سياسية .
خلال الأيام الأولى بدأ الحراك الجنوبي مرتبكاً كان الحدث فجائيا بالنسبة للكثير من قياداته ،مايحدث في عدن أمر لايصدق حركة احتجاج هي الأولى من نوعها انتظر الحراك حدوثها لسنوات طويلة الا ن مطالب المحتجين قد لاتبدو مفهومة .
ساد التخوف أوساط قيادات الحراك من ان تلتهم حركة الاحتجاجات المتصاعدة والمطالبة بتنحي صالح حصاد سنوات من الاحتجاجات التي قادها الحراك في الجنوب والتي نادت بالانفصال .
تعالت بداية الأمر أصوات الرفض لشعار الإطاحة بالنظام وأصرت قيادات في الحراك على ان مطلبها الأساسي هو الانفصال ولاخيار غير ذلك وبررت تخوفها من ان توصف حركتها بأنها جزء من مطالب المعارضة وهو مايعيدها إلى مربع قديم تقول بإنها تجاوزته قبل سنوات من اليوم.
بدأ واضحا ان حركة الاحتجاجات تمضي في حال سبيلها وان على الحراك الجنوبي ان يواكب حركة الاحتجاجات هذه لكي لاتتجاوزه وبعد أيام فقط كان العشرات من نشطاء الحراك وقياداته يشاركون في الاحتجاجات الشعبية في عدن.
ترى الكثير من قيادات الحراك الجنوبي اليوم ان إسقاط النظام هو البوابة الأولى نحو تحقيق الكثير من مطالبه وعلى هذه القاعدة دفعت بالكثير من أنصار الحراك بهدف الانضمام إلى هذه التحركات الشعبية وهتف الجميع" الشعب يريد إسقاط النظام". واليوم الاربعاء قال القيادي البارز في الحراك الجنوبي د. ناصرالخبجي في تصريح نشرته صحيفة"الأمناء" الصادرة من عدن: " نحيي كل ابناء الشمال الثائرين ضد الظلم والاستبداد والقمع والتعسف ونعلن تأييدنا لمطالبهم ومباركتنا لخطواتهم وما يجري هو عبارة عن هبة شعبية وامتداد للحركة الثورية في المنطقة المعبرة عن مطالبها باسقاط النظام المستبد لابناء الشمال منذ نحو 33 عام " – على حد تعبيره
واضاف:" نحيي ونؤيد تلك الهبة لشباب اليمن ونعبر عن استنكارنا لما مارسته وما تزال تمارسه سلطات صنعاء من قمع وقتل وعنف ضد المتظاهرين ونحيي كل الشهداء والجرحى الذين سقطوا خلال الايام الماضية في صنعاء وتعز وعدن وغيرها من المدن اليمنية كما نعلن تضامننا مع كل الثائرين في الشمال ضد النظام ونؤكد بان رحيل النظام سوف ينتج الى التغيير في الشمال والتحرير في الجنوب وان القوى الفاعلة والمناضلة هي من سوف تحدد مصير الشعبين وهذا يترتب على مدى استيعاب وتفاعل الفاعلين في الميدان للمطالب السياسية والحقوقية وكيفية التعاون والتازر وتاسيس علاقات متبادلة ما بين الطرفين مبنية على الاعتراف بالحق والقبول بالاخر واحترام اهدافة ومطالبه وحريته في تقرير مصيره " .
يشارك الحراك الجنوبي اليوم بالمئات من أنصاره من داخل عدن وآخرين دفع بهم من محافظات أخرى وألزم الجميع بعدم ترديد شعارات انفصالية حتى اللحظة ورفضت الكثير من قياداته حتى ألان السيطرة على فعاليات الاحتجاج واكتفت بالمشاركة فيها انتظاراً لما ستسفر عنه الأيام القادمة.
وتمكن الحراك من تفصيل مقاسات سياسية للإحتجاجات في عدن حتى اللحظة بين هذه المقاسات تمكنه من منع رفع إي اعلام وطنية للجمهورية التي اعلن عنها في ال22 من مايو او ترديد شعارات وحدوية ايا كان نوعها .
وقالت قيادات في الحراك ا ل"عدن الغد" ن الاحتجاجات ستمضي على هذا المنوال ، لن ترفع اعلام الحراك وبالمقابل لن ترفع شعارات وطنية يمنية ايضاً.