span style=\"color: rgb(255, 0, 0); \"span style=\"font-size: medium; \"حياة عدن/صادق ناشر* span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"حفل الأسبوع الماضي بالكثير من الأحداث في اليمن، لكن ظهور الرئيس علي عبدالله صالح على شاشة التلفزيون بعد غياب استمر لنحو خمسة أسابيع هيمن على باقي الأحداث، بخاصة وأن كافة المؤشرات التي كانت تتحدث عن حالته الصحية طوال تلك الفترة، كانت تؤكد أن الرجل غير قادر على النهوض، فما البال في الحديث والحركة، بل ويقابل أشخاصاً في تأكيد على قدرته في الاستمرار في منصبه الرئاسي، الذي ظل الإعلام الرسمي يؤكد طوال بقائه في المملكة العربية السعودية للعلاج أنه من يدير البلاد، حتى وإن كان على سرير المرض، وليس نائبه عبدربه منصور هادي الذي ظل يمارس مهامه في حدود الصلاحيات الممنوحة له في الدستور . span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"في السابع من يوليو/تموز الجاري ظهر الرئيس علي عبدالله صالح لأول مرة أمام شعبه وهو في وضع صحي صعب، حيث أظهر الفيديو الذي بثه التلفزيون الرسمي أن الرجل يعاني الكثير من المشاكل الصحية، غير أن الفيديو الثاني الذي بثه التلفزيون الأحد الماضي أظهر تحسناً في صحة الرجل، بخاصة أنه كان يحرك يديه وقدميه، مع عدم إغفال أن الرجل ما زال يعاني بعضاً من آثار الهجوم الذي تعرض له في الثالث من الشهر الماضي، وإن لم تؤثر في الصورة العامة التي ارتسمت عنه مع بداية ظهوره الأول . span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"وفي إشارة سياسية لا تخلو من دلالة كان الفيديو الثاني يحمل لقاء الرئيس صالح مع مساعد الرئيس الأمريكي باراك أوباما لشؤون مكافحة الإرهاب والأمن الداخلي جون برينان، حيث تباين الموقفان الرسمي والأمريكي بشأن ما دار في اللقاء ؛ ففيما أعلنت صنعاء أن برينان أكد موقف أوباما الداعم لوحدة اليمن واستقراره وتهنئة صالح بالشفاء وإدانته للجريمة التي استهدفت حياته في جامع الرئاسة في الثالث من شهر يونيو/حزيران الماضي، كان موقف الإدارة الأمريكية مختلفاً تماماً، حيث أعلنت واشنطن أن المسؤول الأمريكي طالب صالح بالتحرك لنقل السلطة فوراً وفق المبادرة الخليجية، من دون حتى الإشارة إلى المبادرة الأممية التي عرضها على اليمنيين ممثل الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر أو حتى بيان مجلس الأمن الدولي الذي يطالب اليمنيين بالحوار . span style=\"font-size: medium; \" span style=\"color: rgb(128, 0, 0); \"span style=\"font-size: medium; \"هل تحدث حلحلة؟ span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \" في الخطاب الذي وجهه الرئيس صالح في أول ظهور له على وسائل الإعلام، وكان يريد التأكيد على أنه ما زال صامداً في وجه أكثر وأكبر العواصف التي واجهها طوال سنوات حكمه، بدا الرئيس صالح بعيداً عن الآمال التي علقها عليه اليمنيون في فتح صفحة جديدة في حياة البلد الذي يتمزق من جراء استمرار الصراعات السياسية بعد خمسة أشهر من الانتفاضة السلمية المطالبة بالتغيير، التي تم جرها بشكل أو آخر لمربع العنف، بعدما قتل المئات وجرح الآلاف من الشباب في ساحات التغيير في مناطق البلاد كافة، إضافة إلى العشرات من قوات الجيش والأمن في أكثر من منطقة . span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"كان الوضع الطبيعي أن يظهر الرئيس صالح بخطاب مختلف عن الذي ظهر به بعد هذا الغياب، فخلال الأسابيع الخمسة التي ظل فيها يتعالج في المملكة العربية السعودية جرت مياه كثيرة في البلد، فقد دخل اليمن في مواجهات مسلحة في أكثر من منطقة، وبرزت معاناة الناس بشكل أكبر وظهرت أزمات عدة، سواء بانقطاع الخدمات العامة من كهرباء ومياه وغياب المشتقات النفطية أو من خلال استمرار المواجهات المسلحة بين قوات الجيش والأمن في مناطق توتر عدة، بخاصة في تعز، وأبين وأرحب، في وقت بدأت تظهر فيه مخاطر سيطرة الجماعات المسلحة على بعض المناطق، الأمر الذي دفع بالولاياتالمتحدةالأمريكية إلى البحث عن حلول سريعة لأزمة السلطة والمعارضة والشباب الثائر في ساحات التغيير . span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"ويبدو أن واشنطن وبعض الأطراف الإقليمية باتوا يبحثون عن تسوية سياسية تحضر فيها المعارضة ويغيب فيها شباب ساحات التغيير لإدراك هذه الأطراف أن المعارضة رمت بكل ثقلها في هذه الساحات ولمخاوف لم تستطع أطراف في المعارضة تبديدها لدى الأمريكيين والغرب عموماً، بخاصة ما يتصل بالبعد السياسي وشكل الدولة القائمة إذا ما غاب الرئيس علي عبدالله صالح . span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \" لم يكن لدى واشنطن أي تطمينات من بعض الأطراف السياسية الفاعلة في اليمن لجهة الجدية في مكافحة الإرهاب، وجاءت تصريحات الشيخ عبدالمجيد الزنداني الذي أعلن النية لإقامة دولة الخلافة الإسلامية في المرحلة المقبلة في اليمن ليعزز القناعة أكثر من أن الحركة الإسلامية في اليمن ليست هي النموذج “الأردوغاني” في أوروبا، وأنها قد تجد نفسها أمام وضع أكثر تعقيداً مما هو اليوم، على الرغم من قناعتها من أن النظام الحالي ضخّم من موضوع القاعدة إمعاناً في ابتزاز الولاياتالمتحدة والحصول على أموال بحجة مكافحة الإرهاب، فيما كانت هذه الأموال تذهب لتعزيز قبضة الرئيس صالح على المؤسسات الأمنية التي تقع تحت سيطرة نجله أحمد، الذي يتولى رئاسة وحدات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة، المعنية بمجال مكافحة الإرهاب، وإبن شقيقه يحي محمد عبدالله صالح، الذي يتولى الإشراف على قوات الأمن المركزي . span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"من هنا يبدي بعض المراقبين تفاؤلاً، وإن كان حذراً، في إيجاد حلحلة للأزمة السياسية القائمة، حلحلة تقوم على إقناع كافة الأطراف بالتعامل الجدي مع المبادرة الخليجية، التي تعتبر في نظر الولاياتالمتحدةالأمريكية أفضل “وصفة” لمعالجة الأزمة المستفحلة في البلاد، فهي تنقل السلطة بشكل سلس وآمن من الرئيس صالح إلى نائبه عبدربه منصور هادي لفترة محددة يتخللها تشكيل حكومة وحدة وطنية تقوم بالإشراف على تعديلات دستورية على قانون الانتخابات وتنقية السجل الانتخابي المطعون بشرعيته من قبل المعارضة قبل التوجه إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية شفافة بإشراف دولي بعيداً عن توظيف المال العام والإعلام والمؤسسات العسكرية والوظيفة العامة، كما هي العادة في كل انتخابات يشهدها اليمن منذ سنوات ما بعد إعلان دولة الوحدة العام 1990 . span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"إذن قد تشهد الساحة اليمنية حلحلة سياسية من نوع ما خلال الفترة القليلة المقبلة باتجاه إعادة الأطراف إلى طاولة الحوار، استناداً إلى المبادرة الخليجية التي عاد الرئيس صالح للحديث عنها في الظهور الثاني له أثناء لقائه مساعد الرئيس الأمريكي باراك أوباما لمكافحة الإرهاب والأمن الداخلي جون برينان، حيث أكد أن “التبادل السلمي للسلطة يجب أن يكون في إطار الديمقراطية وضمن قواعد الدستور، وأن المبادرة الخليجية وبيان الأممالمتحدة يمثلان أرضية للخروج من الأزمة الراهنة عبر حوار وطني يشمل القوى السياسية كافة بما يضمن تغليب المصلحة الوطنية العليا لليمن والحفاظ على وحدة الوطن واستقراره” . span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"لكن الأمريكيين يريدون، وبحسب مصادر في البيت الأبيض، أن يكون هناك تحرك سريع للأزمة القائمة من أجل وضع حد للتدهور الحاصل في البلاد على أكثر من صعيد، انطلاقاً من مخاوف الغرب من عدم القدرة في المستقبل على احتواء أي تداعيات قد تنتج عن اختلاف القوى السياسية في اليمن، والتي قد تدخل البلد في فوضى عارمة . span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"موقف الولاياتالمتحدة الداعي إلى وفاء الرئيس صالح على وجه السرعة بتعهده بتوقيع المبادرة الخليجية الرامية إلى نقل السلطة سلمياً في البلاد، يحركه الخوف من التمدد الكبير لنشاط الجماعات المسلحة، حيث ستصبح المعركة ضد تنظيم القاعدة خاسرة بشكل أكبر . span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"وبحسب المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني فإن برينان “أكد في لقائه مع الرئيس صالح أهمية حل الأزمة السياسية في اليمن حتى تتمكن الحكومة والشعب اليمنيان من التصدي بنجاح للتحديات الجسيمة التي يواجهانها بما في ذلك الهجمات الإرهابية التي ينفذها تنظيم القاعدة في جزيرة العرب والتي أودت بحياة مئات المواطنين اليمنيين” . span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"وربط الأمريكيون تقديم الدعم والمساعدة للجانب اليمني بموقف صالح من التوقيع على المبادرة الخليجية في أسرع وقت ممكن، وقال كارني إن “برينان أبلغ صالح بأن الولاياتالمتحدة تعمل بشكل وثيق مع حلفاء اليمن في مجلس التعاون الخليجي وأوروبا وغيرهم لضمان أن تتدفق على اليمن المساعدات التي تمس حاجته إليها بمجرد توقيع المبادرة الخليجية وتنفيذها”، وأضاف قائلاً إن الولاياتالمتحدة تعتقد أن “الانتقال في اليمن ينبغي أن يبدأ على الفور حتى يمكن للشعب اليمني أن يحقق آماله” . span style=\"font-size: medium; \" span style=\"color: rgb(128, 0, 0); \"span style=\"font-size: medium; \"الكرة في ملعب السياسيين span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"بعد أسابيع من الجمود السياسي، الذي تأثر بغياب الرئيس صالح، بات على اليمنيين أن يجدوا الطريقة المثلى لإخراج البلد من أزماتها المتسارعة، التي تأثرت بفعل اندلاع التظاهرات التي خرجت إلى الشوارع في الحادي عشر من شهر فبراير/شباط الماضي، وكان من إحدى إفرازاتها دخول البلد في مواجهات طاحنة، بعد أن حولها النظام من ثورة سلمية إلى أزمة سياسية، وحصرها بين النظام وأحزاب المعارضة، المنضوية في إطار تكتل أحزاب اللقاء المشترك، وتناسى رغبات شباب ساحات التغيير الذين يطالبون بتغيير أساليب وأدوات النظام لحماية اليمن من أية خضات أو هزات في المستقبل span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"وقد نجحت السلطة في جر الأحزاب السياسية المعارضة إلى هذا المربع، ما جعل الكثير يعتقدون في الداخل والخارج أن المعارضة تبحث عن اتفاق لتقاسم السلطة ليس أكثر، وهو ما فهم من الخطاب الذي ألقاه الرئيس صالح في ظهوره الأول في السابع من يوليو/تموز الجاري، الذي دعا فيه إلى “شراكة سياسية” وإلى “تقاسم السلطة”، بمعنى آخر أراد الرئيس صالح أن يؤكد أن أزمته ليست مع الشباب في ساحات التغيير، بل مع الأحزاب السياسية التي تطالبه بالتخلي عن السلطة لمصلحة نائبه الحالي عبدربه منصور هادي، الذي رفض التجاوب مع هذه المطالب، وتبنى دعوة المعارضة للدخول في حوار مع حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم لبحث كافة القضايا المعلقة . span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"وفيما لم تعلن المعارضة موقفاً واضحاً من الدعوة، إلا أن حزب المؤتمر الشعبي العام وحلفاءه في التحالف الوطني الديمقراطي أبدوا استعدادهم لاستئناف الحوار، خاصة وأن “الوطن وفي ظل هذه الظروف العصيبة يشهد الكثير من المؤامرات والألاعيب الشيطانية التي تحاك ضد يمننا الحبيب، من قبل بعض العملاء والخونة والمرتزقة وقطاع الطرق، الذين يتخذون من هذا التآمر وسيلة وأداة لهدم صرح الديمقراطية ولهدم فجر يوم الثاني والعشرين من مايو 1990”، بحسب بيان صدر عن الحزب الحاكم وحلفائه، وهي لغة لا تزال إقصائية وغير تصالحية، فالحزب ما زال يتحدث عن “مؤامرات تحيكها بعض من تسمي نفسها قوى سياسية” و”أجندة خارجية مشبوهة تنفذها قوى سياسية قبلت على نفسها أن تكون أداة تنفيذٍ للعبث والتخريب ومرتكزاً لتدمير الوطن” . span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \" أما المعارضة فإنها دعت الشعب إلى “استنفار طاقته لهبة ثانية تسقط ما تبقى من أركان النظام”، وأكد بيان للمعارضة تزامن مع الظهور الأول للرئيس صالح أنه “لم يعد أمام الشعب إلا أن يهب ويستنفر كامل قواه الفاعلة لطرد بقايا هذه الفلول وينهي سيطرة العصابة واختطافها السلطة ويحيلها للعدالة لتنال جزاءها الرادع جراء ما اقترفته من جرائم بحق شعبنا لم تتوقف” . span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"ودعا البيان الشعب اليمني إلى “الاستنفار والمرابطة السلمية في ساحات التغيير وميادين الحرية وتصعيد العمل الثوري السلمي لإسقاط ما تبقى من هذه العصابة المارقة عن إرادة الشعب وتطلعاته والمتمردة حتى على الشرعية الدستورية التي تدعيها”، كما دعت الشباب إلى “المزيد من التلاحم والتماسك ووحدة الصف ومضاعفة الجهود في هذا التصعيد الثوري السلمي حتى طرد فلول العصابة المارقة وإنهاء سيطرتها واختطافها للسلطة التي هي حق للشعب وحده” . span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"هذا التباين في مواقف السلطة والمعارضة يؤكد عمق الأزمة القائمة في البلاد، كما أنه يجعل أي اتفاق بين الطرفين أمراً معقداً، فالحزب الحاكم استعاد بعضاً من الزخم الذي افتقده في غياب الرئيس صالح وبدأ يلعب على وتر المخاوف من حدوث اختراق جدي لعناصر تنظيم القاعدة في المناطق الجنوبية من البلاد، بخاصة في أبين، وهو أمر حذر منه نائب الرئيس عبدربه منصور هادي الذي نبه العالم إلى مخاطر استيلاء تنظيم القاعدة على الممرات المائية الواقعة في خليج عدن . وهناك قضية أخرى يلوح بها الحزب الحاكم المتمثلة بورقة الانفصال، إذ يرى أن الانقلاب على النظام سوف يشجع أطرافاً سياسية لتبني مشروع الانفصال . span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"والحقيقة التي لا يجب أن تغيب عن أذهان الجميع أن التمترس خلف المواقف الحدية التي نشاهدها اليوم في موقفي السلطة والمعارضة هي التي ستقود البلاد إلى فوضى شاملة وحرب أهلية تمزق اليمن إلى “كانتونات صغيرة”، ومن البديهي أن تكون هناك تسوية حقيقية لاتستبعد أو تقصي أحداً، فمن المعروف أن أي أزمة تعصف بأي بلد، خاصة إذا كانت تركيبته السياسية والقبلية والاجتماعية هشة مثل الواقع في اليمن اليوم تتطلب تنازلات . span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \"لهذا فإن على الحكماء في السلطة وحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، وهم كثر، ولا يشكك أحد في وطنيتهم وحبهم لليمن، أن يلعبوا دوراً محورياً في الترتيبات المقبلة للبيت اليمني الذي تشتعل فيه الحرائق من جراء الحروب في كل مكان، وعلى المعارضة أن تسهم في صيانة هذا البيت بحيث تلغي من قاموسها مفاهيم الإلغاء و”الاجتثاث”، فكل النكبات التي تعرض لها اليمن في تاريخه كانت بسبب إقصاء الآخر من المشاركة في الحكم، وحان الوقت لتستقيم المعادلة المفقودة فيحكم الأفضل المنتخب من الشعب ليحيا الجميع من دون خوف أو قلق من المجهول الذي ينتظر اليمن وأهله . span style=\"font-size: medium; \" span style=\"font-size: medium; \" div style=\"text-align: left; \"