/كتب د.يحيى شايف الشعبي * عندما نصف الوضع في الجنوب بانه اسوأ من الاحتلال نجعل من المصطلح عنوان مطاطي عام ينطبق على الوضع في صعدة او الحديدة او مأرب ولكن مصطلح احتلال لاينطبق على هذه الثلاث المحافظات. قليلون هم من ينذرون الذات في سبيل الموضوع يقاطعون الحياة واغراءاتها من اجل ان ترى مشاريعهم الفكرية والفلسفية النور بوساطة انزالها من الابراج النظرية الى ميادين الواقع المعاش ويحرصون اشد الحرص على استيعاب الراي الاخر كضمان حقيقي للنجاح. الدكتور مسدوس واحد من هؤلاء الرجال القلائل تسمع ونقرأ ونتفاعل مع انجازاته الفكرية والمعرفية والفلسفية بكل ابعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية منذ ماقبل الوحدة الى يومنا هذا ويتميز د. مسدوس بحساسية عالية وبقدرة نادرة في قراءة الاخر متمرس في ثنائية الاستماع والحوار معا هذا الثنائية مكنته من قراءة نفسية الاخر والكيفية التي يفكر فيها والهدف الذي يريد الوصول اليه منذ اللحظة الاولى وهذه السمات وغيرها من القيم الانسانية النبيلة جعلت منه شخصية كاريزمية تلتف حولها اغلب فئات الشعب الجنوبي في الداخل والخارج وبانحيازنا الى هذا اللون الفكري بلينا بلاءا حسنا نعز به ايما اعتزاز انه الفكر ولاغرابة اذا احدث فينا كل ذلك وطبيعة الخطاب ومادته النصية التي تنطبق عليها قاعدة النفري الشهيرة كلما اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة هي السر في ذلك وفي جرجرتنا الى ثلاث حلقات لنقاط موجزة جدا ولكنها تفتح لنا نافذة جذابة نطل منها على عالم مسدوس الغريب والعجيب، غريب بحداثته التوافقية التي تالف بين نقاط الضوء في الموروث العربي واضاءات المنجز العلمي في العالم الغربي وعجيب في قدراته التوافقية في التالف بين طرفي الثنائية الضدية وهذا في صميم الانسياق الحداثية وما بعدها. اثبتنا في الحلقتين السابقتين بان الوضع القائم في الجنوب هو احتلال اذ لاينكره الا جاحد او حاقد او جاهل وهو الوضع الذي اكده د.مسدوس في اكثر من موضع صحيح ان الدكتور يضيف في بعض مقالاته بقوله (بانه اسوأ من الاحتلال) وهو وصف فيه شيء من المبالغة ويؤدي الى تدمير المعنى بعد تدمير الشكل لاننا عندما نصف الوضع في الجنوب بانه اسوأ من الاحتلال نجعل من المصطلح عنوان مطاطي عام ينطبق على الوضع في صعدة او الحديدة او مأرب ولكن مصطلح احتلال لاينطبق على هذه الثلاث المحافظات. وتفحصنا هذا ماهو الامن باب التفاعل مع مشروع هام يفضي الى اصطفاف جنوبي يتجاوز حالة التباينات الشكلية وبهدف الحفاظ على مكانة وشخصية د.مسدوس كمرجعية فكرية وسياسية خلقها الاحداث كحالة استثناء لان المرجعية في الثورات هي (التاريخ والبرامج والشعب) اما الافراد فهم عرضة للهجمات الشرسة اما د.مسدوس فلاغبار على موقفه فقد صرح في مقالاته الاخيرة بان الوضع في الجنوب بعد 94م احتلال الا انه يلجأ احيانا الى بعض التعديلات في الهدف لتقريب وجهات النظر من ناحية ولتحاشي التصادم مع القوى الضاغطة من ناحية اخرى وهو الامر الذي اتمنى على د.مسدوس ان يتجاوزه في اعماله القادمة . كما اخاطب استاذي الجليل من اين اتت كلمة قضية ومن الذي اطلقها على الجنوب الذي ليس له قضية جزئية او ثانوية داخلية او خارجية بقدر ماهو يعيش حالة ( ... ) وخطورة كلمة قضية في معناها اللغوي والاصطلاحي الذي يشير نص على ان لفظة قضية تاتي من نسق حامل ومحمول يحتمل الصدق ويحتمل الكذب..و ( ... ) الجنوب امر واقع ومعاش واثبتناه في الحلقتين السابقتين فهو موضوع صادق بحكم الفعل ومايؤكد صحة قولنا بخصوص مخاطر لفظة قضية هو ترويج النظام السياسي لهذا المصطلح والعمل على تمييعه من خلال خلق ثلاث قضايا في الشمال مقابلة للقضية الجنوبية وهي أ- القضية الشمالية قضية صعدة او مايسمونها بتمدد الحوثي . ب- القضية الغربية قضية الحديدة او مايسمونها بنهب الاراضي في الحديدة . ج- القضية الشرقية قضية مأرب او مايسمونها بقضية القاعدة . وجميعها قضايا مصطنعة بهدف تمييع القضية الجنوبية كيف نقيم ذلك، ان الثقافة الاحتلالية للنظام في صنعاء منذ زمن طويل تدرك اكثر منا بان الوضع في الجنوب ( ... )وانه سيأتي اليوم الذي يفرض هذا الامر عليهم وان حق شعب الجنوب في المقاومة وبكل اشكالها ضرورة واستباقا لذلك شجعوا وصف مايجري في الجنوب منذ 1994م بانه قضية جنوبية وقابلوها بالقضايا الثلاث (القضية الشمالية والقضية الشرقية والقضية الغربية) بهدف تشويش الراي العام الداخلي والخارجي وتحسبنا للحظات الحوار الخارجي، اذ ستطرح حينها الاربع القضايا على الطاولة وحينها لا فرق بين عمرو او زيد وسيفهم المراقب الخارجي بان الوضع في الجنوب ليس احتلال بل شأنا داخليا . هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فمخاطر مصطلح القضية الجنوبية كثيرة وابرزها عموميتها مما سيؤدي الى حلا عائما لان المراقب الخارجي عندما يطرح ملف القضية الجنوبية على طاولة الحوار سيتبادر الى ذهنه حلول كثيرة منها حكم محلي كامل الصلاحيات وحكم ذاتي وفدرالية بعدة اقاليم او اقليمين وكونفدرالية وفك الارتباط واستعادة الدولة وتحرير واستقلال ولكن عندما يطرح على الطاولة ملف الجنوب ( ... ) حينها لن يتبادر الى الذهن سوى هدف واحد هو التحرير والاستقلال واستعادة الدولة ولنسأل الاخر لماذا لايطلق على ماحدث في العراق وافغانستان مصطلح قضية في الوقت الذي روج عالميا بان القوات التي دخلت العراق وافغانستان قوات صديقة الا ان نضال الشعبين اجبرا العالم والقوى التي دخلت البلدين بانها قوة احتلال وان الوضع في البلدين وضع احتلال وليس قضية كما يريدها ان يصنفونا وهذا مايجب التصدي له ومن كل ذلك يجد الكاتب نفسه ملزما في حوار ماتبقى من النقاط الاربع على النحو التالي: النقطة الثالثة (النضال السلمي) يقول د.مسدوس نصا ان النضال السلمي بكافة اشكاله هو الاسلوب العصري والحضاري المقبول عالميا لتحقيق هذا الهدف والحقيقة التي لايختلف عليها اثنان ان الثورة السلمية التي فجرها الحراك الجنوبي تعد الاولى من نوعها في المنطقة العربية ادهشت العالم واذهلت الشعب العربي وكانت بمثابة شحنة صادمة للعالم اجمع اذ لم يستطع المفكرون استيعابها منذ اللحظات الاولى لهذا تباينت المواقف العربية والعالمية حيالها بين مؤيد ومقلل ومتردد الا ان الحكام العرب وصلتهم الرسالة بسرعة فسارعوا الى حجب رياح الثورة التي انطلقت بسرعة البرق لتشمل كل ارجاء الوطن العربي والدول المجاورة وبعض دول العال اليوم ولكن دون جدوى وكان للجنوب الجديد شرف الريادة في كسر حاجز الخوف مما يتطلب من الثورات العربية مؤازرة الموطن الام لهذه الثورات الذي يعيش الجرح بجرحين احتلال وفساد وهذا الوضع المركب ادى الى رفع شعار مركب لمواجهة ( ... ) وهو التحرير واستعادة الدولة كاملة السيادة وهي تجربة جديدة وسمة من سمات الثورات السلمية لاننا لم نسمع من قبل بشعب ( ... ) يطالب باستعادة الدولة بل مانعرفه ان الشعوب ( ... ) تطالب بالتحرير والاستقلال اما الدولة فهو تحصيل حاصل ولكن لان الجنوب قد وقع في 94م تحت الاحتلال القبلي الذي كان من اولوياته تدمير الدولة الجنوبية لكي يتمكن من تدمير الوجود الجنوبي ارضا وتاريخا وانسانا واحلال هوية القبيلة محل هوية الدولة كان لزاما علينا ربط هدف التحرير بهدف استعادة الدولة المستقلة كاملة السيادة حتى نضمن مرحلة مابعد التحرير من الان ونسد الطريق امام القوى الظلامية قبل فوات الاوان ولكي نجاري الثورات العربية في احداث التغيير القادر على اقتلاع ثقافة الفساد . يقول د.مسدوس ان النضال السلمي بكافة اشكاله هو الاسلوب ليس اقوى من القوانين والعصري والحضاري المقبول عالميا لتحقيق هذا الهدف ويلحظ ان بنية العبارة تتسم بالطابع التجريدي ولم نلحظ أي خصوصية جنوبية في هذا من ناحية ومن ناحية اخرى ذكر الهدف دون تحديد هويته حتى تميز بين هدف ثورة الجنوب واهداف التغيير للثورات العربية مما يجعل من هذه النقطة ان تفصل على أي ثورة عربية وهذا امر مخالف لبنية الثورة الجنوبية التي تناضل دون غيرها من اجل التحرير اولا وهو امر لاينطبق على أي ثورة عربية. ومن ناحية اخرى نلحظ الخطاب يحصد طبيعة النضال بالاسلوب السلمي ويرفده بالتعزيزات اللفظية بهدف تاصيله في الوقت الذي حسمت الثورة الجنوبية هذا الامر بوثيقة لجنة الحوار بين كل مكونات الحراك وفي برامج ووثائق كل الهيئات ومن خلال التباينات الصادرة في كل الفعاليات والمواقف التي تقيمها ثورة الجنوب التحررية بان النضال الذي تقوم به الثورة الجنوبية هو نضال سلمي مع حق الدفاع عن سلمية النضال وهذا يدل عن نضج ووعي في خطاب الثورة الجنوبية لان الشعب الجنوبي الفاعل في ميادين النضال لن يقف عند حدود النضال السلمي بل سيتجاوز الى الدفاع عن سلمية النضال الذي تم انجازه ولن يسمح لاي قوى ظلامية ان تقودنا الى مربع الحرب الذي تهيمن عليه قوة ( ... ) ومن اجل ذلك ستعمل الثورة الجنوبية على مواجهة كل من يحاول حرمانها من المكسب السلمي بكلما تملك من امكانيات مشروعة وهذا حق مشروع حتى لاتفقد الثورة الجنوبية سمتها السلمية المتميزة اضف الى ذلك قوانين الاممالمتحدة تمنح الحق للشعوب ( ... ) في المقاومة بكل اشكالها مما سيعزز من تناغم ثنائية وسيلة الثورة الجنوبية القائمة على النضال السلمي والدفاع عن سلمية النضال. ومن جانب اخر و النقطة الثالثة في سياق خطاب د:مسدوس بل خطاب د.العزيز مسدوس كما ترغب بعض الذائقة العامة بحسب وعيها اذا تم اقرارها ضمن نقاط البرنامج الجنوبي كما يرى د.مسدوس ستفهم من حيث المنطق كخطوة استباقية محققة لعملية تقرير المصير الذي تنص على تخيير الشعب الجنوبي لنيل استقلاله سلميا ام عسكريا وهنا سندخل في تناقض ومع النقطة الثانية تقرير المصير باحد الاليتين فوجودها في ظاهره ايجابي وفي باطنه مشكلة لانه يحرم شعبنا من الخيار الاخر فيما إذا اسرف ( ... ) بعدوانيته واتبع منهجا تدمير ضد الثورة الجنوبية مما يتطلب اعادة النظر فيها. واذا كانلابد من ذلك فنقترح ان تقترن بالطرف الاخر الثنائية السلمية لتصبح النضال السلمي والدفاع عن سلمية النضال وهو الاسلوب الامثل الذي انتهجته ثورتي تونس ومصر كما انه الاسلوب الذي سيحفظ ويصون دماء الشعبين في جنوب اليمن وشماله الذي تحاول قوى ( ... ) سفكها من خلال نشر ثقافة (... ) للنظام السياسي في صنعاء منذ عقودمما ولد ثقافة ( ... ) عند العامة من البسطاء والابرياء وحتى لاتتحول هذه الثقافة العمياء الى ثقافة كراهية بين الشعبين في الشمال والجنوب ونعلق امالا كبيرة على الرمز الاسطوري المتوهج في ساحات الثورة الشمالية توكل كرمان التي شرفتنا كعرب في المحافل الاقليمية والدولية بحصولها على جائزة نوبل للسلام وحولتها من شخصية محلية الى شخصية عالمية تجيز لها ان تتصدر قائمة المنصفين للشعوب المقهورة وانقاذا لما تبقى من اواصر المخوة وجسور المحبة نتمنى عليها ان تستغل هذه الفرصة التاريخية لكي تقول كلمة حق وتعترف بقضية الجنوب ( ...) كقضية سيادية بامتياز نتجت بفعل واقع ( ... ) الذي شنه نظام صالح وحاشيته على الجنوب وان لا تكون اقل جراءة وجسارة من اخوانها عمالقة النضال ورموزه الابطال السامعي والحكيمي وعبدالباري طاهر الذين قالوا بالصوت العالي بان الوضع في الجنوب احتلال ومن حق الشعب الجنوبي الثائر ان يقرر مصيره بنفسه وقالوها اناس كثر كلا بأسلوبه ومقدرته وفي مقدمتهم الناطق الرسمي للقوات المتحالفة مع الثورة قبل ايام بان الجنوب مستعمر من قبل نظام صالح وسيكون هذا الامر عنوان اختبار لمصداقية المناضلة الجسورة توكل بعد منحها جائزة نوبل للسلام وعسى ان يأتي هذا الاعتراف كبلسم على الجرح الجنوبي النازف بسبب ( ... ) المعمد بالفتوى الظالمة عام 94م وكعرفان ورد جميل لثورة الجنوب التي كانت السباقة في كسر حاجز الخوف. المحرر : ما بين القوسين ( ... ) عبارات سياسية يعاقب عليها قانون الصحافة والمطبوعات وتم التصرف بها تجنبا للمساءلة القانونية .