عدن أونلاين/متابعات نجحت حكومة الوفاق الوطني في إقناع المانحين الدوليين من دول ومؤسسات من خلال انجازاتها محليا,فضلا عن تبنيها رؤية وبرنامج للنهوض التنموي والاقتصادي للمرحلة الانتقالية,بخلاف الحكومات السابقة التي كانت تعتمد على طلب المنح والمساعدات دون تقديم انجازات.
واستطاعت الحكومة في غضون عمرها القصير حتى اليوم أن تعيد شيئا من الاستقرار للبلاد وتثبت الاستقرار التمويني وتصرف مرتبات 60 ألف موظف جديد جراء توفيرها موارد بفضل سياسة الترشيد ومحاربة الفساد الذي كان مستشريا في السابق.
وأدى هذا النجاح الذي تحقق إلى مواصلة المانحين عقد مؤتمراتهم بشأن اليمن لدعمه,وسط توقعات بأن تكسب الحكومة ثقة المانحين وتحصل على مساعدات متوقعة.
وكان رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة,إن حكومته ستعرض على شركاء اليمن في التنمية برنامج انتقالي للتنمية والاستقرار 2012-2014م، وبرنامج للإنعاش الاقتصادي متوسط المدى، بالإضافة إلى اطلاعهم على ما خلفته الأحداث الماضية من أوضاع إنسانية صعبة.
وأوضح قبيل توجهه الى الرياض أن الحكومة ستقدم في المؤتمر رؤية واضحة وإجراءات محددة بالاحتياجات الملحّة والعاجلة لاستعادة الأوضاع اللازمة لتحقيق النمو الشامل، والإنعاش الاقتصادي، مؤكدا أن الحكومة ستعتمد إجراءات عديدة لضمان الشفافية والمحاسبة فيما يتعلق باستخدام المنح والمساعدات المقدمة من الأشقاء والأصدقاء وفي مقدمتها تأسيس صندوق دعم دولي خاص، لهذه الأموال بما يضمن استثمارها بالشكل الأمثل وبأشراف المانحين دون تدخل من الحكومة.
وتقول دراسات أن من أبرز أسباب عدم استفادة الحكومات السابقة من المؤتمرات الدولية يتمثل في سوء تعيين واختيار قيادات المؤسسات والأجهزة الحكومية يعكس مظاهر القصور والضعف في أداء الأجهزة التنفيذية وتفشي الفساد المالي والإداري.
وعزت دراسة حديثه المشكلة إلى وجود خلل واضح في آليات التعامل مع المنح والمساعدات والقروض ويتبين ذلك من خلال الفجوة بين تعهدات وتخصيصات المانحين للقطاعات وبين المسحوبة من تلك المبالغ، فحتى نهاية يونيو 2009م بلغت تعهدات المانحين 5714.8 مليون دولار، بينما بلغت المبالغ المسحوبة حوالي 320.29 مليون دولار، أي ما نسبته 5.6% من تلك التعهدات رغم الحاجة الماسة لها.
وكانت النتيجة الحتمية لتلك السياسات والقرارات هي أن الاقتصاد اليمني وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية ذهبت بعيدا عن اهتمامات المواطنين وعجزت عن تحقيق الحد الأدنى من الاحتياجات المعيشية الأساسية وسبل العيش الكريم بما يلبي طموحات وتطلعات المواطنين، فضلاً عن تحقيق الرفاهية الاقتصادية، ناهيك عن انعكاس تلك الإصلاحات الاقتصادية المتبعة بالأثر السلبي على الحياة المعيشية للناس.
رؤية وبرنامج
وكانت وزارة التخطيط والتعاون الدولي، عرضت في وقت سابق في اجتماع مع ممثلي الدول والصناديق المانحة، مسودة وثيقة للحاجات الطارئة خلال عامي 2012 و2013، تبلغ تكلفتها 10,4 بليون دولار. وناقش الدكتور محمد السعدي ,وزير التخطيط والتعاون الدولي،حينها تفاصيل البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية لتغطية الأولويات الاقتصادية والإنسانية والسياسية والإصلاحات الوطنية، تمهيداً لعرضها في الاجتماع الوزاري لمجموعة أصدقاء اليمن في الرياض 23 مايو الجاري. وأعلن السعدي عزم حكومة الوفاق الوطني وضع استراتيجية جديدة للتعاون مع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية المانحة، ترتكز على تعزيز اتجاهات الشراكة القائمة والمستقبلية وفق ما يتواءم وأولويات الحاجات اليمنية.
وأكد أن الاجتماع سيستعرض التحديات والتعقيدات التي تحول دون تفعيل مساهمات المانحين في دعم مسارات التنمية والاستقرار في اليمن، إلى جانب بلورة رؤية موحدة إزاء اتجاهات الشراكة القائمة والمستقبلية مع المانحين وفق ما يتلاءم وأولويات الحاجات اليمنية.
ويعد البرنامج المرحلي خطة تنموية قصيرة الأجل لاستعادة الاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والأمني والتعافي الاقتصادي، ويستند أولاً إلى الخطط والاستراتيجيات التنموية السابقة والبرنامج العام لحكومة الوفاق الوطني.
وحددت الحكومة في مسودة البرنامج حاجتها إلى 9,2 بليون دولار للأولويات الاقتصادية والإنسانية، و1,2 بليون للأولويات السياسية والإصلاحات الوطنية. ووفقاً لمسودة خطة الإنعاش الاقتصادي، لفتت الحكومة إلى أنها ستواجه الحاجات الطارئة بمبلغ 1,2 بليون دولار وتشمل إنعاش القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والأسماك والنفط والغاز والسياحة، إضافة إلى تحسين البنية التحتية في قطاعات المياه والكهرباء والموانئ والنقل البحري والجوي والأشغال العامة والطرق.
وكشفت الوثيقة الحكومية أن تكلفة تلبية تطلّعات الشباب والتخفيف من الفقر تبلغ 4,4 بليون دولار موزّعة على الحماية الاجتماعية والتعليم العام والفني والجامعي، والتدريب المهني والصحة والتمكين الاجتماعي للمرأة.
وأوضحت الوثيقة أن تكلفة الأولويات السياسية والإصلاحات الوطنية تتوزّع على الاستقرار الأمني وفرض سيادة القانون، والإصلاح الإداري وتحديث الخدمة المدنية والسلطة القضائية، والحكم المحلي.
انجازات رغم حقل الألغام
وبرغم حقل الألغام المزروعة في طريقها,إلا أن حكومة الوفاق تجاوزت أبرز الألغام التي وضعها الرئيس المخلوع أمامها كي يحرجها أمام الرأي العام قبل تنحيه عبر إعلانه إنزال 60 ألف درجه وظيفية عجز عن دفع مرتبات مستحقيها,فقامت الحكومة بصرف رواتبهم رغم ضعف مواردها المالية.
وتحملت حكومة الوفاق التي أبصرت النور في منتصف يوليو من العام الماضي,بموجب اتفاق التسوية المعروف باسم " المبادرة الخليجية ",أعباء حكومات المؤتمر الفاشلة السابقة وورثت عنها تركة ثقيلة تحتاج أي حكومة أخرى سنوات للتخلص منها في الظروف الطبيعية,فما بالك وحكومة الوفاق جاءت في ظرف استثنائي ولمهمة محددة بعامين.
في عهد المخلوع,لم يكن التوظيف الرسمي السنوي حسب التقديرات والإحصاءات الرسمية أيضا يتجاوز في أحسن الأحوال 12 ألف درجة وظيفية يتقاسمها النافذين وأصحاب الوساطات والفلوس وما تبقى منها يذهب للمحظوظين من المسجلين لسنوات في كشوف الخدمة المدنية.
ومع ذلك وقبل مغادرته بعد إجبار الثورة إياه على فعل ذلك,أيقن انه لم يعد بوسعه سوى خلق مشاكل للحكومة القادمة بعده في المستقبل,فأعلن عن إنزال 60 ألف درجه,وهو رقم كبير جدا على الجهاز الإداري للدولة إلا أن حكومة الوفاق بفضل ترشيد النفقات وتجفيف منابع الفساد تدريجيا استطاعت صرف مرتبات هؤلاء الموظفين الجدد.
وتضمن مشروع الموازنة العامة للدولة للعام الجاري استيعاب الوظائف الجديدة لنسبة 25 بالمائة من المسجلين لدى وزارة الخدمة المدنية والتأمينات حتى عام 2010م والبالغ عددهم 50 ألف موظف وموظفة بكلفة مالية قدرها 28 ملياراً و820 مليون ريال، إضافة إلى 11 ألف وظيفة مرصودة في موازنة 2012م.
ولم تكتفِ الحكومة بذلك الانجاز الذي فشل النظام السابق في تنفيذه,وأقرت الحكومة في 6 مارس الماضي, برئاسة رئيسها محمد سالم باسندوة تضمين مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2012م,تكاليف إطلاق العلاوات السنوية للأعوام 2005-2010م لموظفي الدولة في الجهات التي لم تنفذ بعد بمبلغ إجمالي يقدر بحوالي 65 مليار ريال، والعلاوة السنوية للعام 2011م بحوالي 21 مليار ريال، إضافة إلى اعتماد التسويات بالأقدمية وفقاً للتعيين والمؤهل بحوالي 19 ملياراً و200 مليون ريال، ومعالجة حالات التظلمات بالنقل إلى الهيكل العام بحوالي 6 مليارات ريال.
كما شمل مشروع موازنة 2012م حالات الضمان الاجتماعي المعتمدة لعدد 500 ألف حالة بأثر سنوي يصل إلى حوالي 22 ملياراً و300 مليون ريال، والمنفذة في عام 2011م بالتجاوز مع تكلفة الاستحقاقات لما تبقى من العام الماضي التي لم تصرف وبكلفة 14 مليار ريال.
واستند إعداد مشروع الموازنة إلى عدد من القرارات الاقتصادية والمالية الصادرة عن الحكومة بشأن برنامج الإصلاح المالي والإداري وترشيد الإنفاق وتعظيم الإيرادات، إلى جانب برنامجها التي منحت الثقة بموجبه من مجلس النواب.
وأكد الحكومة على التطبيق الصارم للإستراتيجية الوطنية للأجور والمرتبات، بما ينعكس إيجابياً على العلاقة الحقيقية بين الأجر والإنتاجية، أي أن تتحول الأجور في الطابع التمويلي “الذي لا يسهم بأي قيمة مضافة في الناتج القومي” إلى الطابع الإنتاجي، فضلاً عن الالتزام بتطبيق قانون التقاعد على من بلغ أحد الأجلين ودون أية استثناءات.
وتشير الإحصاءات إلى وجود نحو مليون موظف حكومي في مختلف قطاعات الدولة, تقدر نسبة البطالة بين الشباب اليمني 52.9% من إجمالي نسبة بطالة القوى العاملة والبالغة رسميا 18.2% في ظل توقعات اقتصاديين ومحللين بمضاعفة هذه النسبة لتتراوح بين 30 إلى 40% .
وكانت حكومة الوفاق الوطني, قد تعهدت في برنامجها العام الذي نالت بموجبه ثقة البرلمان بإنشاء صندوق إعانة البطالة بين الخريجين من طالبي العمل لدى الحكومة بما يساهم في توفير الإعانة قبل حصولهم على فرص عمل, ويحد من التوظيف دون احتياج فعلي لدى وحدات الخدمة العامة.
تحسن أمني واستقرار غذائي ومن انجازات الحكومة وليس كلها,إعادة فتح الطرق الرئيسية بين المحافظات التي أصبحت في قبضة قطاع الطرق الذين وجدوها فرصة في ظل غياب الدولة كي يعيثوا في الأرض فسادا ويمنعوا المسافرين تارة ويأخذوا قاطرات النفط والغاز تارة أخرى.
وفي المجال الأمني أيضا عادت محافظة أبين ومناطق من شبوة إلى سلطة الدولة بفضل حملة عسكرية وأمنية قادتها الدولة ممثلة بالرئاسة والحكومة للقضاء على مسلحي لقاعدة واسترجاع هذه المناطق التي ضاعت في عهد الرئيس السابق.
ولا تزال تنتظرها مهام ماثلة كبيرة وفي طليعتها إعادة هيكلة المؤسستين العسكرية والأمنية وإنجاح مؤتمر الحوار الوطني الشامل,والتي بدأت خطوات تحقيق ذلك خلال الفترة السابقة.
والجيش الذي تشرع الحكومة في بنائه ويحتاج إلى وقت,ليس ذاك الذي يحمي أفراد أو جماعات أو أحزابا بعينها وإنما هو جيش وطني يحمي الوطن لا يدين بالولاء إلا لله ثم الوطن والوحدة.
وبدأت الحكومة في إعادة الثقة في الحوار الوطني الذي أوصله النظام السابق إلى طريق مسدود وافقد كل الأطراف في جديته وأعادت ثقة ودعم الأقليم والخارج لليمن بعد أن ساء النظام السابق التعامل معهم فتوقف دعمهم.
وفي مطلع ابريل الماضي,أقرت الحكومة تخفيض أسعار المشتقات النفطية إلى ما يتناسب ومستويات دخول الناس المادية.
وتراجع سعر الدبة البترول من 3500 ريال إلى 2500 ريال,في خطوة ايجابية اعتبرها خبير اقتصادي تنفيذاً لما وعدت به قبيل تشكيلها.
ولأول مرة يلمس المواطنون استقرارا في أسعار المواد الغذائية بشهر رمضان بالذات والذي جرت العادة في السابق أن يتحول إلى موسم عند التجار لجني الأرباح في ظل غياب الرقابة.
كما أن من الجدير الإشارة إليه هنا أن اسطوانات الغاز المنزلي لم تختفِ من الأسواق المحلية ولم تحدث أزمة في رمضان أو عيد الفطر كما اعتاد الناس وعبر مواطنون عن ارتياحهم عن ممارسة حياتهم بدون عناء في تلبية متطلبات العيش الأساسية.
ما جاء أعلاه ليس كل ما قامت به الحكومة من أعمال ولكنه جزءاً منها,وهو لا يعني في المقابل أن الحكومة غير مقصرة ولم تخطئ,بل على العكس لا تزال دون المطلوب في أدائها وينتظرها الكثير حتى تقوم به.