تمر البلد اليوم في اسوأ الاوضاع سياسيا واقتصاديا واضيف لها ايضا وضعا عسكريا اسواء من اي مرحلة من مراحل التطور للواقع اليمني الذي لم يتطور مطلقا الى اليوم, وتم اختلاق مشاريع هادمة في كل مناطق الوطن اليمني الكبير وانتقل البلد بعد خروجه بمصفوفة مخرجات الحوار الوطني من مرحلة بناء الوطن التي كان الكل يؤمل عليها ليعود الى تناحرت عمرها اكثر من خمسين الى ستين عام. هذه المشاريع الهدامة شغلت المواطن البسيط عن همومه البسيطة وحملته اثقال فوق تلك هموم, اثقال مرتبطة بانهيار الوطن والخوف والتخويف بالدخول بالحرب الاهلية التي لن تبقي ولن تذر منهم احد, وشغلت هذه المشاريع النخب السياسية عن التفكير في بناء الاوطان والدعوة للتغيير الفعلي من اجل الخروج بالبلد من اوضاع الصراع والاختلاف الى التنافس والوفاق, كل هذا ولد لدى كل الشعب في هذا الوطن حالة من الاحباط والياس الذي لم ابعد عنه القدرة على التفاؤل او النظر الى امكانية تجاوز هذه المعضلات بأمان. و لهذا فان القوى السياسية خاصة والشعب عامة يحتاجون من اجل ان يعودوا الى مستوى من الثقة في العملية السياسية وخطوات بناء الوطن يحتاجون الى مشاريع بديلة عن هذه المشاريع الهدامة التي يتبناها البعض, تحتاج البلد اليوم اكثر من اي وقت مضى لفكرة نموذج المشروع البديل, اقصد بذلك ان تحاول الدولة بكل سلطاتها فرض مشروع البناء الوطني في احد الاقاليم الذي اقترحته في التقسيم الجديد (اقترح من وجهة نظر شخصية ان يكون اقليمي عدن و الجند) بحيث يكون الاقليم النموذج الاول الذي يتم على اساس التطبيق فيه اسقاط كامل للنموذج لاحقا على الاقاليم الاخرى مع الاخذ بعين الاعتبار الخصوصية لكل اقليم. يبدأ هذا الاجراء بتحديد الحدود الفعلية للإقليم وفرض نظام توافقي وانتخابي معين في هذا الاقليم واعادة توزيع السلطة المحلية وفقا للشراكة الوطنية التي يجب ان تكون لاحقا شكلا او نموذجا للشراكة الوطنية الكاملة ويتم اعادة تقييم الثروات المحلية في هذا الاقليم وبالذات موضوع الوعاء الضريبي والجمركي وعائدات الواجبات والزكاة الى جاني الواردات الخدمية الاخرى بحيث يتمكن هذا الاقليم النموذج من خلق واقع جديد يبعدنا عن افكار الحروب وافكار المواجهات والتوجه نحو البناء والدعوة غير المباشرة للأقاليم الاخرى للتنافس بشكل فعلي في محالات تنموية بدلا من التدافع والتصادم في المشاريع الهادمة للوطن. اذا لم تنظر الدولة الى امر خلق المشروع البديل بجدية فإنها تدفع الى اعادة انتاج مشاريع هدامة مماثلة للمشاريع الموجودة اليوم في كل مناطق اليمن والمساحة التي لا يشغلها التنافس سيشغلها التصادم والتي لا يشغلها التوافق سيشغلها الاختلاف, وكل مساحة فارغة سيوجد من يملئها اذا لم تبادر الدولة الى صناعة من يملئ هذا الفراغ او ذاك.