صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوحدة اليمنية.. بوابة الغد المأمول
نشر في الجمهورية يوم 23 - 05 - 2014

تحتفل بلادنا هذه الأيام بالعيد الوطني الرابع والعشرين لإعادة تحقيق وحدة الوطن في 22 مايو المجيد، وتأتي هذه الفرحة احتفاءً بهذا الإنجاز التاريخي العظيم وتتويجاً لكل نضالات شعبنا اليمني الوحدوي ضد التشطير بكل مساوئه وكوارثه وطياً لصفحة مظلمة من صفحات الصراع العبثي بين أبناء الوطن الواحد.
صحيفة «الجمهورية» التقت عدداً من الأكاديميين والسياسيين الذين أكدوا أهمية تكاتف الجميع من أجل الحفاظ على الوحدة اليمنية المباركة التي تعتبر قدر ومصير كل اليمنيين بمختلف فئاتهم ومشاربهم ومناطقهم، ومنوهين لضرورة تكاتف الجهود وتعاون جميع أبناء الشعب من أجل ترسيخ هيبة الدولة وإنجاح المرحلة الانتقالية ومهامها الرئيسية وفي مقدمتها مخرجات الحوار الوطني الذي يعلق عليه اليمنيون آمالاً عريضة لوضع أسس بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة والوصول باليمن الموحد إلى بر الأمان.
الوحدة هي البوابة المأمونة
أ.د. عبدالله أحمد الذيفاني كلية التربية جامعة تعز قال:
الوحدة اليمنية قيمة تاريخية، حضارية، تنموية، تعلو على كل الأشكال والمسميات الأخرى, وهي أعلى وأسمى من أي قرار, وأي إعلان، أو تعهد؛ لأنها حالة مشهودة وقائمة وحاضرة في التاريخ والتاريخ المعاصر، بعيداً عن الإدارة التي عطلت معانيها وحولتها إلى قيمة سلبية أثارت الذين اكتووا بسوء الإدارة والفساد والناتج عنها.
الوحدة يدرك قيمتها كل من يعشق السلام, ويتطلع إلى الرفاه، ويقصد التنمية الشاملة والمستدامة؛ لأنها تعني ببساطة شديدة حشد كل الطاقات والموارد والثروات وتوظيفها وفق خطط محكمة وإدارة متمكنة وإدارة سليمة لتجاوز علل الحاضر والعبور إلى الغد الأمثل.
مضيفاً: تلك هي الحقيقة التي يفترض أن تترجمها دولة الوحدة، وهي الحقيقة التي أدركها المجتمع الدولي الذي يرى في الوحدة اليمنية ضمانة فعلية للأمن والاستقرار وحماية المصالح الوطنية ومصالح الأطراف الأخرى وعلى رأسها الأمن البحري الذي يضمن انسياب حركة النقل في المياه الإقليمية والدولية المحاذية للساحل اليمني, وبما يؤدي إلى استمرارية العمليات التجارية المختلفة التي تحقق النفع للأطراف الدولية من جهة, والبلد من جهة أخرى؛ كون الحماية القائمة مسندة إلى دولة ذات سيادة بجيش واحد ومؤسسات موحدة مسئولة وإرادة سياسية تنطلق من إيمان عميق بمصالح الوطن وحقوقه وواجباته على حد سواء، وإدارة كفؤة تفرض سيطرتها على كامل التراب والمياه الوطنية بمسئولية تضامنية مدركة لطبيعة المهام والمسئوليات في سياق الداخل والعلاقات الخارجية بتوازن وندية وحرص مطلق على السيادة والاستقلال والاستقرار.
مؤكداً قناعتي التي لا يمكن أن تزعزها المتغيرات الطارئة أن الوحدة اليمنية هي البوابة المأمونة التي تلج منها إلى الغد المأمول، وأن الدماء التي سكبت على مدى عقود من الزمان والآمال التي زرعت بقرون من الزمن والطموحات التي تشكلت بنضالات لا حدود لها زمانية ومكانية، فالوحدة هي وعينا التاريخي، وهي حقيقتنا الحاضرة، وهي بوابة المستقبل الذي لا تغني عنها بوابات أراد البعض لنا أن نلج منها؛ لأنها بوابات سراب بقيعة يحسبها الضمان ماء حتى إذا جاءها لم يجدها شيئاً؛ لأنها بوابات في ظاهرها التي يلمعها البعض رحمة, وفي عمقها وداخلها وأبعادها الفجيعة والهزيمة والوهم الذي يصنع الألم، ويقتل الأمل.
أمل وطموح
ويواصل الدكتور الذيفاني حديثه: الوحدة من أهم المواجهات العضوية في حياتي منذ نعومة أضفاري فقد عشتها أملاً وطموحاً بالأنشودة، والدرس الوطني, والتثقيف الحزبي أو الوعي المجتمعي، وظلت تنمو بداخلي حتى تداخلت في كل تكويني، وجرت في جسدي مجرى الدم، وترسخت في وعيي رسوخ الوجود الذي أراه وأتعامل معه، وتمكنت من تفكيري تمكن العقل من فعلي فكرة وممارسة.
وحين أعلنت في 22 مايو إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة بكيت كطفل حصل على أغلى هدية انتظرها طويلاً, ولم يجد ما يعبر عن تلك الفرحة سوى الدموع المختلطة بابتسامة وكلمات انطلقت بعفوية تعبر عن الفرصة امتزجت بالدعاء والتضرع إلى الله يحفظها والحمد لله على إعانته لليمنيين في إعادة تحقيقها.
ومن هنا لا أجد كلمات أعبر فيها عن ألمي وأسفي لذلك السفه والفساد الذي ركب موجة الوحدة واستغلها في تحقيق مصالحه وعمل على نحو منظم على إفراغها من محتواها، وبما يجعلني أقول وبثقة مطلقة: إن الوحدة الحلم، الوحدة القيمة، الوحدة الأمل, الوحدة قارب النجاة، لا ذنب لها في كل ما تولد من معاناة لأهلنا في جنوب الوطن، والتي كانت معاناة نظام ظالم وإدارة غير مؤمنة بالوحدة فأخذتها إلى وجهات لا علاقة لها بالوحدة التي أرادها اليمانيون وانتظرها المؤمنون بأبعادها ومضامينها التي تتمحور حول العمق الحضاري والتنمية المستدامة الضامنة بون ثروة الأجيال.. ويتابع: إن الفساد الذي قامت عليه الإدارة عقب الوحدة وتحديداً عقب الحرب الظالمة في 1994م قد فرضت على المتحاورين الاستجابة إلى أصوات الحراك والسياسيين الذين رفعوا بقوة القضية الجنوبية وعملوا على وضعها محوراً جوهرياً في الحوار أفضى إلى الخلوص إلى الدخول في تجربة جديدة قائمة على الاتحاد والتضرع إلى الله أن لا يجعلنا نندم ونفكر في شكل جديد جراء النفخ الإعلامي غير الممنهج في هذا الشكل الاتحادي وإقناع الجماهير أن كل معاناتهم ستزول بمجرد الانتقال إلى الدولة الاتحادية؛ لأن ما ضر الوحدة هي تلك الدعاوى التي علقت على الوحدة معالجة كل الاعتلالات وتجاوز كل الاختلالات دون توفير أسباب النجاح وعلى رأسها الإدارة والإرادة وهيبة الدولة وقرارها المؤسسي الملتحم بالعملية والالتزام بالحقوق والواجبات وضمانات الحريات والاحتكام إلى القانون واحترام الإرادة الشعبية باحترام المؤسسات التي تمثلها، وتمكين المجتمع من الشراكة في الإرادة بتأسيس المجتمع المدني، وتنظيم مساراته بقوانين لا تعوقه، بل تمنحه حقوقه وتتيح له كل السبل والوسائل وأداء واجباته على أساس من تكافؤ الفرص والمساواة والعدالة الاجتماعية تحت مظلة حقيقية ومنظومة متكاملة للديمقراطية البعيدة عن صندوق الاقتراع التي أرادها الدكتاتوريون أن تكون هي الديمقراطية وهي الشراكة الوطنية وليس أبعد منها.
ونحن نحتفل بالذكرى الرابعة والعشرين لإعادة تحقيق الوحدة أدعو كل ذي عقل وبصيرة إلى التفكير والمراجعة والوقوف بمسؤولية أمام الوحدة قيمة وطنية والإدارة الفاسدة التي أرادتها والخلوص إلى القول الفصل ببراءة الوحدة وتجريم من أفسد ومحاسبته، وأن يكون الاحتفال اعترافاً بهذه القيمة وبالكيفية العظيمة التي تتناسب معها.
الوحدة قدر ومصير اليمن
وتقول الدكتورة أنيسة دوكم، عميد كلية التربية جامعة تعز: إن الوحدة اليمنية قدر ومصير اليمن واليمنيين وليست عرضة لأهواء وآراء أشخاص أو رهن رغبات شخصية؛ فالوحدة اليمنية هي الثابت في حياة هذه الأرض ومن يعيش عليها، وأي تجاوزات أو أضرار لحقت بالمحافظات الجنوبية لا تحسب على ثابت الوحدة ولا تحسب على الوحدويين وإنما تحسب على من ارتكب الأخطاء والتجاوزات ومن الظلم وعدم الإنصاف محاسبة الوحدة.
فالفساد والظلم كانا موجودين من قبل تحقيق الوحدة بأشكال مختلفة, ولكن ربما ما سبب للناس بعض الاهتزاز بالوحدة كقيمة هو حجم الآمال التي علقت على الوحدة، فخابت الآمال، لكن الموضوعية تقتضي تقييم الموقف بشكل صحيح ومحاسبة كل من لبس رداء الوحدة وهو لايستحقه واستغله ليشوه وجهها الجميل والحل هو بإنصاف الوحدة وإعطائها الفرصة لتظهر للناس جمالها وقوتها ولتحتضن بقلبها الدافئ جميع اليمنيين، ولعل مخرجات الحوار الوطني في جميع المجالات إذا أعطيتها الفرصة لتتحقق فهي التي ستنصف الوحدة وتعيد تقديمها لليمنيين بالشكل الصحيح.
النظام الاتحادي كبديل للمركزية
من جانبه يقول الدكتور عبدالقادر مغلس - كلية الآداب - جامعة تعز:
يشكل نجاح مؤتمر الحوار الوطني الشامل انتصاراً كبيراً للإرادة اليمنية الصلبة التي تجسدت عبر التاريخ رغم الجراح التي أصابت الجسد اليمني كله في الشمال والجنوب قديماً وحديثاً, وكانت الوحدة اليمنية حاضرة وبقوة في مؤتمر الحوار، بل كانت هي المحور الأساسي لكل النقاشات والمداولات وجلسات العمل التي توصلت إلى مخرجات ستساعد كثيراً في القضاء على الاحتقانات التي رافقت حياتنا الماضية.
مضيفاً: لقد تابعنا كل جلسات مؤتمر الحوار الوطني وشاهدنا الحرص الكبير لدى أغلبية المشاركين في مؤتمر الحوار على الوحدة اليمنية، رغم وجود البعض الذين كان لهم موقف واضح من الوحدة، إلا أنهم لا يشكلون رقماً كبيراً يمكن أن يؤدي إلى تقويض هذا المنجز العظيم.
متابعاً: ولا يفوتني هنا من التأكيد على أن النظام الاتحادي الذي أجمع عليه مؤتمر الحوار الوطني لا يعني المساس بالوحدة، بل إن هذا النظام هو بديل للمركزية التي كانت تهيمن على مجريات حياتنا في الفترة الماضية, أعيد إلى الأذهان بأن المركزية وبروز الخلافات بين الشركاء الذين حققوا الوحدة في 22 مايو 1990م كل ذلك جعل الأصوات ترتفع للعودة إلى ما قبل هذا التاريخ، وفي المقابل وحفاظاً على الوحدة بدأت الدعوة في وقت مبكر لقيام يمن اتحادي تبرز على الصحف من خلال كتابات عضو مجلس النواب والصحافي الكبير المرحوم عبدالحبيب سالم مقبل «رحمه الله» ولابد من الاعتراف الصريح في الدستور بأن النظام الاتحادي في اليمن هو صيغة جديدة لإصلاح وتطوير الدولاب الإداري لليمن، وليس صيغة سياسية، ولدي بعض التساؤلات هنا وهي أن إدارة كل إقليم ستكون حاضرة في التجربة القادمة من خلال فوز الحزب الذي سينال ثقة الناخبين في الأقاليم، والسؤال: هل سيتم إلغاء تمثيل وجود الدولة الاتحادية كليةً في الأقاليم؟ ومساهمة في الإجابة على هذا السؤال أقول: هناك تجارب لدول أخرى عالجت هذه الإشكالية، خاصة وأن البعض يتخوف من وجود نزعات انفصالية، فعلى سبيل المثال: عالجت الهند تواجد الدولة الاتحادية في كل إقليم من خلال تعيين رئيس الدولة لحاكم الإقليم governor ، ولا يفوتني هنا من مناشدة جميع اليمنيين إلى الشروع في العمل الجاد لنشر المحبة ومواجهة ثقافة الكراهية التي طغت على الخطاب السياسي والإعلامي خلال الفترة الماضية, وكل عام والوحدة أكثر تماسكاً وثباتاً ورسوخاً واليمن أكثر ازدهاراً والشعب في رفاه وسعادة.
مخرجات الحوار لتصويب مسار الوحدة
من جانبه يقول الدكتور محمود البكاري، كلية الآداب جامعة تعز:
لقد تشكلت البدايات الأولى لفكرة الحوار الوطني من رحم المعاناة المفروضة على الشعب اليمني في كلا الشطرين بفعل النظام الإمامي والاستعماري، الأمر الذي دفع بالثوار الأحرار من المفكرين والأدباء والسياسيين إلى تشكيل أندية وتجمعات سياسية وثقافية عملت على نشر الوعي السياسي في أوساط المجتمع وأحدثت حالة من التثاقف السياسي بين كافة التكوينات السياسية والاجتماعية.
وقد انعكس ذلك وكدليل عملي على حتمية الوحدة اليمنية في صياغة أهداف مشتركة للثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر، وهو ما يعرف بواحدية الثورة اليمنية, وقد تضمنت هذه الأهداف هدفاً ينص على تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة, وقد كان من المقرر أن يتم الإعلان الفوري عن إعادة تحقيق الوحدة اليمنية عقب قيام الثورة اليمنية مباشراً، إلا أن ذلك لم يتحقق حيث تأجل تحقيق هذا الهدف بفعل قيام نظامين سياسيين متباينين في الأهداف والمنطلقات في كلا الشطرين، وكان كل نظام يهدف إلى تحقيق الوحدة وفقاً لرؤيته الخاصة.
مضيفاً: وعلى الرغم من احتدام الصراع السياسي بين شطري اليمن سابقاً حد المواجهات العسكرية، إلا أنه من المفارقات وعقب كل محطة صراعية كانت تتم المسارعة للحوار بين الشطرين؛ بهدف إعادة توحيد اليمن، وشهدت تلك المرحلة عقد عدد من المحطات الحوارية داخلياً وخارجياً أكسبت الوحدة اليمنية زخماً ثورياً وشعبياً وقومياً بل وحتى أممياً.
ويختتم البكاري بالقول:
إلا أن المشكلة الرئيسية تتمثل في أن الحياة السياسية في اليمن اتسمت ومنذ قيام الثورة اليمنية بعدم وجود الثقة بين النخب والأطراف السياسية سواءً على مستوى الشطرين أو في نطاق كل شطر على حدة، وقد استمرت هذه الحالة وألقت بظلالها السلبية على أوضاع ما بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، حيث شرعت الأطراف السياسية للديمقراطية على سبيل المثال، لكنها ومع ذلك لم تقتنع أو تسلم بها إجمالاً، وهذا ما جعلنا نصل إلى هذا الوضع المأساوي؛ حيث لاتزال الوحدة اليمنية عرضة لمخاطر الصراعات والانقسامات الحزبية، مع أن هذا الملف يفترض أن يكون قد تم حسمه لصالح الاستقرار والتنمية كما حدث في تجربة الوحدة الألمانية التي ومن المصادفات أنها تحققت مع الوحدة اليمنية في نفس التوقيت، وها هي ألمانيا تمثل نموذجاً رائعاً للوحدة والديمقراطية على الرغم من التعددية القائمة فيها أكثر حدة وتنوعاً من اليمن الذي لا يعاني من تعددية اجتماعية وثقافية حادة، وكان يفترض أن يشكل ذلك عامل قوة للوحدة اليمنية والممارسة الديمقراطية، ولذلك من المؤمل أن تشكل مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل فرصة تاريخية لإعادة تصويب المسار الوطني والتخلي عن ثقافة العنف لصالح تحقيق الوئام والاستقرار السياسي والمجتمعي، بما يثري من عملية التعدد والتنوع في إطار الوحدة وحتى لا تظل الوحدة شماعة لتعليق الأخطاء التي ترتكبها الأطراف السياسية، ولابد أن تتحقق الغاية من الوحدة، وأن يلمس المواطن خير الوحدة في حياته ومعيشته.
نظام الأقاليم في ظل الوحدة
وفي ذات السياق تنظر الدكتورة فاتن محمد الشدادي، كلية الحقوق جامعة تعز إلى الوحدة كحقيقة اجتماعية تاريخية منذ فجر التاريخ ارتبطت بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني قائلة :
مع تزايد وتراكم المظالم والتجاوزات التي شهدتها البلاد وما تزال قائمة تآكلت الهوية اليمنية وتراجعت مؤشرات الولاء الوطني، ودخلت الوحدة الوطنية دائرة الخطر فعلياً، وبات الوطن المحمي افتراضياً بسواعد ونفوس ومُهج أبنائه مستهدفاً من الشريحة نفسها لصالح مشاريع غير وطنية.
وبدخول الوحدة دائرة الخطر دخل الوطن كله ذات الدائرة ولا مخرج لتجاوز الخطر البادي للجميع سوى الشروع فعلياً بمعالجة مكامن الوجع وبتر ما فسد منها وهي كثيرة ، وكان أول علاج اقترح لتطبيب الجراح هو اعتماد نظام الأقاليم.
ونرى أنه طالما تم اعتماد نظام الأقاليم بناءً على أسس علمية، ووفقاً للمعطيات الجغرافية والديموغرافية وبحيث يستطيع المسئولون في كل إقليم ضبط الأمن والقيام بالعمل الإداري والتنموي بشكل سلس، ولا يمس بحال من الأحوال الوحدة اليمنية فسيكون النتائج جيدة خلافاً للمركزية الشديدة التي أنتجت نتائج غير طيبة.
التصحيح
وتضيف : ومن أجل التصدي للممارسات غير المشروعة وتصحيح المفاهيم والقناعات الخاطئة التي ترسخت لدى البعض نتيجة غياب القدوة والافتقار إلى الشفافية وانعدام المساءلة، وبفعل تمادي آخرين في خرق الدستور والقانون، وفي إطار برنامج الحكومة الذي نالت بموجبه الثقة من مجلس النواب ووفاءً منها بما تضمنته المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والتي كانت الحل الأمثل للخروج من الأزمة التي عاشتها البلاد في الفترة السابقة.
وبهدف إرساء أسس ومداميك الدولة المدنية الحديثة دولة المؤسسات، دولة الحق والقانون والمواطنة المتساوية، وتصويب السلوكيات غير السوية وحماية الحقوق والممتلكات العامة والخاصة وصون حقوق وحريات المواطنين وكرامتهم الإنسانية والحفاظ على أمن الوطن واستقراره ووحدته.
ولإشاعة القيم الإيجابية بين أفراد المجتمع، وزرع الأمل في نفوسهم، وإعادة الاعتبار لمبادئ العدل والإنصاف، والجدارة وتكافؤ الفرص، وتمتين أواصر الحب والتسامح في أوساطهم وتعزيز النهج الديمقراطي القائم على قواعد المشاركة والشفافية والمساءلة.
نرى ضرورة التعامل مع إرساء قواعد الحكم الرشيد في الخدمة العامة، إذ ينبغي أن يتم وفق رؤية شاملة تأخذ في الاعتبار أهمية مراعاة البعد التربوي لإنجاح هذا التوجه وبلوغ غاياته، لكون هذا الهدف لا يخص الحاضر فقط لكنه يرتبط أكثر بالمستقبل الذي ننشده جميعاً لهذا الوطن ولشبابه ولأجياله القادمة.
قيم الحرية والعدالة
وتزيد: ولذلك لابد من السعي لتعميق الفهم الصحيح لقيم الحرية والعدالة، وإذكاء الوعي بأهمية الممارسة السليمة للتعددية السياسية والحزبية كوسيلة لإثراء الحياة العامة، وتمتين روابط الإخاء بين مختلف فئات المجتمع وشرائحه ونخبه الثقافية والسياسية، وإشاعة روح التنافس بين أبناء الوطن لبناء اليمن الناهض الذي تتوثق فيه عرى المحبة والوحدة الوطنية وتسوده الثقة والأمل بأن القادم سيكون أفضل وأن الغد سيكون أجمل أن الحياة ستكون أرغد وأن الشعب سيكون أسعد، إذا استطاع نبذ الفرقة والتفرغ لزرع الأرض، ودرء كل صنوف المحاباة والوساطة والمحسوبية وتجفيف منابع الفساد.
ومن هذا المنطلق، فإن على كافة وحدات الخدمة العامة والوحدات الإدارية ضمن حدود الاختصاصات المخولة لها وبمراعاة المعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان أن تأخذ باعتبارها في كل ما يتعلق بإدارة أنشطتها وتسيير أعمالها وفي إدارة وتصريف شئونها وفي علاقتها بجمهورها الداخلي والخارجي، وفي كل ما يصدر عنها من قرارات وما تتخذه من إجراءات الالتزام بمبادئ الحكم الرشيد وقواعده الراسخة بصفة عامة، وفي مقدمتها المبادئ التالية :
أولاً : مبدأ سيادة القانون الامتثال للدستور ولحكم القانون .
ثانياً : مبدأ المشاركة.
ثالثاً : مبدأي الشفافية والمساءلة.
مختتمة بالقول: وفي الأخير لا يسعني إلا أن أقول: إن اليمنيين كانوا على وعي كامل بأن الوحدة هي الاكتمال للنقص الذي فرضته تحولات تأسيس الدولتين وإن إعلان الوحدة الوطنية في 22 مايو 1990م مثل الحدث المركزي الأكثر تأثيراً في تاريخنا وإن أغلب التحولات الإيجابية والسلبية ارتبطت بهذا الحدث، وإن كل الصراعات حتى اللحظة في الجمهورية اليمنية بأبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية مازالت تدور حول هذه الفكرة المركزية، وحتى الأصوات المطالبة بالانفصال لا تخرج عن سياق الصراع على الوحدة ومن أجلها”.
الوحدة في الثقافة السياسية اليمنية هي النقيض لكل هزائم التفكك والتشتت، وهي وجهنا الأكثر إشراقاً بفعل الانقسامات التي تعاني منها اليمن عبر تاريخها والتي لازال جميع اليمنيين رغم ما يحدث وما سيحدث يؤمنون بالوحدة كمطلب أساسي ويهتفون بعلو الصوت تحيا الجمهورية اليمنية.
الوحدة أعز وأغلى الأماني
وعلى نفس الصعيد تحدث الدكتور محمد أحمد طنطاوي، ناشط وباحث في الشئون اليمنية عن الوحدة اليمنية كمطلب شعبي عارم حيث قال:
الوحدة اليمنية لم تأت من فراغ، إنما هي حلقة من سلسلة تاريخية ترتبط بالماضي وتتصل بالحاضر وتتجه نحو المستقبل ولسنا في حاجة إلى الغوص في أعماق التاريخ اليمني القديم لنثبت أن اليمنيين شعب واحد له خصائص مشتركه تميزه حتى عن الشعوب العربية الأخرى التي تشترك معها في خصائص مشتركة ولسنا في حاجة أيضاً إلى استعراض وقائع وأحداث وتطورات التاريخ الحديث لنثبت أن تحقيق الوحدة اليمنية كان مطلباً شعبياً عارماً عبرت عنه كل الأحزاب والقوى والتيارات السياسية والفكرية، كما نؤكد أن الوحدة اليمنية تعتبر أضخم ثروة فكرية أفرزت إرثاً ثورياً متقدماً ونهجاً نضالياً مميزاً في تاريخنا المعاصر.
ولابد أن يعرف الجميع أن الوحدة اليمنية لا تموت بموت قائد أو عدد من مفكريه، وعجلة التاريخ لا تعود إلى الوراء، فالوحدة ثابتة وراسخة في نفوس وقلوب كل أبناء الشعب اليمني وهذه حقيقة علمية لا تحتاج إلى معادلات وتراكيب صعبة، فالشعب العربي اليمني له لغة وطنية واحدة ولغة عربية واحدة وعادات وتقاليد وفولكلور موحد منذ الولادة وحتى يومنا هذا وهي ماض مجيد وتاريخ مؤثر في الصميم في الجزيرة العربية، أقول ذلك ليس من باب الاصطناع ولا من خارج حدود التاريخ بل إن ذلك يقرأه الملايين من البشر على امتداد وطننا العربي الكبير والعالم.
وهنا نؤكد أيضاً أن الشعب اليمني لا يعترف إلا بنظام واحد وإن كان هناك قلة رهنوا أنفسهم للخارج يحاولون ضرب الوحدة الشامخة لفصلها إلى دولتين شمالية وجنوبية كما عاشت ردحاً من الزمن، وهؤلاء لن تسمح لهم الدولة ومعها أبناء الشعب اليمني سواءً كانوا في الشمال أو في الجنوب زعزعة الأمن والاستقرار فنقول لهم إن الوحدة راسخة وهي من أعز وأغلى الأماني عند كل يمني شريف ومخلص لوطنه وهي السعادة العارمة والحلم الدائم الذي يفخر ويعتز بها كل إنسان يمني وعربي من المحيط إلى الخليج.
الوحدة ثابتة.. ولن تعود عجلة التاريخ إلى الوراء
وفي سياق الحديث عن الوحدة اليمنية ذلك الحلم العظيم تحدث الدكتور عبدالواحد عبدالملك طربوش أستاذ العلوم السياسية.. قائلاً: الوحدة اليمنية تعمقت وتجذرت في ظلها أكثر مبادئ الحرية والسيادة الوطنية وتأصيل الفكر الوطني الوحدوي الذي أسهم في إضفاء النزعة التحررية من شرنقة التجزئة والتشطير ومنحها إطاراً علمياً وعملياً وعقلانية فلسفية واضحة.. وها هو اليوم يحتفل أبناء شعبنا اليمني بالعيد الرابع والعشرين لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية كرد فعل للشعور بالرفض القاطع لواقع الانفصال والتشطير.. وتعتبر مخرجات الحوار الوطني المتعلقة بالوحدة اليمنية هي المهمة الرئيسية والمقدسة التي تلتف حولها جميع القوى والفئات والشرائع من أبناء الوطن شماله وجنوبه.. ولذا أقول ومن مصدر قوة لكل من يحاول زعزعة الأمن والاستقرار في بلادنا: إن الوحدة اليمنية مطلب شعبي عارم ولن تعود عجلة التاريخ إلى الوراء كما يظن ويتصور دعاة الانفصال والتمزق، كما أؤكد لهم أن وحدة الوطن متماسكة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولن تقوم أي نهضة أو حضارة حقيقية إلا في ظل هذه الوحدة ولابد أن يعرف الجميع أن الشمال والجنوب يمن واحد ولا يوجد شيء اسمه جنوبي أو شمالي.
فأبناء الشعب اليمني يؤمنون إيماناً راسخاً بوحدة الوطن ولسنا بحاجة إلى الغوص في أعماق التاريخ اليمني القديم لنثبت أن اليمنيين شعب واحد والذين يطالبون بالانفصال تتطبق عليهم كل مواصفات الخيانة الوطنية.. فالشعب اليمني شماله وجنوبه شعب واحد عاشت الوحدة شامخة إلى الأبد.
الوحدة بين الدولة
البسيطة.. والفيدرالية المتوقعة
وعلى نفس الصعيد يتحدث الدكتور محمد محمد الدرة،أستاذ القانون الدستوري والتنظيم السياسية بجامعة تعز عن مفهوم تطبيق الديمقراطية وقيام الوحدة اليمنية قائلاً:
وحيث كانت الوحدة اليمنية هدفاً للنظامين في الشمال والجنوب منذ ستينيات القرن العشرين وكلا الجمهوريتين العربية والشعبية أنشأتا مؤسسات خاصة لشؤون الوحدة.
وحيث كانت الشعوب لا تشعر بالفرقة والاختلاف، كان الاختلاف بين النظامين الشمالي والجنوبي هو الذي أخر تحقيق الوحدة، بل كان أساس الاختلاف هو نهج سياسي واقتصادي مختلف لكل شطر، ثم كانت التغييرات الداخلية والخارجية الطارئة هي التي ساعدت على قيام الوحدة اليمنية، فتم إعلان الوحدة رسمياً في 22 مايو 1990 وأعلن دستور دولة الوحدة التعددية الحزبية بعكس ما كان عليه الشطرين قبل الوحدة، حيث كان لكلا النظامين حزب حاكم ولا وجود لأحزاب معارضة.
وكانت التجربة الديمقراطية جديدة على اليمن، لأن كلا الحزبين في جنوب وشمال اليمن لم يتولى السلطة بطرق ديمقراطية.
فتم تطبيق الديمقراطية دون تجارب سابقة وفهمها الناس والسلطة بمفهوم خاطئ فأثرت عدم التجربة في التطبيق وتولدت أزمات أمنية وإدارية واقتصادية واجتماعية، ورغم المحاولة لتطوير وتعديل النظام الإداري والسياسي للدولة وبما يتفق وتطور نظمها الأخرى ولكن كانت هذه المحاولات منقولة من تجارب دول أخرى، وفي الحقيقة ما قد يصلح شعب معين، في ظل نظم ومعتقدات معينة، قد لا يصلح لغيره، وما يتناسب مع شعب في زمن معين قد لا يتناسب مع الشعب ذاته في زمن آخر.
وكان الخلل الكبير في أسلوب العلاقات التي نشأت بين الحكومة المركزية والسلطات المحلية، حيث كانت تمارس بعض الوزارات تأثيراً أو إشرافاً على الوحدات المحلية، نجد أن هناك وزارة أخرى لا تأثير لها، ولا يوجد وزارة معينة مسؤولة عن جميع نشاطات السلطات المحلية، وفي نفس الوقت كانت الرقابة على السلطة المحلية غير نابعة من القوانين التي سنتها السلطة التشريعية، بل سيطرت على الخدمات المحلية، والأصل أن تقوم السلطات المحلية بتقديم الخدمات المحلية المنوطة بها وهي مسؤولة عن الإجراءات اليومية العملية لتنفيذها، وشكلت الأمور المالية نموذجاً لفشل الإدارة اليمنية في الارتباطات القائمة بين السلطة المركزية والمحلية.
حيث يعتبر الاستقلال المالي للوحدات المحلية أحد مؤشرات اقتدارها في فرض الضرائب وتحصيل الإيرادات لتغطية مصروفاتها، ولكن التضخم المالي الذي نشأ بفعل المركزية المالية هدد الحاضر ولم تحافظ السلطة المركزية على الحد الأدنى من الخدمات بصورتها الصحيحة، فكانت المشاكل التي واجهت السلطات المحلية حتى أنها اتكلت إلى درجة كبيرة على الحكومة المركزية في إدارة المحليات حتى فشلت وتراكمت مشاكلها و تكونت الأزمات.
والدولة البسيطة بعد أن تفشل في تطبيق اللامركزية الإدارية عن طريق توزيع الاختصاصات بين السلطات المركزية والسلطات المحلية قد تتجه نحو الحكم المحلي (الفيدرالية) وهي اللامركزية السياسية التي تتضمن توزيع الدولة لبعض سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية لصالح الأقاليم التي ستتمتع بالحكم المحلي، ويقوم الدستور بتنظيم العلاقة مع السلطة المركزية، والأصل أن الفدرالية لا تطبق إلا عند تباين المجتمعات المحلية وتباين مصالحها.
وفي اليمن بعد أن تضرر الكثير من الإدارة المركزية وفشل السلطات المحلية لم يكن أمام مؤتمر الحوار صيغة للحكم غير الفدرالية وتوزيع اليمن لستة أقاليم.
وسيكون لرؤساء الأقاليم الدور البارز في نجاح أو فشل التجربة، بل سيكون هناك تنافس، حيث سيكون للأقاليم رؤساء منهم من سيكون ضعيفاً.
وفي ظل هذا النموذج يكون لدى رئيس الإقليم سلطة شخصية محدودة للتوظيف والإقالة، حيث سيأتي معظم الإداريين العاملين عن طريق الضغوط والمداراة، ولن تدار الإدارات بواسطة مجالس إدارة ولجان مستقلة، أما النموذج الثاني فهو الرئيس القوي وهو النموذج الذي سيتمكن فيه رئيس الإقليم من الممارسة السليمة للسلطة الإدارية، حيث يأتي بالتعيين بطريقة يتم فيها اختيار الأقدر ويستطيع إقالته في أي وقت إن فشل ويرسم السياسات والخطط ويراقب تنفيذها، فإن تحقق النجاح في إدارة الأقاليم تقوت السلطة المركزية وتهيأت الظروف لتعود الدولة لدولة الوحدة البسيطة وتدار المحليات بنظام اللامركزية الإدارية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.