يكرر التاريخ نفسه من زوايا مختلفة على المشهد اليمني منذ ثورة 26 سبتمبر 1962م ، لنعيش مسارات احداث متشابهة مع اختلاف في مواقع الفاعلين في الأحداث التاريخية واليوم.. قرر الثوار في ثورة 26 سبتمبر ضد العهد الإمامي الكهنوتي طلب الأشقاء في مصر حتى تتمكن الثورة من تحقيق اهدافها المعلنة « الاهداف الستة « في حين كان طرف الامامة والكهنوت يتلقى دعما من المملكة العربية السعودية التي وجدت ان تدخل جمهورية مصر يستهدفها وهذا ليس محل نقاشنا.. بعد ثورة 26 سبتمبر بعامين وتدخل الجيش المصري في دعم الثورة وتأمينها من أي اخطار خارجية ، كهدف اساسي لتدخل الجيش المصري ، وجد الثوار أن مسار الثورة بدأ ينحرف عن اهدافه وان تدخل الجيش المصري ايضا. انحرف عّن مسار اهدافة مما تسبب في اطالة الحرب ، وجدوا هذا الوضع لايمكن قبوله وأن استمراره له تبعات خطيرة اهمها اطالة امد الحرب ، فسارع الثوار الى تشكيل اصطفاف من ابرز قادة الثورة ورفعوا مطالب اصلاح المسار لمسيرة الثورة واصلاح مسار التدخل المصري. ومن خلال ذلك الاصطفاف نجح الثوار في الحفاظ على توازن المسار دون ان تخسر الجمهورية والثورة حليف وفِي كالجيش المصري والرئيس جمال عبدالناصر ، تفاصيل تلك الاحداث تشابه حالنا اليوم مع اختلاف ان الشقيقة السعودية والأشقاء في جمهورية مصر في تحالف واحد لدعم الجمهورية اليمنية ضد انقلاب الكهنوت الامامي المدعوم اليوم من ايران.. غير ان احداث اليوم ايضا تحكي بوضوح ان التحالف الذي ضم اليوم السعودية ومصر قد انحرف عّن مساره في دعم الشرعية وانهاء الانقلاب.. كما ذات الاحداث تشير الى انحراف الحكومة الشرعية نفسها عّن تحقيق الاهداف التي تقاتل من اجلها هذا الراهن لصورة المشهد يكرر نفسه لاحداث 63 و64 مابعد ثورة 36 سبتمبر وهو مابات يستلزم حالة اصطفاف ملحة للمطالبة بإصلاح مسار الشرعية والتحالف على حدٍ سواء.. الرئيس القاضي عبدالرحمن الارياني تحدث عن ذلك المشهد من انحراف حكومة السلال والعمري ومعهم التدخل المصري في دعم الثورة وكأنه يتحدث عّن انحراف الحكومة الشرعية والتحالف العربي عّن تحقيق اهداف الحرب ضد الانقلاب الحوثي المدعوم من ايران ، ولذلك نجد انه من المهم ان نقتبس لكم بعضاً مما اورده الرئيس القاضي الارياني والذي وضع عنوان فصله (اصلاح المسار). الدعوة إلى تصحيح المسار وجاء يوم 5/3/1963م وذهبنا إلى تعز وهناك أقيم حفل شعبي كبير ألقيت فيه الكلمات وتعالت الهتافات والتهبت الأكف من التصفيق. وجاء دوري فألقيت كلمة دعوت فيها إلى ترجمة هذه الخطابات والهتافات إلى عمل يراه الشعب ألننا في حاجة ماسة إلى تجسيد هذا الحماس الذي لا يخبو إلى تعاون بين جميع قطاعات الشعب كل في مجاله حتى يحس المواطنون بأن هناك فرقا بني الماضي المظلم والحاضر المنير. وقلت إن الثورة قد أصبحت في حرز حريز وعلينا الآن أن نلتفت إلى هذه الأشهر الخمسة التي مرت بنا لنحاسب أنفسنا ونصحح أغالطنا وأن نفهم الثورة فهماً ثورياً صحيحاً. فإن من دواعي الأسف الشديد أن البعض منا قد فهم الثورة على أنها ثورة ظهور وإثراء لا ثورة تضحية وعطاء. وبعبارة أصرح وأوضح، فهمها على أنها ثورة وظائف وتوظيف وكراسي ومناصب ومقررات ومغانم. فكان في الوقت الذي شغل فيه إخوانه الأحرار بالمعارك هذا البعض اللصيق بالثورة وانصرفوا بكل جهودهم إلى معاجلة المشاكل القبلية التي كانت أخطر ما واجه الثورة في أيامها الأولى، أقول كان يشتغل هذا البعض في غفلة من الزمان بتوزيع المناصب واختراع الوظائف وتجهيز المكاتب والزيادة الخيالية في المقررات وتضخيم حجم الجهاز الحكومي بصورة ال تتحملها إمكانيات اليمن. فعل كل ذلك ليشتري الأنصار ويكسب الإشياع، ولكن الشعب اليمني الحساس لم يزدد منه إلا ً بعداً ولا أبدى له إلا ً مقتاً. فعلينا تصحيح الأغلاط وأن نوقض ضمائرنا حتى لا يجد البعض في صدره حرجاً إن هو آثر المصلحة العامة وخفف العبء على الخزينة الخالية لنشعر جميعا أن الثورة وبحق هي ثورة عطاء وتضحية ال ثورة إستغلال ومحسوبية. ودعوت إلى مجابهة الحرب الجديدة التي يعتمد عليها الإستعمار والرجعية بعد أن عجزوا عن النيل من الثورة المجيدة وهي الحرب التي تعتمد على شعارهم العتيد (فرق تسد) فإنهم بدأوا يعمدون إلى بث التفرقة الطائفية والعنصرية والقبلية ويبعثوا أذنابهم ليجوسوا خلال الديار ويثيروا هذه النعرات التي حاربها الإسلام. ايقاف المتطوعين الجنوبيين وسحب اسلحتهم حينما أعلنت الثورة في صنعاء كان صداها في عدن تأييداً مطلقاً وحماساً لا نظير له، وكان المؤتمر العمالي وحزب الشعب الإشتراكي يقودان الجماهير العمالية في عدن وقد إستطاعا أن يوجها العمال هناك إلى التطوع للدفاع عن الثورة. وفعلاً وصل منهم الآلاف وحملوا السالح، ولكن كان الكثيرون منهم ينقصهم التدريب على القتال وبالخاصة في جبال الشمال الوعرة وبني قبائله الشرسين. ولهذا فقد أصيبوا بنكسات وقدموا تضحيات. وضاقت بهم صدور بعض الضباط الذين كانوا يومها يشرفون على الحملات العسكرية فسحبوا منهم السالح بحجة أنهم حينما أرسلوا إلى خولان تركوا سلاحهم للعدو. وكان يوجد فيهم رجال شجعان ومدربون ولكنهم سرحوا جميعهم. ولم يكن ذلك من وجهة نظري حسنا، وكنت أود أن يجمع شملهم تحت قيادات وينَظموا ويدربوا و يستفاد منهم. وقد عادوا إلى عدن وشرحوا ما جرى وشرحوا معارضتي لما أتخذ حيالهم فكان هذا دافعا للأستاذ علي حسني قاضي من قادة المؤتمر العمالي إلى الوصول إلى صنعاء، وقدم إلي مذكرة مطولة بتاريخ 2/4/1963م شرح فيها كيف تأسس المؤتمر العمالي وكيف حمل راية العمل ضد الإستعمار وأن المؤتمر قد ساهم بالفعل وأرسل المئات من رجالة لينضموا إلى الحرس الوطني في الشمال. وكان كل رجال المؤتمر مستعدون للتضحية في سبيل الدفاع عن الثورة، ولكنهم عندما علموا بما صار لإخوانهم وأنهم قد جردوا من سلاحهم وأهملوا صدموا، وكان لذلك تأثير كبير في نفوسهم. وطالب بإعادة النظر في هذه الأمور حتى ال تتاح الفرصة لأعداء الجمهورية لبث الدعاية ضد الجمهورية وإضعاف معنوية الشعب في الجنوب فقد عاد من عاد إلى عدن متذمرين. وقد استقبلت ممثل المؤتمر العمالي وأعتذرت له عما حدث وأنه من عمل بعض الضباط الذين لا يقدرون المسئولية ولا يحسبون للعواقب حساباً لأهم جديدون على تحمل المسئولية. وكان المسئول عما أتخذ ضد الحرس الوطني هو العقيد هادي عيسى رحمه الله وقد كان مسئولاً عن الكثير من الأخطاء. تشكيل مجلس رئاسة ومحاولة إستبعاد الزبيري في 13/4/1963م صدر الدستور المؤقت ونص على أن مجلس الرئاسة هو الهيئة العليا لسلطة الدولة يقر جميع القوانين والقرارات التي ينص الدستور على إختصاص رئيس اجلمهورية بها، ويقر السياسة العامة للدولة في جميع النواحي السياسية والإقتصادية والإجتماعية والإدارية ويراقب تنفيذها. وقد بدأ بعد ذلك الحديث حول تشكيل مجلس رئاسة من عدد من العاملين من الضباط والمدنيين. وكانت اجتماعات تتم في السفارة العربية وحتت إشراف الأستاذ محمد عبدالواحد القائم بالأعمال ومحمود عبد السلام من رجال المخابرات. وكانوا قد اقترحوا ضم عدد ممن ال صلة لهم بالثورة وإمنا هم من المحاسيب الى مجلس الرئاسة. ولكن كان أغرب ما فعلوه أنهم أستبعدوا الأخ الزبيري أبا الأحرار والزعيم الذي لم أعرف ولن أعرف مهما طال العمر زعيماً مثالياً يشبهه في إخلاصه ونزاهته وإستعداده للتضحية وإستعداده ألن ينسى نفسه وأهله في سبيل أن يعمل لخير وصالح الشعب. وعندما عرض علي الأمر في مجلس القيادة آسفني أن يستبعد الزبيري بينما يدخل أناس لا يعرفون عن الثورة شيئا. وقلت في نفسي كأنه قد كتب على طلائع الثورة أن تُبعد، فبالأمس أبعدوا الأستاذ أحمد نعمان لا لشيء إلا ليخلو الجو للبيضاني واليوم يريدون إبعاد زميله. وقلت لهم وملاذا إذا حشرتم إسمي وإسم القاضي عبدالسلام صبرة، دعوا المجلس بكامل عدده من ثوار ما بعد الثورة . فأرادوا أن يعتذروا بأنهم يريدون أن يصفوا وجه القاضي محمد لوزارة التربية والتعليم التي لها من الأهمية ما لها، فقلت وأنا دعوني أخلو إلى عملي في وزارة العدل، ورفضت البقاء والمناقشة وخرجت من المجلس. وكان قد بلغني أنهم يقولون عن الزبيري أنه ممن لا يحبون مصر، مع أنه كان ممن يتغنون بل ويتغزلون بمصر وبرئيسها، ولكنه كان يتمنى أن يستطيع بلده أن يعتمد على نفسه فتمنى على ال ً ج.ع.م. أن لا تتدخل عسكرياً في اليمن، بل سأل الله سبحانه أن لا يرسل ملائكته لنصرة هذا الشعب بل يمنحه النصر القائم على جهوده، وقد كتب هذا قبل الثورة. وقد أخذوا عنه أنه لا يحب تدخل مصر، فهو إذا لا يحب مصر. وجاءني بعض الضباط الذين حضروا الجلسة يعتذرون ويقولون إننا نعرف محل القاضي محمد الزبيري من العمل الوطني ونعترف أنا منه تعلمنا، ولكن إقتراح إستبعاده جاء من المصريين ونحن مضطرون إلى مجاملتهم لأننا في حاجة إليهم. فقلت لهم إفعلوا ما تشاءون ولكني لن اشترك معكم في تأسيس بادرة تجعل من حق المصريين أن يستبعدوا من يشاءون ويقربوا من يريدون. إنهم جاءوا ليساعدونا ال ليحكمونا وهذا ما قاله لي شخصياً الرئيس عبدالناصر فقد قال ال تشغلونا بشئونكم الداخلية دعونا نحصر همنا بحماية الثورة من العدوان الخارجي. ولعل كلامي قد أبلغه الضباط إلى القائم بالأعمال فتراجع وأعتذر بأنه لا يريد أن يتدخل بالشئون الداخلية وإنما هو ينصح، وهكذا مت ضم إسم القاضي الزبيري دون أن أشعره بأنه كان عليه فيتو. ولكن الضباط ذهبوا إليه ليعتذروا له فقال لهم، لا عليكم فلست مهتما بأن أكون بني أعضاء مجلس الرئاسة لأن المشائخ مصرون على أن يدخل عدد منهم فيه وكنت أريد أن أضرب لهم مثلاً بنفسي فلعلهم يقتدون بي. ويأتي المشير عبدالحكيم عامر والسيد أنور السادات ويذهب إليهما المشائخ يطلبون ضم عدد منهم إلى مجلس الرئاسة، فحاولوا إقناعهم فلم يقنعوا. وطلبوا إلي إقناعهم فقلت لهم (في الصيف ضيعت اللبن)، وقد نبهتكم حينما قررتم تشكيل مجلس الشيوخ بأن ذلك سيفتح الشهية إلى الإشتراك في كل المناصب. وفي 17 إبريل 1963م صدر القرار بتشكيل مجلس الرئاسة، ونتيجة لما اسلفنا ذكره فقد بلغ عدد أعضاء المجلس ثلاثة وثلاثين عضوا منهم ثلاثة عشر من المشائخ. وتكون المجلس من التالية أسماؤهم: • المشير عبدالله السلال رئيساً • السيد عبدالرحمن يحيى الإرياني • السيد حسن بن حسن العمري • السيد محمد محمود الزبيري • السيد عبداللطيف ضيف الله • السيد عبدالسلام صبرة • السيد محمد أحمد الاهنومي • السيد محمد قايد سيف • السيد عبدالغني مطهر • السيد صالح علي الأشول • السيد محمد مطهر زيد • السيد عبدالله الجائفي • السيد علي قاسم المؤيد • السيد علي محمد سعيد • السيد أحمد بن أحمد الرحومي • السيد حسني شرف الكبسي • السيد أحمد علي الوشلي • السيد عبدالله المؤيد • السيد عبدالكريم الحوري • الشيخ مطيع عبدالله دماج • الشيخ عبدالله بن حسني الأحمر • الشيخ أحمد سيف الشرجبي • الشيخ أمين أبوراس • الشيخ يحيى منصور بن نصر • الشيخ علي بن ناجي القوسي • الشيخ محمد بن عبدالله مناع • الشيخ جارالله القردعي • الشيخ سنان أبولحوم • الشيخ هزاع البدوي • الشيخ نعمان بن قايد بن راجح • الشيخ عثمان محجب ثواب • الشيخ أمين عبدالواسع نعمان • السيد محمد علي الأسودي تشكيل المجلس التنفيذي كان رئيس الجمهورية هو رئيس الوزراء، وبعد صدور الدستور أقترحنا تعيني رئيس وزراء لتحمل مسئولية الحكومة ويكون مسئولاً أمام مجلس الرئاسة، ولكن الإخوان المصريين نصحوا أن يعني رئيس لمجلس تنفيذي على غرار ما هو قائم في مصر، وهكذا كان. وقد تعني العقيد عبداللطيف ضيف الله رئيسا للمجلس التنفيذي وتم في 25 إبريل 1963م تشكيل المجلس كالتالي: • الشيخ محمد علي عثمان وزيراً لشئون القبائل • العقيد محمد الرعيني وزيراً للداخلية • السيد مصطفى يعقوب وزيراً للخارجية • العقيد حسني الدفعي وزيراً للحربية • السيد عبدالغني علي أحمد وزيراً للخزانة • السيد محمد علي الأكوع وزيراً للعدل • السيد محمد أنعم غالب وزيراً للتربية • السيد حسني المقدمي وزيراً للصحة •الدكتور حسن مكي وزيراً للإقتصاد • السيد أحمد المروني وزيراً للأوقاف • السيد عبدالله الكرشمي وزيراً للأشغال والمواصلات • السيد علي محمد عبده وزيراً للزراعة إلغاء الاحتفال بيوم الغدير إعتاد الأئمة في اليمن الاحتفال في يوم 18 ُ ذي الحجة بذكرى حديث غدير خم الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم في حق الإمام علي كرم الله وجهه (علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ال نبي بعدي). وقد أستدل الشيعة بهذا الحديث على أحقية الإمام علي بالخلافة وأولاده من بعده، فكان الأئمة يحتفلون بهذا اليوم ال لغرض ديني بل لهدف سياسي، وكان الإمام يحيى يقول حينما يخرج لحضور الاحتفال بيوم الغدير إنه يوم صقل الخلافة. لهذا رؤي بعد قيام الثورة إلغاء الاحتفال، وأصدر العلماء بيانا يشيدون فيه بأمير المؤمنين علي كرم الله وجهه ويقولون أن الاحتفال الذي أعتيد ما أنزل الله به من سلطان وأن في الإسلام عيدين ال سوى كما نص عليه الحديث. فأصدرت الإذاعة السعودية ردا بإسم الملكيين تهجموا فيه على علماء الأزهر، الذين لم يكن لهم أي صلة بالبيان، ولذلك كان الرد عليهم بشيء من القسوة. وقد أشار رد الحكومة اليمنية الذي صدر بتاريخ 16/5/1963م إلى أن بيان هيئة العلماء في اليمن الذي صدر في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة (12 مايو 1963م) أشار إلى ما كانت تقيمه الأسرة البائدة من إحتفال في مثل هذا اليوم لتضليل الناس بالدعايات المزيفة على حساب ذكرى مجيدة ذكرى حديث غدير خم، جاعلة منها قاعدة ترتكز عليها الدعاية التي كان الحكام البائدون يستهدفون من ورائها إلى تجديد ميسم العبودية على أبناء هذا الشعب اليمني المؤمن بربه ونبيه ووطنه وبكرامة الإنسان فيه، وبالتالي إلى توطيد دعائم حكمهم كحق إلهي وميراث شرعي، وأن البيان قد أشاد بما للإمام علي كرم الله وجهه من فضل في الدين وسابقة في الإسلام كأحد أعلام الصحابة الراشدين، إلا أنه ال يجوز أن تستغل مكانته الدينية في تدعيم حكم فاسد أو حاكم ظالم، وأنه كرم الله وجهه من الصلابة في الدين والصرامة في الحق بحيث لو كان حيا لكان أول من يحمل سيفه على عاتقه ويغمده في هامات الحكام الظالمين المستهترين بحق الله وحق المسلمين حتى يبيد خضراءهم. وقال بيان الرد أن الأئمة أرادوا أن يحولوا رسالة محمد بن عبدالله صلوات الله وسالمه عليه من رسالة إنسانية لهداية الناس كافة في ظل شريعة سماوية، يستوي فيها الأبيض والأسود إلى مبادئ سياسية وشعارات دعائية تغلف بالهداية السامية التي تدعو إلى العدالة والمساواة وتحرير الإنسان من ظلم الإنسان، إنهم يريدونها وسيلة لإنشاء ملك لأبنائهم وأقربائهم وتوطئة أكناف المسلمين لحكامهم ووالتهم الفاسدين. وقال البيان انه لطالما أن السعوديين يؤمنون (كما تقول إذاعتهم) بحديث الخلافه في قريش، ويعترفون أن بيت حميد الدين منهم ولديهم الأهلية لهذه الخلافه فما عليهم إلا ً أن يطالبوا سعودا وفيصلاً بالتنازل عن العرش ألحدهم فهم كما يزعمون أحق وأولى بالعرش من سعود وفيصل ألنهما ليسا من قريش. الاحتجاج على تواصل الإعدامات كنا في تعز مع الأخ القاضي محمد محمود الزبيري في 12/6/1963م، وقد فوجئنا بإذاعة نبأ عن إعدام بعض المعتقلين فيهم الثور والويسي. وسألنا اللواء العمري نائب رئيس الجمهورية محتجين على الحادث فتنصل عن المسئولية ونفى علمه المسبق بما حدث فازددنا إنزعاجاً وأبرقنا للرئيس السلال البرقي التالية : بالأمس كان إعدام تسعة من المساجين منهم قاسم الثور وحسني الويسي قبل المحاكمة وإكمال التحقيق. نائبكم يقول أنه لم يأمر بذلك وال ندري من المسئول عن ذلك. نحن نسجل إحتجاجنا على هذا العبث بالدماء والأرواح بدون وازع ونطالب بمحاكمة العابثين، فللحادث عواقب سيئة ولا يمكن أن نتحمل المسئولية في هذه الأعمال. أنتم الذين وضعتم السلطة بيد من لا يقدر الأمور المسئولون أمام الله وأمام التاريخ والسالم عليكم ورحمة الله. محمد محمود الزبيري عبدالرحمن الإرياني البيضاني يحرض على الطائفية من عدن أذاعت عدن ولندن عن قرب وصول الدكتور البيضاني إلى عدن ليشرف على إنشاء مصرف يساهم في تنمية إقتصاد دولة الإتحاد التي كان يحاربها بكل ما يملك من طاقة كالمية حتى ألبها على الثورة بينما كان في الإمكان تحييدها إلى حين . وكان الغريب، والغريب جدا، هو كيف تسمح له القاهرة بالذهاب إلى عدن وهي في معركة مع الإستعمار. وقد درسنا الموضوع وأتفقنا على أن نبعث برقية إحتجاج من الرئيس السلال إلى الرئيس عبدالناصر ومت إرسال البرقية التالية: سيادة الأخ الرئيس جمال عبدالناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة، القاهرة دأبت إذاعة الإستعمار في عدن ولندن على نشر خبر عن قرب وصول عبدالرحمن البيضاني إلى عدن حتت ستار فتح مصرف يسهم في إمناء إقتصاد دولة الإتحاد كما تقول الإذاعة، ونحن نشعر أن وراء هذا المخطط الإستعمار غايات أخرى يراد منها بث التفرقة الطائفية وهذا ما متهد له صحافة الإستعمار في عدن. نرجو أن تأمروا بحفظ البيضاني ومن على شاكلته داخل ال ج.ع.م. أو يكون تسليمه إلى اليمن لتتولى حفظه. وتقبلوا تحياتي وتقديري. 16/7/1963م أخوكم/ عبدالله السلال ولم تجد البرقية نفعاً، ووصل البيضاني إلى عدن يدعو إلى دولة شافعية وسخر الإستعمار إذاعة وصحافة عدن لخطاباته وتصريحاته. ولما عتبنا على القاهرة السماح له بالخروج ليدعو إلى التفرقة ونبهناهم إلى ما في ذلك من تناقض مشين بني هذا السلوك وبني ما يرفعونه من شعارات عن محاربة الإستعمار وما يدعون إليه من الوحدة العربية الشاملة بينما يسمحون بتمزيق الوطن الموحد وأن ذلك لو نشر مما يسيئ إلى سمعة زعامة الرئيس جمال عبدالناصر العربية. وقد أعتذروا أن البيضاني أستأذن بالسفر إلى ألمانيا الغربية ومنها أنتقل إلى عدن، ولم يكن أمامنا إلا أن نقبل العذر على عالته. هذا ما كان بالنسبة إلى ال ج.ع.م. أما البيضاني فقد وصل يعلن عن رأيه، وتبني أن موضوع البنك إمنا هو وسيلة للوصول إلى عدن، وقد تواطأ على ذلك مع الإنجليز وسلاطين الإتحاد الذين كانوا يهتمون بما يسبب إرتباكاً للثورة في الشمال. أما نحن فقد عقدنا جلسة لمجلسي الرئاسة والتنفيذي ودرسنا الموضوع وتقرر إصدار قرار بسحب الجنسية اليمنية عن البيضاني وتشكيل محكمة لمحاكمته غيابياً بالخيانة العظمى مع إصدار بيان للمواطنين في نهيب بطنيتهم إلى إتخاذ موقف حازم ضد دعوة البيضاني الذي يهدف فيها إلى خدمة الإستعمار بتمزيق البلاد. وقد أذيع كل ذلك من إذاعة صنعاء، وفوجئ به الجميع حتى القيادة العربية بصنعاء، وكان له أثره في عدن، فقد عمل الإستعمار وأذنابه السلاطين إلى إقامة حفل كبير قام فيه البيضاني خطيبا يدعو إلى إقامة جمهورية شافعية تتحد مع دولة الإتحاد حليفة الإستعمار. فما سمع الحضور من البيضاني هذه الدعوة النشاز حتى شغبوا عليه ورموه بالنعال إلى منصة الخطابة، ولم ينج بنفسه إلا وأسقط في يده وهو الذي كان يتوقع التجاوب من أبناء تحت حماية البوليس المناطق الشافعية ففوجئ بهم يرمونه بالنعال. وقد أشفقت عليه القاهرة، ومن أجل أن يحفظوا له بعض ماء الوجه بعثوا له زوجته لإعادته إلى القاهرة، وعند وصوله حددت إقامته في بيته مدة وأنطوت صفحة المحاولة الفاشلة سوداء كاحله. تقرير مستشار شئون الجنوب وفي هذه الأثناء كان الأستاذ قحطان محمد الشعبي )أول رئيس لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية فيما بعد ( مستشارا لرئيس الجمهورية العربية اليمنية لشئون الجنوب اليمني المحتل. وقد قدم إلينا في المجلس التنفيذي دراسة مطولة عن أوضاع الجنوب بعد أن أقام الإستعمار البريطاني دولة الإتحاد وأصبح يحاول ضم والية عدن إلى الإتحاد. وكان كثير من أبناء عدن وفي مقدمتهم آل لقمان يعارضون الإنظمام إلى دولة الإتحاد ويطالبون بالاستقلال الذاتي. والدراسة جيدة وملمة بتاريخ مرحلة من مراحل النضال في عدن وتؤكد التمسك بوحدة القطر اليمني، شماله المستقل وجنوبه المحتل. وقد طلب من حكومة الشمال العمل على توحيد القوى الوطنية العاملة في الجنوب، المتحدة في الأهداف والغايات وجعل على رأس هذه القوى المناضلين من قطاع القبائل والضباط والجنود الذين كانوا في جيش الاتحاد والذين سرحوا من الجيش لعملهم ضد المستعمرين، وحزب الشعب الاشتراكي، والمؤتمر العمالي، ثم حركة القوميين العرب التي ينتمي إليها الأستاذ قحطان. مؤتمر عمران مع مرور الوقت زادت تدخلات القيادات المصرية في الشؤون الداخلية لليمن، والتي تخرج عن نطاق مهمتها العسكرية. وهذا ما أفزع الغيورين على استقلالية اليمن وذاتيتها. وكان أن درسنا الوضع مع الإخوان ومنهم الأخ الزبيري رحمه الله وأتفقنا على الدعوة إلى مؤتمر وطني عام يعقد في مدينة عمران يتفق فيه المواطنون على التمسك بالجمهورية والدفاع عنها وتجنيد جيش لحمايتها. وتحمس القاضي الزبيري للموضوع ودعى إلى المؤتمر وحضره منتخبون من كل منطقة اتخذوا سبعة وعشرين قرارا، وقد صدرت القرارات بتاريخ 8 سبتمبر 1963م ونرى من الوفاء للشهيد الزبيري أن نعيد توثيقها.