تعبئة طائفية مكثفة في المدارس تقوم بها مليشيا الحوثي في المناطق الخاضعة لسيطرتها، يتلقى فيها الطلاب تلقينا حول الأئمة الاثني عشر كجزء من ثقافة المذهب الاثنا عشري الإيراني، والتعبئة حول صراعات دينية تاريخية كأساس للولاء والبراء اليوم. التعبئة، التي يتلقاها الأطفال من قبل الحوثيين، تفخخ مستقبل اليمن وتصنع من الجيل القادم ألغاما بشرية في وجه الجمهورية ومفاهيم المواطنة المتساوية والعيش المشترك. فمنذ انقلابهم على السلطة، عمد الحوثيون إلى تعديل المناهج الدراسية وتفخيخها بالأفكار والمعتقدات الطائفية الدخيلة على ثقافة اليمنيين، والمتعارضة مع أبسط مفاهيم المجتمع المدني. يقول الناشط الحقوقي، محمد الأحمدي: «كانت هناك أصوات، ومنذ وقت مبكر، تحذر من أن مليشيا الحوثي تقود حربا على المجتمع، وتتمثل بحرب تجريف الهوية الوطنية، واستبدالها بهوية طائفية مشبّعة بثقافة العنف والكراهية، كما أنها تستجلب ثارات الماضي وأحقاد التاريخ لتغرسها في النشء والجيل القادم كذلك». وأضاف الأحمدي، «الكثير، وخصوصا على المستوى الإقليمي والدولي، لا ينظرون إلى هذا الخطر الداهم، كما أنهم لا يدركون خطورة هذه التعبئة الطائفية، والتي هي بمثابة قنبلة موقوتة ستنفجر في وجه الجميع». ويوضح الأحمدي أن «مليشيا الحوثي تعتمد في ثقافتها ومنهجها الفكري على ملازم مؤسس الجماعة حسين الحوثي، والتي تحتوي على أخطاء منهجية وعلمية، كما أنها تلزم وتجبر كل من يقع تحت سلطتها من الناس بتلقي هذه الملازم وتعلمها، ولو كانوا معتقلين في سجونها كذلك». ويشير الأحمدي إلى أن «مليشيا الحوثي تقوم كذلك بإجبار الموظفين في مؤسسات الدولة على حضور دورات تثقيفية حول هذه الملازم، التي تحتوي على كثير من المفاهيم المتخلفة، كفر المجتمع طائفيا وطبقيا وسلاليا، كما أنها تمجّد الثورة الخمينية والملالي في طهران». ويلفت الأحمدي إلى أن «ملازم الحوثي تعمل على تكريس البغض والكراهية ضد الجمهورية ونظامها والمجتمع والسنة كذلك». وعن تغيير الحوثيين للمناهج التعليمية، يقول الأحمدي: «مليشيا الحوثي ألزمت الجميع في المدارس والجامعات بإدخال بعض ملازم حسين الحوثي كمواد دراسية مقررة، رغم أنها لا تستحق حتى مجرد الأوراق التي طبعت فيها». ويرى الأحمدي أن هدف الحوثيين من وراء ذلك هو «مسخ الهوية الوطنية الجامعة، وخلق ثقافة جديدة دخيلة على المجتمع اليمني، تقوم على تقديس وتأليه مجموعة من البشر، كما ترى أنهم الأحق بالحكم وبقية الناس لابد أن يكونوا رعاعا وتبعا لهؤلاء المجموعة الذي أضفوا عليهم القداسة والتأليه». هذا وتداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي فيديو يظهر أطفالا في إحدى المدارس وأحد عناصر مليشيا الحوثي يوجههم باللطم على صدورهم والترديد بصوت مرتفع: «أئمتي اثنا عشر، أولهم الحيدرة، وآخرهم المنتظر». يقول رئيس منتدى جذور للفكر والتنمية، عمار التام، إن «الفيديو الذي نشر، والذي تضمن ظهور قائد للمليشيا ومعه أطفال يلقنهم ويرددون شعارات الطائفة الاثنا عشرية ويقومون فيه بالضرب واللطم لم يكن تصرفا جديدا لمليشيا الحوثي». ويؤكد التام أن «هذا الفيديو ليس الأول، كون مليشيا الحوثي تعمل على تجريف هوية الشعب منذ ظهورها ونشأتها». ويشير إلى أن قدوم حسن إيرلو إلى صنعاء «يأتي في إطار تكثيف العمل على تغيير الهوية اليمنية، واستبدالها بالهوية الخمينية الإيرانية». ويرى التام أن «الواجب هو مواجهة مليشيا الحوثي بأدوات الثورة على المحتلين الغزاة في هذا البلد». ويلفت أن «الصراع مع مليشيا الحوثي ليس صراعا على الحكم أو الانقلاب، وإنما صراع على الهوية اليمنية التي تسعى هذه المليشيا لتغييرها وطمسها». ويرى أن ثقافة الخرافة والدجل الذي يمارسها الحوثيون «لن يقبل بها اليمنيون، كونهم يعرفون إسلامهم ودينهم الحق، ويعرفون ضلال الحوثيين وانحرافهم كذلك». ويدعو التام إلى مواجهة الحوثيين «بشتى الوسائل الثقافية والعسكرية والإعلامية من أجل الوصول لطرد هؤلاء المحتلين للبلد»، مؤكدا أن «تحصين عقيدة الناس، وحماية دينهم مقدم على أي عمل، مهما كبر حجمه». ورغم كل ذلك، يفيد التام أن «هناك حالة من الرفض ومن المقاومة والممانعة من قبل الناس لكل ممارسات الحوثيين العنصرية ومشروعهم». ويرى أنه يتوجب مواجهة هذه الجماعة العنصرية بأدوات الثورة لاقتلاع جذورها. من جهته، ينفي الصحفي طالب الحسني أن يكون هناك تدخل من قبل وزارة التربية والتعليم الخاضعة لسيطرة الحوثيين في صياغة أو إقرار أي نص ينص على تدريس منهج اللطميات أو ملازم حسين الحوثي. ويشير إلى أن «هناك أقلية جعفرية اثنا عشرية في اليمن منذ مئات السنين، وتتواجد في أغلب المحافظاتاليمنية، ومنها الجوف والبيضاء وذمار وصعدة وبعض مناطق صنعاء». ويرى الحسني أن المقطع الذي تداول على نطاق واسع لأطفال داخل صف دراسي في إحدى المدارس وهم يرددون شعارات طائفية «أمر طبيعي، وطقوس عادية من حق أي جماعة ممارستها».