اليوم الإجتماع الفني لأندية الدرجة الثالثة لكرة القدم بساحل حضرموت    اليوم بدء منافسات المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    انهيار سريع وجديد للريال اليمني أمام العملات الأجنبية (أسعار الصرف الآن)    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    وفي هوازن قوم غير أن بهم**داء اليماني اذا لم يغدروا خانوا    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    بن الوزير يدعم تولي أحد قادة التمرد الإخواني في منصب أمني كبير    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    كاس خادم الحرمين الشريفين: النصر يهزم الخليج بثلاثية    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    الخطوط الجوية اليمنية توضح تفاصيل أسعار التذاكر وتكشف عن خطط جديدة    سفاح يثير الرعب في عدن: جرائم مروعة ودعوات للقبض عليه    مقتل واصابة 30 في حادث سير مروع بمحافظة عمران    الانتقالي يتراجع عن الانقلاب على الشرعية في عدن.. ويكشف عن قرار لعيدروس الزبيدي    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    دوري ابطال اوروبا: دورتموند يحسم معركة الذهاب    غارسيا يتحدث عن مستقبله    احتجاجات "كهربائية" تُشعل نار الغضب في خورمكسر عدن: أهالي الحي يقطعون الطريق أمام المطار    العليمي: رجل المرحلة الاستثنائية .. حنكة سياسية وأمنية تُعوّل عليها لاستعادة الدولة    الكشف عن قضية الصحفي صالح الحنشي عقب تعرضه للمضايقات    خبراء بحريون يحذرون: هذا ما سيحدث بعد وصول هجمات الحوثيين إلى المحيط الهندي    مخاوف الحوثيين من حرب دولية تدفعهم للقبول باتفاق هدنة مع الحكومة وواشنطن تريد هزيمتهم عسكرياً    مبلغ مالي كبير وحجة إلى بيت الله الحرام وسلاح شخصي.. ثاني تكريم للشاب البطل الذي أذهل الجميع باستقبال الرئيس العليمي في مارب    الرئيس الزُبيدي يعزي رئيس الإمارات بوفاة عمه    رئاسة الانتقالي تستعرض مستجدات الأوضاع المتصلة بالعملية السياسية والتصعيد المتواصل من قبل مليشيا الحوثي    مكتب التربية بالمهرة يعلن تعليق الدراسة غدا الخميس بسبب الحالة الجوية    مأرب ..ورشة عمل ل 20 شخصية من المؤثرين والفاعلين في ملف الطرقات المغلقة    عن حركة التاريخ وعمر الحضارات    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    بعد شهر من اختطافه.. مليشيا الحوثي تصفي مواطن وترمي جثته للشارع بالحديدة    رئيس الوزراء يؤكد الحرص على حل مشاكل العمال وإنصافهم وتخفيف معاناتهم    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    الذهب يهبط إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع    الشيخ الزنداني يروي قصة أول تنظيم إسلامي بعد ثورة 26سبتمبر وجهوده العجيبة، وكيف تم حظره بقرار روسي؟!    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    نجل الزنداني يوجه رسالة شكر لهؤلاء عقب أيام من وفاة والده    بعشرة لاعبين...الهلال يتأهل إلى نهائى كأس خادم الحرمين بفوز صعب على الاتحاد    وزير المالية يصدر عدة قرارات تعيين لمدراء الإدارات المالية والحسابات بالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    بنوك هائل سعيد والكريمي والتجاري يرفضون الانتقال من صنعاء إلى عدن    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب والتغير المناخي.. هموم جاثمة..الحلقة الثانية
نشر في أخبار اليوم يوم 15 - 12 - 2009


المنتدى العربي للبيئة والتنمية
نظرة الجمهور إلى تغير المناخ
أجرى المنتدى العربي للبيئة والتنمية استطلاعًا لاستكشاف درجة الوعي بتغير المناخ لدى الجمهور العربي، وقدرته على فهم الحاجة إلى اتخاذ إجراءات، ورغبته في المساهمة في تدابير تخفيف تغير المناخ والتكيف معه.
وقد أظهرت نتائج الاستطلاع تزايدًا في الوعي، إذ تبين أن 98 في المئة يعتقدون أن المناخ يتغير، ويعتبر 89 في المئة أن ذلك ناتج من نشاطات بشرية ويرى 51 في المئة أن الحكومات لا تفعل ما يكفي للتصدي للمشكلة، بينما يعتبر 84 في المئة أن تغير المناخ يشكل تحديًا خطيرًا لبلدانهم.
ويعتبر أكثر من 94 في المئة أن بلدانهم سوف تستفيد من المشاركة في جهد عالمي للتعامل مع تغير المناخ، بينما تعهد 93 في المئة بالمشاركة في عمل شخصي لخفض مساهمتهم في المشكلة. ولدى الطلب من المشاركين أن يختاروا القطاعات التي سيكون لتغير المناخ تأثير كبير عليها في بلدانهم، تبين أن أحدًا منهم لم يقل إنه لن يكون هناك تأثير البتة. وأعطت الغالبية على المستوى الإقليمي أولوية للصحة، ومياه الشرب، وإنتاج الغذاء، تلتها المناطق الساحلية. وطلب أيضًا من الذين شملهم الاستطلاع أن يختاروا الإجراءات الثلاثة الأكثر أهمية لتخفيف أسباب تغير المناخ، والتكيف مع تأثيراته، وكان تغير الأنماط الاستهلاكية، وفي الدرجة الأولى خفض استعمال الطاقة، الإجراء الرئيسي الذي تم اختياره، تلاه التعليم والوعي، وأتت المصادقة على المعاهدات الدولية وتنفيذها في المرتبة الثالثة.
المشاركون في استطلاع "أفد" أبدوا رغبة واضحة بأن تشارك حكوماتهم وتتعاون استباقيًا للتوصل إلى حل لمشكلة تغير المناخ، ويبدو أن الجمهور العربي مستعد لقبول جهد وطني وإقليمي ملموس للتعامل مع تغير المناخ، ولكي يكون جزءًا منه. أما المواقف المشككة التي سادت لدى بعض المجموعات حول حقائق تغير المناخ وأسبابه، سواء التي تنكرها بالكامل أو تحصرها بأسباب طبيعية، فهي تتراجع، وتظهر نتائج الاستطلاع بوضوح أن تقاعس الحكومات لم يعد خيارًا.
تغير المناخ في العالم العربي. . التأثر والتكيف - المناطق الساحلية
المناطق الساحلية في الإقليم العربي ذات أهمية بالغة، ويبلغ الطول الإجمالي للسواحل العربية 34 ألف كيلو متر، منها 18 ألف كيلو متر مسكونة، كما أن أغلبية المدن الكبرى والنشاط الاقتصادي في الإقليم هي في المناطق الساحلية، وتقع الأراضي الزراعية الخصبة الفسيحة في مناطق ساحلية منخفضة مثل دلتا النيل، كما تعتمد النشاطات السياحية الشائعة على أصول بحرية وساحلية مثل الشعاب المرجانية والأنواع الحيوانية المرتبطة بها.
البلدان العربية كل على حدة سوف تتأثر بشكل متفاوت في ظل توقعات متنوعة لارتفاع مستويات البحار المتعلق بتغير المناخ، وتعتبر قطر والإمارات، والكويت، وتونس الأكثر تعرضًا من حيث كتلتها البرية: سوف يتأثر واحد إلى ثلاثة في المئة من أراضي هذه البلدان، بارتفاع مستوى البحار مترًا واحدًا، ومن هذه البلدان، تعتبر قطر الأكثر تعرضًا إلى حد بعيد: ففي ظل توقعات مختلفة لارتفاع مستويات البحار، يرتفع الرقم من قرابة 3 في المئة من الأراضي (متر واحد) إلى 8 في المئة (3 أمتار)، وحتى إلى أكثر من 13 في المئة (5 أمتار).
وبالنسبة إلى تأثير ارتفاع البحار، فإن اقتصاد مصر هو الأكثر تعرضًا إلى حد بعيد، مقابل ارتفاع مستويات البحار مترًا واحدًا، يكون أكثر من 6 في المئة من ناتج مصر المحلي الإجمالي في خطر، وهذه النسبة ترتفع إلى أكثر من 12 في المئة مقابل ارتفاع مستويات البحار 3 أمتار، وقطر، وتونس، والإمارات، معرضة أيضًا، إذ إن أكثر من 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لكل منها هو في خطر مقابل ارتفاع مستويات البحار مترًا واحدًا، وهذه النسبة ترتفع إلى ما بين 5. 3 في المئة مقابل ارتفاع مستويات البحار 3 أمتار.
وفيما يتعلق بالقطاع الزراعي، سوف تكون مصر الأكثر تأثرًا بارتفاع مستويات البحار، فأكثر من 12 في المئة من أفضل الأراضي الزراعية في دلتا النيل هي في خطر من ارتفاع مستويات البحار مترًا واحدًا، وتزداد هذه النسبة دراماتيكيًا إلى 25 في المئة (مقابل ارتفاع مستويات البحار 3 أمتار)، وحتى إلى 35 في المئة تقريبًا (في أقصى سيناريو لارتفاع مستويات البحار البالغ 5 أمتار).
صحة البشر
بدأ العلماء يدركون بشكل متزايد أن تغير المناخ يشكل عامل خطر ناشئًا على صحة البشر، وستكون لعدد من تأثيراته المتوقعة تداعيات سلبية على الصحة، والتأثيرات الصحية قد تكون مباشرة، كما في الأحداث المناخية المتطرفة، كالعواصف، والفيضانات، وموجات الحر، أو غير مباشرة كالتغيرات في نطاقات ناقلات الأمراض (مثل البعوض) ومسببات الأمراض التي تنقلها المياه ونوعية المياه ونوعية الهواء، وتوافر الغذاء ونوعيته، وعلاوة على ذلك، ستكون التأثيرات الصحية الفعلية مختلفة باختلاف البلدان العربية، وذلك وفقًا للأوضاع البيئية المحلية والظروف الاجتماعية والاقتصادية، ومدى الإجراءات الاجتماعية والمؤسساتية، والتكنولوجية والسلوكية المتخذة.
وقد أظهرت الأبحاث المحدودة التي أجريت في البلدان العربية أن تغير المناخ يؤدي دورًا مهمًا في تفشى الأمراض المعدية التي تحملها الناقلات، مثل الملاريا والبلهارسيا (مصر، المغرب، السودان)، وهو يؤثر أيضًا على التركيزات الموسمية لبعض المواد المثيرة للحساسية في الغلاف الجوي، ما يسبب ردود فعل مثيرة للحساسية وأمراضًا رئوية (لبنان، السعودية، الإمارات)، ويفاقم تأثير موجات الحر على صحة الجمهور، خصوصًا في البلدان العربية التي تعاني من مناخات صيفية حارة.
ومن المتوقع أن تصبح موجات الحر أكثر شدة وأكثر تكرارًا وأطول مدة نتيجة تغير المناخ، وقد تناول عدد من الدراسات في الإقليم معدلات الوفيات المرتبطة بالحر، ووجدت بشكل متناغم علاقة جوهرية بين درجة الحرارة ومعدل الوفيات.
وقد تمت على نطاق واسع دراسة العلاقة بين الأمراض المعدية التي تقتل عالميًا ما بين 14 و17 مليون فرد كل سنة والأوضاع المناخية، فالملاريا، التي تصيب نحو 3 ملايين فرد في الإقليم العربي كل سنة، قد تصبح أكثر انتشارًا؛ لأن ارتفاع درجات الحرارة يخفض مدة احتضان المرض ويمدد مجال البعوض الناقل للملاريا ويزيد تكاثره.
هناك عدد من تأثيرات تغير المناخ التي تمت مناقشتها بشكل غير مباشر في أجزاء مختلفة من هذا التقرير، قد يكون لها أيضًا تشعبات صحية، فعلى سبيل المثال قد يؤثر ارتفاع مستويات البحار والفيضانات الساحلية على الأمن الغذائي ويؤدي إلى سوء تغذية ومجاعة، وقد يفاقم انخفاض المتساقطات وارتفاع درجات الحرارة شح المياه، ما يزيد تأثيره السلبي على صحة البشر، من الضروري إذًا أن تكون النظم الصحية في العالم العربي متكيفة ومستعدة للاستجابة لعواقب تغير المناخ.
المياه العذبة
المياه شحيحة في أنحاء الإقليم، حيث الموارد المائية المتاحة أدنى من 1000 متر مكعب للفرد سنويًا في جميع البلدان العربية باستثناء العراق، ولبنان، وسوريا، وعلى رغم أن الإقليم العربي يحتل 10 في المئة من الكوكب، فهو يحوي أقل من 1 في المئة من موارد المياه العذبة في العالم. والتأثيرات المتوقعة لتغير المناخ في الإقليم العربي، خصوصًا ازدياد درجات الحرارة وانخفاض المتساقطات المعرضة لمزيد من الاضطراب، من شأنها أن تفاقم حالة التأثر الحرجة أصلاً، وتلقي حتى بمزيد من الضغط على موارد المياه العذبة المحدودة.
إن كمية الموارد المائية العذبة ونوعيتها في خطر، وارتفاع معدلات النمو السكاني في الإقليم وارتفاع معدل الاستهلاك الفردي للمياه العذبة يجعلان المشكلة مزمنة ويفاقمان تأثيرها، إذا إن نحو 80 في المئة من الموارد المائية العذبة مكرسة للزراعة.
ومن المتوقع أن يؤثر تغير المناخ على تدفق الأنهار، ما قد يسبب نواقص مائية (في حال انخفض هطول الأمطار)، أو فيضانات (في حال حدوث ازدياد دوري في هطول الأمطار)، والأنظمة المائية في البلدان النهرية سوف تؤثر أيضًا على البلدان العربية التي تعتمد على أنهار تنبع من تلك البلدان، مثل العراق، وسوريا، ومصر، والسودان.
وتشمل تدابير التكيف التي أوصى بها تقرير "أفد" تغيير الأنماط الزراعية، وتبني تقنيات الاقتصاد بالمياه، واعتماد إدارة متكاملة للموارد المائية، وتطوير أنواع جديدة من المحاصيل تكون أكثر تكيفًا مع ارتفاع درجات الحرارة وملوحة التربة، وأخيرًا. . على البلدان العربية أن تعيد النظر في توزيع المياه على نشاطات إنمائية مختلفة بناء على كفاءة استعمال المياه، ممثلة بالإنتاج لكل متر مكعب من المياه، بدلاً من الإنتاج لكل وحدة مساحة من الأرض، أي الارتقاء باستعمال المياه خصوصًا في الزراعة، الذي يعطي حدًا أقصى من العائد الاقتصادي لكل وحدة حجم من المياه.
إنتاج الغذاء
الأمن الغذائي في العالم العربي كان منذ وقت طويل خاضعًا لضغوط بيئية واقتصادية واجتماعية، وحالات الجفاف السائدة، والموارد المائية المحدودة، والأنماط الزراعية المضطربة، والعري المفرط، والنمو السكاني، وانخفاض مستويات المعرفة والتكنولوجيا، تؤثر جميعًا على نظم إنتاج الغذاء في الإقليم.
النظام الزراعي السائد في معظم البلدان العربية هو الزراعة البعلية المعتمدة على هطول الأمطار، لذلك فإن الإنتاجية الزراية السنوية، والأمن الغذائي يرتبطان إلى حد بعيد بالتقلبات السنوية للمتساقطات، وتغير المناخ قد يزيد تقلبات هطول الأمطار وبذلك يزيد حالات حدوث جفاف.
وقد يكون للتغيرات المناخية المتوقعة آثار كارثية على الإنتاج الزراعي في العالم العربي، وكما أظهر عدد من الدراسات، فإن ازدياد درجة الحرارة يسبب ارتفاعًا كبيرًا في كميات المياه اللازمة للمحاصيل الصيفية، ومن المتوقع أن يزداد شح المياه في الإقليم العربي، ولذلك فإن الزراعة معرضة بدرجة كبيرة لتأثيرات تغير المناخ، مع خطر انخفاض إنتاج الغذاء 50 في المئة إذا استمرت الممارسات الحالية، بما لهذا من آثار كارثية على الأمن الغذائي.
ما هي السياسات التي قد تساعد على تكيف القطاع الزراعي في العالم العربي، مع تغير المناخ؟. يوصي هذا التقرير الصادر عن "أفد" بأن تنويعات المحاصيل والأسمدة والري وغيرها من ممارسات إدارة المياه يجب أن تعدل، حسب اللزوم، في ضوء إمكانات التعرض للتغيرات المناخية، كما يجب تحسين المعلومات حول التقلبات المناخية والتوقعات المناخية الرسمية، بغية خفض الخطر الذي يتعرض له الإنتاج.
السياحة
السياحة مهمة لعدد من الاقتصادات العربية، لكنها مثل معظم قطاعات النشاط الاقتصادي، تتعرض لتأثيرات تغير المناخ.
جاذبية المقصد السياحي تعتمد بدرجة كبيرة على المناخ، لكن من الواضح أن عددًا من العوامل الأخرى مهمة أيضًا وباستعمال مؤشر للعوامل المناخية المتنوعة، فإن "مؤشر الراحة السياحية" يقيس درجة المتعة المناخية في موقع معين، لكن مع تغير المناخ، تتغير هذه العوامل، فعلى سبيل المثال، سوف تتمدد الأراضي الجافة في الإقليم العربي، متحركة شمالاً في شمال إفريقيا.
"مؤشر الراحة السياحية" قد ينخفض في العالم العربي خلال العقود المقبلة، ومعظم المناطق المصنفة حاليًا بأنها "جيدة" و "جيدة جدًّا" و"ممتازة" سينخفض تصنيفها إلى ما تحت المقبول بحلول سنة 2080، بحيث تقع الملامة على تغير المناخ، وكثير من التغيرات المناخية المتوقعة في العالم العربي سوف تؤثر على جاذبية المقاصد السياحية العربية، ومن الأمثلة على ذلك ارتفاع حرارة فصول الصيف، وموجات الجفاف، والأحداث المناخية المتطرفة، وشح المياه، وتدهور النظم الايكولوجية.
والشعاب المرجانية هي مفاتن سياحية مهمة لمصر والأردن، لكنها في الوقت ذاته معرضة إلى أبعد الحدود للتغيرات المناخية، التي تحدث نتيجة ازدياد درجات الحرارة وارتفاع حموضة المحيطات، مما يساهم في ابيضاض الشعاب المرجانية، كما أن تآكل الشوائط يشكل خطرًا على جاذبية المناطق الساحلية، والشواطئ الرملية الضيقة المنخفضة، سوف تتأثر إلى حد بعيد، وسوف يصبح كثير منها غير مناسب لمرتادي البحر.
مستقبل السياحة العربية يعتمد على الطريقة التي قد يتكيف بها هذا القطاع مع تغيرات المناخ، فالتنمية السياحية في المستقبل يجب أن تأخذ التغيرات المتوقعة في الاعتبار، من خلال التخطيط المتكامل والشامل، مثل وجود قواعد توجيهية أوضح تتعلق بالمسافة المسموح بها بين المنشآت الدائمة والخط الساحلي، ويجب استكشاف خيارات لسياحة بديلة وأكثر استدامة تكون أقل تأثرًا بالمتغيرات المناخية، مثل السياحة الثقافية والتراثية، أخيرًا يجب تطوير المزيد من المراكز السياحية الداخلية والصحراوية، كبديل عن الشوائط المعرضة للفقدان.
البنى التحتية
من المتوقع أن يؤثر تغير المناخ بشكل كبير على البنى التحتية في أنحاء العالم العربي، فالبنية التحتية للنقل معرضة عمومًا لزيادات متوقعة في شدة وتكرار الأيام الحارة، وهبوب العواصف، وارتفاع مستويات البحار. والبنى التحتية في المناطق الساحلية معرضة على الخصوص لارتفاع مستويات البحار والعواصف القوية المحتملة، وهذه الأخطار تبلغ ذروتها في مصر والبحرين والإمارات.
وسوف تتأثر موثوقية نظم إمداد المياه بتضاؤل الإمدادات المائية العذبة وارتفاع معدل درجات الحرارة، وتتعرض شبكات المياه المبتذلة على الخصوص لأحداث هطول أمطار مفرطة في فترات قصيرة، وارتفاع مستويات البحار، وتوليد الطاقة سوف يعوقه ارتفاع درجات الحرارة المحيطة التي ستخفض كفاءة التوربينات الغازية وقدرتها، وتخفض كفاءة التبريد في المعامل الحرارية، وسوف تصبح شبكات نقل الطاقة وتوزيعها أكثر عرضة للأعطال، إذ تغدو الأحداث المناخية المتطرفة أكثر تكرارًا.
ما الذي يجب فعله؟ يجب تعزيز البنى التحتية كي تتحمل تغير المناخ، وتحديث المعايير والعمليات التصميمية كي تأخذ ذلك في الاعتبار، كما يجب استخدام تكنولوجيات جديدة، وإشراك الجمهور في عملية صنع القرار.
التنوع البيولوجي
كثير من الأنواع النباتية والحيوانية في العالم العربي تواجه أصلاً تهديدات لبقائها، وسوف يتفاقم تعرضها نتيجة التأثيرات المتوقعة لتغير المناخ، وعدد الأنواع في العالم العربي منخفض أصلاً بحسب المقاييس العالمية، والقساوة العامة للمناخ الحار تجعل الإقليم معرضًا على الخصوص لخسارة جوهرية للأنواع، وباستخدام معايير التهديد لدى الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUCN) يتبين أن لدى اليمن العدد الأكبر من الأنواع النباتية المهددة، إذ تبلغ 159 نوعًا، بينما لدى كل من السودان والصومال 17 نوعًا.
ولدى جيبوتي ومصر، والأردن، والسعودية، والصومال، والسودان، واليمن مجتمعة أكثر من 80 نوعًا حيوانيًا مهددًا، وتأتي مصر في رأس القائمة إذ لديها 108 أنواع، وقد يعدل تغير المناخ البنية الحيوانية للنظم الايكولوجية برمتها.
وتنوع الطيور ذخر رئيسي للعالم العربي، وهو مهدد جدًّا نتيجة تغير المناخ، وتقع بلدان عربية كثيرة على مسارات مهمة لهجرة الطيور، وتؤوي جيبوتي وموريتانيا والبحرين، على الخصوص ملايين الطيور المهاجرة ومستعمرات كبيرة للتكاثر.
والأنواع الفريدة المحصورة في مجال موئلها، أو التي وصلت إلى حافة قدراتها على التحمل الايكولوجي، هي الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، وتشمل هذه الموائل في الإقليم العربي أشجار المنغروف في قطر، وغابات الأرز في لبنان وسوريا، وجزر جيبوتي، ومستنقعات (أهوار) العراق وسلاسل الجبال العالية في اليمن، وعمان، والأنهار الكبيرة، وهي النيل (مصر والسودان) ودجلة والفرات (العراق وسوريا) واليرموك (سوريا والأردن). .
العالم العربي، ككيان جغرافي مترابط، يجب أن يطور وينفذ آليات إقليمية لتنسيق النشاطات في هذا المجال، والتبدل في مجالات تواجد الأنواع وتأثيرات الأحداث المتطرفة غالبًا ما يحدث على نطاقات إقليمية، لذلك فإن إستراتيجية فعالة لتغير المناخ يجب أن تشمل آليات لتنسيق جهود الحماية على المستوى الإقليمي عبر الحدود السياسية ونطاق سلطة الهيئات المختصة.
ملاحظات ختامية
إن إمكانات التعرض للتأثيرات المحتملة لتغير المناخ في الإقليم العربي كبيرة، والقدرات والجهود الحالية غير كافية، والاستراتيجيات الفعالة لتخفيف تغير المناخ والتكيف معه مطلوبة بإلحاح، وكون مساهمة الإقليم في المشكلة صغيرة نسبيًا لا يعني أن غض النظر السياسي والدبلوماسي، هو خيار مقبول، فالبلدان العربية هي من الأكثر تعرضًا للتأثيرات المحتملة لتغير المناخ سبب إمكانات تأثرها الحالية، خصوصًا شح المياه وموجات الجفاف المتكررة.
لقد وجد هذا التقرير المنذر بالخطر أن لا عمل ينفذ فعليًا لجعل البلدان العربية مستعدة لتحديات تغير المناخ، ولم تتضح أي جهود جماعية لجمع المعلومات وإجراء البحوث في ما يتعلق بتأثيرات تغير المناخ على الصحة والبنى التحتية والتنوع البيولوجي والسياحة، والمياه، وإنتاج الغذاء، ويبدو أن هناك تجاهلاً تامًا للتأثير الاقتصادي، ونادرًا ما توجد سجلات موثوقة للأنماط المناخية في الإقليم، وهذا يسلط الضوء على الحاجة إلى معلومات وأبحاث مناخية عالية الجودة، حيث إن التوقعات المناخية الإقليمية ضرورية للتخطيط وإدارة المخاطر.
يجب أن تفرض على المباني والمنشآت والبنى التحتية معايير تأخذ تغير المناخ في الاعتبار، ومن الضروري التعجيل في تبنى سياسات حكومية تروج للسلع والخدمات القليلة الكربون والكفوءة، واعتماد إدارة مستدامة للموارد الطبيعية وحماية السواحل، كما يجب إشراك القطاع الخاص من خلال تقديم حوافز ملازمة لتنفيذ حلول فعالة.
ويرى هذا التقرير أن الكيف، في حالة البلدان العربية، سوف يوفر فوائد محلية على المدى الغريب ويؤمن، كناتج ثانوي، حلولاً فورية لمشاكل عربية متأصلة لا يسببها بالكامل تغير المناخ، مثل الجفاف وشح المياه وتلوث الهواء.
هناك عدد من المبادرات الواعدة في الإقليم العربي: شركة أبو ظبي لطاقة المستقبل (مصدر) تبني مدينة مستحدثة نظيفة الطاقة وخالية تمامًا من الكربون، وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا (KAUST) في السعودية تم تأسيسها كمركز للتفوق، يعني خاصة بدراسات الطاقة، وهما تجسيد مثالي لتحويل دخل النفط إلى تكنولوجيا المستقبل، وهناك أيضًا مبادرة الاقتصاد العربي الأخضر التي أطلقها المنتدى العربي للبيئة والتنمية، للمساعدة في التحول إلى نشاطات اقتصادية سليمة بيئيًا، من الضروري أن تصبح هذه المبادرات جزءًا من خطة إنمائية متكاملة.
لقد أصدر مجلس الوزراء العرب المسئولين عن شئون البيئة إعلانًا شكل نقطة تحول عام 2007م، متبنيا الإجماع العلمي الذي توصلت إليه الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، والتي وافقت على أن ازدياد درجات الحرارة كان سببه في الدرجة الأولى نشاطات بشرية وعبر الوزراء عن "عزمهم أن يسعوا جاهدين إلى تحقيق" أهداف عدة، منها:
تبني خطط عمل وطنية وإقليمية للتعامل مع قضايا تغير المناخ لتقييم تأثيراتها المحتملة، ووضع برامج التخفيف والتكيف، وترويج إنتاج واستخدام الوقود الأنظف، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة في جميع الطاقات، وتنويع مصادر الطاقة وفقًا للظروف الاقتصادية والاجتماعية السائدة، والتوسع في استخدام تقنيات الإنتاج الأنظف التقنيات الصديقة للبيئة، والتوسع في استخدام الحوافز الاقتصادية لتشجيع استخدام المنتجات الأكثر كفاءة.
وفي سياق التكيف، ركز الإعلان على توفير البنية التحتية اللازمة للحد من المخاطر المتوقعة، بما في ذلك تحسين كفاءة إدارة الموارد الطبيعية باستخدام نظم الرصد والمراقبة، والإنذار المبكر وإقامة مراكز لأبحاث ودراسات المناخ، هذا الإعلان الشامل للنيات يشكل الأساس للعمل الذي يجب أن يشمل أهدافًا وخططًا تنفيذية محددة ضمن إطار زمني محدد، التأخير لم يعد خيارًا، خصوصًا وسط مفاوضات حاسمة سوف تحدد الوضع الدولي تجاه تغير المناخ طوال حقبة ما بعد كيوتو.
إن التحديات التي يواجهها العالم العربي نتيجة تغير المناخ ضخمة، لكن ما زال في الإمكان الخروج من النفق المظلم، إذا أقدمت الدول العربية على خطوات سريعة وفعالة، التجاهل لم يعد خيارًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.