بعد مرور عام على انعقاد مجلس التنسيق اليمني-الخليجي في العاصمة صنعاء من أجل مناقشة انضمام اليمن لمجلس التعاون الخليجي، وتطوير تنمية الاقتصاد اليمني لخلق الشراكة الحقيقية الفاعلة، يأتي اليوم الحديث عن مؤشرات ودلالات أخرى لمسار العلاقات اليمنية الخليجية، تزامناً مع ما تشهده الساحة اليمنية من حراك سياسي، في تحقيق المواطنة الكاملة لكافة أفراد الشعب اليمني. وفي الجولة التي قام بها وزير الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي معان أكثر أهمية من السابق، خاصة والقضية اليمنية تسير في مجراها الطبيعي، من اخذ وعطاء بين السلطة والمعارضة، مع وجود اصوات نشاز تحاول أن تتدخل في هذا المسار، وهي قضية الانفصال التي روج لها أناس حاقدون على الوحدة اليمنية والثوابت الوطنية. صدام الشيباني تأتي هذه الجولة مع تفاقم وتأزم بعض الأصوات حول نفسها ومحاولة البحث عن الآخر للتدخل في الشؤون اليمنية وهذا مطلب حقير لن يصل إلى غرضه، لأن الشعب اليمني حر وأبي، مناضل منذ أن وجد على هذه التربة الغالية. كذلك في وقت تسعى فيه أطراف معينة لاشعال قضية الجنوب اليمني وادخالها في الانفصال، ودعم هذا التحرك لزعزعة الأمن والاستقرار في اليمن، لأن هناك أطرافاً عربية في بعض دول مجلس التعاون الخليجي تعمل سراً وعلانية على دعم الموقف الانفصالي مما يجعل مسار العلاقات اليمنية الخليجية تدخل نفقاً سياسياً جديداً، بعد مزاولة بعض الشراكة، والملاحظ ان نسبة ما قدم من تعهدات مؤتمر المانحين ضئيلة ولم تلتزم بعض الدول بما وعدت به. هناك اطراف تحاول بالفعل أن توجد الثغرات في التماسك اليمني نتيجة مواقف سياسية سابقة بين اليمن، وهذه الدول، رغم تغير مسار العلاقات السياسية وتطورها إلى الأفضل إلا انها مازالت تحمل الحقد الدفين على الوحدة اليمنية. ان المسار في العلاقات اليمنية الخليجية تعد من العوامل والمؤشرات الناجحة في السياسة الخارجية اليمنية وفي حقيقها ترتكز على مقومات ومنظومات تاريخية وثقافية وجغرافية ودينية وتطوير العلاقات من صميم العمل السياسي المتين، لأنه يجعل الجزيرة العربية لحمة واحدة، لها إطارها السياسي العالمي، وتأكيداً لدور الشراكة الحقيقية في الاندماج اتخذت السياسة اليمنية الإجراءات اللازمة التنفيذ من أجل تحسين الأداء ونقل الصورة مباشرة عن الواقع اليمني إلى دول مجلس التعاون الخليجي وكيفية اعداد الاستراتيجيات المستقبلية إلى عام 2015م بعد أن تكون اليمن مؤهلة فعلاً للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي. لأن تحقيق انضمام اليمن للخليج، يقوم على تطوير الخدمات المجتمعية للشعب اليمني ويرفع الاقتصاد الوطني إلى مراحل متقدمة ويحقق التوازن التنموي مع ما يعيشه المواطن الخليجي ويلغى القرون والامتيازات للشعوب العربية الخليجية كذلك يحقق الأمن والاستقرار لدول الخليج العربي، لأن اليمن أهم الدول الواقعة في الجزيرة العربية وتأمين المصالح الخليجية يمر عبر اليمن، ومن اللازم جداً الاهتمام بها حتى تعمل دول مجلس التعاون الخليجي في إطار واحد، وان الأمن منظومة شاملة للكل، فلو وجدت اضطرابات سياسية في أي بلد من المؤكد ان تؤثر في استقرار البلد المجاور وهذا ما تخشاه دول المجلس. وتؤكد المعارضة اليمنية والأحزاب السياسية في الساحة على هذا الدور في مسار السياسة الخليجية ولا يمكن أن توجد قوى تعارض هذا الاتجاه السياسي لأن جميع احزاب المعارضة تؤمن أن التنمية الحقيقية تكمن في اتاحة فرصة للاستثمار الخليجي في اليمن ولابد من السعي نحو تطوير العلاقات السياسية بين اليمن والخليج. ولذا تقف إلى جانب الحكومة في كل إجراءاتها في الحوار السياسي الخليجي ومع توتر الأوضاع الداخلية اليمنية في المحافظات الجنوبية سعت بعض القوى السياسية إلى دس انفها في مصائر هذه الشراكة والتعاون من خلال إيجاد الفرصة لتدخل بعض الدول في مصير الشعب اليمني، وهو مسار خطر يؤثر مستقبلاً على العلاقات اليمنية - الخليجية ويعمل على تقويض الأمن والاستقرار. رغم أن جولة وزير الخارجية تأتي لتأكيد الشراكة وحل أزمة الغبار السياسي المسيطر في الآونة الأخيرة بعد احداث الجنوب وقد تحل العديد من المشاكل الناجمة عن التناول الإعلامي للقضية اليمنية وتحقيق الاندماج لابد أن يمر بمراحل مستوفية الطرح وهي قضايا عالقة تريد بذل المزيد من الدبلوماسية السياسية والحوار والتفاهم لأن الاصوات النشاز حالت دون تحقيقها من خلال ايجاد واصطناع المشاكل في الداخل اليمني ومنها: * دعم مؤتمر المانحين: تسعى الحكومة اليمنية إلى بذل المزيد من الجهد لإيجاد فرص التنمية الحقيقية وان تحقيق التوازن الاقتصادي بين اليمن ودول مجلس التعاون لابد أن يكون عبر الوفاء بالوعود، التي تعهدت بها دول المجلس في المؤتمر حتى تصل اليمن إلى المستوى المطلوب، والملاَحظ ان تنفيذ إجراءات الدعم لم يستمر وتوقف منذ اشهر ممَّا أعاق التنمية وحال دون الوصول إلى الأهداف المشروطة والمرجوة كما أن اليمن لابد ان تسير في هذا الاتجاه حتى تتحقق المواطنة ويبدأ التطور تدريجياً إلى عام 2015م عام الانضمام بعد استكمال تأهيل وتطوير الاقتصاد اليمني وفق الرؤى المشروطة خليجياً. وقد استخدم بعض المغرضين توقيف الدعم دعاية إعلامية سياسية لترويج قضايا لا ترفع سمعة اليمن عالمياً بل تعرقل الخدمات والمشاريع الاستثمارية المقدمة ومن مواصلة الجهود السياسية ما قام به د. القربي في تعزيز هذه الشراكة بين الأطراف المتحاورة حول التنمية اليمنية. * تعزيز الشراكة الاقتصادية: ان تعزيز الشراكة الاقتصادية بين اليمن والخليج يرضي المعارضة اليمنية والسلطة أيضاً ويقويّ مسار التلاحم الداخلي في التعامل مع الآخر وقد شهد هذا التعامل تطوراً ملحوظاً في الاستيراد والتصدير من اليمن وإليها وحقق تطوراً ملموساً زاد من التفاعل الحيوي الخلاق واوجد المزيد من التطورات الحقيقية مادياً، وذلك من خلال متابعة الايرادات خلال الأعوام الماضية وهذا العام. وأضحى الحديث عن الصادرات اليمنية ذا شجون، فهي بحاجة إلى بذل المزيد من التحسين حتى تأخذ المراتب الأولى لأن الصادرات اليمنية غزت الأسواق الخليجية ووجدت لها الرواج المناسب، حسب حاجة الاسواق إليها. وقد عمل طرح ايجاد سوق مشتركة للمنتجات الخليجية اليمنية على إتاحة الفرص امام العاطلين، تقوية النفوذ الاقتصادي حتى تشعر الدولة اليمنية بهيبتها الرسمية اقتصادياً وهذا مطلب كل القوى السياسية الداخلية مهما كانت الرؤى والأطروحات. * تضييق الخناق أمام معارضي الخارج: يعمل معارضو الخارج على نقل صورة مشوهة بكثير عن الوضع عما هو عليه في الداخل فهؤلاء يحاولون ان يغيروا صورة الوضع اليمني، حتى يحصلوا على الدعم المطلوب، وقد استطاع معارضو الخارج الوصول إلى بعض الشخصيات لدعم قضية الانفصال، بهذه الصورة المعكوسة ويأتي دور هذه الجولة في تصحيح مسار السياسة اليمنية الداخلية والخارجية وتضيق الخناق أمام تحركات هؤلاء الأشخاص ومن ثم يُفضَحون وتُكْشَف نواياهم امام الداخل والخارج اليمني، وفعلاً تؤكد كل الدول في مجلس التعاون الخليجي على دعم موقف الوحدة اليمنية وهو موقف رسمي اخذ من مسار هذا الحوار رغم وجود اصوات خليجية تقف ضد هذه الوحدة لكنها لا تريد ان تفضح نفسها أمام الرأي العام العربي. وهذا يقيد الذين يعملون في السياسة الداخلية ويؤطر عملهم في إطار إماتة كل مشاريع الانفصال، ويفضح الداخل المعارض- الذي يرغب في الانفصال- وهو مكسب وطني عميق، يخلق الاستقرار في مسار السياسة الداخلية والمناخ الديمقراطي الحي في التحرك داخل الأرض اليمنية. ولهذه الجولة أيضاً انعكاس لدى الداخل اليمني، بعد مرحلة تصور الحوار بين رئىس الجمهورية وقادة أحزاب اللقاء المشترك لأن هذا الانعكاس يأتي في: * تماسك الوحدة الوطنية: عمل لقاء د.القربي مع رؤوساء وأمراء وملوك الدول الخليجية على تعزيز الشراكة في المجال الاقتصادي وإيجاد الحوار الحقيقي حول مصير الشعب اليمني، والعمل على ايقاف الاصوات المطالبة بالانفصال، لأن الانفصال لا يخدم الجزيرة العربية وقد أكد كل الزعماء على ترسيخ الوحدة اليمنية ودعمها لأنها المطلب الشعبي اليمني، الذي ناضل من أجله الشعب اليمني كثيراً حتى وصل إليها وان من يريد الانفصال يريد ان يمس بالمقدسات الوطنية والثوابت الحقيقية التي ارست الديمقراطية وحافظت عليها. وتماسك الوحدة الوطنية يأتي من الدور الحيوي السياسي في السياسة الخارجية اليمنية ودول مجلس التعاون وهذا ما تم خلال المباحثات الرسمية مع وزراء الخارجية والامراء والملوك، ونجاح هذه الجولة تمثَّل في اغلاق جميع منافذ الانفصال وتعزيز الدور الوطني الوحدوي على الساحة اليمنية ويدرك الجميع في الجزيرة العربية خطورة هذه النوايا الخبيثة التي سعت إلى ايجاد نوع من التوتر الإعلامي بين اليمن دول الجوار. * تطوير الاستثمار: ان الاستثمارات الخليجية في الغرب تصل إلى 5 تريليون دولار وهي بحاجة إلى ممارسة عملها على الارض العربية وقد عُقدت مؤتمرات الاستثمار التي تعزز الشراكة والاندماج الاقتصادي بين الدول، فقد شهدت الارض اليمنية العديد من المشاريع الخليجية في مجال الاسواق الحرة والشركات والقرى والمنتجعات السياحية وبناء الفنادق وهذه الاستثمارات أكسبت المشاريع الاستثمارية حركة مستمرة ودعماً غير محدود، وشهدت اليمن حركة اقتصادية خليجية ملحوظة ومن الواجب واللازم الحفاظ عليها والاستمرار فيها حتى يتحقق لليمن كل ما تصبو إليه. والاستثمارات الخليجية في اليمن متعددة ولها حضورها الاقتصادي الفاعل الذي يقوي العمل الجماعي الاقتصادي ويخلق الفرصة الكبرى في الاستثمار، مما يخفف من مستوى الفقر الذي يعيشه الشعب اليمني ويشعر اليمنيون أنهم في منظومة حياتية واحدة مع شعوب ودول مجلس التعاون الخليجي. وما دام الأمر على هذه الصورة من اللقاءات والمباحثات فإن المجال مفتوح أمام كل المستثمرين الخليجيين لمزاولة الاستثمار الحقيقي الطويل المدى لكي ينضم اليمن لدول مجلس التعاون لتحقيق التنمية المعهودة. ويعتبر ايقاف الاستثمار ايقافاً للانضمام لمجلس التعاون لأن ذلك هو الدينامو المحرك للاقتصاد الوطني اليمني ولولاه لما تجارياً ملموساً على الأرض اليمنية، وقد توجد العديد من المعوقات التي تحول دون دخول اليمن مجلس التعاون الخليجي رغم ان اليمن اتخذت كل التدابير والواجبات في مسار سياستها الجديدة وقد وعت عن رشد كل الشروط المطروحة امامها لتحسين سير التنمية في المحافظات اليمنية.. هذه المعوقات لو استمرت في وجودها لحال ذلك دون الدخول إلى المجلس ومن الممكن جداً مراقبتها والعمل على امتصاصها بالتدريج حتى تزول من الوجود اليمني، والحكومة اليمنية تعمل جاهدة على امتصاص كل هذه القضايا منها: * الفساد ونهب المال العام: ولابد من مكافحة ذلك بكل الطرق المتاحة حتى نضمن لليمن التنمية المطلوبة ووجود الفساد في الجهاز المالي والإداري يقف حجر عثرة امام تطوير الشعب اليمني وخدماته واستئصال ذلك يحتاج الخطوات العملية التي تتخذها الحكومة اليمنية وان جهاز الرقابة والمحاسبة لابد أن يعمل بالشكل المطلوب دون محاباة وما زال الوقت امام الحكومة متاحاً حتى تثبت ذلك. * انتشار السلاح: ان انتشار السلاح في عواصم المحافظات يقف في وجه الاستثمار والمستثمرين لأن أعمال العنف والقتل تهدد الكثير من الأجانب على الأرض اليمنية ومكافحة انتشار السلاح من اولويات الحكومة، والتخلص منه هو النجاح الحقيقي، ولابد أن يعمل الشعب والحكومة على ذلك. وقد بدأت الاهتمامات الرسمية المكثفة من قبل وزارة الداخلية في منع دخول السلاح إلى عواصم المحافظات والخطة مازالت قيد التنفيذ، ويجب مراعاة ذلك والعمل بجدية في هذا المسلك. * التمردات السياسية: لابد أن تحافظ السلطة «النظام الحاكم» على استقرار جميع المحافظات بالوسائل السلمية وعدم الانجرار إلى أي اعمال عنف لأن التمردات السياسية تقلق الامن وتزعزع اركانه وتعمل على ايجاد الحروب والتصفيات وتقف في في وجه التنمية والاستثمار، والتمرد السياسي أياً كان نوعه من الأسباب المخيفة التي تخلق الأزمات والصراعات بين كل الأطراف وتجعل من البلد ملتقى للفتن والمهاترات غير المرغوبة وهذا كله يقف حجر عثرة أمام التطور والتأهيل والتدريب والكشف عن القدرات الحقيقية للشعب، وارادته الحرة، فلابد أن تُخضِع السلطة كل المحافظات لنظامها، ولا تسمح لأي حركات تمرد سواء كانت مناطقية أو حزبية بالنيل من أمن البلد واستقاراه الخ. * خرق النظام والقانون: لأن الخرق أياً كان نوعه الخدمة يعني الخروج عن سلطة القانون وممارسة العبث والفوضى، وسياسة الديمقراطية لابد أن تخضع لهذا الشرط، وإن وُجدت خروق لهذا المطلب فإن الأوضاع السياسية تدخل مراحل التوترات والأزمات وان استمرارية مثل هذا الخرق والتجاوز، يعطي الدول الراعية للديمقراطية الضوء الأخضر، لايقاف توقف دعمها وتتعامل مع الآخر بالقوة والهيمنة وهذا يقف ضد التوجهات الوطنية الداخلية وضد السياسة اليمنية. والالتزام بالقانون والنظام من كلٍ من السلطة والمعارضة وفق مبدأ وقوانين الديمقراطية يحقق الأمن والأمان ويكسب اليمن عطف الآخرين وتعاونهم والعمل بهذا يجعل اليمن تحل كل أزماتها الآنية والمستقبلية بكل روح التفاني والمحبة والقدرة على التغيير نحو الأفضل. ان الشراكة الاقتصادية اليمنية الخليجية بوابة للتعاون السياسي في تقوية جهود الحكومة اليمنية والحفاظ على الوحدة والديمقراطية والنظام والقانون، وهي مكسب حقيقي يعززه الحوار واللقاء والتعاون المستمر في كل المجالات حتى تدخل اليمن منظومة مجلس التعاون الخليجي مستقبلاً.