أكد رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط الدكتور محمد مجاهد الزيات أمس بصنعاء أن الصراع الأمريكي الإيراني يأتي على حساب المصالح العربية مشيرا إلى أن التحركات الإيرانية موجودة داخل المنطقة العربية سواء في الخليج أو المشرق العربي أو جنوب الجزيرة العربية ومدخل البحر الأحمر . وأوضح الزيات في مؤتمر صحفي عقده في صنعاء التي يتواجد فيها حاليا بناء على دعوة من مركز سبأ للدراسات الإستراتيجية أن هذه مناطق تسعى إيران للتواجد فيها لمواجهة المصالح الأمريكية في تلك المناطق وأنها بالتالي من خلال هذه التحركات تمس بصورة مباشرة الأمن القومي العربي . وأكد الزيات عقب محاضرة له عن "المشروع الإستراتيجي الإيراني وأبعاده الإقليمية" ألقاها أمس في الأكاديمية العسكرية العليا " أن المشروع الاستراتيجي الإيراني يهدف إلى فرض نوع من الهيمنة على المنطقة العربية, وجزء منه يسعى لمواجهة أمريكا عبر فرض السياسة الإيرانية في الصراع بين المشروع الأمريكي الإسرائيلي من ناحية, والمشروع الإيراني من ناحية أخرى. وحسب الزيات فإن التحفظ العربي على المساعي الإيرانية يأتي من كونها تسعى إلى تحقيق مصالحها على حساب المصالح العربية وعلى حساب بعض عناصر الأمن القومي العربي وأنه من هنا ينبع الإحساس بالخطر. ويشير الدكتور محمد مجاهد الزيات إلى أن خيار توجيه ضربة عسكرية أمريكية إلى إيران لم يعد واردا وإن التفاوض معها والتسوية بموجب صفقة سياسية هو الخيار المرجح بموجب كل معطيات الأزمة الأمريكية الإيرانية التي تقول أنهما مقبلان على نوع من التفاهم السياسي. حيث يرى الزيات أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تتعامل ببطئ شديد مع إيران في الوقت الذي تستمر فيه إيران بالمماطلة وتستمر في المضي قدما فيما يتعلق ببرنامجها النووي ويعتقد أن هذا الهدوء الأمريكي والقبول بالمماطلة الإيرانية قد يكون ناجماعن تقديرات لدى الجهات المعنية في أمريكا بأن إيران لم تقترب من إنتاج السلاح النووي العسكري بدرجة كافية,وأنه لاضرورة في الاستعجال بالمواجهة. وأكد أنه رغم ذلك وبموجب السياسية الدولية فإن على الدول العربية أن تستعد لكل الاحتمالات طالما أن الدول الكبرى تستعد أيضا وتعمل على تهيئة مسرح العمليات العسكرية لاستخدامها عند الضرورة . وأكد الزيات أنه وحتى الآن ليس ثمة ما يشير إلى وجود إستراتيجية عربية المواجهة التحركات الإيرانية حيث أنه لا يوجد رؤية عربية موحده فيما إذا كان هناك خطر إيراني أم لا وفي الوقت ذاته يرى البعض أن السياسة الإيرانية مصدر خطر إلا أن البعض الآخر يرى أن في إيران حليفا وصديقا ,وأنه لذلك التباين العربي في الرؤية فإنه من الصعب أن تكون هناك إستراتيجية موحدة بهذا الخصوص، وكان الزيات قد أبرز في محاضرته في الأكاديمية العسكرية العليا طبيعة المشروع الإيراني الطامح حد قوله إلى أن تكون إيران قوة كبرى في المنطقة وقال إن من ملامح ذلك التطلع السعي إلى امتلاك أدوات القوة عبر دعم القدرات الاقتصادية ، والقدرة على تقديم المساعدات والمعونات ودعم قدراتها العسكرية كما يتجلى من خلال كثرة مناوراتها العسكرية التي لا تخلو من رسائل واضحة تلجا إليها كلما تعرضت للضغط ، والسعي إلى امتلاك قدرة نووية عسكرية ،ومحاولة التواجد حيثما تتواجد الولاياتالمتحدة خاصة في لبنان بحزب الله ، وفي منطقة النفط تتواجد في الخليج ،كما حرصت على التواجد في الخط الناقل للنفط من خلال الحركة الحوثية ،في الوقت الذي تعد فيه اللعب الرئيسي والمعادل للوجود الأمريكي في العراق إلى درجة القدرة ليس فقط على التأثير بمصير العراق الداخلي بل وبموقعه في النظام العربي . وقال إن السياسة الإيرانية المتبعة تتبنى دعم التشكيلات الشيعية العربية كما حصل ويحصل في دول الخليج ، و مصر ، والمغرب واليمن وأن غايتها من وراء ذلك إيصال رسالة إلى الغرب والولاياتالمتحدة أنها قادرة على التحكم بكثير من الملفات التي تهم تلك الأطراف. كما اعتبر الزيات في محاضرته أن المواقف الإيرانية من القضية الفلسطينية مجرد تكتيكات إستراتيجية تخدم مشروع دولتها الفارسية موضحا في هذا الإطار عددا من المؤشرات التكتيكية التي تندرج ضمن هذا المسعى كدعوتها لحزب الله للتهدئة وضبط النفس ، وتحالفها مع سوريا الذي أعده بمثابة زواج مصلحة وقال إن سوريا بخبرتها الطويلة وموقعها الإقليمي تدير العلاقة تلك بعقلية التاجر الدمشقي أو الحلبي، وأنها تحاول أن تدير علاقاتها في المحورين الأمريكي والغربي بهدف تخفيف الضغوط عليها.