بتواطؤ حوثي.. مسلحون يحرقون منزلاً في محافظة إب بعد نهبه    الدفاعات الإيرانية تدمر 12 طائرة مسيرة صهيونية في همدان    الحرس الثوري يطلق الموجة 19 من الطائرات الانتحارية نحو الكيان    استعدادات مكثفة لعام دراسي جديد في ظل قساوة الظروف    محافظ تعز يبحث مع مسؤول أممي أزمة المياه والحلول الممكنة    الرزامي يهاجم حكومة الرهوي: الركود يضرب الاسواق ومعاناة الناس تتفاقم وانتم جزء من العدوان    المقاومة العراقية تنعَى مسؤول وحدتها الأمنية في غارة صهيونية على الحدود    سريع يكشف متى ستستهدف قواته السفن والبوارج الامريكية في البحر الأحمر..؟    تدشين الدورة الآسيوية لمدربي كرة القدم المستوى "C" بالمكلا    ما وراء حرائق الجبال!!    حملة لازالة البساطين والعشوائيات في باب اليمن    برعاية طارق صالح.. الإعلان عن المخيم المجاني الثاني لجراحة حول العين في المخاء    نجم مانشستر سيتي في طريقه للدوري التركي    الرهوي يشيد بجهود وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية    الطوارئ الإيرانية: إصابة 14 من طواقم الإسعاف وتضرر 7 سيارات جراء العدوان الصهيوني    إحباط عملية تفجير غربي إيران واعتقال عنصر مرتبط بالموساد    ليفاندوفسكي يحدد وجهته بعد حقبة برشلونة    الشغدري يتفقّد مشاريع خدمية في دمت بالضالع    وزيرالكهرباء ومحافظ المحويت يناقشان أوضاع مشاريع المياه والصرف الصحي    إخماد حريق في منزل بمنطقة شملان    تشيلسي يقترب من إبرام صفقة مؤجلة    اسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 21 يونيو/حزيران 2025    الترجي التونسي يهدي العرب أول انتصار في كأس العالم للأندية 2025    فساد الاشراف الهندسي وغياب الرقابة الرسمية .. حفر صنعاء تبتلع السيارات    الاتحاد الأوروبي يقدّم منحة مالية لدعم خدمات الصحة الإنجابية في اليمن    على مركب الأبقار… حين يصبح البحر أرحم من اليابسة    من يومياتي في أمريكا .. بين مر وأمر منه    بين حروف الرازحي.. رحلة الى عمق النفس اليمني    قصر شبام.. أهم مباني ومقر الحكم    البحسني يكشف عن مشروع صندوق حضرموت الإنمائي    مقتل عريس في صنعاء بعد أيام من اختطافه    الأرصاد يتوقع هطول امطار على بعض المرتفعات ورياح شديدة على سقطرى ويحذر من الاجواء الحارة    مليشيا درع الوطن تنهب المسافرين بالوديعة    شبكة حقوقية تدين إحراق مليشيا الحوثي مزارع مواطنين شمال الضالع    نكبة الجنوب بدأت من "جهل السياسيين" ومطامع "علي ناصر" برئاسة اليمن الكبير    هجوم إيراني فجر السبت والنيران تتصاعد في موقع وسط تل أبيب    بوتين: روسيا تبني لإيران مفاعلين نوويين إضافيين في بوشهر    علي ناصر يؤكد دوام تآمره على الجنوب    بقيادة كين وأوليسيه.. البايرن يحلق إلى ثمن النهائي    الأحوال الجوية تعطل 4 مواجهات مونديالية    حشوام يستقبل الأولمبي اليمني في معسر مأرب    صنعاء .. موظفو اليمنية يكشفون عن فساد في الشركة ويطالبون بتشكيل لجنة تحقيق ومحاسبة جحاف    هذا أنا .. وفي اليمن روحي    «أبو الحب» يعيد بسمة إلى الغناء    بين ملحمة "الرجل الحوت" وشذرات "من أول رائحة"    علي ناصر محمد أمدّ الله في عمره ليفضح نفسه بلسانه    الأمم المتحدة تقلّص خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن وسط تراجع كبير في التمويل    ديدان "سامّة" تغزو ولاية أمريكية وتثير ذعر السكان    نجاح أول عملية زرع قلب دون الحاجة إلى شق الصدر أو كسر عظم القص    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    فعاليتان للإصلاحية المركزية ومركز الحجز الاحتياطي بإب بيوم الولاية    جماعة الإخوان الوجه الحقيقي للفوضى والتطرف.. مقاولو خراب وتشييد مقابر    كيف تواجه الأمة الإسلامية واقعها اليوم (2)    الخطوط الجوية اليمنية... شريان وطن لا يحتمل الخلاف    الصبر مختبر العظمة    شرب الشاي بعد الطعام يهدد صحتك!    الصحة العالمية: اليمن الثانية إقليميا والخامسة عالميا في الإصابة بالكوليرا    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب 94 قتلت آمالاً كبيرة ودمرت أشياء كثيرة ولم تعد نكهة الوحدة اليوم كما كانت من قبل
القيادي الإشتراكي محمد أحمد غالب :
نشر في أخبار اليوم يوم 19 - 12 - 2010

أكد رئيس دائرة العلاقات الخارجية في الحزب الاشتراكي اليمني محمد أحمد غالب أن حرب 94 قتلت آمالاً كبيرة ودمرت أشياء كثيرة حيث لم تعد نكهة الوحدة اليوم كما كانت قبل الحرب والعقلية اليمنية القديمة مازالت تهيمن على حياتنا حتى اليوم.
وقال قالب في حوار مع صحيفة (السياسية) : لقد تصارعنا كدولتين وفشلنا ثم جاءت وحدة سلمية في 22 مايو 1990 لكنها ضربت واليوم نعيش وحدة بالقوة لكنها أيضا فشلت لهذا لا نستطيع العيش إلا في دولة واحدة.
مشيراً إلى أن الذي يريد أن يعود إلى ما قبل الوحدة غيره يريد العودة إلى عهد السلطنات، والذي يريد العودة إلى عهد السلطنات غيره يريد العودة إلى عهد ما قبل المشيخات لهذا جاءت الوحدة بتوافق داخلي ودولي، فلا الوحدة التي نحن عليها اليوم بالشكل الحالي هي ما حلمنا به ولا العودة إلى الوراء هو الصحيح، وبالتالي من المهم أن يبقى اليمن موحداً لكن يجب أن يجرى للبيت الواحد ترميماً ضرورياً لبقائه دون تصدع كدولة اتحادية، لا بد من أن تحكم الأقاليم نفسها، لأن الناس لم يكونوا في السابق يقبلون حكماً في كرة القدم من عدن يحكم مباراة في حضرموت، أما محاسبين فمستحيل تأتي بهم من خارج حضرموت، مضيفاً : حضرموت فيها وزراء مالية في الخارج ويتواجدون في أكثر من بلد أفريقي وآسيوي، لكنك لن تجد محاسباً كبيراً في حضرموت من أبنائها.
وقال رئيس دائرة العلاقات الخارجية في الحزب الاشتراكي :هناك قادة جيش من الضالع ومن ردفان، ثم يعود هؤلاء الآن ليبيعوا الفجل والقات، وهم مرميون في الشارع، هذا هو الذي يضر بالوحدة، لهذا لا بد من إعادة ترميم البيت من الداخل وإلا فإن الوحدة ستنتهي في النفوس، لأن الجيل الجديد لا يسمع مني أي كلام عن
التاريخ، هو لا يعرف معاناة الناس حتى وصلوا إلى الوحدة، ليس معه وقت يسمعها الآن، ثم إن هناك قوى تقليدية لديها ثأر مع الجنوب وتريد أن تعيد الماضي، وأنا أخشى أن تكون السلطة تريد أن تُحرق هذا الجيل، والذين وقفوا مع الوحدة لكي تتعامل مع أصحابها التقليديين الذين كانوا في الجنوب، ويرتبوا أمورهم سمناً على عسل، هذا هو الخطير.
ونظراً لأهمية هذا الحوار تعيد (أخبار اليوم) نشره نصاً :
* كنت أحد أعضاء مجلس النواب ومن الذين حصلوا على أعلى الأصوات، هل لك أن تلخص لنا كيف خضتم أول انتخابات على مستوى اليمن الموحد؟
خضت الانتخابات في منطقة الكل فيها يعرفني، لم ألتزم لهم سوى بشيء واحد، وهو أنني سأحافظ لهم على الوحدة، وحدة 22 مايو طبعاً، وأن محمد غالب الذي عرفوه لن يتغير، وتعهدت بالعمل على توفير مشاريع للمنطقة قدر ما أستطيع، كما تعهدت لهم أنني سأكون نائباً لعموم اليمن. هذه الشروط الثلاثة التي وعدت بها الناخبين، ولم أصرف ريالاً واحداً خلال فترة الانتخابات؛ لأن الناس تعاملوا معي باحترام وأنا مازلت مديناً لهم، وقد صوتوا لي بشكل كبير حتى في المناطق التي لم أذهب إليها؛ لأن الدائرة التي مثلتها كانت في الشعيب وفي الحصين وحرير وأطراف من حالمين، وقد حصلت على أصوات كثيرة.
وفي الحقيقة لم أكن أكذب على الناس، لم أعدهم بعمل أشياء لا أستطيع فعلها، وكنت محقاً وصادقاً معهم.
في مجلس النواب
* كنت ضمن تيار إصلاحي في مجلس النواب، على ماذا كنتم تختلفون فيه؟
كنت من المتحمسين لتعديل قانون التعليم، وقد اختلفت مع زملاء لي وكنت أقول لهم إن الجيل في الجنوب وفي الشمال على منهجين، منهج الحكومة ومنهج المعاهد العلمية، وفي الخارج كان عندهم منهج الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية والمعاهد، فكنت أخاطب زملائي في مجلس النواب بالقول إننا سنخلق جيلاً يتقاتل بأيديولوجية أرقى وارفع من هذا، يعني سيتقاتلون بشراسة وكنت ضد الاختلالات التي بدأت تظهر بعد الوحدة، لكن ليس ضد الوحدة.
قلت مرة إن بطاقة الحزب هذه إذا كانت ستجعلني أدفع اليمن إلى الحرب سأدوسها بقدمي، وهذه الجلسة مسجلة ونقلت بالتلفزيون.
* ما الذي كان يلفت انتباهك في أداء مجلس النواب في فترة ما قبل الحرب؟
ما قبل الحرب كان مجلس النواب عبارة عن مدرسة، كنا نتعب كثيرا لأن مجلس النواب كان يعقد جلسات في الصباح وبعد الظهر، وكان الدكتور ياسين يفضح بنا عند عائلاتنا. مثلا كنا نذهب أحياناً في عمل خارج المجلس بعد الظهر فنقول لعائلاتنا إننا في مجلس النواب، وعندما نعود إلى البيوت تقول لنا عائلاتنا لماذا تغيبتم عن جلسات المجلس، كانت عائلاتنا تقرأ الرسائل من الدكتور ياسين تعاتب الغائبين عن الجلسات المسائية.
كان الدكتور ياسين عصامياً في هذا الجانب، وكان يهتم بالذي يخاصمه وينتقده ويشتمه، وكان يلتقي بهم باستمرار أكثر ممن كان يتفق معهم، وعندما ضربوا منزله بالبازوكا إلى غرفة نومه، كان اليوم الثاني يمسك لنا القلم الرصاص ويدير جلسة المجلس، وأشعر بالفخر أنه كان لنا دور في أن نؤسس مداميك أولى لدولة الجمهورية اليمنية رغم أن الجو كان ساخناً، كان الإخوان في حزب الإصلاح يكرهونا، ونحن نكرههم بأثر رجعي، لكن تغيرت الأمور وأصبحنا اليوم إخوة في إطار تكتل اللقاء المشترك.
* بعد الحرب كيف كان وضع مجلس النواب؟
- بعد الحرب حصلنا على معاملة قاسية جدا، بقينا مجموعة ممن لم يكونوا أعضاء في اللجنة المركزية للحزب باستثناء الأخ المناضل علي صالح عباد (مقبل) واحمد علي السلامي ومهدي عبد الله سعيد، فقد كان البعض يطلب منا أن نعترف بالحرب وندين الانفصال، قلنا لهم: نحن ندين الحرب والانفصال معاً، رغم أن الانفصال جاء نتيجة للحرب، وأنا طبعا كنت مع محمد ناجي علاو قبل الحرب ومجموعة تبنينا مشروعاً يقول إننا ضد الحرب وضد الانفصال وظللت هكذا حتى أثناء الحرب، وفي مقابلة عملتها معي زينب عبد الرحمن من راديو "صوت أميركا"، وقلت لها إنني أقاتل ضد الحرب، قالت لي والانفصال، قلت لها لقد جاء الانفصال بسبب الحرب.
صحيح أنني مدني بسيط ونحيف، لكنني قاتلت من الضالع إلى ردفان إلى دار سعد في عدن وإلى دوفس في أبين، وكنت آخر واحد يقاتل في مطار عدن، أما في جبهة الدفاع عن الشعيب منذ اجتياحها فأترك الحديث للأبطال هناك فهم يعرفون موقف محمد غالب منذ البداية وحتى النهاية، وكنت آخر واحد يغادر صنعاء قبل الحرب وأول واحد يعود إليها بعد 7 يوليو الأسود، قالوا لي: لماذا قاتلت؟ قلت لهم: قاتلت دفاعا عن نساء الضالع والشعيب وعدن وكان موقفي ضد الحرب، ولم أجئ من أجل أن أطأطئ رأسي ولا لتشهدون أنني وحدوي.
مازلت أتذكر بكل اعتزاز الفقيد المناضل محمد عبد الله بن سهيل الذي ترشح إلى مجلس النواب بعد حرب 94 كمستقل، وحينها كان حزبنا مازال ينزف دما ولا يملك ريالاً واحداً، لهذا لم تقدم له أي دعم مالي أو حتى إعلامي، وقد اختارت السلطة يوم 14 أكتوبر 1994 لإجراء الانتخابات في الدائرة 78 بردفان، وكانت صور مرشح السلطة ولافتاته محمولة على ظهور الدبابات والأطقم العسكرية وكأنهم يقولون: هنا ولدت ثورة 14 أكتوبر في هذا اليوم، واليوم سندفن كل تاريخ مناضليها وسندفن آخر مسمار في جسد وريثها الشرعي الحزب الاشتراكي اليمني، وستذهب جماهيره إلى الأبد، وعلى الرغم من أن أجواء الحزب لازالت قائمة وكذا استخدام كل آليات وإمكانيات سلطة ما بعد الحرب، إلا أن المناضل بن سهيل نجح في الانتخابات ومنحه الناخبون رغم عمق جرح الحرب كل أصواتهم، وفي هذا اليوم تأكد للجميع مدى صلابة جيل ثورة 14 أكتوبر، وعندما دخل بن سهيل إلى قاعة البرلمان استقبلناه بالتصفيق والهتاف وبكاء الفرح، وجاء دوره ليتحدث بعد تأديته القسم الدستوري، حيث قال ما لم يتوقعه الآخرون الذين ظنوا بل وقالوا لنا بالحرف الواحد: "إن حزبكم حتى في ردفان ما حد تجرأ يترشح باسمه ويا الله بن سهيل ترشح مستقلاً"، لكن بن سهيل لم يكن سهلا؛ فقام من مقعده وهو إلى جانبي قائلا: "أنا محمد عبد الله بن سهيل مرشح الدائرة رقم 78 في ردفان أعلن انضمامي إلى الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي اليمني".
وفي الحقيقة فقد كانت هذه الكلمة القصيرة عبارة عن معركة سياسية لمناضل اشتراكي بامتياز، وكان لها الأثر البالغ في شحن هممنا للعمل دون كلل من أجل تضميد جراحنا والسير قدما لمواجهات تبعات تلك الحرب الظالمة تحت قيادة مناضل فذ هو علي صالح عباد (مقبل)، رحم الله المناضل الفقيد محمد عبد الله بن سهيل.
وفي مشهد آخر من نتائج وكوارث الحرب فإنني مازلت أتذكر موقف أحد أبناء ردفان الأبطال، الداعري، من قرية اسمها "الذنيب" بالقرب من الحبيلين، حيث وجد سيارتي التي تركها السائق أثناء اجتياح ردفان، وكنت قد اعتبرتها مفقودة، لكنني فوجئت بهذا الشخص يسأل عني كل من وجد من الناس، حيث قام بإخفاء السيارة في إحدى الشعاب البعيدة، ورفض تسليمها حتى لأقرب الناس إليَّ، واحتفظ بها من يونيو إلى سبتمبر 1994، ثم أحضرها بنفسه إلى صنعاء.
وعندما حاولت مكافأته رفض ذلك قائلاً لي: "عندما وجدت بطاقتك وعرفت أن السيارة تابعة لك قررت الحفاظ عليها والدفاع عنها لأنها تخص شخصاً نحترمه في ردفان اسمه محمد غالب أحمد، ولو كانت لمسؤول آخر لكنت بعتها حتى بقيمة باكت سيجارة"، وبصعوبة بالغة قبل مني مبلغاً بسيطاً أجرة المواصلات فقط إلى ردفان.
إنني أعتز بهذا الرجل أيما اعتزاز، وبعد هذا الموقف قلت لأبنائي: "سيروا على طريق والدكم لتنالوا احترام الناس وانظروا إلى هذا الرجل البسيط كيف حافظ على السيارة وأوصلها إلى صنعاء؛ لأن والدكم سلك سلوكاً محترماً ومتواضعاً مع الناس واعلموا أنه لا يشرفني أن يقول لكم أي واحد بعد موتي يا أبناء السارق أو أبناء الفاسد أو أبناء المتكبر والمغرور".
* لماذا لم تترشح مرة ثانية إلى عضوية مجلس النواب في عام 97؟
التزمت بقرار الحزب بمقاطعة الانتخابات، وكنت من المقتنعين به، لهذا كنت من الداعين؛ لأن وضعنا في ذلك الوقت كان صعباً، كنا سننقسم لو دخلنا الانتخابات، ثم أن الناس لم تكن عندهم رغبة في الانتخابات.
مآسي حرب 94
* ماذا تركت الحرب بالنسبة لك؟
الحرب قتلت آمالاً كبيرة عندنا، ولكن كانت عندي معنوية؛ لأن كل تاريخ اليمن حروب، وكما قال الشهيد جار الله عمر فإن اليمنيين استخدموا عقولهم مرة واحدة، وكان ذلك في وحدة 22 مايو 1990، فيبدو أن العقلية اليمنية القديمة مازالت تهيمن على حياتنا حتى اليوم.
عندما تحنق زوجة أحدهم إلى بيت أبوها ويقوم أبوها بإرجاعها إليه بسرعة، يضربها زوجها وهي بجنب الباب، لكن عند ما يرسل عشرين مراجعاً، ويظل هو يكنس البيت ويطبخ وينظف الأولاد ويغسل لهم ملابسهم، فعندما تعود إليه زوجته يشعر بقيمتها، ويقول لها: هل ستطبخين أو أطبخ أنا؟ ويبدو أن البعض تعود على هذه العقلية، رأى أن الوحدة السلمية لم تعجبه قال لازم نعمدها بالدم.
لهذا أشعر أن الحرب التي حصلت دمرت أشياء كثيرة، لم تعد نكهة الوحدة اليوم كما كانت قبلاً، بعد الحرب كنا نتكلم مع الكثير ومن بينهم الأخ رئيس الجمهورية أن أبناء الجيل الذي ولد بعد 89 ولا يعرفون التشطير ولا الحروب سيجدون آباءهم مطرودين وسوف يظنون أن هذه هي الوحدة مثل ما هو حاصل الآن، الجيل الذي في الشارع الآن لا تستطيع أن تأتي وتتكلم معه اليوم عن الوحدة وعن عهود التشطير؛ لأنه يعتقد أن الوحدة هي ما عليه اليوم، لا يعتبر أن الوحدة هي التي قضت على التشطير والحروب بين الشطرين وعلى المدافع وغيرها.
لقد تصارعنا كدولتين وفشلنا، ثم جاءت وحدة سلمية في 22 مايو 1990 لكنها ضربت واليوم نعيش وحدة بالقوة؛ لكنها أيضا فشلت، لهذا لا نستطيع العيش إلا في دولة واحدة، الذي يريد أن يعود إلى ما قبل الوحدة غيره يريد العودة إلى عهد السلطنات، والذي يريد العودة إلى عهد السلطنات غيره يريد العودة إلى عهد ما قبل المشيخات.
لهذا جاءت الوحدة بتوافق داخلي ودولي، فلا الوحدة التي نحن عليها اليوم بالشكل الحالي هي ما حلمنا به ولا العودة إلى الوراء هو الصحيح، وبالتالي من المهم أن يبقى اليمن موحداً؛ لكن يجب أن يجرى للبيت الواحد ترميماً ضرورياً لبقائه دون تصدع كدولة اتحادية، لا بد من أن تحكم الأقاليم نفسها، لأن الناس لم يكونوا في السابق يقبلون حكماً في كرة القدم من عدن يحكم مباراة في حضرموت، أما محاسبين فمستحيل تأتي بهم من خارج حضرموت، حضرموت فيها وزراء مالية في الخارج ويتواجدون في أكثر من بلد أفريقي وآسيوي، لكنك لن تجد محاسباً كبيراً في حضرموت من أبنائها.
هناك قادة جيش من الضالع ومن ردفان، ثم يعود هؤلاء الآن ليبيعوا الفجل والقات، وهم مرميون في الشارع، هذا هو الذي يضر بالوحدة، لهذا لا بد من إعادة ترميم البيت من الداخل وإلا فإن الوحدة ستنتهي في النفوس، لأن الجيل الجديد لا يسمع مني أي كلام عن التاريخ، هو لا يعرف معاناة الناس حتى وصلوا إلى الوحدة، ليس معه وقت يسمعها الآن، ثم إن هناك قوى تقليدية لديها ثأر مع الجنوب وتريد أن تعيد الماضي، وأنا أخشى أن تكون السلطة تريد أن تُحرق هذا الجيل، والذين وقفوا مع الوحدة لكي تتعامل مع أصحابها التقليديين الذين كانوا في الجنوب، ويرتبوا أمورهم سمناً على عسل، هذا هو الخطير.
مقتل جار الله عمر
* كنت واحداً من اقرب الشخصيات إلى جار الله عمر، كيف تلقيت نبأ مقتله؟
أنا من أكثر من تألموا لمقتل جار الله عمر. كانت آخر زيارة له إلى الشعيب مع الباحثة الأميركية ليزا، وقد ذهبت معهما إلى هناك، قال لي قبل الزيارة أريد أن أذهب إلى الشعيب لأنها كانت أول منطقة أحتمي فيها بعد هروبي من الشمال، وكنت على وشك الموت، كنت يومها قد سبقته إلى ذمار، وعندما وصل سألته عن سبب التأخير فقال لي إنهم أوقفوه في نقطة يسلح لأنهم اشتبهوا أنه علي جار الله، الذي قام بقتله بعد ذلك، وأصروا على القول إنه علي جار الله، وأنه مختطف واحدة أجنبية، وبعد شد وجذب معهم وبعد أن أبرز لهم بطاقته التي تؤكد أنه جار الله عمر وليس علي جار الله، وبعد اتصال بجهات عليا سمحوا له بالمرور، اتصل بي يوم الخميس إلى الشعيب ويقول لي تعال للفعالية، فقلت له سوف تقتل، قال: "هل سيقتلونني داخل هذا الجمع؟ يمكن أن يرجموني بحصوة وسأموت"، لكنه مع ذلك قتل.
بعد ما اغتيل خرجت الساعة الثامنة ليلا من الشعيب ولأول مرة كنت أسوق في الليل ووصلت إلى صنعاء الساعة الثانية عشرة ليلا ولا أعلم كيف وصلت، وبصراحة هزت الحادثة اليمن كله، وفي اليوم الثاني ذهبت لإخراجه من الثلاجة وكنت الوحيد الذي تكلمت فوق قبره وتأثرت كثيرا وقد نظمت عنه شعراً مؤلماً.
وقد تحدثت فوق قبره لقناة "الجزيرة"، وقلت: "صحيح أنهم حطموا العربة الرئيسة في قطار الحزب، لكن رغم هذه الخسارة الفادحة فإن مسيرة قطار حزبنا سوف تستمر دون توقف".
جار الله خلق مدرسة، هو مؤسس المدرسة السلمية في الجنوب؛ فقد كان أول من قاد مسيرة في الضالع عام 2000، وقال: يا أصحاب الضالع اتركوا البنادق فقد فشلنا فيها طول التاريخ من أيام جدنا شمر يهرعش. وكانت أول مسيرة تخرج في الضالع وقادها جار الله وقال: هذا هو طريق العمل السلمي. جار الله ترك لنا أثراً في الداخل والخارج وعلى خطواته دخلنا الاشتراكية الدولية التي في عضويتها 172 حزباً في الحكم والمعارضة، جار الله عمر قائد فقده اليمن كله وليس الحزب الاشتراكي فقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.